کتاب نکاح
فصل اوّل : النکاح الدائم
الکلام في النکاح الدائم وفيه فصول:
الأول: في صيغة العقد وأحکامه وآدابه
أمّا الصيغة، فهي مجموع الإيجاب والقبول اللفظيّين اللازمين في مطلق عقد النکاح اختيارا بالإجماع.ويکفى في الإيجاب من الزوجة، «انکحتک» و «زوجتک»؛ والاکتفاء بـ «متّعتک» في الدائم، غير متفق عليه. والقبول، اللفظ الدّال على الرضا بحصول مضمون الإيجاب.
التعبير في الإيجاب والقبول بالماضى والامر والمستقبل
والتعبير في الإيجاب والقبول بالماضي متفق عليه. والاکتفاء بالأمر والمستقبل مع القرينة على الفعليّة بنفسهما، لا يخلو عن وجه؛ ومثله «نعم» بعد سوال التزويج مع التعقّب بالقبول.
عدم اعتبار تقديم القبول
ولا يعتبر تقديم القبول بما يناسب على الأظهر.
العقد العربى و الفارسى و غيرهما
وهل تکفي الترجمة مع القدرة على النطق بالفارسية مثلاً؟ الأحوط العدم وإن کان الأظهر الکفاية، وأحوط من الإتيان بالعربي، الجمع لغير العارف بالعربية الذي لا يعرف المبدأ، بل النتيجة فقط؛ بل لا يخلو الاکتفاء بالعربي حينئذ عن تأمل. وتکفي قطعا مع العذر والعجز حتى عن التوکيل، ولا يجب التوکيل على الأظهر وإن کان أحوط.
عدم لزوم التوکيل في الأخرس
وتکفي الإشارة من خصوص الأخرس، ولا يلزم التوکيل على الأظهر وإن کان احوط.
عدم الاعتبار بعبارة الصبى والمجنون
لا عبرة بعبارة الصبي في رکن العقد مع عدم التمييز والقصد؛ وکذا المجنون في غير زمن الإفاقة؛ والسکران قبل الرجوع إلى حالته العادية له لولا السکر؛ والأحوط في الصبي المميّز القاصد ذلک أيضا.
عدم اعتبار حضور العدلين
لا يشترط حضور عدلين في الدائم، کالمنقطع والتحليل والملک، وإن کان يستحب احتياطا لإثبات ما يترتّب عليه من الأحکام.ويأتي الکلام في اعتبار حضور الولي مع کون الزوجة بالغة رشيدة وعدمه في محله ان شاء اللّه تعالى.
ادّعاء الزوجيّة وانکار المرأة وادّعاء اختها الزوجيّه وانکار الرجل
لو ادّعى رجل زوجّية امرأة وأنکرتها وادّعت اختها زوجيّته وأنکرها فأقاما البيّنتين، بلا توقيت أو مع تساوي الوقت فيهما، مع عدم الدخول، فالمروي المشهور عملاً، تقديم بينة الزوج، ولعلّه للترجيح بکون العمل المثبت والمنفي مباشريا للزوج دون الزوجة فالمنفى غير مباشرى لها ولازم مدّعى کلٍ نفي ما يدّعيه الآخر، وإن کان التعليل في الرواية به غير ذلک لکن الانجبار بالشهرة لا ينوط بذلک. والاحوط حينئذ ضم اليمين لنفي ما تدّعيه الاُخت وإن عمل ببيّنته في إثبات ما يدّعيه على الاُولى، لإبيّنة الاُخت فيما تدّعيه عليه. ولو فرض الدخول في دعوى الزوجة أو سبق تاريخها ببيّنتها، ترجّح بيّنتها بکل منهما، وإن اختص البيّنة بأحدهما يثبت مدّعاه خاصة.
ولو لم يکن بينة لواحد منهما، تساقطت الدعويان بالتحالف، ولم يثبت شيء مما يدّعيان على الأظهر فيما لم يکن دخول بالمدعيّة، وإلا فالأظهر سماع قولها بحلفها (فتحلف على ما تدّعيه وعلى عدم العلم بما يدّعيه) وقوله بردّ الحلف اليه.ومما قدّمناه يظهر الوجه في لحوق نظائر المسئلة بها، کدعوى الاُمّ أو البنت للزوجيّة مع دعوى زوجيّة الاُخرى، للاشتراک فيما به ترجيح إحدى البيّنتين مع مورد النّص.
