کتاب الغصب

کتاب الغصب

کتاب الغصب

و هو الاستيلاء على ما للغير من مال أو حق عدوانا ، و قد تطابق العقل و النقل کتابا و سنة و إجماعا على حرمته ، و هو من أفحش الظلم الذي قد استقل العقل بقبحه ، و فى النبوي " من غصب شبرا من الارض طوقه الله من سبع أرضين يوم القيامة " و فى نبوي آخر " من خان جاره شبرا من الارض جعله الله طوقا فى عنقه من تخوم الارض السابعة حتى يلقى الله يوم القيامة مطوقا إلا أن يتوب و يرجع " و فى آخر " من أخذ أرضا بغير حق کلف أن يحمل ترابها إلى المحشر " و من کلام أمير المؤمنين عليه السلام " الحجر الغصب فى الدار رهن على خرابها " .

مسألة 1 :

المغصوب إما عين مع المنفعة من مالک واحد أو مالکين و إما عين بلا منفعة ، و أما منفعة مجردة ، و إما حق مالى متعلق بعين ، فالاول کغصب الدار من مالکها و کغصب العين المستأجرة من المؤجر و المستأجر ، و الثانى کما إذا غصب المستأجر العين المستأجرة من مالکها فى مدة الاجارة ، و الثالث کما إذا أخذ المؤجر العين المستأجرة و انتزعها من يد المستأجر و استولى على منفعتها مدة الاجارة ، و الرابع کما إذا استولى على أرض محجرة أو عين مرهونة بالنسبة إلى المرتهن الذي له فيها حق الرهانة ، و من ذلک غصب المساجد و المدارس و الرباطات و القناطر و الطرق و الشوارع العامة ، و کذا غصب المکان الذي سبق إليه أحد من المساجد و المشاهد على احتمال موافق للاحتياط .

مسألة 2 :

المغصوب منه قد يکون شخصا کما فى غصب الاعيان و المنافع المملوکة للاشخاص و الحقوق لهم ، و قد يکون النوع أو الجهة کغصب الرباط المعد لنزول القوافل و المدرسة المعدة لسکنى الطلبة إذا غصب أصل المدرسة و منع عن سکنى الطلبة ، و کغصب الخمس و الزکاة قبل دفعهما إلى المستحق ، و کغصب ما يتعلق بالمشاهد و المساجد و نحوهما .

مسألة 3 :

للغصب حکمان تکليفيان ، و هما الحرمة و وجوب الرد إلى المغصوب منه أو وليه ، و حکم وضعى ، و هو الضمان بمعنى کون المغصوب على عهدة الغاصب ، و کون تلفه و خسارته عليه ، و أنه إذا تلف يجب عليه دفع بدله ، و يقال لهذا الضمان ضمان اليد .

مسألة 4 :

يجري الحکمان التکليفيان فى جميع أقسام الغصب ، فالغاصب آثم فيها و يجب عليه الرد ، و أما الحکم الوضعى و هو الضمان فيختص بما إذا کان المغصوب من الاموال عينا کان أو منفعة ، فليس فى غصب الحقوق ضمان اليد .

مسألة 5 :

لو استولى على حر فحبسه لم يتحقق الغصب لا بالنسبة إلى عينه و لا بالنسبة إلى منفعته ، و إن أثم بذلک و ظلمه سواء کان کبيرا أو صغيرا فليس عليه ضمان اليد الذي هو من أحکام الغصب ، فلو أصابه حرق أو غرق أو مات تحت استيلائه من غير تسبيب منه لم يضمن ، و کذا لا يضمن منافعه ، کما إذا کان صانعا و لم يشتغل بصنعته فى تلک المدة فلا يضمن أجرته ، نعم لو استوفى منه منفعة کما إذا استخدمه لزمه أجرته و کذا لو تلف بتسبيب منه مثل ما إذا حبسه فى دار فيه حية فلدغته أو فى محل السباع فافترسته ضمنه من جهة سببيته للتلف لا لاجل الغصب و اليد .

مسألة 6 :

لو منع غيره عن إمساک دابته المرسلة أو من القعود على فراشه أو عن الدخول فى داره أو عن بيع متاعه لم يکن غاصبا و إن کان عاصيا و ظالما له من جهة منعه ، فلو هلکت الدابة و تلف الفراش أو انهدمت الدار أو نقصت قيمة المتاع بعد المنع لم يکن على المانع ضمان اليد ، و هل عليه ضمان من جهة أخرى أم لا ؟ أقواهما العدم فى الاخير ، و هو ما إذا نقصت القيمة ، و أما فى غيره فإن کان الهلاک و التلف و الانهدام غير مستند إلى منعه بإن کانت بآفة سماوية و سبب قهري لا يتفاوت فى ترتبها بين ممنوعية المالک و عدمها لم يکن عليه ضمان ، و أما إذا کان مستندا إليه کما إذا کان الدابة ضعيفة أو فى موضع السباع و کان المالک يحفظها فلما منعه المانع و لم يقدر على حفظها وقع عليها الهلاک ففى الضمان تأمل ، لکنه أحوط .

مسألة 7 :

استيلاء الغاصب على المغصوب و صيرورته تحت يده عرفا يختلف باختلاف المغصوبات ، و الميزان صيرورة الشى‌ء کذلک عدوانا ، ففى المنقول غير الحيوان يتحقق بأخذه بيده أو بنقله إليه أو إلى بيته أو دکانه أو أنباره و غيرها مما يکون محرزا لامواله و لو کان ذلک لا بمباشرته بل بأمره فلو نقل حمال بأمره کان الامر غاصبا و کفى فى الضمان ، بل و لو کان المنقول فى بيته أو دکانه مثلا و طالب المالک و لم يؤده إليه و کان مستوليا على البيت و الدکان يکفى فى الضمان ، بل لو استولى على الفراش مثلا و لو بقعوده عليه کفى ، و لا يکفى مجرد القعود و قصد الاستيلاء ما لم يتحقق ذلک عرفا ، و هو مختلف فى الموارد ، کما أن فى الحيوان أيضا هو الميزان ، و يکفى الرکوب عليه لو أخذ مقوده و زمامه أو سوقه بعد طرد المالک و دفعه أو عدم حضوره إذا کان يمشى بسياقه و يکون منقادا له ، فلو کانت قطيع غنم فى الصحراء و معها راعيها فطرده و استولى عليها بعنوان القهر و الانتزاع من مالکها و جعل يسوقها و صار بمنزلة راعيها يحافظها و يمنعها عن التفرق فالظاهر کفايته فى تحقق الغصب لصدق الاستيلاء عرفا ، و أما غير المنقول فيکفى فى غصب الدار و نحوها کالدکان و ال

ان أن يسکنها أو يسکن غيره ممن يأتمر بأمره فيها بعد إزعاج المالک عنها أو عدم حضورها ، و کذا لو أخذ مفاتيحها من صاحبها قهرا و کان يغلق الباب و يفتحه و يتردد فيها ، و أما البستان فکذلک لو کان له باب و حيطان ، و إلا فيکفى دخوله و التردد فيه بعد طرد المالک بعنوان الاستيلاء و بعض التصرفات فيه ، و کذا الحال فى غصب القرية و المزرعة ، هذا کله فى غصب الاعيان ، و أما غصب المنافع فإنما هو بانتزاع العين ذات المنفعة عن مالک المنفعة و جعلها تحت يده بنحو ما تقدم کما فى العين المستأجرة إذا أخذها المؤجر أو غيره من المستأجر و استولى عليها فى مدة الاجارة ، سواء استوفى تلک المنفعة التى ملکها المستأجر أم لا .

