کتاب الصلح

کتاب الصلح

کتاب الصلح

و هو التراضى و التسالم على أمر من تمليک عين أو منفعة أو إسقاط دين أو حق و غير ذلک ، و لا يشترط بکونه مسبوقا بالنزاع ، و يجوز إيقاعه على کل أمر إلا ما استثنى ، کما يأتى بعضها ، و فى کل مقام إلا إذا کان محرما لحلال أو محللا لحرام .

مسألة 1 :

الصلح عقد مستقل بنفسه و عنوان برأسه ، فلم يلحقه أحکام سائر العقود و لم تجر فيه شروطها و إن أفاد فائدتها ، فما أفاد فائدة البيع لا تلحقه أحکامه و شروطه ، فلا يجري فيه الخيارات المختصة بالبيع کخياري المجلس و الحيوان و لا الشفعة ، و لا يشترط فيه قبض العوضين إذا تعلق بمعاوضة النقدين ، و ما أفاد فائدة الهبة لا يعتبر فيه قبض العين کما اعتبر فيها و هکذا .

مسألة 2 :

الصلح عقد يحتاج إلى الايجاب و القبول مطلقا حتى فيما أفاد فائدة الابراء و الاسقاط على الاقوى ، فإبراء الدين و إسقاط الحق و إن لم يتوقفا على القبول لکن إذا وقعا بعنوان الصلح توقفا عليه .

مسألة 3 :

لا يعتبر فى الصلح صيغة خاصة ، بل يقع بکل لفظ أفاد التسالم على أمر من نقل أو قرار بين المتصالحين ، کصالحتک عن الدار أو منفعتها بکذا ، أو ما يفيد ذلک .

مسألة 4 :

عقد الصلح لازم من الطرفين لا يفسخ إلا بالاقالة أو الخيار حتى فيما أفاد فائدة الهبة الجائزة ، و الظاهر جريان جميع الخيارات فيه إلا خيار المجلس و الحيوان و التأخير فإنها مختصة بالبيع ، و فى ثبوت الارش لو ظهر عيب فى العين المصالح عنها أو عوضها إشکال ، بل لا يخلو عدم الثبوت من قوة ، کما أن الاقوى عدم ثبوت الرد من أحداث السنة .

مسألة 5 :

متعلق الصلح إما عين أو منفعة أو دين أو حق ، و على التقادير إما أن يکون مع العوض أو بدونه ، و على الاول إما أن يکون العوض عينا أو منفعة أو دينا أو حقا ، فهذه الصور کلها صحيحة .

مسألة 6 :

لو تعلق الصلح بعين أو منفعة أفاد انتقالهما إلى المتصالح سواء کان مع العوض أو لا ، و کذا إذا تعلق بدين على غير المصالح له أو حق قابل للانتقال کحقى التحجير و الاختصاص ، و لو تعلق بدين على المتصالح أفاد سقوطه ، و کذا لو تعلق بحق قابل للاسقاط غير قابل للنقل کحقى الشفعة و الخيار .

مسألة 7 :

يصح الصلح على مجرد الانتفاع بعين أو فضاء کأن يصالحه على أن يسکن داره ، أو يلبس ثوبه مدة ، أو على أن يکون جذوع سقفه على حائطه ، أو يجري ماؤه على سطح داره ، أو يکون ميزابه على عرصة داره ، إلى غير ذلک ، أو على أن يخرج جناحا فى فضاء ملکه ، أو على أن يکون أغصان أشجاره فى فضاء أرضه ، و غير ذلک ، فهذه کلها صحيحة بعوض و بغيره .

مسألة 8 :

إنما يصح الصلح عن الحقوق القابلة للنقل و الاسقاط ، و ما لا يقبل النقل و الاسقاط لا يصح الصلح عنه ، کحق مطالبة الدين ، و حق الرجوع فى الطلاق الرجعى ، و حق الرجوع فى البذل فى باب الخلع و غير ذلک .

مسألة 9 :

يشترط فى المتصالحين ما يشترط فى المتبايعين من البلوغ و العقل و القصد و الاختيار .

مسألة 10 :

الظاهر أنه تجري الفضولية فى الصلح حتى فيما إذا تعلق بإسقاط دين أو حق و أفاد فائدة الابراء و الاسقاط الذين لا تجري فيهما الفضولية .

مسألة 11 :

يجوز الصلح على الثمار و الخضر و غيرهما قبل وجودها و لو فى عام واحد و بلا ضميمة و إن لم يجز بيعها .