لو عقد على إمراه و ادّعى الآخر زوجيّتها
لو عقد على امرأة وادّعى آخر زوجيّتها، لم يلتفت إلى دعواه إلاّ مع البينة وتقبل بعدها، والأحوط أن تحلف مع عدم البينة لفصل الخصومة ولوازمها.
لو زوج واحدة من نباته و لم يسمّهن
لو کان لرجل عدة بنات فزوج واحدة منهن ولم يسمّها، ثم اختلفا في المعقود عليها، ففي الصحيح الذي عليه عمل الاکثر، أنّ القول، قول الأب إن کان الزوج رآهنّ، وإلاّ بطل العقد.
ولابد من التعيين للزوجين قصدا وذکرا، فإن لم يقصدا أي لم يتوافق قصدهما في المعيّنة أو المعين، بطل العقد مع قصد الخلاف أو الغفلة؛ وإن اتّفقا في وقوع العقد على المعيّن واختلفا بعده فيما هو المعيّن لها حال العقد، فهو محلّ التّفصيل المتقدّم في الصحيح.
النظر إلى وجه الإمرأة المراد نکاحها
وذکروا هنا مسائل بعد بيان آداب العقد وآداب الخلو:منها : انه يجوز النظر الى وجه امرأة يريد نکاحها وکفّيها، ولا يشترط استيذانها، ويشترط العلم به عدم المانع الشرعي من التزويج، وتجويز إجابتها، ومباشرة المريد للتزويج، وتجويز تجدّد العلم والاستفادة بالنظر، فمعه يجوز النظر ولو مرارا عديدة، ولا مانع من لوازم الاختبار عادة دون ما يخاف منه الفتنة فعلاً.
وفي إلحاق المرأة، وجه. وکما يباح، يستحب أيضا لانطباق العناوين الراجحة لقطع مادة التنازع بعد العقد.وهل يلحق بهما الشعر والمحاسن؟ الأظهر ذلک، وفاقا لجماعة، لصعوبة التفکيک المفيد، والاشتراک في العلّة المنصوصة في الحسنة، وللروايات الخاصة بهما أو بأحدهما.وکذا يجوز النظر في الأمة التي يريد شرائها إلى الوجه والکفين والشعر والمحاسن، للأولوية من الزوجة، ولنقل الاتفاق عن «المسالک»، وللروايات المشهورة عملاً. ويحتمل الجواز في ما عدا العورة من الإماء التي يريد شرائها.
النظر إلى نساء الکفّار
يجوز النظر إلى نساء اهل الذمة، بل مطلق الکفار بالاصل، فيما جرت عادتهن بالکشف مع عدم التلذذ ومع عدم خوف الوقوع في الحرام.
نساء أهل القرى و البوادى
والأظهر لحوق نساء أهل القرى والبوادي من الأعراب وغيرهم فيما جرت عادتهن بترک التستّر مع عدم التلذذ والخوف المذکورين؛ فيجوز التردّد إليهنّ في المعاملات وسائر الحاجات، للعسر والحرج وعموم البلوى المحوج إلى الرادع الخاص المفقود.
جواز سماع صوت الأجنبيّة
يجوز للرجل سماع صوت الاجنبية بلا تلذّذ وريبة، وفاقا للتذکرة والمسالک وظاهر جماعة، ولها الإسماع کذلک للسّيرة والعسر وعموم البلوى المقتضى لوضوح المنع المفقود.
نظر الرجل إلى زوجته و محارمه
ويجوز للرجل النظر الى جسد زوجته ظاهرا وباطنا وبالعکس. و إلى ما عدا العورة ـ اعني القبل والبيضتين والدبر ـ من محارمه التي يحرم نکاحهن مؤبّدا بنسب أو رضاع أو مصاهرة، بلا تلذّذ ولا ريبة کما هو المشهور، للعسر والحرج في الاُم والبنت والاُخت ولا فارق فيما بين المحارم، وعموم البلوى المقتضى لوضوح التکليف لو کان وليس، بل الاستثناء في الآية، دليل العدم مع أولويّة موضع الزينة من غير العورة بالمنع؛ وبالجملة فلحوق المحارم بالأجنبيّات ضعيف في الغاية، بعيد عن المرتکزات الدينيّة.وکذا التخصيص بالمحاسن دون غيرها من غير العورة مع الالتزام به عدم حلّ المجموع في الأجنبيّات، لما مرّ.وما عن التفسير فالظاهر إرادة العورتين وما يعمّهما من الجسد فيه، حذرا عن التصريح بهما؛ فيراد منه في أحد الحدّين الوجه والکفّان، وفي الآخر، العورتان، والخاص بالمحارم ما بينهما، فلاحظ.