مسألة 8 :

لو دخل الدار و سکنها مع مالکها فإن کان المالک ضعيفا غير قادر على مدافعته و إخراجه فإن اختص استيلاؤه و تصرفه بطرف معين منها اختص الغصب و الضمان بذلک الطرف دون غيره ، و إن کان استيلاؤه و تصرفاته و تقلباته فى أطراف الدار و أجزائها بنسبة واحدة و تساوى يد الساکن مع يد المالک عليها فالظاهر کونه غاصبا للنصف ، فيکون ضامنا له خاصة بمعنى أنه لو انهدمت الدار ضمن الساکن نصفها ، و لو انهدم بعضها ضمن نصف ذلک البعض ، و کذا يضمن نصف منافعها ، و لو فرض أن المالک الساکن بأزيد من واحد ضمن الساکن الغاصب بالنسبة فى الفرض ، فإن کانا اثنين ضمن الثلث ، و إن کانوا ثلاثة ضمن الربع و هکذا ، و لو کان الساکن ضعيفا بمعنى أنه لا يقدر على مقاومة المالک و أنه کلما أراد أن يخرجه من داره أخرجه فالظاهر عدم تحقق الغصب و لا اليد و لا الاستيلاء ، فليس عليه ضمان اليد ، نعم عليه بدل ما استوفاه من منفعة الدار ما دام کونه فيها .

مسألة 9 :

لو أخذ بمقود الدابة فقادها و کان المالک راکبا عليها فإن کان فى الضعف و عدم الاستقلال بمثابة المحمول عليها کان القائد غاصبا لها بتمامها ، و يتبعه الضمان ، و لو کان العکس بأن کان المالک الراکب قويا قادرا على مقاومته و مدافعته فالظاهر عدم تحقق الغصب أصلا ، فلا ضمان عليه لو تلفت الدابة فى تلک الحال ، نعم لا إشکال فى ضمانه لها لو اتفق تلفها بسبب قوده لها ، کما يضمن السائق لها لو کان لها جماح فشردت بسوقه فوقعت فى بئر أو سقطت عن مرتفع مثلا فتلفت أو عيبت .

مسألة 10 :

لو اشترک اثنان فى الغصب ضمن کل منهما للبعض بنسبة الاستيلاء ، إن نصفا فنصف و هکذا ، سواء کان کل واحد منهما قويا قادرا على الاستيلاء على العين و دفع المالک و القهر عليه أم لا ، بل کان کل ضعيفا بانفراده و إنما استيلاؤهما عليها و دفع المالک کان بالتعاضد و التعاون ، و سواء کان المالک حاضرا أو غائبا .

مسألة 11 :

غصب الاوقاف العامة کالمساجد و المقابر و المدارس و القناطر و الرباطات المعدة لنزول المسافرين و الطرق و الشوارع العامة و نحوها و الاستيلاء عليها و إن کان حراما و يجب ردها لکن الظاهر أنه لا يوجب ضمان اليد لا عينا و لا منفعة ، فلو غصب مسجدا أو مدرسة أو رباطا فانهدمت تحت يده من دون تسبيب منه لم يضمن عينها و لا منفعتها ، نعم الاوقاف العامة على الفقراء أو غيرهم بنحو وقف المنفعة يوجب غصبها الضمان عينا و منفعة ، فإذا غصب خانا أو دکانا أو بستانا کانت وقفا على الفقراء مثلا على أن تکون منفعتها و نماؤها لهم ترتب عليه الضمان کغصب المملوک .

مسألة 12 :

لو حبس حرا لم يضمن لا نفسه و لا منافعه ضمان اليد حتى فيما إذا کان صانعا ، فليس على الحابس أجرة صنعته مدة حبسه ، نعم لو کان أجيرا لغيره فى زمان فحبسه حتى مضى ضمن منفعته الفائتة للمستأجر ، و کذا لو استخدمه و استوفى منفعته کان عليه أجرة عمله ، و لو غصب دابة مثلا ضمن منافعها سواء استوفاها أم لا .

مسألة 13 :

لو منع حرا عن عمل له أجرة من غير تصرف و استيفاء لم يضمن عمله و لم يکن عليه أجرته .

مسألة 14 :

يلحق بالغصب فى الضمان المقبوض بالعقد المعاوضى الفاسد أو کالمعاوضى مثل المهر ، و يلحق به المقبوض بمثل الجعالة الفاسدة مما لا يکون عقدا ، فالمبيع الذي يأخذه المشتري و الثمن الذي يأخذه البائع فى البيع الفاسد يکون ضمانهما کالمغصوب ، سواء کانا عالمين بالفساد أو لا ، و کذلک الاجرة التى يأخذها المؤجر فى الاجارة الفاسدة ، و کذا المهر الذي تأخذه المرأة فى النکاح الفاسد ، و الجعل الذي يأخذه العامل فى الجعالة الفاسدة ، و أما المقبوض بالعقد الفاسد غير المعاوضى و أشباهه فليس فيه ضمان ، فلو قبض المتهب ما وهب له بالهبة الفاسدة ليس عليه ضمان ، و يلحق بالغصب أيضا المقبوض بالسوم ، و المراد به ما يأخذه الشخص لينظر فيه أو يضع عنده ليطلع على خصوصياته لکى يشتريه إذا وافق نظره ، فهو فى ضمان آخذه ، فلو تلف عنده ضمنه .

