الفصل الثاني : في موانع الإرث
والکفر والقتل والرّقّ تمنع الإرث هذه الثلاثة.
الکفر
1. فالکفر بجميع أقسامه يمنع وراثة الکافر من المسلم فلا يرث الکافرُ المسلم، والمسلم يرث الکافر.
المسلم يحجب الکفار
ولو کان للمسلم وارث مسلم مع الکفّار اختصّ المسلم بالإرث وحجب جميع الکفّار من تقدّم عليه أو کان في مرتبته، فلو کان ابن المسلم کافراً وابن هذا الکافر مسلماً يرثه ابن الابن لا الابن، وکذا لو کان ابن المسلم کافراً وعمّه أو أخوه أو إبنهما مسلماً کان الإرث للمسلم البعيد دون الکافر القريب.
الامام يرث المسلم لو کان الوارث کفّارا
ولو لم يکن للمسلم وارث مسلم فميراثه للإمام دون الکفّار لما تقدّم من الحجب المطلق. ومنه يعلم تقدّم المسلم في الإرث على الکافر ولو کان المسلم معتقاً أو ضامن جريرة وکان الکافر ابن الميت.
الکافر يرث الکافر
ولو لم يکن للکافر وارث خاصّ مسلم( ولو کان بعيدا کالمعتق وضامن الجريرة) فميراثه للکفّار في غير صورة الإرتداد.
حکم إسلام الکافر
والإسلام من الوارث قبل قسمة الميراث (في صورة تعدّد الورثة المسلمين) کإسلامه قبل موت المورّث، فلو أسلم حينئذ ورث إن کان مساويا للورثة المسلمين وحاز الکلّ إن تقدّم عليهم في المرتبة بلا فرق بين کفر المورّث وإسلامه.
ولو اختلفت الترکة فقسّم بعضها دون بعض، لحق کلّ قسم حکمه.
ولو مات المسلم عن ورثة کفّار فأسلم بعضهم بعد الموت فالأظهر أنّ الميراث للإمام لا للمسلم بعد الموت، لوحدة الوارث بعد الموت قسمة ولا إسلام قبل القسمة.
ولو کان ورثة الکافر الأصلى کفّاراً فأسلم بعضهم بعد موته وبعد القسمة فلا أثر لإسلامه، بل يبقى على حکم ما قبل اسلامه في التقدّم في صورة والتأخّر في صورة والمشارکة في ثالثة.
ولو أسلم قبل القسمة المنحصرة في صورة التعدّد فتأثير إسلامه لا يخلو عن وجه موافق لإطلاق الصحيح، فيتقدّم مع تقدّم المرتبة وتأخّرها، على الکفّار.
والمراد من المسلم والکافر فيما ذکرناه المحکوم بالإسلام والکفر وإن لم يکونا حقيقيّين.
المسلمون يتوارثون و إن اختلفوا فى المذاهب
المسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب، فالمحقّ منه والمبطل يرث الآخر ويورثه، إلاّ الغلاة والخوارج والنواصب ومنکر الضرورىّ، فهم بحکم الکفّار لا يرثون من المسلم ويرثهم المسلمون.
الکفّار يتوارثون و إن اختلفوا فى النحل
الکفّار يتوارثون وان اختلفوا في الدين ويحتمل في صورة کون عدم الإرث من دين الوارث أن يجوز إلزامه بمقتضى دينه فيورث الموافق للميّت ومع فقده الإمام لا المخالف للميّت في الدين.
فقد الوارث المسلم شرط فى توارث الکفّار
ويشترط في إرث الکافر من الکافر عدم المسلم ولو کان بعيداً وکان الکافر قريباً کما مرّ.
إذا توفّى أحد الزوجين عن آخر مسلم أو مسلمة فکان للوارث ما يستحقّه من النصف أو الربع وقلنا بردّ النصف على الزوج وما عدا الربع على الإمام، فأسلم الکافر من الورثة: فمع وحدة المستحقّ لا أثر لإسلامه؛ ومع تعدّده کما ذکر يرث ما يکون للإمام إن کان الإسلام قبل القسمة على الأظهر، وإن حکى التأثير مطلقاً عن «النهاية» و«النکت» والقاضى.
لا أثر لإسلام الکافر بعد القسمة، ولا يجب إنفاق الکافر على الورثة المسلمين من مالهم الّذى ورثوه، فما في رواية مالک بن أعين عن أبيجعفر عليه السلام «في نصرانى مات وله ابن أخ وابن اُخت مسلمان وأولاد صغار: إنّه لابن الاُخ الثلثان ولابن الاُخت الثلث، وأنّه ينفقان على الأولاد بالنسبة إذا لم يسلموا، وإن أسلم الصغار قبل البلوغ دفع المال إلى الإمام فإن بلغوا على الإسلام دفعه الإمام إليهم ولو لم يسلموا دفع إلى ابن الأخ الثلثين والى ابن الاُخت الثلث» محمول على الاستحباب. واللّه العالم.
إذا کان أحد أبوى الطفل مسلماً حين انعقاد نطفته أو بعده قبل بلوغه، لحق به الطفل في الإسلام وأحکامه؛ فإن بلغ وعرض عليه الإسلام فأبى، قتل کغيره من المرتدّين حتّى من أسلم أحد أبويه قبل بلوغه على احتمال؛ والأحوط لزوماً أن يکون ذلک بعد إقامة البراهين القاطعة عليه بحيث يکون إبائه بعدها عناداً وللأغراض الفاسدة الدنيويّة، حتّى فيمن أسلم أحد أبويه حين انعقاد نطفته.
