النکاح على قسمين : دائم و منقطع ، و کل منهما يحتاج إلى عقد مشتمل على إيجاب و قبول لفظيين دالين على إنشاء المعنى المقصود و الرضا به دلالة معتبر عند أهل المحاورة ، فلا يکفى مجرد الرضا القلبى من الطرفين و لا المعاطاة الجارية فى المعاملات و لا الکتابة ، و کذا الاشارة المفهمة فى غير الاخرس ، و الاحوط لزوما کونه فيهما باللفظ العربى ، فلا يجزي غيره من سائر اللغات إلا مع العجز عنه و لو بتوکيل الغير ، و إن کان الاقوى عدم وجوب التوکيل ، و يجوز بغير العربى مع العجز عنه ، و عند ذلک لا بأس بإيقاعه بغير لکن بعبارة يکون مفادها مفاد اللفظ العربى بحيث تعد ترجمته .
مسألة 1 :
الاحوط لو لم يکن الاقوى أن يکون الايجاب من طرف الزوجة و القبول من طرف الزوج ، فلا يجزي أن يقول الزوج زوجتک نفسى فتقول الزوجة قبلت على الاحوط ، و کذا الاحوط تقديم الاول على الثانى و إن کان الاظهر جواز العکس إذا لم يکن القبول بلفظ قبلت و أشباهه .
مسألة 2 :
الاحوط أن يکون الايجاب فى النکاح الدائم بلفظى أنکحت أو زوجت ، فلا يوقع بلفظ متعت على الاحوط و إن کان الاقوى وقوعه به مع الاتيان بما يجعله ظاهرا فى الدوام ، و لا يوقع بمثل بعت أو وهبت أو ملکت أو آجرت ، و أن يکون القبول بلفظ قبلت أو رضيت ، و يجوز الاقتصار فى القبول بذکر قبلت فقط بعد الايجاب من دون ذکر المتعلقات التى ذکرت فيه ، فلو قال الموجب الوکيل عن الزوجة للزوج أنکحتک موکلتى فلانة على المهر الفلانى فقال : الزوج قبلت من دون أن يقول قبلت النکاح لنفسى على المهر الفلانى صح .
مسألة 3 :
يتعدى کل من الانکاح و التزويج إلى مفعولين ، و الاولى أن يجعل الزوج مفعولا أولا و الزوجة ثانيا ، و يجوز العکس ، و يشترکان فى أن کلا منهما يتعديان إلى المفعول الثانى بنفسه تارة و بواسطة " من " أخرى فيقال أنکحت أو زوجت زيدا هندا أو أنکحت هندا من زيد ، و باللام أيضا ، هذا بحسب المشهور و المأنوس ، و ربما يستعملان على غير ذلک ، و هو ليس بمشهور و مأنوس .
مسألة 4 :
عقد النکاح قد يقع بين الزوج و الزوجة و بمباشرتهما ، فبعد التقاول و التواطؤ و تعيين المهر تقول الزوجة مخاطبة للزوج أنکحتک نفسى أو أنکحت نفسى منک أو لک على المهر المعلوم ، فيقول الزوج بغير فصل متعد به قبلت النکاح لنفسى على المهر المعلوم أو هکذا ، أو تقول : زوجتک نفسى أو زوجت نفسى منک أو لک على المهر المعلوم ، فيقول : قبلت التزويج لنفسى على المهر المعلوم أو هکذا ، و قد يقع بين وکيليهما ، فبعد التقاول و تعيين الموکلين و المهر يقول وکيل الزوجة مخاطبا لوکيل الزوج : أنکحت موکلک فلانا موکلتى فلانة أو من موکلک أو لموکلک فلان على المهر المعلوم فيقول وکيل الزوج : قبلت النکاح لموکلى على المهر المعلوم أو هکذا ، أو يقول وکيلها : زوجت موکلتى موکلک أو من موکلک أو لموکلک فلان على المهر المعلوم ، فيقول وکيله : قبلت التزويج لموکلى على المهر المعلوم أو هکذا ، و قد يقع بين ولييهما کالاب و الجد ، فبعد التقاول و تعيين المولى عليهما و المهر يقول ولى الزوجة : أنکحت ابنتى أو ابنة ابنى فلانة مثلا ابنک أو ابن ابنک فلانا أو من ابنک أو ابن ابنک أو لابنک أو لابن ابنک على المهر المعلوم ، أو يقول : زوجت بنتى ابنک مث
أو من ابنک أو لابنک فيقول ولى الزوج : قبلت النکاح أو التزويج لابنى أو لابن ابنى على المهر المعلوم ، و قد يکون بالاختلاف بأن يقع بين الزوجة و وکيل الزوج و بالعکس ، أو بينها و بين ولى الزوج و بالعکس أو بين وکيل الزوجة و ولى الزوج و بالعکس و يعرف کيفية إيقاع العقد فى هذه الصورة مما فصلناه فى الصور المتقدمة ، و الاولى تقديم الزوج على الزوجة فى جميع الموارد کما مر .
