القول فى وظائف القاضى
و هى امور : الاول يجب التسوية بين الخصوم و ان تفاوتا فى الشرف و الضعة فى السلام و الرد و الاجلاس و النظر و الکلام و الانصات و طلاقة الوجه و سائر الاداب و أنواع الاکرام ، و العدل فى الحکم ، و اما التسوية فى الميل بالقلب فلا يجب ، هذا اذا کانا مسلمين ، و اما اذا کان أحدهما غير مسلم يجوز تکريم المسلم زائدا على خصمه ، و اما العدل فى الحکم فيجب على أي حال .
الثانى لا يجوز للقاضى أن يلقن أحد الخصمين شيئا يستظهر به على خصمه کأن يدعى بنحو الاحتمال فيلقنه أن يدعى جزما حتى تسمع دعواه أو يدعى أداء الامانة أو الدين فيلقنه الانکار ، وکذا لا يجوز أن يعلمه کيفية الاحتجاج و طريق الغلبة ، هذا اذا لم يعلم ان الحق معه و الا جاز کما جاز له الحکم بعلمه ، و اما غير القاضى فيجوز له ذلک مع علمه بصحة دعواه ، و لا يجوز مع علمه بعدمها ، و مع جهله فالاحوط الترک .
الثالث لو ورد الخصوم مترتبين بدأ الحاکم فى سماع الدعوى بالاول فالاول الا اذا رضى المتقدم تأخيره ، من غير فرق بين الشريف و الوضيع و الذکر و الانثى ، و ان وردوا معا أو لم يعلم کيفية ورودهم ولم يکن طريق لاثباته يقرع بينهم مع التشاح .
الرابع لو قطع المدعى عليه دعوى المدعى بدعوى لم يسمعها حتى يجيب عن دعوى صاحبه و تنتهى الحکومة ثم تستأنف هو دعواه الا مع رضا المدعى الاول بالتقديم .
الخامس اذا بدر أحد الخصمين بالدعوى فهو أولى ، و لو ابتدرا معا يسمع من الذي على يمين صاحبه ، ولو اتفق مسافر و حاضر فهما سواء مالم يستضر أحدهما بالتأخير ، فيقدم دفعا للضرر ، و فيه تردد .
القول فى شروط سماع الدعوى
و ليعلم ان تشخيص المدعى و المنکر عرفيب کسائر الموضوعات العرفية ، و ليس للشارع الاقدس اصطلاح خاص فيهما ، و قد عرف بتعاريف متقاربة و التعاريف جلها مربوطة بتشخيص المورد ، کقولهم : انه من لو ترک ترک ، أو يدعى خلاف الاصل ، أو من يکون فى مقام اثبات أمر على غيره ، و الاولى الايکال الى العرف ، و قد يختلف المدعى و المنکر عرفا بحسب طرح الدعوى و مصبه ، و قد يکون من قبيل التداعى بحسب المصب .
مسالة 1 :
يشترط فى سماع دعوى المدعى أمور بعضها مربوط بالمدعى ، و بعضها بالدعوى ، و بعضها بالمدعى عليه ، و بعضها بالمدعى به الاول البلوغ ، فلا تسمع من الطفل و لو کان مراهقا ، نعم لو رفع الطفل المميز ظلامته الى القاضى فان کان له ولى أحضره لطرح الدعوى ، و الا فأحضر المدعى عليه ولاية ، أ, نصب قيما له أو وکل وکيلا فى الدعوى أو تکفل بنفسه و أحلف المنکر لو لم تکن بينة ، و لو رد الحلف فلا أثر لحلف الصغير ، و لو علم الوکيل أو الولى صحة دعواه جاز لهما الحلف .
الثانى العقل ، فلا تسمع من المجنون ولو کان ادواريا اذا رفع حال جنونه .
الثالث عدم الحجر لسفه اذا استلزم منها التصرف المالى ، و اما السفيه قبل الحجر فتسمع دعواه مطلقا .
الرابع أن لا يکون أجبنيا عن الدعوى ، فلو ادعى بدين شخص أجنبى على الاخر لم تسمع ، فلا بد فيه من نحو تعلق به کالولاية و الوکالة أو کان المورد متعلق حق له .
