الفصل الرابع فى حد المسکر
و النظر فى موجبه و کيفيته و أحکامه
القول فى موجبه و کيفيته و أحکامه
مسألة 1 :
وجب الحد على من تناول المسکر أو الفقاع و إن لم يکن مسکرا بشرط أن يکون المتناول بالغا عاقلا مختار عالما بالحکم و الموضوع ، فلا حد على الصبى و المجنون و المکره و الجاهل بالحکم و الموضوع أو أحدهما إذا أمکن الجهل بالحکم فى حقه .
مسألة 2 :
لا فرق فى المسکر بين أنواعه کالمتخذ من العنب : و هو الخمر ، أو التمر : و هو النبيذ ، أو الزبيب : و هو النقيع ، أو العسل : و هو البتع ، أو الشعير : و هو المزر ، أو الحنطة أو الذرة أو غيرها ، و يلحق بالمسکر الفقاع و إن فرض أنه غير مسکر ، و لو عمل المسکر من شيئين فما زاد ففى شربه حد .
مسألة 3 :
لا إشکال فى حرمة العصير العنبى سواء غلى بنفسه أو بالنار أو بالشمس إلا إذا ذهب ثلثاه أو ينقلب خلا ، لکن لم يثبت إسکاره ، و فى إلحاقه بالمسکر فى ثبوت الحد و لو لم يکن مسکرا إشکال بل منع سيما إذا غلى بالنار أو بالشمس ، و العصير الزبيبى و التمري لا يلحق بالمسکر حرمة و لا حدا .
مسألة 4 :
لا إشکال فى أن المسکر قليله و کثيره سواء فى ثبوت الحد بتناوله و لو کان قطرة منه و لو يکن مسکرا فعلا ، فما کان کثيره مسکرا يکون فى قليله حد ، کما لا إشکال فى الممتزج بغيره إذا صدق اسمه عليه و کان غيره مستهلکا فيه ، کما لا إشکال فى الممتزج بغيره إذا کان مسکرا و لم يخرج بامتزاجه عن الاسکار ، ففى کل ذلک حد ، و أما إذا امتزج بغيره کالاغذية و الادوية بنحو استهلک فيه و لم يصدق اسمه و لم يکن الممتزج مسکرا ففى ثبوت الحد به إشکال ، و إن کان حراما لاجل نجاسة الممتزج ، فلو استهلک قطرة منه فى مائع فلا شبهة فى نجاسة الممتزج ، و لکن ثبوت حد المسکر عليه محل تأمل و إشکال ، لکن الحکم بالحد معروف بين أصحابنا .
مسألة 5 :
لو اضطر إلى شرب المسکر لحفظ نفسه عن الهلاک أو من المرض الشديد فشرب ليس عليه الحد .
مسألة 6 :
لو شرب المسکر مع علمه بالحرمة وجب الحد و لو جهل أنه موجب للحد ، و لو شرب مائعا بتخيل أنه محرم غير مسکر فاتضح أنه مسکر لم يثبت الحد عليه ، و لو علم أنه مسکر و تخيل أن الموجب للحد ما أسکر بالفعل فشرب قليله فالظاهر وجوب الحد .
مسألة 7 :
يثبت شرب المسکر بالاقرار مرتين ، و يشترط فى المقر البلوغ و العقل و الحرية و الاختيار و القصد ، و يعتبر فى الاقرار أن لا يقرن بشىء يحتمل معه جواز شربه کقوله شربت للتداوي أو مکرها ، و لو أقر بنحو الاطلاق و قامت قرينة على أنه شرب معذورا لم يثبت الحد ، و لو أقر بنحو الاطلاق ثم ادعى عذرا قبل منه ، و يدرأ عنه الحد لو احتمل فى حقه ذلک ، و لا يکفى فى ثبوته الرائحة و النکهة مع احتمال العذر .
مسألة 8 :
و يثبت بشاهدين عادلين ، و لا تقبل شهادة النساء منفردات و لا منضمات ، و لو شهد العدلان بنحو الاطلاق کفى فى الثبوت ، و لو اختلفا فى الخصوصيات کأن يقول أحدهما أنه شرب الفقاع و الاخر أنه شرب الخمر أو قال أحدهما أنه شرب فى السوق و الاخر أنه شرب فى البيت لم يثبت الشرب ، فلا حد ، و کذا لو شهد أحدهما أنه شرب عالما بالحکم و الاخر بأنه شرب جاهلا و غيره من الاختلافات ، و لو أطلق أحدهما و قال شرب المسکر و قيد الثانى و قال : شرب الخمر فالظاهر ثبوت الحد .
مسألة 9 :
الحد فى الشرب ثمانون جلدة کان الشارب رجلا أو امرأة و الکافر إذا تظاهر بشربه يحد ، و إذا استتر لم يحد ، و إذا شرب فى کنائسهم و بيعهم لم يحد .
مسألة 10 :
يضرب الشارب على ظهره و کتفيه و سائر جسده ، و يتقى وجهه و رأسه و فرجه ، و الرجل يضرب عريانا ما عدا العورة قائما ، و المرأة يضرب قاعدة مربوطة فى ثيابها ، و لا يقام عليهما الحد حتى يفيقا .
مسألة 11 :
لا يسقط الحد بعروض الجنون و لا بالارتداد ، فيحد حال جنونه و ارتداده .
مسألة 12 :
لو شرب کرارا و لم يحد خلالها کفى عن الجميع حد واحد ، و لو شرب فحد قتل فى الثالثة ، و قيل فى الرابعة .