مسألة 15 :

يجب رد المغصوب على مالکه ما دام باقيا و إن کان فى رده مؤونة ، بل و إن استلزم رده الضرر عليه ، حتى أنه لو أدخل الخشبة المغصوبة فى بناء لزم عليه إخراجها و ردها المالک و إن أدى إلى خراب البناء ، و کذا إذا أدخل اللوح المغصوب فى سفينة يجب عليه نزعه و رده إلا إذا خيف من قلعه الغرق الموجب لهلاک نفس محترمة أو مال محترم لغير الغاصب الجاهل بالغصب ، و إلا ففيه تفصيل ، و هکذا الحال فيما إذا خاط ثوبه بخيوط مغصوبة ، فإن للمالک إلزامه بردها ، و يجب عليه ذلک و إن أدى إلى فساد ثوبه ، و إن ورد نقص على الخشب أو اللوح أو الخيط بسبب إخراجها و نزعها يجب على الغاصب تدارکه ، هذا إذا يبقى للمخرج و المنزوع قيمة بعد ذلک ، و إلا فالظاهر أنه بحکم التالف فيلزم الغاصب بدفع البدل ، و ليس للمالک مطالبة العين .

مسألة 16 :

لو مزج المغصوب بما يمکن تميزه و لکن مع المشقة کما إذا مزج الشعير المغصوب بالحنطة أو الدخن بالذرة يجب عليه أن يميزه و يرده .

مسألة 17 :

يجب على الغاصب مع رد العين بدل ما کانت لها من المنفعة فى تلک المدة إن کانت لها منفعة ، سواء استوفاها کالدار سکنها و الدابة رکبها أم لا و جعلها معطلة .

مسألة 18 :

لو کانت العين منافع متعددة و کانت معطلة فالمدار على المنفعة المتعارفة بالنسبة إلى تلک العين ، و لا ينظر إلى مجرد قابليتها لبعض منافع أخر ، فمنفعة الدار بحسب المتعارف هى السکنى و إن کانت قابلة فى نفسها بأن تجعل محرزا أو مسکنا لبعض الدواب و غير ذلک ، و منفعة بعض الدواب کالفرس بحسب المتعارف الرکوب و منفعة بعضها الحمل و إن کانت قابلة فى نفسها لان تستعمل فى إدارة الرحى و الدولاب أيضا ، فالمضمون فى غصب کل عين هو المنفعة المتعارفة بالنسبة إليها ، و لو فرض تعدد المتعارف منها على نحو التبادل کبعض الدواب التى تعارف استعمالها فى الحمل و الرکوب معا فإن لم يتفاوت أجرة تلک المنافع ضمن تلک الاجرة و إن کانت أجرة بعضها أعلى ضمن الاعلى ، فلو فرض أن أجرة الحمل فى کل يوم درهمان و أجرة الرکوب درهم کان عليه درهمان ، و الظاهر أن الحکم کذلک مع الاستيفاء أيضا ، فمع تساوي المنافع فى الاجرة کان عليه أجرة ما استوفاه ، و مع التفاوت کان عليه أجرة الاعلى ، سواء استوفى الاعلى أو الادنى .

مسألة 19 :

إن کان المغصوب منه شخصا يجب الرد إليه أو إلى وکيله إن کان کاملا ، و إلى وليه إن کان قاصرا کما إذا کان صبيا أو مجنونا ، فلو رد فى الثانى إلى نفس المالک لم يرتفع منه الضمان ، و إن کان المغصوب منه هو النوع کما إذا کان المغصوب وقفا على الفقراء وقف منفعة فإن کان له متول خاص يرده إليه ، و إلا فيرده إلى الولى العام ، و هو الحاکم ، و ليس له أن يرده إلى بعض أفراد النوع بأن يسلمه فى المثال المذکور إلى أحد الفقراء ، نعم فى مثل المساجد و الشوارع و القناطر بل الرباطات إذا غصبها يکفى فى ردها رفع اليد عنها و إبقاؤها على حالها ، بل يحتمل أن يکون الامر کذلک فى المدارس ، فإذا غصب مدرسة يکفى فى ردها رفع اليد عنها و التخلية بينها و بين الطلبة ، و الاحوط الرد إلى الناظر الخاص لو کان ، و إلا فإلى الحاکم ، هذا إذا غصبها و لم يکن فيها ساکن ، و إلا فلا يبعد وجوب الرد إلى الطلبة الساکنين فيها حال الغصب إن لم يعرضوا عن حقهم .

مسألة 20 :

إذا کان المغصوب و المالک کلاهما فى بلد الغصب فلا إشکال ، و کذا إن نقل المال إلى بلد آخر و کان المالک فى بلد الغصب ، فإنه يجب عليه عود المال إلى ذلک البلد و تسليمه إلى المالک ، و أما إذا کان المالک فى غير بلد الغصب فإن کان فى بلد المال فله إلزامه بأحد أمرين :

إما بتسليمه له فى ذلک بلد ، و أما بنقله إلى بلد الغصب ، و أما إن کان فى بلد آخر فلا إشکال فى أن له إلزامه بنقل المال إلى بلد الغصب ، و هل له إلزامه بنقل المال إلى البلد الذي يکون فيه المالک ؟ الظاهر أنه ليس له ذلک .

مسألة 21 :

لو حدث فى المغصوب نقص و عيب وجب على الغاصب أرش النقصان ، و هو التفاوت بين قيمته صحيحا و قيمته معيبا و رد المعيوب إلى مالکه ، و ليس للمالک إلزامه بأخذ المعيوب و دفع تمام القيمة ، و لا فرق على الظاهر بين ما کان العيب مستقرا و بين ما کان مما يسري و يتزايد شيئا فشيئا حتى يتلف المال بالمرة .

مسألة 22 :

لو کان المغصوب باقيا لکن نزلت قيمته السوقية رده ، و لم يضمن نقصان القيمة ما لم يکن ذلک بسبب النقصان فى العين .

مسألة 23 :

لو تلف المغصوب أو ما بحکمه کالمقبوض بالعقد الفاسد و المقبوض بالسوم قبل رده إلى المالک ضمنه بمثله إن کان مثليا و بقيمته إن کان قيميا ، و تعيين المثلى و القيمى موکول إلى العرف ، و الظاهر أن المصنوعات بالمکائن فى هذا العصر مثليات أو بحکمها ، کما أن الحبوبات و الادهان و عقاقير الادوية و نحوها مثليات ، و أنواع الحيوان و کذا الجواهر و نحوها قيميات .

مسألة 24 :

إنما يکون مثل الحنطة مثليا إذا لوحظ أشخاص کل صنف منها على حدة و لم يلاحظ أشخاص صنف مع أشخاص صنف آخر منها مبائن له فى کثير من الصفات و الخصوصيات ، فإذا تلف عنده مقدار من صنف خاص من الحنطة يجب عليه دفع ذلک المقدار من ذلک الصنف لا صنف آخر ، نعم التفاوت الذي بين أشخاص ذلک الصنف لا ينظر إليه و کذلک الارز ، فإن فيه أصنافا متفاوتة جدا ، فأين العنبر من الحويزاوي أو غيره فإذا تلف عنده مقدار من العنبر يجب عليه دفع ذلک المقدار منه لا من غيره ، و کذلک الحال فى التمر و أصنافه و الادهان و غير ذلک مما لا يحصى .