الخامس أن يکون للدعوى أثر لو حکم على طبقها ، فلو ادعى أن الارض متحرکة و انکرها الاخر لم تسمع ، و من هذا الباب ما لو ادعى الوقف عليه أو الهبة مع التسالم على عدم القبض ، أو الاختلاف فى البيع و عدمه مع التسالم على بطلانه على فرض الوقوع ، کمن ادعى أنه باع ربويا و أنکر الاخر أصل الوقوع ، و من ذلک ما لو ادعى أمرا محالا ، و من ذلک ما لو ادعى ان هذا العنب الذي عند فلان من بستانى و ليس لى الا هذه الدعوى لم تسمع ، لانه بعد ثبوته بالبينة لا يؤخذ من الغير لعدم ثبوت کونه له ، و من هذا الباب لو ادعى ما لا تصح تملکه ، کما لو ادعى أن هذا الخنزير أو الخمر لى ، فانه بعد الثبوت لا يحکم برده اليه الا فيما يکون له الاولوية فيه ، و من ذلک الدعوى على غير محصور کمن ادعى أن لى على واحد من أهل هذا البلد دينا .
السادس أن يکون المدعى به معلوما بوجه ، فلا يسمع دعوى المجهول المطلق کأن ادعى أن لى عنده شيئا للتردد بين کونه مما تسمع فيه الدعوى أم لا ، و اما لو قال : ان لى عنده فرسا أو دابة أوثوبا فالظاهر انه يسمع ، فبعد الحکم بثبوتها يطالب المدعى عليه بالتفسير ، فان فسر ولم يصدقه المدعى فهو دعوى اخرى ، و ان لم يفسر لجهالته مثلا فان کان المدعى به بين اشياء محدودة يقرع على الاقوى ، و ان أقر بالتلف و لم ينازعه الطرف فان اتفقا فى القيمة و الا ففى الزيادة دعوى اخرى مسموعة .
السابع ان يکون للمدعى طرف يدعى عليه ، فلو ادعى أمرا من دون أن يکون على شخص ينازعه فعلا لم تسمع ، کما لو أراد أصدار حکم من فقيه يکون قاطعا للدعوى المحتملة ، فان هذه الدعوى غير مسموعة ولوحکم الحاکم بعد سماعها فان کان حکمه من قبيل الفتوى کأن حکم بصحة الوقف الکذائى أو البيع الکذائى فلا أثر له فى قطع المنازعة لو فرض وقوعها ، وان کان من قبيل أن لفلان على فلان دين بعد عدم النزاع بينهما فهذا ليس حکما يترتب عليه الفصل و حرمة النقض ، بل من قبيل الشهادة ، فان رفع الامر الى قاض اخر يسمع دعواه ، و يکون ذلک الحاکم من قبيل أحد الشهود ، ولو رفع الامر اليه و بقى على علمه بالواقعة له الحکم على طبق علمه .
الثامن الجزم فى الدعوى فى الجملة ، و التفصيل انه لا اشکال فى سماع الدعوى اذا أوردها جزما ، و اما لو ادعى ظنا أو احتمالا ففى سماعها مطلقا أو عدمه مطلقا أو التفصيل بين موارد التهمة و عدمها بالسماع فى الاولى أو التفصيل بين ما يتعسر الاطلاع عليه کالسرقة و غيره فتسمع فى الاول أو التفصيل بين ما يتعارف الخصومة به کما لو وجد الوصى أو الوارث سندا أو دفترا فيه ذلک أو شهد به من لا يوثق به و بين غيره فتسمع فى الاول أو التفصيل بين موارد التهمة و ما يتعارف الخصومة به و بين غيرهما فتسمع فيهما وجوه ، الاوجه الاخير ، فحينئذ لو أقر المدعى عليه أو قامت البينه فهو ، و ان حلف المدعى عليه سقطت الدعوى ، ولو رد اليمين لا يجوز للمدعى الحلف ، فتتوقف الدعوى ، فلو ادعى بعده جزما أو عثر على بينة و رجع الى الدعوى تسمع منه .
