القول فى المرابحة و المواضعة و التولية
ما يقع من المتعاملين فى مقام البيع و الشراء على نحوين : أحدهما أن لا يقع منهما إلا المقاولة و تعيين الثمن و المثمن من دون ملاحظة رأس المال و أن فى هذه المعاملة نفعا للبائع أو خسرانا ، فيوقعان البيع على شىء معلوم بثمن معلوم ، و يسمى ذلک البيع بالمساومة ، و هو أفضل أنواعه ، و ثانيهما أن يکون الملحوظ کونها رابحة أو خاسرة أو لا رابحة و لا خاسرة ، و من هذه الجهة ينقسم البيع إلى المرابحة و المواضعة و التولية ، فالاول البيع برأس المال مع الزيادة ، و الثانى البيع مع النقيصة ، و الثالث البيع بلا زيادة أو نقيصة ، و لابد فى تحقق هذه العناوين من إيقاع عقده بما يفيد أحدها ، و يعتبر فى الاول تعيين مقدار الربح ، و فى الثانية مقدار النقصان : فيقال فى الاولى : بعتک بما اشتريت مع ربح کذا ، فقبل المشتري ، و فى الثانية : بعتک بما اشتريت مع نقصان کذا ، و فى الثالثة : بعتک بما اشتريت .
مسألة 1 :
لو قال البائع فى المرابحة : بعتک هذا بمأة و ربح درهم فى کل عشرة ، و فى المواضعة بوضيعة درهم فى کل عشرة فإن تبين عنده مبلغ الثمن و مقداره صح البيع على الاقوى على کراهية ، بل الصحة لا تخلو من قوة إن لم يتبين له ذلک بعد ضم الربح و تنقيص الوضيعة عند البيع .
مسألة 2 :
لو تعددت النقود و اختلف سعرها و صرفها لابد من ذکر النقد و الصرف و أنه اشتراه بأي نقد و أي مقدار کان صرفه ، و کذا لابد من ذکر الشروط و الاجل و نحو ذلک مما يتفاوت لاجلها الثمن .
مسألة 3 :
لو اشترى متاعا بثمن معين و لم يحدث فيه ما يوجب زيادة قيمته فرأس ماله ذلک الثمن ، فلا يجوز الاخبار بغيره ، و إن أحدث فيه ذلک فإن کان بعمل نفسه لم يجز أن يضم أجرة عمله إلى الثمن المسمى و يخبر بأن رأس ماله کذا أو اشتريته بکذا ، بل عبارته الصادقة أن يقول : اشتريته بکذا و أخبر بالثمن المسمى و عملت فيه کذا ، و إن کان باستئجار غيره جاز أن يضم الاجرة إلى الثمن و يخبر بأنه تقوم على بکذا و إن لم يجز أن يقول : اشتريته بکذا أو رأس ماله کذا ، و لو اشترى معيبا و رجع بالارش إلى البائع له أن يخبر بالواقعة ، و له أن يسقط مقدار الارش من الثمن و يجعل رأس ماله ما بقى و أخبر به ، و ليس له أن يخبر بثمن المسمى من دون إسقاط قدر الارش ، و لو حط البائع بعض الثمن بعد البيع تفضلا جاز أن يخبر بالاصل من دون إسقاط الحطيطة .
مسألة 4 :
يجوز أن يبيع متاعا ثم يشتريه بزيادة أو نقيصة إن لم يشترط على المشتري بيعه منه و إن کان من قصدهما ذلک ، و بذلک ربما يحتال من أراد أن يجعل رأس ماله أزيد مما اشترى بأن يبيعه من ابنه مثلا بثمن أزيد ثم يشتريه بذلک الثمن للاخبار به فى المرابحة ، و هذا و إن لم يکذب فى رأس ماله إن کان البيع و الشراء من ابنه جدا و صح بيعه على أي حال لکنه خيانة و غش ، فلا يجوز ارتکابه ، نعم لو لم يکن ذلک عن مواطأة و بقصد الاحتيال جاز و لا محذور فيه .
مسألة 5 :
لو ظهر کذب البائع فى إخباره برأس المال صح البيع ، و تخير المشتري بين فسخه و إمضائه بتمام الثمن ، و لا فرق بين تعمد الکذب و صدوره غلطا أو اشتباها من هذه الجهة ، و هل يسقط هذا الخيار بالتلف ؟ فيه إشکال ، و لا يبعد عدم السقوط .
مسألة 6 :
لو سلم التاجر متاعا إلى الدلال ليبيعه له فقومه عليه بثمن معين و جعل ما زاد عليه له بأن قال له : بعه عشرة رأس ماله فما زادت عليه فهو لک لم يجز له أن يبيعه مرابحة بأن يجعل رأس المال ما قوم عليه التاجر و يزيد عليه مقدارا بعنوان الربح ، بل اللازم إما بيعه مساومة أو يبين ما هو الواقع من أن ما قوم على التاجر کذا و أنا أريد النفع کذا ، فإن باعه بزيادة کانت الزيادة له ، و إن باعه بما قوم عليه صح البيع ، و الثمن للتاجر ، و هو لم يستحق شيئا و إن کان الاحوط إرضاؤه ، و إن باعه بالاقل يکون فضوليا يتوقف على إجازة التاجر .
مسألة 7 :
لو اشترى شخص متاعا أو دارا أو غيرهما جاز أن يشرک فيه غيره بما اشتراه بأن يشرکه فيه بالمناصفة بنصف الثمن أو بالمثالثة بثلثه و هکذا ، و يجوز إيقاعه بلفظ التشريک بأن يقول : شرکتک فى هذا المتاع نصفه بنصف الثمن أو ثلثه بثلثه مثلا فقال : قبلت ، و لو أطلق لا يبعد انصرافه إلى المناصفة ، و هل هو بيع أو عنوان مستقل ؟ کل محتمل ، و على الاول فهو بيع التولية .