مسألة 25 :

لو تعذر المثل فى المثلى ضمن قيمته ، و إن تفاوتت القيمة و زادت و نقصت بحسب الازمنة بأن کان له حين الغصب قيمة و فى وقت تلف العين قيمة و يوم التعذر قيمة و اليوم الذي يدفع القيمة إلى المغصوب منه قيمة فالمدار على الاخير ، فيجب عليه دفع تلک القيمة ، فلو غصب منا من الحنطة کان قيمتها درهمين فأتلفها فى زمان کانت الحنطة موجودة و کانت قيمتها ثلاثة دراهم ثم تعذرت و کانت قيمتها أربعة دراهم ثم مضى زمان و أراد أن يدفع القيمة من جهة تفريغ ذمته و کانت قيمة الحنطة فى ذلک الزمان خمسة دراهم يجب دفع هذه القيمة .

مسألة 26 :

يکفى فى التعذر الذي يجب معه دفع القيمة فقدانه فى البلد و ما حوله مما ينقل منها إليه عادة .

مسألة 27 :

لو وجد المثل بأکثر من ثمن المثل وجب عليه الشراء و دفعه إلى المالک ما لم يؤد إلى الحرج .

مسألة 28 :

لو وجد المثل و لکن تنزل قيمته لم يکن على الغاصب إلا إعطاؤه و ليس للمالک مطالبته بالقيمة و لا بالتفاوت ، فلو غصب منا من الحنطة فى زمان کانت قيمتها عشرة دراهم و أتلفها و لم يدفع مثلها قصورا أو تقصيرا إلى زمان قد تنزلت قيمتها و صارت خمسة دراهم لم يکن عليه إلا إعطاء من من الحنطة ، و لم يکن للمالک مطالبة القيمة و لا مطالبة خمسة دراهم مع من من الحنطة ، بل ليس له الامتناع عن الاخذ فعلا و إبقاؤها فى ذمة الغاصب إلى أن تترقى القيمة إذا کان الغاصب يريد الاداء و تفريغ ذمته فعلا .

مسألة 29 :

لو سقط المثل عن المالية بالمرة من جهة الزمان أو المکان فالظاهر أنه ليس للغاصب إلزام المالک بأخذ المثل ، و لا يکفى دفعه فى ذلک الزمان أو المکان فى ارتفاع الضمان لو لم يرض به المالک ، فلو غصب جمدا فى الصيف و أتلفه و أراد أن يدفع إلى المالک مثله فى الشتاء أو قربة ماء فى مفازة فأراد أن يدفع إليه قربة ماء عند الشط ليس له ذلک ، و للمالک الامتناع ، فله أن يصبر و ينتظر زمانا أو مکانا آخر فيطالبها بالمثل الذي له القيمة ، و له أن يطالب الغاصب بالقيمة فعلا کما فى صورة تعذر المثل ، و حينئذ فهل يراعى قيمته فى زمان الغصب و مکانه ؟ المسألة مشکلة ، فالاحوط التخلص بالتصالح .

مسألة 30 :

لو تلف المغصوب و کان قيميا کالدواب و الثياب ضمن قيمته ، فإن لم يتفاوت قيمته فى الزمان الذي غصبه مع قيمته فى زمان تلفه فلا إشکال ، و إن تفاوتت بأن کانت قيمته يوم الغصب أزيد من قيمته يوم التلف أو العکس فهل يراعى الاول أو الثانى ؟ فيه قولان مشهوران ، و هنا وجه آخر ، و هو مراعاة قيمة يوم الدفع ، و الاحوط التراضى فيما به التفاوت بين يوم الغصب إلى يوم الدفع هذا إذا کان تفاوت القيمة من جهة السوق و تفاوت رغبة الناس ، و أما إن کان من جهة زيادة و نقصان فى العين کالسمن و الهزال فلا إشکال فى أنه يراعى أعلى القيم و أحسن الاحوال ، بل لو فرض أنه لم يتفاوت قيمة زمانى الغصب و التلف من هذه الجهة لکن حصل فيه ارتفاع بين الزمانين ثم زال ضمن ارتفاع قيمته الحاصل فى تلک الحال ، مثل أنه کان الحيوان هازلا حين الغصب ثم سمن ثم عاد إلى الهزال و تلف ، فإنه يضمن قيمته حال سمنه .

مسألة 31 :

لو اختلفت القيمة باختلاف المکان کما إذا کان المغصوب فى بلد الغصب بعشرة و فى بلد التلف بعشرين و فى بلد الاداء بثلاثين فلا يترک الاحتياط المتقدم فى المسألة السابقة .

مسألة 32 :

کما أنه عند تلف المغصوب يجب على الغاصب دفع بدله إلى المالک مثلا أو قيمة کذلک فيما إذا تعذر على الغاصب عادة تسليمه ، کما إذا سرق أو دفن فى مکان لا يقدر على إخراجه ، أو أبق العبد أو شردت الدابة و نحو ذلک ، فإنه يجب عليه إعطاء مثله أو قيمته مادام کذلک و يسمى ذلک البدل بدل الحيلولة ، و يملک المالک البدل مع بقاء المغصوب فى ملکه ، و إذا أمکن تسليم المغصوب و رده يسترجع البدل .

مسألة 33 :

لو کان للبدل نماء و منافع فى تلک المدة کان للمغصوب منه ، نعم نماؤه المتصل کالسمن يتبع العين ، فإذا استرجعها الغاصب استرجعها بنمائها ، و أما المبدل فلما کان باقيا على ملک مالکه فنماؤه و منافعه له ، لکن الغاصب لا يضمن منافعه الغير المستوفاة فى تلک المدة على الاقوى .

مسألة 34 :

القيمة التى يضمنها الغاصب فى القيميات و فى المثليات عند تعذر المثل هو نقد البلد من الذهب و الفضة المضروبين بسکة المعاملة و غيرهما مما هو نقد البلد کالاسکناس ، و هذا هو الذي يستحقه المغصوب منه ، کما هو کذلک فى جميع الغرامات و الضمانات فليس للضامن دفع غيره إلا بالتراضى بعد مراعاة قيمة ما يدفعه مقيسا إلى نقد البلد .

