القول فى الاغسال المندوبة
و هى أقسام : زمانية و مکانية و فعلية : أما الزمانية فکثيرة منها غسل الجمعة ، و هو من المستحبات المؤکدة ، حتى قال بعض بوجوبه ، و لکن الاقوى استحبابه ، و وقته من طلوع الفجر الثانى إلى الزوال ، و بعده إلى غروب الجمعة ، و من أول يوم السبت إلى آخره قضاء ، و لکن الاحوط فيما بعد الزوال إلى غروب الجمعة أن ينوي القربة من غير تعرض للاداء و القضاء ، و أما فى ليلة السبت ففى مشروعية إتيانه تأمل ، لا يترک الاحتياط بإتيانه فيه رجاء ، و يجوز تقديمه يوم الخميس إذا خاف إعواز الماء يوم الجمعة ، ثم إن تمکن منه يومها قبل الزوال لا بعده يستحب إعادته ، و إن ترکه حينئذ يستحب قضاؤه بعد الزوال منها و يوم السبت ، و لو دار الامر بين التقديم و القضاء فالاول أولى ، و فى إلحاق ليلة الجمعة بيوم الخميس تأمل ، فالاحوط إتيانه رجاء ، کما أن فى إلحاق مطلق الاعذار بإعواز الماء يوم الخميس وجه ، لکن الاحوط تقديمه حينئذ رجاء .
و منها أغسال ليالى شهر رمضان ، و هى ليالى الافراد الاولى و الثالثة و الخامسة و هکذا ، و تمام ليالى العشر الاخيرة ، و الاکد منها ليالى القدر ، و ليلة النصف ، و ليلة سبع عشرة و الخمس و العشرين و السبع و العشرين و التسع و العشرين ، و يستحب فى ليلة الثالث و العشرين غسل ثان فى آخر الليل ، و وقت الغسل تمام الليل ، و الاولى إتيانه قبيل الغروب إلا فى ليالى العشر الاخيرة ، فإنه لا يبعد رجحانه فيها بين العشاءين .
و منها غسل يومى العيدين الفطر و الاضحى ، و الغسل فى هذين اليومين من السنن الاکيدة ، و وقته بعد الفجر إلى الزوال ، و يحتمل امتداده إلى الغروب ، و الاحوط إتيانه بعد الزوال رجاء ، و منها غسل يوم التروية ، و منها غسل يوم عرفة ، و الاولى إيقاعه عند الزوال ، و منها غسل أيام من رجب ، أوله و وسطه و آخره ، و منها غسل يوم الغدير ، و الاولى إتيانه صدر النهار ، و منها يوم المباهلة ، و هو الرابع و العشرين من ذي الحجة و منها يوم دحو الارض ، و هو الخامس و العشرون من ذي القعدة ، يؤتى به رجاء لا بقصد الورود ، و منها يوم المبعث ، و هو السابع و العشرون من رجب ، و منها ليلة النصف من شعبان ، و منها يوم المولود ، و هو السابع عشر من ربيع الاول ، يؤتى به رجاء ، و منها يوم النيروز ، و منها يوم التاسع من ربيع الاول ، يؤتى به رجاء ، و لا تقضى هذه الاغسال بفوات وقتها ، کما أنها لا تتقدم على أوقاتها مع خوف فوتها فيها .
و أما المکانية فهى ما استحب للدخول فى بعض الامکنة الخاصة ، مثل حرم مکة و بلدها و مسجدها و الکعبة و حرم المدينة و بلدتها و مسجدها ، و أما للدخول فى سائر المشاهد المشرفة فيأتى به رجاء .