مسألة 12 :

لا إشکال فى أنه يغتفر الجهالة فى الصلح فيما إذا تعذر للمتصالحين معرفة المصالح عليه مطلقا ، کما إذا اختلط مال أحدهما بالاخر و لم يعلما مقدار کل منهما فأصطلحا على أن يشترکا فيه بالتساوي أو التخالف و کذا إذا تعذر عليهما معرفته فى الحال لتعذر الميزان و المکيال على الاظهر ، بل لا يبعد اغتفارها حتى مع إمکان معرفتهما بمقداره فى الحال .

مسألة 13 :

لو کان لغيره عليه دين أو کان منه عنده عين هو يعلم مقدارهما و الغير لا يعلمه فأوقعا الصلح بأقل من حق المستحق لم يحل له الزائد إلا أن يعلمه و يرضى به ، و کذا الحال لو لم يعلم مقدارهما لکن علم إجمالا زيادة المصالح عليه على مال الصلح ، نعم لو رضى بالصلح عن حقه الواقعى على کل حال بحيث لو تبين له الحال لصالح عنه بذلک المقدار بطيب نفسه حل له الزائد .

مسألة 14 :

لو صولح عن الربوي بجنسه بالتفاضل فالاقوى جريان حکم الربا فيه فيبطل ، نعم لا بأس به مع الجهل بالمقدار و إن احتمل التفاضل کما إذا کان لکل منهما طعام عند صاحبه و جهلا بمقداره فأوقعا الصلح على أن يکون لکل منهما ما عنده مع احتمال التفاضل .

مسألة 15 :

يصح الصلح عن دين بدين حالين أو مؤجلين أو بالاختلاف متجانسين أو مختلفين

سواء کان الدينان على شخصين أو على شخص واحد کما إذا کان له على ذمة زيد وزنة حنطة و لعمرو عليه وزنة شعير فصالح مع عمرو على ما له فى ذمة زيد بما لعمرو فى ذمته ، فيصح فى الجميع إلا فى المتجانسين مما يکال أو يوزن مع التفاضل ، نعم لو صالح عن الدين ببعضه کما إذا کان له عليه دراهم إلى أجل فصالح عنها بنصفها حالا فلا بأس به إذا کان المقصود إسقاط الزيادة و الابراء عنها و الاکتفاء بالناقص کما هو المقصود المتعارف فى نحو هذه المصالحة لا المعاوضة بين الزائد و الناقص .

مسألة 16 :

يجوز أن يصالح الشريکان على أن يکون لاحدهما رأس المال و الربح للاخر و الخسران عليه .

مسألة 17 :

يجوز للمتداعيين فى دين أو عين أو منفعة أن يتصالحا بشى‌ء من المدعى به أو بشى‌ء آخر حتى مع إنکار المدعى عليه ، و يسقط به حق الدعوى ، و کذا حق اليمين الذي کان للمدعى على المنکر ، و ليس للمدعى بعد ذلک تجديد الدعوى ، لکن هذا فصل ظاهري ينقطع به الدعوى ظاهرا ، و لا ينقلب الواقع عما هو عليه ، فلو ادعى دينا على غيره فأنکره فتصالحا على النصف فهذا الصلح موجب لسقوط دعواه ، لکن إذا کان محقا بقيت ذمة المدعى عليه مشغولة بالنصف ، و إن کان معتقدا لعدم محقيته إلا إذا فرض أن المدعى صالح عن جميع ماله واقعا ، و إن کان مبطلا واقعا يحرم عليه ما أخذه من المنکر إلا مع فرض طيب نفسه واقعا لا أن رضاه لاجل التخلص عن دعواه الکاذبة .

مسألة 18 :

لو قال المدعى عليه للمدعى صالحنى لم يکن هذا إقرار بالحق لما مر من أن الصلح يصح مع الانکار ، و أما لو قال : بعنى أو ملکنى فهو إقرار بعدم کونه ملکا له ، و أما کونه إقرارا بملکية المدعى فلا يخلو من إشکال .

مسألة 19 :

لو کان لشخص ثوب قيمته عشرون و لاخر ثوب قيمته ثلاثون و اشتبها فإن خير أحدهما صاحبه فقد أنصفه و أحل له ما اختاره و لصاحبه الاخر ، و إن تضايقا فإن کان المقصود لکل منهما المالية کما إذا اشترياهما للمعاملة بيعا و قسم الثمن بينهما بنسبة مالهما ، و إن کان المقصود عينهما لا المالية فلابد من القرعة .