مسألة 35 :

الظاهر أن الفلزات و المعادن المنطبعة کالحديد و الرصاص و النحاس کلها مثلية حتى الذهب و الفضة مضروبين أو غير مضروبين ، و حينئذ تضمن جميعها بالمثل ، و عند التعذر تضمن بالقيمة کسائر المثليات المتعذر المثل ، نعم فى خصوص الذهب و الفضة تفصيل ، و هو أنه إذا قوم بغير الجنس کما إذا قوم الذهب بالدرهم أو قوم الفضة بالدينار فلا إشکال و أما إذا قوم بالجنس بأن قوم الفضة بالدرهم أو قوم الذهب بالدينار فإن تساوى القيمة و المقوم وزنا کما إذا کانت الفضة المضمونة المقومة عشرة مثاقيل فقومت بثمانية دراهم و کان وزنها أيضا عشرة مثاقيل فلا إشکال أيضا ، و إن کان بينهما التفاوت بأن کانت الفضة المقومة عشرة مثاقيل مثلا و قد قومت بثمانية دراهم وزنها ثمانية مثاقيل فيشکل دفعها غرامة عن الفضة ، لاحتمال کونه داخلا فى الربا فيحرم ، کما أفتى به جماعة ، فالاحوط أن يقوم بغير الجنس بأن يقوم الفضة بالدينار و الذهب بالدرهم حتى يسلم من شبهة الربا .

مسألة 36 :

لو تعاقبت الايادي الغاصبة على عين ثم تلفت بأن غصبها شخص عن مالکها ثم غصبها من الغاصب شخص آخر ثم غصبها من الثانى شخص ثالث و هکذا ثم تلفت ضمن الجميع ، فللمالک أن يرجع ببدل ماله من المثل أو القيمة إلى کل واحد منهم ، و إلى أکثر من واحد بالتوزيع متساويا أو متفاوتا ، حتى أنه لو کانوا عشرة مثلا له أن يرجع إلى الجميع و يأخذ من کل منهم عشر ما يستحقه من البدل ، و له أن يأخذ من واحد منهم النصف و الباقى من الباقين بالتوزيع متساويا أو بالتفاوت ، هذا حکم المالک معهم ، و أما حکم بعضهم مع بعض فعلى الغاصب الاخير الذي تلف المال عنده قرار الضمان ، بمعنى أنه لو رجع عليه المالک و غرمه لم يرجع هو على غيره بما غرمه ، بخلاف غيره من الايادي السابقة ، فإن المالک لو رجع إلى واحد منهم فله أن يرجع على الاخير الذي تلف المال عنده کما أن لکل منهم الرجوع على تاليه و هو على تاليه و هکذا إلى أن ينتهى إلى الاخير .

مسألة 37 :

لو غصب شيئا مثليا فيه صنعة محللة کالحلى من الذهب و الفضة و کالانية من النحاس و شبهه فتلف عنده أو أتلفه ضمن مادته بالمثل و صنعته بالقيمة ، فلو غصب قرطا من ذهب کان وزنه مثقالين و قيمة صنعته و صياغته عشرة دراهم ضمن مثقالين من ذهب بدل مادته و عشرة دراهم قيمة صنعته ، و يحتمل قريبا صيرورته بعد الصياغة و بعد ما عرض عليه الصنعة قيميا ، فيقوم القرط مثلا بمادته و صنعته ، و يعطى قيمته السوقية و الاحوط التصالح ، و أما احتمال کون المصنوع مثليا مع صنعته فبعيد جدا نعم لا يبعد ذلک بل قريب جدا فى المصنوعات التى لها أمثال متقاربة ، کالمصنوعات بالمکائن و المعامل المعمولة فى هذه الاعصار من أنواع الظروف و الادوات و الاثواب و غيرها ، فتضمن کلها بالمثل مع مراعاة صنفها .

مسألة 38 :

لو غصب المصنوع و تلفت عنه الهيئة و الصنعة فقط دون المادة رد العين و عليه قيمة الصنعة ، و ليس للمالک إلزامه بإعادة الصنعة ، کما أنه ليس عليه القبول لو بذله الغاصب و قال : إنى أصنعه کما کان سابقا .

مسألة 39 :

لو کانت فى المغصوب المثلى صنعة محرمة غير محترمة کما فى آلات القمار و الملاهى و نحوها لم يضمن الصنعة سواء أتلفها خاصة أو مع ذيها ، فيرد المادة لو بقيت و عوضها لو تلفت ، و ليس عليه شى‌ء لاجل الهيئة و الصنعة .

مسألة 40 :

إن تعيب المغصوب فى يد الغاصب کان عليه أرش النقصان ، و لا فرق فى ذلک بين الحيوان و غير الحيوان ، نعم اختص العبيد و الاماء ببعض الاحکام و تفاصيل لا يسعها المقام .

مسألة 41 :

لو غصب شيئين تنقص قيمة کل واحد منهما منفردا عنها فيما إذا کانا مجتمعين کمصراعى الباب و الخفين فتلف أحدهما أو أتلفه ضمن قيمة التالف مجتمعا ، و رد الباقى مع ما نقص من قيمته بسبب انفراده فلو غصب خفين کان قيمتهما مجتمعين عشرة و کان قيمة کل منهما منفردا ثلاثة فتلف أحدهما عنده ضمن التالف بقيمته مجتمعا و هى خمسة ، و رد الاخر مع ما ورد عليه من النقص بسبب انفراده و هو اثنان ، فيعطى للمالک سبعة مع أحد الخفين ، و لو غصب أحدهما و تلف عنده ضمن التالف بقيمته مجتمعا و هى خمسة فى الفرض المذکور ، و هل يضمن النقص الوارد على الثانى و هو اثنان حتى تکون عليه سبعة أم لا ؟ فيه وجهان بل قولان ، لا يخلو أولهما من رجحان .

مسألة 42 :

لو زادت بفعل الغاصب زيادة فى العين المغصوبة فهى على أقسام ثلاثة : أحدها أن تکون أثرا محضا کخياطة الثوب بخيوط المالک و غزل القطن و نسج الغزل و طحن الطعام و صياغة الفضة و نحو ذلک ، ثانيها أن تکون عينية محضة کغرس الاشجار و البناء فى الارض البسيطة و نحو ذلک ، ثالثها أن تکون أثرا مشوبا بالعينية کصبغ الثوب و نحوه .

مسألة 43 :

لو زادت فى العين المغصوبة ما يکون أثرا محضا ردها کما هى ، و لا شى‌ء له لاجل تلک الزيادة و لا من جهة أجرة العمل ، و ليس له إزالة الاثر و إعادة العين إلى ما کانت بدون إذن المالک حيث أنه تصرف فى مال الغير بدون إذنه ، بل لو أزاله بدون إذنه ضمن قيمته للمالک و إن لم يرد نقص على العين ، و للمالک إلزامه بإزالة الاثر و إعادة الحالة الاولى للعين إذا کان فيه غرض عقلائى ، و لا يضمن الغاصب حينئذ قيمة الصنعة نعم لو ورد نقص على العين ضمن أرش النقصان .