ملازمة حرمة النظر إلى الإمرأة مع حرمة التکشّف
إذا حرم النظر الى المرأة حرم التکشف عليها فيه خاصة وان لم تتحقّق إعانة محرمة؛ وهو الأحوط في تکشّف الرجل لدى النساء في غير العورتين، إلاّ مع الإعانة المحرّمة وشروطها، فالحرمة متيقّنة حينئذ.
حکم النظر إلى الوجه و الکفّين
والأظهر(بل الأحوط وجوبا ترکه) جواز النظر إلى الوجه والکفين من الأجنبيّات بلا تلذّذ وريبة، لما مر من العسر والحرج وعموم البلوى المقتضى لوضوح المنع لو کان؛ وليس إلاّ ما يدل بالخصوص على الجواز من الروايات التي بعضها صحيح وقد عمل بها جماعة قوية من المتقدمين والمتأخرين، کما عن «الکافي» و «النهاية» و «التبيان» وکتابى «الحديث» و «المسالک» وسبطه في الشرح و«المحقق الثاني» و«الشرائع» وجملة من کتب «الفاضل»، بل القول بالمنع المطلق، نادر منسوب الى «التذکرة» و «فخرالدين» وبعض من تأخّر عنهما.
ويؤيّده قصر السوال والجواب في الروايات عن غيرهما من الشعر والرأس ونحوهما الدال على وضوح حکم الوجه والکفين والنظر إليهما للأغراض العقلائيّة لا للتلذذ أو مع الريبة؛ والواضح هو الجواز المنسوب إلى الشهرة أو الأکثر، لا المنع الذي لا يکون واضحا ومختلفا فيه، به خلاف الرخصة، فتدبر تعرف.وممّا قدّمناه ظهر ضعف القول بالمنع ودليله من عموم الآيتين مع الاستثناء في احديهما وما يشبه ذلک.واما التفصيل بين الاُولى والثانية، فيمکن حملها، بل دعوى الانفهام منها في ما کانت الاُولى لا متلذذا والثانية مع التلذّذ، للغلبة الواضحة؛ لا أنّه تجوز الاُولى ولو مع التلذّذ وتحرم الثانية ولو بلا تلذّذ، لبعد التقييد في المطلقات بالاعداد؛ فالأمر يدور بين التحريم المطلق في المتلذّذ به والتجويز مطلقا فيما لم يتلذّذ به ولم يقصد به التلذذ المحقق، کما لا يخفى على من لاحظ مثل قوله ـ عليه السلام ـ «النظرة الاُولى لک والثانية عليک»؛ ودعوى التعبد المحض الزائد على المنساق إلى الإفهام من ثوران الشهوة بها وعدمه، کما ترى ضعيفة.
نظر المرأة إلى الرجل
وتتحد المرأة مع الرجل فتمنع في موضع المنع (ويباح لها مثل ما يباح للرجل منها) ولو فيما لا تتحقّق شروط حرمة الإعانة في التکشّف لدى الآخر، على الاحوط، للإجماع المنقول. وخروج ما کان يغلب کشفه من الرجال کالرأس، لا يخلو عن وجه في غير صورة اجتماع شروط الاعانة المحرمة.
حرمة اللمس
اذا حرم النظر اختيارا، حرم اللمس کذلک؛ والأظهر عدم جواز لمس الوجه والکفين اختيارا مع البناء على جواز النظر إليهما کذلک، فلتکن المصافحة من وراء الثوب.
المستثنيات من حرمة النظر واللمس
و يستثنى من عدم جواز النظر، کاللمس، من الرجل والمرأة، مقام الضرورة کالمعاجة والشهادة، والقواعد من النساء، وغير المميز والمميزة، ناظرا ومنظورا اليه ولامسا وملموسا. ولو اضطر إلى اللمس، لم يجز النظر، وکذا العکس.
عدم جواز النظر الى عورة المميّز و الکشف لديه
وعدم جواز النظر إلى عورتى المميز وکشف العورة لديهما، هو المتجه، لعموم الآيتين و منع الانصراف إلى بلوغ المنظور إليه والمنکشف لديه؛ بل الأحوط ترک النظر إلى ما لا يجوز منهما على تقدير البلوغ، ترک التکشّف لديهما فيما لا يجوز على تقدير البلوغ ولو لم يکن نفس العورتين، وإن کان النظر والتکشف لا للتلذذ أو الريبة المتصوّرة، لما مرّ من العموم في الآيتين الشريفتين ومنع الصارف.