مسألة 5 :
لا يشترط فى لفظ القبول مطابقته لعبارة الايجاب ، بل يصح الايجاب بلفظ و القبول بلفظ آخر ، فلو قال : زوجتک فقال : قبلت النکاح أو قال أنکحتک فقال قبلت التزويج صح و إن کان الاحوط المطابقة .
مسألة 6 :
إذا لحن فى الصيغة فإن کان مغيرا للمعنى بحيث يعد اللفظ عبارة لمعنى آخر غير ما هو المقصود لم يکف ، و إن لم يکن مغيرا بل کان بحيث يفهم منه المعنى المقصود و يعد لفظا لهذا المعنى إلا أنه يقال له لفظ ملحون و عبارة ملحونة من حيث المادة أو من جهة الاعراب و الحرکات فالاکتفاء به لا يخلو من قوة و إن کان الاحوط خلافه ، و أولى بالاکتفاء اللغات المحرفة عن اللغة العربية الاصلية کلغة سواد العراق فى هذا الزمان إذا کان المباشر للعقد من أهالى تلک اللغة لکن بشرط أن لا يکون مغيرا للمعنى مثل جوزت إلا إذا فرض صيرورته فى لغتهم کالمنقول .
مسألة 7 :
يعتبر فى العقد القصد إلى مضمونه ، و هو متوقف على فهم معنى لفظى أنکحت و زوجت و لو بنحو الاجمال حتى لا يکون مجرد لقلقة لسان ، نعم لا يعتبر العلم بالقواعد العربية و لا العلم و الاحاطة بخصوصيات معنى اللفظيين على التفصيل ، بل يکفى علمه إجمالا ، فإذا کان الموجب بقوله أنکحت أو زوجت قاصدا لايقاع العلقة الخاصة المعروفة المرتکزة فى الاذهان التى يطلق عليها النکاح و الزواج فى لغة العرب و يعبر عنها فى لغات آخر بعبارات آخر و کان القابل قابلا لهذا المعنى کفى إلا إذا کان جاهلا باللغات بحيث لا يفهم أن العلقة واقعة بلفظ زوجت أو بلفظ موکلى فحينئذ صحته مشکلة و إن علم أن هذه الجملة لهذا المعنى .
مسألة 8 :
يعتبر فى العقد قصد الانشاء بأن يکون الموجب فى قوله أنکحت أو زوجت قاصدا إيقاع النکاح و الزواج و إيجاد ما لم يکن لا الاخبار و الحکاية عن وقوع شىء فى الخارج ، و القابل بقوله قبلت منشئا لقبول ما أوقعه الموجب .
مسألة 9 :
يعتبر الموالاة و عدم الفصل المعتد به بين الايجاب و القبول .
مسألة 10 :
يشترط فى صحة العقد التنجيز ، فلو علقه على شرط و مجىء زمان بطل ، نعم لو علقه على أمر محقق الحصول کما إذا قال فى يوم الجمعة أنکحت إن کان اليوم يوم الجمعة لم يبعد الصحة .
مسألة 11 :
يشترط فى العاقد المجري للصيغة البلوغ و العقل ، فلا اعتبار بعقد الصبى و المجنون و لو إدواريا حال جنونه ، سواء عقدا لنفسهما أو لغيرهما ، و الاحوط البناء على سقوط عبارة الصبى ، لکن لو قصد المميز المعنى و عقد لغيره وکالة أو فضولا و أجاز أو عقد لنفسه مع إذن الولى أو إجازته أو أجاز هو بعد البلوغ يتخلص بالاحتياط ، و کذا يعتبر فيه القصد ، فلا اعتبار بعقد الساهى و الغالط و السکران و أشباههم ، نعم فى خصوص عقد السکري إذا عقبه الاجازة بعد إفاقتها لا يترک الاحتياط بتجديد العقد أو الطلاق .
مسألة 12 :
يشترط فى صحة العقد تعيين الزوجين على وجه يمتازان عن غيرهما بالاسم أو الاشارة أو الوصف الموجب لذلک ، فلو قال زوجتک إحدى بناتى أو قال زوجت بنتى فلانة من أحد بنيک أو من أحد هذين بطل ، نعم يشکل فيما لو کانا معينين بحسب قصد المتعاقدين و متميزين فى ذهنهما لکن لم يعيناهما عند إجراء الصيغة و لم يکن ما يدل عليه من لفظ أو فعل أو قرينة خارجية ، کما إذا تقاولا و تعاهدا على تزويج بنته الکبرى من ابنه الکبير و لکن فى مقام إجراء الصيغة قال : زوجت إحدى بناتى من أحد بنيک و قبل الاخر ، نعم لو تقاولا و تعاهدا على واحدة فعقدا مبنيا عليه فالظاهر الصحة ، کما إذا قال بعد التقاول : زوجت ابنتى منک دون أن يقول : زوجت إحدى بناتى .