مسألة 44 :

لو غصب أرضا فزرعها أو غرسها فالزرع أو الغرس و نماؤهما للغاصب ، و عليه أجرة الارض ما دامت مزروعة أو مغروسة ، و يلزم عليه إزالة غرسه و زرعه و إن تضرر بذلک ، و عليه أيضا طم الحفر و أرش النقصان إن نقصت الارض بالزرع و القلع إلا أن يرضى المالک بالبقاء مجانا أو بالاجرة ، و لو بذل صاحب الارض قيمة الغرس أو الزرع لم يجب على الغاصب إجابته ، و کذا لو بذل الغاصب أجرة الارض أو قيمتها لم يجب على صاحب الارض قبوله ، و لو حفر الغاصب فى الارض بئرا کان عليه طمها مع طلب المالک ، و ليس له طمها مع عدم الطلب فضلا عما لو منعه و لو بنى فى الارض المغصوبة بناء فهو کما لو غرس فيها ، فيکون البناء للغاصب إن کان أجزاؤه له ، و للمالک إلزامه بالقلع ، فحکمه حکم الغرس فى جميع ما ذکر .

مسألة 45 :

لو غرس أو بنى فى أرض غصبها و کان الغراس و أجزاء البناء لصاحب الارض کان الکل له ، و ليس للغاصب قلعها أو مطالبة الاجرة ، و للمالک إلزامه بالقلع و الهدم إن کان له غرض عقلائى فى ذلک ، و على الغاصب أرش نقص الارض و طم حفرها .

مسألة 46 :

لو غصب ثوبا و صبغه بصبغه فإن أمکن إزالته مع بقاء مالية له کان له ذلک ، و ليس لمالک الثوب منعه ، کما أن للمالک إلزامه به ، و لو ورد نقص على الثوب بسبب إزالة صبغه ضمنه الغاصب ، و لو طلب مالک الثوب من الغاصب أن يملکه الصبغ بقيمته لم يجب عليه إجابته کالعکس بأن يطلب الغاصب منه أن يملکه الثوب ، هذا إذا أمکن إزالة الصبغ ، و أما إذا لم يمکن الازالة أو تراضيا على بقائه و کان للصبغ عين متمولة اشترکا فى قيمة الثوب المصبوغ بالنسبة ، فلو کانت قيمة الثوب قبل الصبغ تساوي قيمة الصبغ کانت بينهما نصفين ، و إن تفاوتت کان التفاوت لصاحب الثوب أو الصبغ ، هذا إذا بقيت قيمتها على ما هما عليها إلى ما بعد الصبغ ، و إلا فإن زادت قيمة الثوب و نقصت قيمة الصبغ لاجله فالزيادة لصاحب الثوب و لو انعکس ضمن الغاصب أرش نقص الثوب ، و لو زادت قيمة الثوب بالصبغ و بقيت قيمة الصبغ على ما هو عليه کانت الزيادة لصاحب الثوب و لو انعکس فالزيادة للغاصب .

مسألة 47 :

لو صبغ الثوب المصبوغ بصبغ مغصوب و کانت للصبغ بعده عين متمولة بقيت کل منهما فى ملک صاحبه ، و حصلت الشرکة لو بيعا بين صاحبيها بنسبة قيمتهما ، و لا غرامة على الغاصب إن لم يرد نقص عليهما ، و إن ورد ضمنه لمن ورد عليه .

مسألة 48 :

لو مزج الغاصب المغصوب بغيره أو امتزج فى يده بغير اختياره مزجا رافعا للتميز بينهما فإن کان بجنسه و کانا متماثلين ليس أحدهما أجود من الاخر أو أردئ تشارکا فى المجموع بنسبة ماليهما ، و ليس على الغاصب غرامة بالمثل أو القيمة ، بل الذي عليه تسليم المال و الاقدام على الافراز و التقسيم بنسبة المالين أو البيع و أخذ کل واحد منهما حصته من الثمن کسائر الاموال المشترکة ، و إن خلط المغصوب بما هو أجود أو أردئ منه تشارکا أيضا بنسبة المالين إلا أن التقسيم و توزيع الثمن بينهما بنسبة القيمة ، فلو خلط منا من زيت قيمته خمسة بمن منه قيمته عشرة کان لکل منهما نصف المجموع ، لکن إذا بنيا على القسمة يجعل ثلاثة أسهم ، و يعطى لصاحب الاول سهم و لصاحب الثانى سهمان ، و إذا باعاه يقسم الثمن بينهما أثلاثا ، و الاحوط فى مثل ذلک أعنى اختلاط مختلفى القيمة من جنس واحد البيع و توزيع الثمن بنسبة القيمة لا التقسيم بالتفاضل بنسبتها من جهة شبهة لزوم الربا فى الثانى کما قال به جماعة ، هذا إذا مزج المغصوب بجنسه ، و أما إذا اختلط بغير جنسه فإن کان فيما يعد معه تالفا کما إذا اختلط ماء الورد المغصوب بالزيت ضمن المثل ، و إن لم يکن ک

لک کما لو خلط دقيق الحنطة بدقيق الشعير أو خلط الخل بالعسل فالظاهر أنه بحکم الخلط بالاجود أو الاردئ من جنس واحد ، فيشترکان فى العين بنسبة المالين ، و يقسمان العين و يوزعان الثمن بينهما بنسبة القيمتين کما مر .

مسألة 49 :

لو خلط المغصوب بالاجود أو الاردئ و صار قيمة المجموع المخلوط أنقص من قيمة الخليطين منفردين فورد بذلک النقص المالى على المغصوب ضمنه الغاصب ، کما لو غصب منا من زيت جيد قيمته عشرة و خلطه بمن منه ردي قيمته خمسة و بسبب الاختلاط يکون قيمة المنين اثنى عشر فصار حصة المغصوب منه من الثمن بعد التوزيع ثمانية و الحال أن زيته غير مخلوط کان يسوى عشرة ، فورد النقص عليه باثنين و هذا النقص يغرمه الغاصب ، و إن شئت قلت يستوفى المالک قيمة ماله غير مخلوط من الثمن ، و ما بقى يکون للغاصب .