و أما الفعلية فهى قسمان : أحدهما ما يکون لاجل الفعل الذي يريد إيقاعه ، و الامر الذي يريد وقوعه کغسل الاحرام و الطواف و الزيارة و الوقوف بعرفات ، و أما للوقوف بالمشعر يؤتى به رجاء ، و الغسل للذبح و النحر و الحلق و لرؤية أحد الائمة عليهم السلام فى المنام ، کما روي عن الکاظم عليه السلام ( إذا أراد ذلک يغتسل ثلاث ليال و يناجيهم فيراهم فى المنام ) و لصلاة الحاجة ، و للاستخارة ، و لعمل الاستفتاح المعروف بعمل أم داود ، و لاخذ التربة الشريفة من محلها ، و لارادة السفر خصوصا لزيارة أبى عبد الله الحسين عليه السلام ، و لصلاة الاستسقاء و للتوبة من الکفر ، بل من کل معصية ، و للتظلم و الاشتکاء إلى الله تعالى من ظلم من ظلمه ، فإنه يغتسل و يصلى رکعتين فى موضع لا يحجبه عن السماء ، ثم يقول :( اللهم إن فلان بن فلان ظلمنى ، و ليس لى أحد أصول به عليه غيرک فاستوف لى ظلامتى الساعة الساعة بالاسم الذي إذا سألک به المضطر أجبته فکشفت ما به من ضر و مکنت له فى الارض و جعلته خليفتک على خلقک ، فأسألک أن تصلى على محمد و آل محمد ، و أن تستوفى ظلامتى الساعة الساعة(.
فترى ما تحب ، و للخوف من الظالم ، فإنه يغتسل و يصلى ، ثم يکشف رکبتيه و يجعلهما قريبا من مصلاه ، و يقول مأة مرة :
( يا حى يا قيوم يا لا إله إلا أنت برحمتک أستغيث فصل على محمد و آل محمد ، و أن تلطف لى ، و أن تغلب لى ، و أن تمکر لى ، و أن تخدع لى ، و أن تکيد لى ، و أن تکفينى مؤونة فلان بن فلان بلا مؤونة).
ثانيهما ما يکون لاجل الفعل الذي فعله ، و هى أغسال : منها لقتل الوزغ ، و منها لرؤية المصلوب مع السعى إلى رؤيته متعمدا ، و منها للتفريط فى أداء صلاة الکسوفين مع احتراق القرص ، فإنه يستحب أن يغتسل عند قضائها ، بل لا ينبغى ترک الاحتياط فيه ، و منها لمس الميت بعد تغسيله .
مسألة 1 :
وقت إيقاع الاغسال المکانية قبل الدخول فى تلک الامکنة بحيث يقع الدخول فيها بعده من دون فصل کثير ، و يکفى الغسل فى أول النهار أو الليل و الدخول فيها فى آخرهما ، بل کفاية غسل النهار لليل و بالعکس لا تخلو من قوة ، و لا يبعد استحبابها بعد الدخول للکون فيها إذا ترک قبله ، خصوصا مع عدم التمکن قبله .
و القسم الاول من الاغسال الفعلية مما استحب لايجاد عمل بعد الغسل کالاحرام و الزيارة و نحوهما فوقته قبل ذلک الفعل ، و لا يضر الفصل بينهما بالمقدار المزبور أيضا ، و أما القسم الثانى منها فوقتها عند تحقق السبب و يمتد إلى آخر العمر ، و إن استحب المبادرة إليها .
مسألة 2 :
فى بقاء الاغسال الزمانية و القسم الثانى من الفعلية و عدم انتقاضها بشىء من الاحداث تأمل ، لکن لا يشرع الاتيان بها بعد الحدث و أما المکانية و القسم الاول من الفعلية فالظاهر انتقاضها بالحدث الاصغر فضلا عن الاکبر فإذا أحدث بينها و بين الدخول فى تلک الامکنة أو بينها و بين تلک الافعال أعيد الغسل .
مسألة 3 :
لو کان عليه أغسال متعددة زمانية أو مکانية أو مختلفة يکفى غسل واحد عن الجميع إذا نواها .
مسألة 4 :
فى قيام التيمم عند التعذر مقام تلک الاغسال تأمل و إشکال ، فالاحوط الاتيان به عنده بعنوان الرجاء و احتمال المطلوبية .