مسألة 20 :

لو کان لاحد مقدار من الدراهم و لاخر مقدار منها عند ودعى أو غيره فتلف مقدار لا يدري أنه من أي منهما فإن تساوي مقدار الدراهم منهما بأن کان لکل منهما درهمان مثلا فلا يبعد أن يقال يحسب التالف عليهما و يقسم الباقى بينهما نصفين ، و إن تفاوتا فإما أن يکون التالف بمقدار ما لاحدهما و أقل مما للاخر أو يکون أقل من کل منهما ، فعلى الاول لا يبعد أن يقال يعطى للاخر ما زاد من ماله على التالف و يقسم الباقى بينهما نصفين ، کما إذا کان لاحدهما درهمان و للاخر درهم و کان التالف درهما يعطى صاحب الدرهمين درهما و يقسم الدرهم الباقى بينهما نصفين ، أو کان لاحدهما خمسة و للاخر درهمان و کان التالف درهمين يعطى لصاحب الخمسة ثلاثة و يقسم الباقى و هو الدرهمان نصفين ، و على الثانى لا يبعد أن يقال أنه يعطى لکل منهما ما زاد من ماله على التالف و يقسم الباقى بينهما نصفين ، فإذا کان لاحدهما خمسة و للاخر أربعة و کان التالف ثلاثة يعطى لصاحب الخمسة اثنان و لصاحب الاربعة واحد و يقسم الباقى بينهما نصفين ، لکن لا ينبغى ترک الاحتياط بالتصالح فى شقوق المسألة خصوصا فى غير ما استودع رجلا غيره دينارين و استودعه الاخر دينارا فضاع دينار منهما ، ه

ا کله فى مثل الدرهم و الدينار ، و لا يبعد جريان حکمهما فى مطلق المثليين الممتازين کمنين و من لو تلف من و اشتبه الامر ، و لا ينبغى ترک الاحتياط هنا أيضا ، نعم إذا کان المثليان مما يقبل الاختلاط و الامتزاج کالزيت و الحنطة فامتزجا فتلف البعض يکون التلف بنسبة المالين ، ففى المنين و المن إذا امتزجا و تلف من تکون البقية بينهما تثليثا ، و لو کان المالان قيميين کالثياب و الحيوان فلابد من المصالحة أو تعيين التالف بالقرعة .

مسألة 21 :

يجوز إحداث الروشن المسمى فى العرف الحاضر بالشناشيل على الطرق النافذة و الشوارع العامة إذا کانت عالية بحيث لم تضر بالمارة ، و ليس لاحد منعه حتى صاحب الدار المقابل و إن استوعب عرض الطريق بحيث کان مانعا عن إحداث روشن فى مقابله ما لم يضع منه شيئا على جداره نعم إذا استلزم الاشراف على دار الجار ففى جوازه تردد و إشکال و إن جوزنا مثل ذلک فى تعلية البناء على ملکه ، فلا يترک الاحتياط .

مسألة 22 :

لو بنى روشنا على الجادة ثم انهدم أو هدمه فإن يکن من قصده تجديد بنائه لا مانع لان يبنى الطرف المقابل ما يشغل ذلک الفضاء و لم يحتج إلى الاستئذان من البانى الاول ، و إلا ففيه إشکال ، بل عدم الجواز لا يخلو من قوة إذا هدمه ليبنيه جديدا .

مسألة 23 :

لو أحدث شخص روشنا على الجادة فهل للطرف المقابل إحداث روشن آخر فوقه أو تحته بدون إذنه ؟ فيه إشکال خصوصا فى الاول ، بل عدم الجواز فيه لا يخلو من قوة ، نعم لو کان الثانى أعلى بکثير بحيث لم يشغل الفضاء الذي يحتاج إليه صاحب الاول بحسب العادة من جهة التشميس و نحوه لا بأس به .

مسألة 24 :

کما يجوز إحداث الرواشن على الجادة يجوز فتح الابواب المستجدة فيها سواء کان له باب آخر أم لا ، و کذا فتح الشباک و الروازن عليها و نصب الميزاب فيها ، و کذا بناء ساباط عليها إن لم يکن معتمدا على حائط غيره مع عدم إذنه و لم يکن مضرا بالمارة و لو من جهة الظلمة ، و لو فرض أنه کما يضرهم من جهة ينفعهم من جهة أو جهات أخر کالوقاية عن الحر و البرد و التحفظ عن الطين و غير ذلک فالظاهر وجوب الرجوع إلى حاکم الشرع فيتبع نظره ، و فى جواز إحداث البالوعة للامطار فيها حتى مع التحفظ عن کونها مضرة بالمارة و کذا نقب السرداب تحت الجادة حتى مع إحکام أساسه و بنيانه و سقفه بحيث يؤمن من الثقب و الخسف و الانهدام إشکال و إن کان جوازه لا يخلو من قرب .