النظر إلى المجانس
يجوز لکل من الرجل والمرأة النظر إلى ما عدا العورة من مماثله، مع الشباب وعدمه، إذا لم يکن بتلذذ او ريبة.
عدم جواز نظر المالکه إلى الخصىّ
والمشهور عدم جواز نظر المالکة إلى الخصي المملوک لها وبالعکس وهو الأحوط، وإن کان يحتمل الدخول في «التَّـبِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الاْءِرْبَةِ»( نور: 31.) بل في عموم «مَا مَلَکَتْ أَيْمَـنُهُنَّ»(احزاب:55.)، والاُولى لا تتقيد بالملک، کما أنّ الثانية، لا تتقيّد بالإخصاء موافقة لما في الصحيح والموثق.
الاستمتاع
منها: أنّ الوطى في دبر المرأة، زوجة کانت او امة، فيه اختلاف قولاً ورواية، والأشهر الأقوى الجواز على کراهة شديدة، بل عن التذکرة الإجماع عليه، لأظهرية المجوّز الصحيح روايةً من المانع لو سلم تماميّة الدلالة والسند فيه.
العزل
منها: أنّ الأظهر جواز العزل اختيارا عن الحرّة به غير إذنها ولو ما کان حاصلاً بالشرط في العقد على کراهة، وفي المستمرّ الموجب لجعلها مريضة عقيما تأمل، وعلى المنع في الأصل؛ فالأحوط وجوب دية النطفة، أعني عشرة دنانير. ولا منع في العزل عن الإماء. وفي جواز العزل للحرّة بدون إذن الزوج تأمّل.
سن المرأة
منها: أنّه لا يجوز أن يدخل الرجل بالمرأة حتى يمضي لها تسع سنين هلالية، فإن دخل بها قبله، عصى ولم تحرم المرأة مؤبّدا على الأظهر ولا يترتّب عليه غير الإثم، ولا مانع من سائر الاستمتاعات قبل ما ذکر.وظاهر إطلاق کلامهم عدم الفرق بين المزوّجة بقسميها والأمة؛ ومبناه، إلغاء الخصوصيّة في سند المنع الظاهر في شرطيّة التزويج، وهو موافق للاحتياط.
حکم افضاء الصغيرة
منها: أنّه إذا تزوّج صغيرة فدخل بها قبل کمال التسع، فأفضاها (بأن جعل مسلک البول والحيض واحدا، على الأظهر في مفهوم الافضاء؛ وکذا جعل مسلکى الحيض والغائط واحدا للأولوية الموافقة للاحتياط، حرم عليه مؤبّدا وطيها، ولم تخرج من حباله إلاّ بالطلاق؛ وعليه الإنفاق عليها ما دامت حيّة؛ وعليه الديّة مضافة إلى المهر الذي استحقّت تمامه بالدخول، والدية، دية المرأة الحرة کاملة مع عدم الاندمال صحيحا.
وظاهر إطلاق بعض الصحاح، عدم اختصاص الحکم بالإجراء بالدائمة، لصدق «تزوج الجارية» في المنقطعة؛ ولا يبعد عدم اختصاص الدية أيضا بالدائمة. ويحتمل ثبوت التحريم في الأمة والأجنبية أيضا وإن کانت بالزنا؛ ومبناه، على إلغاء الخصوصيّة وهو غير واضح، وکذا الإفضاء به غير الوطى.وظاهر الصحيح عدم الأثر للإفضاء بالدخول بعد التسع، ويحتمل ثبوت الإنفاق عليها أيضا فهو الأحوط؛ فيمکن لحوق ما تقدم من موارد الإلغاء، بما بعد التسع.وأمّا ثبوت الدية في الجميع ممّا ذکر في غير وطى الزوجة بعد التسع، فلا ينبغي الاستشکال فيه في غير الأمة.
وأحکام الزوجيّة ثابتة قبل الطلاق من التوارث وتحريم الخامسة والجمع بين الاُختين؛ کما أنّ وجوب الانفاق مطلق لصورة الطلاق، بل التزوج بالغير أيضا على الأظهر.
کراهة مجئ المسافر عند الأهل في الليل
منها: أنه يکره للمسافر أن يدخل على أهله، ولو لم يکن زوجته، ليلاً حتى يصبح في رجوعه من سفره. وهل الحکم مطلق أو يختص بما بعد المبيت وغلق الأبواب؟ لعلّ المناسبة المرتکزة من المعرضية للإيذاء تقتضى الثاني.