المرتبة الثالثة : الانکار باليد .
مسألة 1 :
لو علم أو اطمأن بأن المطلوب لا يحصل بالمرتبتين السابقتين وجب الانتقال إلى الثالثة ، و هى إعمال القدرة مراعيا للايسر فالايسر .
مسألة 2 :
إن أمکنه المنع بالحيلولة بينه و بين المنکر وجب الاقتصار عليها لو کان أقل محذورا من غيرها .
مسألة 3 :
لو توقفت الحيلولة على تصرف فى الفاعل أو آلة فعله کما لو توقفت على أخذ يده أو طرده أو التصرف فى کأسه الذي فيه الخمر أو سکينه و نحو ذلک جاز بل وجب .
مسألة 4 :
لو توقف دفع المنکر على الدخول فى داره أو ملکه و التصرف فى أمواله کفرشه و فراشه جاز له لو کان المنکر من الامور المهمة التى لا يرضى المولى بخلافه کيف ما کان کقتل النفس المحترمة ، و فى غير ذلک إشکال و إن لا يبعد بعض مراتبه فى بعض المنکرات .
مسألة 5 :
لو انجر المدافعة إلى وقوع ضرر على الفاعل ککسر کأسه أو سکينه بحيث کان من قبيل لازم المدافعة فلا يبعد عدم الضمان ، و لو وقع الضرر على الامر و الناهى من قبل المرتکب کان ضامنا و عاصيا .
مسألة 6 :
لو کسر القارورة التى فيها الخمر مثلا أو الصندوق الذي فيه آلات القمار مما لم يکن ذلک من قبيل لازم الدفع ضمن و فعل حراما .
مسألة 7 :
لو تعدى عن المقدار اللازم فى دفع المنکر و انجر إلى ضرر على فاعل المنکر ضمن ، و کان التعدي حراما .
مسألة 8 :
لو توقف الحيلولة على حبسه فى محل أو منعه عن الخروج من منزله جاز بل وجب مراعيا للايسر فالايسر و الاسهل فالاسهل و لا يجوز إيذاؤه و الضيق عليه فى المعيشة .
مسألة 9 :
لو لم يحصل المطلوب إلا بنحو من الضيق و التحريج عليه فالظاهر جوازه بل وجوبه مراعيا للايسر فالايسر .
مسألة 10 :
لو لم يحصل المطلوب إلا بالضرب و الايلام فالظاهر جوازهما مراعيا للايسر فالايسر و الاسهل فالاسهل ، و ينبغى الاذن من الفقيه الجامع للشرائط ، بل ينبغى ذلک فى الحبس و التحريج و نحوهما .
مسألة 11 :
لو کان الانکار موجبا للجر إلى الجرح و القتل فلا يجوز إلا بإذن الامام عليه السلام على الاقوى ، و قام فى هذا الزمان الفقيه الجامع للشرائط مقامه مع حصول الشرائط .
مسألة 12 :
لو کان المنکر مما لا يرضى المولى بوجوده مطلقا کقتل النفس المحترمة جاز بل وجب الدفع و لو انجر إلى جرح الفاعل و قتله ، فوجب الدفاع عن النفس المحترمة بجرح الفاعل أو قتله لو لم يمکن بغير ذلک من غير احتياج إلى إذن الامام عليه السلام أو الفقيه مع حصول الشرائط ، فلو هجم شخص على آخر ليقتله وجب دفعه و لو بقتله مع الامن من الفساد ، و ليس على القاتل حينئذ شىء .
مسألة 13 :
لا يجوز التعدي إلى القتل مع إمکان الدفع بالجرح ، و لابد من مراعاة الايسر فالايسر فى الجرح ، فلو تعدى ضمن ، کما أنه لو وقع عليه من فاعل المنکر جرح ضمن أو قتل يقتص منه .
مسألة 14 :
ينبغى أن يکون الامر بالمعروف و الناهى عن المنکر فى أمره و نهيه و مراتب إنکاره کالطبيب المعالج المشفق ، و الاب الشفيق المراعى مصلحة المرتکب ، و أن يکون إنکاره لطفا و رحمة عليه خاصة ، و على الامة عامة ، و أن يجرد قصده لله تعالى و لمرضاته ، و أخلص عمله ذلک عن شوائب أهوية نفسانية و إظهار العلو ، و أن لا يرى نفسه منزهة ، و لا لها علو أو رفعة على المرتکب ، فربما کان للمرتکب و لو للکبائر صفات نفسانية مرضية لله تعالى أحبه تعالى لها و إن أبغض عمله ، و ربما کان الامر و الناهى بعکس ذلک و إن خفى على نفسه .
مسألة 15 :
من أعظم أفراد الامر بالمعروف و النهى عن المنکر و أشرفها و ألطفها و أشدها تأثيرا و أوقعها فى النفوس سيما إذا کان الامر أو الناهى من علماء الدين و رؤساء المذهب أعلى الله کلمتهم أن يکون لابسا رداء المعروف واجبه و مندوبه ، و متجنبا عن المنکر بل المکروه ، و أن يتخلق بأخلاق الانبياء و الروحانيين ، و يتنزه عن أخلاق السفهاء و أهل الدنيا ، حتى يکون بفعله و زيه و أخلاقه آمرا و ناهيا ، و يقتدي به الناس ، و إن کان و العياذ بالله تعالى بخلاف ذلک و رأى الناس أن العالم المدعى لخلافة الانبياء و زعامة الامة غير عامل بما يقول صار ذلک موجبا لضعف عقيدتهم و جرأتهم على المعاصى و سوء ظنهم بالسلف الصالح ، فعلى العلماء سيما رؤساء المذهب أن يتجنبوا مواضع التهم ، و أعظمها التقرب إلى سلاطين الجور و الرؤساء الظلمة ، و على الامة الاسلامية أن لو رأوا عالما کذلک حملوا فعله على الصحة مع الاحتمال ، و إلا أعرضوا عنه و رفضوه ، فإنه غير روحانى تلبس بزي الروحانيين ، و شيطان فى رداء العلماء ، نعوذ بالله من مثله و من شره على الاسلام .