القول فى السفه
السفيه هو الذي ليس له حالة باعثة على حفظ ماله و الاعتناء بحاله ، يصرفه فى غير موقعه ، و يتلفه بغير محله ، و ليست معاملاته مبنية على المکايسة و التحفظ على المغابنة ، لا يبالى الانخداع فيها ، يعرفه أهل العرف و العقلاء بوجدانهم إذا وجدوه خارجا عن طورهم و مسلکهم بالنسبة إلى أمواله تحصيلا و صرفا ، و هو محجور عليه شرعا لا ينفذ تصرفاته فى ماله ببيع و صلح و إجارة و هبة و إيداع و عارية و غيرها من غير توقف على حجر الحاکم إذا کان سفهه متصلا بزمان صغره ، و أما لو تجدد بعد البلوغ و الرشد فيتوقف على حجر الحاکم ، فلو حصل له الرشد ارتفع حجره ، و لو عاد فله أن يحجره .
مسألة 1 :
ولاية السفيه للاب و الجد و وصيهما إذا بلغ سفيها ، و فيمن طرأ عليه السفه بعد البلوغ للحاکم الشرعى .
مسألة 2 :
کما أن السفيه محجور عليه فى أمواله کذلک فى ذمته بأن يتعهد مالا أو عملا ، فلا يصح اقتراضه و ضمانه ، و لا بيعه و شراؤه بالذمة و لا إجارة نفسه ، و لا جعل نفسه عاملا للمضاربة و نحوها .
مسألة 3 :
معنى عدم نفوذ تصرفات السفيه عدم استقلاله ، فلو کان بإذن الولى أو إجازته صح و نفذ ، نعم فيما لا يجري فيه الفضولية يشکل صحته بالاجازة اللاحقة من الولى ، و لو أوقع معاملة فى حال سفهه ثم حصل له الرشد فأجازها کانت کإجازة الولى .
مسألة 4 :
لا يصح زواج السفيه بدون إذن الولى أو إجازته ، لکن يصح طلاقه و ظهاره و خلعه ، و يقبل إقراره إن لم يتعلق بالمال حتى بما يوجب القصاص و نحو ذلک ، و لو أقر بالنسب يقبل فى غير لوازمه المالية کالنفقة و أما فيها فلا يخلو من إشکال و إن کان الثبوت لا يخلو من قرب ، و لو أقر بالسرقة يقبل فى القطع دون المال .
مسألة 5 :
لو وکله غيره فى بيع أو هبة أو إجارة مثلا و لو کان وکيلا فى أصل المعاملة لا مجرد إجراء الصيغة .
مسألة 6 :
لو حلف السفيه أو نذر على فعل شىء أو ترکه مما لا يتعلق بماله انعقد ، و لو حنث کفر کسائر ما يوجب الکفارة ، کقتل الخطأ و الافطار فى شهر رمضان ، و هل يتعين عليه الصوم لو تمکن منه أو يتخير بينه و بين الکفارة المالية کغيره ؟ وجهان ، أحوطهما الاول ، نعم لو لم يتمکن من الصوم تعين غيره ، کما إذا فعل ما يوجب الکفارة المالية على التعيين ، کما فى کفارات الاحرام کلها أو جلها .
مسألة 7 :
لو کان للسفيه حق القصاص جاز أن يعفو عنه بخلاف الدية و أرش الجناية .
مسألة 8 :
لو اطلع الولى على بيع أو شراء مثلا من السفيه و لم ير المصلحة فى إجازته فإن لم يقع إلا مجرد العقد ألغاه ، و إن وقع تسليم و تسلم للعوضين فما سلمه إلى الطرف الاخر يسترده و يحفظه ، و ما تسلمه و کان موجودا يرده إلى مالکه ، و إن کان تالفا ضمنه السفيه ، فعليه مثله أو قيمته لو قبضه بغير إذن من مالکه ، و إن کان بإذن منه لم يضمنه إلا فى صورة الاتلاف منه ، فإنه لا يبعد فيها الضمان ، کما أن الاقوى الضمان لو کان المالک الذي سلمه الثمن أو المبيع جاهلا بحاله أو بحکم الواقعة خصوصا إذا کان التلف بإتلاف منه ، و کذا الحال لو اقترض السفيه و أتلف المال .
مسألة 9 :
لو أودع شخص وديعة عند السفيه فأتلفها ضمنها على الاقوى سواء علم المودع بحاله أو لا ، و لو تلفت عنده لم يضمنه إلا مع تفريطه فى حفظها على الاشبه .
مسألة 10 :
لا يسلم إلى السفيه ماله ما لم يحرز رشده ، و إذا اشتبه حاله يختبر بأن يفوض إليه مدة معتدا بها بعض الامور مما يناسب شأنه کالبيع و الشراء و الاجارة و الاستئجار لمن يناسبه مثل هذه الامور ، و الرتق و الفتق فى بعض الامور ، مثل مباشرة الانفاق فى مصالحه و مصالح الولى و نحو ذلک فيمن يناسبه ذلک ، و فى السفيهة يفوض إليها ما يناسب النساء من إدارة بعض مصالح البيت و المعاملة مع النساء من الاجارة و الاستئجار للخياطة أو الغزل أو النساجة و أمثال ذلک ، فإن أنس منه الرشد بأن رأى منه المداقة و المکايسة و التحفظ عن المغابنة فى معاملاته و صيانة المال من التضييع و صرفه فى موضعه و جريه مجرى العقلاء دفع إليه ماله و إلا فلا .
مسألة 11 :
لو احتمل حصول الرشد للصبى قبل بلوغه يجب اختباره قبله ليسلم إليه ماله بمجرد بلوغه لو أنس منه الرشد ، و إلا ففى کل زمان احتمل فيه ذلک عند البلوغ أو بعده ، و أما غيره فإن ادعى حصول الرشد له و احتمله الولى يجب اختباره ، و إن لم يدع حصوله ففى وجوب الاختبار بمجرد الاحتمال إشکال لا يخلو عدمه من قوة .