مسألة 50 :

فوائد المغصوب مملوکة للمغصوب منه و إن تجددت بعد الغصب ، و هى کلها مضمونة على الغاصب ، أعيانا کانت کاللبن و الولد و الشعر و الثمر ، أو منافع کسکنى الدار و رکوب الدابة ، بل کل صفة زادت بها قيمة المغصوب لو وجدت فى زمان الغصب ثم زالت و تنقصت بزوالها قيمته ضمنها الغاصب و إن رد العين کما کانت قبل الغصب ، فلو غصب دابة هازلة ثم سمنت فزادت قيمتها بسبب ذلک ثم هزلت ضمن الغاصب تلک الزيادة التى حصلت ثم زالت ، نعم لو زادت القيمة لزيادة الصفة ثم زالت تلک الصفة ثم عادت الصفة بعينها لم يضمن قيمة الزيادة التالفة ، لانجبارها بالزيادة العائدة ، کما إذا سمنت الدابة فى يده فزادت قيمتها ثم هزلت ثم سمنت فإنه لا يضمن الزيادة الحاصلة بالسمن الاول إلا إذا نقصت الزيادة الثانية عن الاولى بأن کانت الزيادة الحاصلة بالسمن الاول درهمين و الحاصلة بالثانى درهما مثلا ، فيضمن التفاوت .

مسألة 51 :

لو حصلت فيه صفة فزادت قيمته ثم زالت فنقصت ثم حصلت فيه صفة أخرى زادت بها قيمته لم يزل ضمان زيادة الاولى و لم ينجبر نقصانها بالزيادة الثانية ، کما إذا سمنت الدابة المغصوبة ثم هزلت فنقصت قيمتها ثم ارتاضت فزادت قيمتها بقدر زيادة الاولى أو أزيد لم يزل ضمان الغاصب للزيادة الاولى .

مسألة 52 :

إذا غصب حبا فزرعه أو بيضا فاستفرخه تحت دجاجته مثلا کان الزرع و الفرخ للمغصوب منه ، و کذا لو غصب خمرا فصار خلا أو غصب عصيرا فصار خمرا عنده ثم صار خلا فإنه ملک للمغصوب منه لا الغاصب ، و أما لو غصب فحلا فأنزاه على الانثى و أولدها کان الولد لصاحب الانثى و إن کان هو الغاصب ، و عليه أجرة الضراب .

مسألة 53 :

جميع ما مر من الضمان و کيفيته و أحکامه و تفاصيله جارية فى کل يد جارية على مال الغير بغير حق و إن لم تکن عادية و غاصبة و ظالمة إلا فى موارد الامانات ، مالکية کانت أو شرعية کما عرفت التفصيل فى کتاب الوديعة ، فتجري فى جميع ما يقبض بالمعاملات الفاسدة و ما وضع اليد عليه بسبب الجهل و الاشتباه ، کما إذا لبس مداس غيره أو ثوبه اشتباها أو أخذ شيئا من سارق عارية باعتقاد أنه ماله و غير ذلک مما لا يحصى .

مسألة 54 :

کما أن اليد الغاصبة و ما يلحق بها موجبة للضمان و هو المسمى بضمان اليد ، و قد عرفت تفصيله فى المسائل السابقة کذلک للضمان سببان آخران : الاتلاف و التسبيب ، و بعبارة أخرى له سبب آخر و هو الاتلاف ، سواء کان بالمباشرة أو التسبيب .

مسألة 55 :

الاتلاف بالمباشرة واضح لا يخفى مصاديقه ، کما إذا ذبح حيوانا أو رماه بسهم فقتله ، أو ضرب على إناء فکسره ، أو رمى شيئا فى النار فأحرقه و غير ذلک مما لا يحصى ، و أما الاتلاف بالتسبيب فهو إيجاد شى‌ء يترتب عليه الاتلاف بسبب وقوع شى‌ء ، کما لو حفر بئرا فى المعابر فوقع فيها إنسان أو حيوان ، أو طرح المعاثر و المزالق کقشر البطيخ و الرقى فى المسالک أو أوتد وتدا فى الطريق فأصاب به عطب أو جناية على حيوان أو إنسان ، أو وضع شيئا على الطريق فتمر به الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره ، أو أخرج ميزابا على الطريق فأضر بالمارة ، أو ألقى صبيا أو حيوانا يضعف عن الفرار فى مسبعة فقتله السبع ، و من ذلک ما لو فک القيد عن الدابة فشردت ، أو فتح قفصا عن طائر فطار مبادرا أو بعد مکث و غير ذلک ، ففى جميع ذلک يکون فاعل السبب ضامنا ، و يکون عليه غرامة التالف و بدله ، إن کان مثليا فبالمثل ، و إن کان قيميا فبالقيمة ، و إن صار سببا لتعيب المال کان عليه الارش کما مر فى ضمان اليد .

مسألة 56 :

لو غصب شاة ذات ولد فمات ولدها جوعا أو حبس مالک الماشية أو راعيها عن حراستها فاتفق تلفها لم يضمن بسبب التسبيب إلا إذا انحصر غذاء الولد بارتضاع من أمه و کانت الماشية فى محال السباع و مظان الخطر و انحصر حفظها بحراسة راعيها ، فعليه الضمان حينئذ على الاحوط .

مسألة 57 :

و من التسبيب الموجب للضمان ما لو فک وکاء ظرف فيه مائع فسال ما فيه ، و أما لو فتح رأس الظرف ثم اتفق أنه قلبته الريح الحادثة أو انقلب بوقوع طائر عليه مثلا فسال ما فيه ففى الضمان تردد و إشکال ، نعم يقوى الضمان فيما کان ذلک فى حال هبوب الرياح العاصفة أو فى مجتمع الطيور و مظان وقوعها عليه .

مسألة 58 :

ليس من التسبيب الموجب للضمان ما لو فتح بابا على مال فسرق أو دل سارقا عليه فسرقه ، فلا ضمان عليه .

مسألة 59 :

لو وقع الحائط على الطريق مثلا فتلف بوقوعه مال أو نفس لم يضمن صاحبه إلا إذا بناه مائلا إلى الطريق أو مال إليه بعد ما کان مستويا و قد تمکن صاحبه من الازالة و لم يزله ، فعليه الضمان فى الصورتين على الاقوى .

مسألة 60 :

لو وضع شربة أو کوزا مثلا ، على حائطه فسقط و تلف به مال أو نفس لم يضمن إلا إذا وضعه مائلا إلى الطريق أو وضعه على وجه يسقط مثله .

مسألة 61 :

و من التسبيب الموجب للضمان أن يشعل نارا فى ملکه و داره فتعدت و أحرقت دار جاره مثلا فيما إذا تجاوز قدر حاجته و يعلم أو يظن تعديها لعصف الهواء مثلا ، بل الظاهر کفاية الثانى فيضمن مع العلم أو الظن بالتعدي و لو کان بمقدار الحاجة ، بل لا يبعد الضمان إذا اعتقد عدم کونها متعدية فتبين خلافه ، کما إذا کانت ريح حين اشتعال النار و هو قد اعتقد أن بمثل هذه الريح لا تسري النار إلى الجار فتبين خلافه ، نعم لو کان الهواء ساکنا بحيث يؤمن معه من التعدي فاتفق عصف الهواء بغتة فطارت شرارتها يقوى عدم الضمان .