مسألة 13 :
لو اختلف الاسم مع الوصف أو اختلفا أو أحدهما مع الاشارة يتبع العقد لما هو المقصود و يلغى ما وقع غلطا و خطأ ، فإذا کان المقصود تزويج البنت الکبرى و تخيل أن اسمها فاطمة و کانت المسماة بفاطمة هى الصغرى و کانت الکبرى مسماة بخديجة و قال : زوجتک الکبرى من بناتى فاطمة وقع العقد على الکبرى التى اسمها خديجة و يلغى تسميتها بفاطمة و إن کان المقصود تزويج فاطمة و تخيل أنها کبرى فتبين أنها صغرى وقع العقد على المسماة بفاطمة و ألغى وصفها بأنها الکبرى ، و کذا لو کان المقصود تزويج المرأة الحاضرة و تخيل أنها الکبرى و اسمها فاطمة فقال : زوجتک هذه و هى فاطمة و هى الکبرى من بناتى فتبين أنها الصغرى و اسمها خديجة وقع العقد على المشار إليها و يلغى الاسم و الوصف ، و لو کان المقصود العقد على الکبرى فلما تخيل أن هذه المرأة الحاضرة هى تلک الکبرى قال : زوجتک هذه و هى الکبرى لا يقع العقد على الکبرى بلا إشکال ، و فى وقوعه على المشار إليها وجه لکن لا يترک الاحتياط بتجديد العقد أو الطلاق .
مسألة 14 :
لا إشکال فى صحة التوکيل فى النکاح من طرف واحد أو من طرفين بتوکيل الزوج أو الزوجة إن کانا کاملين أو بتوکيل وليهما إن کانا قاصرين ، و يجب على الوکيل أن لا يتعدى عما عينه الموکل من حيث الشخص و المهر و سائر الخصوصيات ، فإن تعدى کان فضوليا موقوفا على الاجازة ، و کذا يجب عليه مراعاة مصلحة الموکل ، فإن تعدى و أتى بما هو خلاف المصلحة کان فضوليا ، نعم لو عين خصوصية تعين و نفذ عمل الوکيل و إن کان ذلک على خلاف مصلحة الموکل .
مسألة 15 :
لو وکلت المرأة رجلا فى تزويجها ليس له أن يزوجها من نفسه إلا إذا صرحت بالتعميم أو کان کلامها بحسب متفاهم العرف ظاهرا فى العموم بحيث يشمل نفسه .
مسألة 16 :
الاقوى جواز تولى شخص واحد طرفى العقد بأن يکون موجبا و قابلا من الطرفين أصالة من طرف و وکالة من آخر ، أو ولاية من الطرفين أو وکالة عنهما أو بالاختلاف و إن کان الاحوط الاولى مع الامکان تولى الاثنين و عدم تولى شخص واحد للطرفين خصوصا فى تولى الزوج طرفى العقد أصالة من طرفه و وکالة عن الزوجة فى عقد الانقطاع فإنه لا يخلو من إشکال غير معتد به لکن لا ينبغى فيه ترک الاحتياط .
مسألة 17 :
إذا وکلا وکيلا فى العقد فى زمان معين لا يجوز لهما المقاربة بعد ذلک الزمان ما لم يحصل لهما العلم بإيقاعه و لا يکفى الظن ، نعم لو أخبر الوکيل بالايقاع کفى لان قوله حجة فيما وکل فيه .
مسألة 18 :
لا يجوز اشتراط الخيار فى عقد النکاح دواما أو انقطاعا لا للزوج و لا للزوجة ، فلو شرطاه بطل الشرط ، بل المشهور على بطلان العقد أيضا ، و قيل ببطلان الشرط دون العقد ، و لا يخلو من قوة ، و يجوز اشتراط الخيار فى المهر مع تعيين المدة ، فلو فسخ ذو الخيار سقط المهر المسمى ، فيکون کالعقد بلا ذکر المهر ، فرجع إلى مهر المثل ، هذا فى العقد الدائم الذي لا يعتبر فيه ذکر المهر ، و أما المتعة التى لا تصح بلا مهر فهل يصح فيها اشتراط الخيار فى المهر فيه إشکال .