التاسع تعيين المدعى عليه ، فلو ادعى على أحد الشخصين أو الاشخاص المحصورين لم تسمع على قول ، و الظاهر سماعها ، لعدم خلوها عن الفائدة ، لامکان اقرار أحدهما لدى المخاصمة ، بل لو أقيمت البينة على کون أحدهما مديونا مثلا فحکم الحاکم بان الدين على أحدهما فثبت بعد براءة أحدهما يحکم بمديونية الاخر ، بل لا يبعد بعد الحکم الرجوع الى القرعة ، فيفرق بين ما علما أو علم أحدهما باشتغال ذمة أحدهما فلا تأثير فيه ، و بين حکم الحاکم لفصل الخصومة فيقال بالاقتراع .
مسالة 2 :
لا يشترط فى سماع الدعوى ذکر سبب استحقاقه ، فيکفى الدعوى بنحو الاطلاق من غير ذکر السبب ، سواء کان المدعى به عينا أو دينا أو عقدا من العقود ، نعم فى دعوى القتل اشترط بعض لزوم بيان أنه عن عمد أو خطأ ، بمباشرة أو تسبيب ، کان هو قاتلا أو مع الشرکة .
مسالة 3 :
لو لم يکن جازما فأراد الدعوى على الغير لا بد أن يبرزها بنحو ما يکون من الظن أو الاحتمال ، و لايجوز ابرازها بنحو الجزم ليقبل دعواه بناء على عدم السماع من غير الجازم .
مسالة 4 :
لو ادعى اثنان مثلا بان لاحدهما على أحد کذا تسمع ، و بعد الاثبات على وجه الترديد يقرع بينهما .
مسالة 5 :
لا يشترط فى سماع الدعوى حضور المدعى عليه فى بلد الدعوى ، فلو ادعى على الغائب من البلد سواء کان مسافرا أو کان من بلد أخر قريبا کان أو بعيدا تسمع ، فاذا أقام البينة حکم القاضى على الغائب و يرد عليه ما ادعى اذا کان عينا ، و يباع من مال الغائب و يؤدي دينه اذا کان دينا ، و لا يدفع اليه الا مع الامن على تضرر المدعى عليه لو حضر و قضى له بان يکون المدعى مليا أو کان له کفيلا ، و هل يجوز الحکم لو کان غائبا و أمکن احضاره بسهولة أو کان فى البلد و تعذر حضوره بدون اعلامه ؟ فيه تأمل ، و لافرق فى سماع الدعوى على الغائب بين ان يدعى المدعى جحود المدعى عليه و عدمه ، نعم لو قال : أنه مقر و لا مخاصمة بيننا فالظاهر عدم سماع دعواه ، و عدم الحکم ، و الاحوط عدم الحکم على الغائب الا بضم اليمين ، ثم ان الغائب على حجته فاذا حضر و أراد جرح الشهود أو اقامة بينة معارضة يقبل منه لو قلنا بسماع بينة .
مسالة 6 :
الظاهر اختصاص جواز الحکم على الغائب بحقوق الناس فلايجوز الحکم عليه فى حقوق الله تعالى مثل الزنا ، ولو کان فى جناية حقوق الناس و حقوق الله کما فى السرقة فان فيها القطع و هو من حقوق الله و أخذ المال و رده الى صاحبه و هو من حقوق الناس جاز الحکم فى حقوق الناس دون حقوق الله ، فلو أقام المدعى البينة حکم الحاکم ، و يؤخذ على ما تقدم .
مسالة 7 :
لو تمت الدعوى من المدعى فان التمس من الحاکم احضار المدعى عليه أحضره ، و لايجوز التأخير غير المتعارف ، و مع عدم التماسه و عدم قرينة على ارادته فالظاهر توقفها الى أن يطلبه .
فصل فى جواب المدعى عليه
المدعى عليه اما ان يسکت عن الجواب او يقر أو ينکر أو يقول : لا أدري أو يقول : أديت و نحو ذلک مما هو تکذيب للمدعى .