مسألة 25 :

لا يجوز لاحد إحداث شى‌ء من روشن أو جناح أو بناء ساباط أو نصب ميزاب أو فتح باب أو نقب سرداب و غير ذلک على الطرق غير النافذة إلا بإذن أربابها سواء کان مضرا أم لا ، و کذا لا يجوز لاحد من الارباب إلا بإذن شرکائه فيها ، و لو صالح غيرهم معهم أو بعضهم مع الباقين على إحداث شى‌ء من ذلک صح و لزم سواء کان مع العوض أم لا ، و يأتى إنشاء الله فى کتاب إحياء الموات بعض ما يتعلق بالطريق .

مسألة 26 :

لا يجوز لاحد أن يبنى بناء على حائط جاره أو يضع جذوع سقفه عليه إلا بإذنه و رضاه ، و إن التمس ذلک منه لم يجب عليه إجابته ، و إن استحب له مؤکدا ، و لو بنى أو وضع الجذوع بإذنه و رضاه فإن کان ذلک بعنوان ملزم کالشرط و الصلح و نحوهما لم يجز له الرجوع ، و أما لو کان مجرد الاذن و الرخصة فجاز الرجوع قبل البناء و الوضع و البناء على الجذع قطعا ، و أما بعد ذلک فلا يترک الاحتياط بالتصالح و التراضى و لو بالابقاء مع الاجرة أو الهدم مع الارش و إن کان الاقرب جواز الرجوع بلا أرش .

مسألة 27 :

لا يجوز للشريک فى الحائط التصرف فيه ببناء أو تسقيف أو إدخال خشبة أو وتد أو غير ذلک إلا بإذن شريکه أو إحراز رضاه و لو بشاهد الحال ، کما هو کذلک فى التصرفات اليسيرة کالاستناد إليه و وضع يده أو طرح ثوب عليه أو غير ذلک ، بل الظاهر أن مثل هذه الامور اليسيرة لا يحتاج إلى إحراز الاذن و الرضا کما جرت به السيرة نعم إذا صرح بالمنع و أظهر الکراهة لم يجز .

مسألة 28 :

لو انهدم الجدار المشترک و أراد أحد الشريکين تعميره لم يجبر شريکه على المشارکة فى عمارته ، و هل له التعمير من ماله مجانا بدون إذن شريکه ؟ لا إشکال فى أن له ذلک إذا کان الاساس مختصا به و بناه بآلات مختصة به ، کما لا إشکال فى عدم الجواز إن کان الاساس مختصا بشريکه ، و أما إذا کان مشترکا فإن کان قابلا للقسمة ليس له التعمير بدون إذنه ، نعم له المطالبة بالقسمة فيبنى على حصته المفروزة ، و إن لم يکن قابلا لها و لم يوافقه الشريک فى شى‌ء يرفع أمره إلى الحاکم ليخيره بين عدة أمور : من بيع أو إجارة أو المشارکة معه فى العمارة أو الرخصة فى تعميره و بنائه من ماله مجانا ، و کذا الحال لو کانت الشرکة فى بئر أو نهر أو قناة أو ناعور و نحو ذلک ، ففى جميع ذلک يرفع الامر إلى الحاکم فيما لا يمکن القسمة ، و لو أنفق فى تعميرها من ماله فنبع الماء أو زاد ليس له أن يمنع شريکه الغير المنفق من نصيبه من الماء .

مسألة 29 :

لو کانت جذوع دار أحد موضوعة على حائط جاره و لم يعلم على أي وجه وضعت حکم فى الظاهر بکونه عن حق حتى يثبت خلافه ، فليس للجار أن يطالبه برفعها عنه ، بل و لا منعه من التجديد لو انهدم السقف ، و کذا الحال لو وجد بناء أو مجرى ماء أو نصب ميزاب فى ملک غيره و لم يعلم سببه ، فيحکم فى أمثال ذلک بکونه عن حق إلا أن يثبت کونها عن عدوان أو بعنوان العارية التى يجوز فيها الرجوع .

مسألة 30 :

لو خرجت أغصان شجرة إلى فضاء ملک الجار من غير استحقاق له أن يطالب مالکها بعطف الاغصان أو قطعها من حد ملکه ، و إن امتنع صاحبها يجوز له عطفها أو قطعها ، و مع إمکان الاول لا يجوز الثانى .

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

پر بازدیدترین ها

No image

القول فى السبب‌

No image

القول فى التعقیب‌

No image

کتاب الخمس

No image

القول فى واجبات الغسل

No image

القول فى مسوغاته

Powered by TayaCMS