مسألة 19 :
إذا ادعى رجل زوجية امرأة فصدقته أو ادعت امرأة زوجية رجل فصدقها حکم لهما بذلک مع احتمال الصدق ، و ليس لاحد الاعتراض عليهما من غير فرق بين کونهما بلدين معروفين أو غريبين ، و أما إذا ادعى أحدهما الزوجية و أنکر الاخر فالبينة على المدعى و اليمين على من أنکر ، فإن کان المدعى بينة حکم له ، و إلا فيتوجه اليمين على المنکر فإن حلف سقط دعوى المدعى ، و إن نکل يرد الحاکم اليمين على المدعى ، فإن حلف ثبت الحق ، و إن نکل سقط ، و کذا لو رده المنکر على المدعى و حلف ثبت ، و إن نکل سقط ، هذا بحسب موازين القضاء و قواعد الدعوى و أما بحسب الواقع فيجب على کل منهما العمل على ما هو تکليفه بينه و بين الله تعالى .
مسألة 20 :
إذا رجع المنکر عن إنکاره إلى الاقرار يسمع منه و يحکم بالزوجية بينهما و إن کان ذلک بعد الحلف على الاقوى .
مسألة 21 :
إذا ادعى رجل زوجية امرأة و أنکرت فهل لها أن تتزوج من غيره و للغير أن
يتزوجها قبل فصل الدعوى و الحکم ببطلانه دعوى المدعى أم لا ؟ وجهان ، أقواهما الاول خصوصا فيما لو تراخى المدعى فى الدعوى أو سکت عنها حتى طال الامر عليها ، و حينئذ إن أقام المدعى بعد العقد عليها بينة حکم له بها و بفساد العقد عليها ، و إن لم تکن بينة يتوجه اليمين على المعقود عليها ، فإن حلفت بقيت على زوجيتها و سقطت دعوى المدعى ، و کذا لو ردت اليمين إلى المدعى و نکل عن اليمين ، و إنما الاشکال فيما إذا نکلت عن اليمين أو ردت اليمين إلى المدعى و حلف ، فهل يحکم بسببهما بفساد العقد عليها فيفرق بينها و بين زوجها أم لا ؟ وجهان أوجههما الثانى ، لکن إذا طلقها الذي عقد عليها أو مات عنها زال المانع فترد على المدعى بسبب حلفه المردود إليه من الحاکم أو المنکر .
مسألة 22 :
يجوز تزويج امرأة تدعى أنها خلية من الزوج مع احتمال صدقها من غير فحص حتى فيما إذا کانت ذات بعل سابقا فادعت طلاقها أو موته ، نعم لو کانت متهمة فى دعواها فالاحوط الاولى الفحص عن حالها فمن غاب غيبة منقطة لم يعلم موته و حياته إذا ادعت زوجته حصول العلم لها بموته من الامارات و القرائن و إخبار المخبرين جاز تزويجها و إن لم يحصل العلم بقولها ، و يجوز للوکيل أن يجري العقد عليها إذا لم يعلم کذبها فى دعوى العلم ، و لکن الاحوط الترک خصوصا إذا کانت متهمة .
مسألة 23 :
إذا تزوج بامرأة تدعى أنها خلية عن الزوج فادعى رجل آخر زوجيتها فهذه الدعوى متوجهة على کل من الزوج و الزوجة ، فإن أقام المدعى بينة شرعية حکم له عليهما و فرق بينهما و سلمت إليه ، و مع عدم البينة توجه اليمين عليهما ، فإن حلفا معا على عدم زوجيته سقطت دعواه عليهما ، و إن نکلا عن اليمين فردها الحاکم عليه أو ردها عليه و حلف ثبت مدعاه ، و إن حلف أحدهما دون الاخر بأن نکل عن اليمين فردها الحاکم عليه أو رد هو عليه فحلف سقط دعواه بالنسبة إلى الحالف ، و أما بالنسبة إلى الاخر و إن ثبت دعوى المدعى بالنسبة إليه لکن ليس لهذا الثبوت أثر بالنسبة إلى من حلف ، فإن کان الحالف هو الزوج و الناکل هى الزوجة ليس لنکولها أثر بالنسبة إلى الزوج ، إلا أنه لو طلقها أو مات عنها ردت إلى المدعى ، و إن کان الحالف هى الزوجة و الناکل هو الزوج سقطت دعوى المدعى بالنسبة إليها و ليس له سبيل إليها على کل حال .
مسألة 24 :
إذا ادعت امرأة أنها خلية فتزوجها رجل ثم ادعت بعد ذلک أنها کانت ذات بعل لم تسمع دعواها ، نعم لو أقامت البينة على ذلک فرق بينهما ، و يکفى فى ذلک بأن تشهد بأنها کانت ذات بعل فتزوجت حين کونها کذلک من الثانى من غير لزوم تعيين زوج معين .
مسألة 25 :
يشترط فى صحة العقد الاختيار أعنى اختيار الزوجين ، فلو أکرها أو أکره أحدهما على الزواج لم يصح ، نعم لو لحقه الرضا صح على الاقوى .