مسألة 62 :

إذا أرسل الماء فى ملکه فتعدى إلى ملک غيره فأضر به ضمن و لو مع اعتقاده عدم التعدي ، نعم ضمانه فيما إذا خرجت من اختياره فى صورة اعتقاده عدم التعدي محل إشکال ، و الاحوط الضمان ، و لو کان طريقه إلى ملک الغير مسدودا حين إرسال الماء فدفع بغير فعله فلا ضمان عليه .

مسألة 63 :

لو تعب حمال الخشبة فأسندها إلى جدار الغير ليستريح بدون إذن صاحب الجدار فوقع بإسناده إليه ضمنه و ضمن ما تلف بوقوعه عليه ، و لو وقعت الخشبة فأتلفت شيئا ضمنه سواء وقعت فى الحال أو بعد إذا کان مستندا إليه .

مسألة 64 :

لو فتح قفصا عن طائر فخرج و کسر بخروجه قارورة شخص مثلا ضمنها على الاحوط ، و کذا لو کان القفص ضيقا مثلا فاضطرب بخروجه فسقط و انکسر .

مسألة 65 :

إذا أکلت دابة شخص زرع غيره أو أفسدته فإن کان معها صاحبها راکبا أو سائقا أو قائدا أو مصاحبا ضمن ما أتلفته ، و إن لم يکن معها بان انفلتت من مراحها مثلا فدخلت زرع غيره ضمن ما أتلفته إن کان ذلک ليلا ، نعم ضمانه فيما إذا خرجت من اختياره محل إشکال ، و الاحوط الضمان ، و ليس عليه ضمان إن کان نهارا .

مسألة 66 :

لو کانت الشاة أو غيرها فى يد الراعى أو الدابة فى يد المستعير أو المستأجر فأتلفتا زرعا أو غيره کان الضمان على الراعى و المستأجر و المستعير لا على المالک و المعير .

مسألة 67 :

لو اجتمع سببان للاتلاف بفعل شخصين فإن لم يکن أحدهما أسبق فى التأثير اشترکا فى الضمان ، و إلا کان الضمان على المتقدم فى التأثير ، فلو حفر شخص بئرا فى الطريق و وضع شخص آخر حجرا بقربها فعثر به إنسان أو حيوان فوقع فى البئر کان الضمان على واضع الحجر دون حافر البئر ، و يحتمل قويا اشتراکهما فى الضمان مطلقا .

مسألة 68 :

لو اجتمع السبب مع المباشر کان الضمان على المباشر دون فاعل السبب ، فلو حفر شخص بئرا فى الطريق فدفع فيها إنسانا أو حيوانا کان الضمان على الدافع دون الحافر ، نعم لو کان السبب أقوى من المباشر کان الضمان عليه لا على المباشر ، فلو وضع قارورة تحت رجل شخص نائم فمد رجله فکسرها کان الضمان على الواضع دون النائم .

مسألة 69 :

لو أکره على إتلاف مال غيره کان الضمان على من أکرهه و ليس عليه ضمان ، لکون السبب أقوى من المباشر ، هذا إذا لم يکن المال مضمونا فى يده بأن أکرهه على إتلاف ما ليس تحت يده أو على إتلاف الوديعة التى عنده مثلا ، و أما إذا کان المال مضمونا فى يده کما إذا غصب مالا فأکرهه شخص على إتلافه فالظاهر ضمان کليهما ، فللمالک الرجوع على أيهما شاء ، فإن رجع على المکره بالکسر لم يرجع على المکره بالفتح ، بخلاف العکس ، هذا إذا أکره على إتلاف المال ، و أما لو أکره على قتل أحد معصوم الدم فقتله فالضمان على القاتل من دون رجوع على المکره و إن کان عليه عقوبة ، فإنه لا إکراه فى الدماء .

مسألة 70 :

لو غصب مأکولا مثلا فأطعمه المالک مع جهله بأنه ماله بأن قال له هذا ملکى و طعامى أو قدمه إليه ضيافة مثلا أو غصب شاة و استدعى من المالک ذبحها فذبحها مع جهله بأنه شاته ضمن الغاصب و إن کان المالک هو المباشر للاتلاف ، نعم لو دخل المالک دار الغاصب مثلا و رأى طعاما فأکله على اعتقاد أنه طعام الغاصب فکان طعام الاکل فالظاهر عدم ضمان الغاصب و قد برأ من ضمان الطعام .

مسألة 71 :

لو غصب طعاما من شخص و أطعمه غير المالک على أنه ماله مع جهل الاکل بأنه مال غيره کما إذا قدمه إليه بعنوان الضيافة مثلا ضمن کلاهما ، فللمالک أن يغرم أيهما شاء ، فإن أغرم الغاصب لم يرجع على الاکل ، و إن أغرم الاکل رجع على الغاصب لانه قد غره .

مسألة 72 :

إذا سعى إلى الظالم على أحد أو اشتکى عليه عنده بحق أو بغير حق فأخذ الظالم منه مالا بغير حق لم يضمن الساعى و المشتکى ما خسره و إن أثم بسبب سعايته أو شکايته إذا کانت بغير حق ، و إنما الضمان على من أخذ المال .

مسألة 73 :

إذا تلف المغصوب و تنازع المالک و الغاصب فى القيمة و لم تکن بينة ففى أن القول قول الغاصب أو المالک تردد ناش من التردد فى معنى " على اليد ما أخذت .... الخ " و احتمال أن تکون نفس المأخوذ على عهدته حتى بعد التلف و يکون أداء المثل أو القيمة نحو أداء له ، فيکون القول قول المالک بيمينه ، و احتمال أن ينتقل بالتلف إلى القيمة ، فيکون القول قول الغاصب بيمينه ، و لا يخلو هذا من قوة ، و لو تنازعا فى صفة تزيد بها الثمن بأن ادعى المالک وجود تلک الصفة فيه يوم غصبه أو حدوثها بعده و إن زالت فيما بعد و أنکره الغاصب و لم يکن بينة فالقول قول الغاصب بيمينه بلا إشکال .

مسألة 74 :

إن کان على الدابة المغصوبة رحل أو علق بها حبل و اختلفا فيما عليها فقال المغصوب منه هو لى و قال الغاصب هو لى و لم يکن بينة فالقول قول الغاصب مع يمينه لکونه ذا يد فعلية عليه .

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

پر بازدیدترین ها

No image

القول فى السبب‌

No image

القول فى واجبات الغسل

No image

القول فى مسوغاته

No image

القول فى التعقیب‌

No image

القول فى الشروط

Powered by TayaCMS