کتاب القضاء
و هو الحکم بين الناس لرفع التنازع بينهم بالشرائط الاتية ، و منصب القضاء من المناصب الجليلة الثابتة من قبل الله تعالى للنبى صلى الله عليه و اله ، و من قبله للائمة المعصومين عليهم السلام ، و من قبلهم للفقيه الجامع للشرائط الاتية ، و لا يخفى أن خطره عظيم ، و قد ورد " أن القاضى على شفير جهنم " و عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : " يا شريح قد جلست مجلسا لا يجلسه الا نبى أو وصى نبى أو شقى " و عن أبى عبد الله عليه السلام " اتقوا الله فان الحکومة انما هى للامام العالم بالقضاء العادل فى المسلمين لنبى أو وصى نبى " وفى رواية " من حکم فى درهمين بغير ما أنزل الله عز و جل فقد کفر " و فى اخرى " لسان القاضى بين جمرتين من نار حتى يقضى بين الناس فاما فى الجنة و اما فى النار" و عن أبى عبد الله عليه السلام قال : " القضاة أربع : ثلاثة فى النار و واحد فى الجنة رجل قضى بجور و هو يعلم فهو فى النار ، و رجل قضى بجور و هو لا يعلم فهو فى النار ، و رجل قضى بالحق و هو لا يعلم فهو فى النار ، و رجل قضى بالحق و هو يعلم فهو فى الجنة " ولو کان موقوفا على الفتوى يلحقه خطر الفتوى أيضا ، ففى الصحيح قال أبو جعفر عليه السلام : " من
فتى الناس بغير علم و لا هدى من الله لعنه ملائکة الرحمة و ملائکة العذاب ، و لحقه وزر من عمل بفتياه " .
مسالة 1 :
يحرم القضاء بين الناس و لو فى الاشياء الحقيرة اذا لم يکن من أهله ، فلو لم ير نفسه مجتهدا عادلا جامعا لشرائط الفتيا و الحکم حرم عليه تصديه و ان اعتقد الناس اهليته ، و يجب کفاية على أهله ، و قد يتعين اذا لم يکن فى البلد أو ما يقرب منه مما لايتعسر الرفع اليه من به الکفاية .
مسالة 2 :
لا يتعين القضاء على الفقيه اذا کان من به الکفاية ولو اختاره المترافعين أو الناس .
مسالة 3 :
يستحب تصدي القضاء لمن يثق بنفسه القيام بوظائفه ، و الاولى ترکه مع وجود من به الکفاية ، لما فيه من الخطر و التهمة .
مسالة 4 :
يحرم الترافع الى قضاة الجور : أي من لم يجتمع فيهم شرائط القضاء ، فلو ترافع اليهم کان عاصيا ، و ما أخذ بحکمهم حرام اذا کان دينا ، و فى العين اشکال الا اذا توقف استيفاء حقه على الترافع اليهم فلا يبعد جوازه سيما اذاکان فى ترکه حرج عليه ، و کذا لو توقف ذلک على الحلف کاذبا جاز .
مسالة 5 :
يجوز لمن لم يتعين عليه القضاء الارتزاق من بيت المال ولو کان غنيا ، وان کان الاولى الترک مع الغنى ، و يجوز مع تعينه عليه اذا کان محتاجا ، و مع کونه غنيا لا يخلو من اشکال و ان کان الاقوى جوازه ، واما أخذ الجعل من المتخاصمين أو أحدهما فالاحوط الترک حتى مع عدم التعين عليه ، و لو کان محتاجا يأخذ الجعل أو الاجر على بعض المقدمات .
مسالة 6 :
أخذ الرشوة و اعطاؤها حرام ان توصل بها الى الحکم له بالباطل ، نعم لو توقف التوصل الى حقه عليها جاز للدافع و ان حرم على الاخذ ، وهل يجوز الدفع اذا کان محقا ولم يتوقف التوصل اليه عليها ؟ قيل : نعم ، و الاحوط الترک ، بل لا يخلو من قوة ، و يجب على المرتشى اعادتها الى صاحبها من غير فرق فى جميع ذلک بين أن يکون الرشاء بعنوانه أو بعنوان الهبة أو الهدية أو البيع المحاباتى و نحو ذلک .
مسالة 7 :
قيل من لا يقبل شهادته لشخص أو عليه لا ينفذ حکمه کذلک کشهادة الولد على والده و الخصم على خصمه ، و الاقوى نفوذه و ان قلنا بعدم قبول شهادته .
مسالة 8 :
لو رفع المتداعيان اختصامهما الى فقيه جامع للشرائط فنظر فى الواقعة و حکم على موازين القضاء لا يجوز لهما الترافع الى حاکم اخر ، و ليس للحاکم الثانى النظر فيه و نقضه ، بل لو تراضى الخصمان على ذلک فالمتجه عدم الجواز ، نعم لو ادعى أحد الخصمين بان الحاکم الاول لم يکن جامعا للشرائط کأن ادعى عدم اجتهاده أو عدالته حال القضاء کانت مسموعة يجوز للحاکم النظر فيها ، فاذا ثبت عدم صلوحه للقضاء نقض حکمه کما يجوز النقض لوکان مخالفا لضروري الفقه بحيث لو تنبه الاول يرجع بمجرده لظهور غفلته ، و اما النقض فيما يکون نظريا اجتهاديا فلا يجوز ، و لا يسمع دعوى المدعى و لو ادعى خطأه فى اجتهاده .
مسالة 9 :
لو افتقر الحاکم الى مترجم لسماع الدعوى أو جواب المدعى عليه أو الشهادة يعتبر ان يکون شاهدين عدلين .