حکم أقسام المرتدّ
المرتدّ عن فطرة بانعقاده وأحد أبويه مسلم وإظهاره الإسلام بعد بلوغه، يقتل إن کان رجلاً، ولا يستتاب، وتعتدّ امرأته عدّة الوفاة وينفسخ نکاحها بغير طلاق، والاعتداد لا ينوط بالدخول على الأحوط؛ وتقسم أمواله بين ورثته بعد أداء ديونه (کالميت) بلا انتظار لموته؛ ولا تقبل توبته إلاّ باطناً، وفي غير ما مرّ في الجملة کطهارة بدنه وصحّة عباداته وتملّکه بالأسباب الجديدة بعد التوبة، اختياريّة کانت کالتجارة أو لا کالإرث، وله التزويج بالمسلمات حتّى السابقة على الأظهر. والمرأة لا تقتل بل تحبس وتضرب أوقات الصلاة حتّى تتوب ولو کانت مرتدّة عن فطرة.
والمرتدّ لا عن فطرة يستتاب إلى حدّ احتمال رجوعه على الأحوط: فإن تاب وإلاّ قتل، تعتدّ زوجته مع الدخول عدّة الطلاق مع الحياة وعدّة الوفاة لا معها، فإن تاب أو تابت قبل تمام العدّة رجعت الزوجيّة.
القتل
2. أمّا القتل فإن کان عمداً وبغير حقّ فإنّه يمنع القاتل عن إرث المقتول، فيرثه غير القاتل وإن بعُد وقرُب القاتل وکانت القرابة بسببه، به خلاف ما لو کان حقّاً (کقصاص أو اقامة حدّ أو جهاد) أو کان خطأً فلا منع فيهما عن الإرث.
وهل يرث من الدية أيضاً؟ فيه خلاف، فالأظهر الأشهر، العدم؛ والأحوط بلحاظ کلّ من الشهرة والعموم، الصلح.
والأظهر عدم الفرق بين الخطأ المحض والشبيه بالعمد هنا فالمدار على ما قدّمناه.
کما أنّ القتل العمدىّ لا فرق فيه بين المباشرة والتسبيب المصحّح لإسناد القتل إلى السبب.
ولو لم يکن للمقتول وارث سوى القاتل فالإرث للإمام.
الدية حکمها حکم الترکة
الدية کسائر أموال الميّت ينفذ منها ديونه ووصاياه، والأشهر أنّ المأخوذة في العمد (صلحاً عن القصاص عليها) کذلک أى کالمستحقّة في الخطأ.
هل للديّان منع الوارث عن القصاص وليس له القصاص أو الهبة إلاّ مع الضمان للغرماء أو لا وإنّما لهم استيفاء الدين المأخوذة صلحاً؟ قولان قال بکلٍ جماعة، والاحوط للغرماء عدم المنع وللوارث عدم تفويت الدين؛ والعمل برضاء الکلّ هو الاحتياط المطلق؛ وحيث إنّ مستند الاوّل عامّ ومستند القول الثانى والعمل محقّق في الکلّ فالثانى هو الأقرب.
يرث الدية کلّ مناسب ومسابب حتّى من ليس له القصاص، وفي المترقّب بالأمّ قولان أقويهما عدم الإرث.
الرقّ
3. والرقّ مانع عن الإرث في الوارث والموروث؛ ولو اجتمع الحرّ مع الرقّ فالمال للحرّ وإن بعُد دون الرقّ وإن قرُب.
ولو أعتق على ميراث قبل قسمته يشارکهم إن کان مساوياً لهم طبقةً ودرجةً وحاز الجميع إذا کان أولى منهم. ولو کان الوارث واحداً فأعتق الرقّ لم يرث وإن کان أقرب من الحرّ. ولو قسّم بعض الترکة دون بعضها لحق کلّ قسم منها حکمه.
ولو لم يکن للميّت وارث ممن عدا الإمام (عليه السلام) سوى المملوک أجبر مولاه على أخذ قيمته من الترکة فيعتق ليحوز المال، بلا فرق بين القنّ والمکاتب والمدبّر واُمّ الولد على الأظهر؛ والمکاتب المطلق إذا أدّى شيئاً وعتق بحسابه فکّ الباقى الغير الوارث لو لا الإعتاق الصادر من الحاکم إن کان أو غيره من العدول إن لم يکن.
ولو قصر المال عن قيمة المملوک، فالأشهر أنّه لا يفکّ، والأحوط للمالک فکّ ما وفى به المال بحسابه واستسعائه في الباقى.
ويفکّ الأبوان للميت بماله. وقيل يفکّ الأولاد بل مطلق ذى القرابة بل الزوجين،وهو محلّ التأمل في الزوجين وإن کان لا يخلو عن وجه في ذوى القرابة.
ولا يرث المدبّر ولا اُمّ الولد ولا المکاتب المشروط أو المطلق الذى لم يؤدّ شيئاً. ومن تحرّر بعضه يرث بما فيه من الحرّية ويمنع بقدر ما فيه من الرقّية. وفروع ذلک مذکورة في کتب الفقه لم نتعرّض لها لندرة الابتلاء بها.