کتاب الودیعة

کتاب الودیعة

کتاب الوديعة

و هى عقد يفيد استنابة فى الحفظ ، أو استنابة فيه ، و بعبارة أخرى هى وضع المال عند الغير ليحفظه لمالکه ، و تطلق کثيرا على المال الموضوع و يقال لصاحب المال المودع ، و لذلک الغير الودعى و المستودع ، و تحتاج إلى الايجاب ، و هو کل لفظ دال على تلک الاستنابة ، کأن يقول : أودعتک هذا المال أو احفظه أو هو وديعة عندک و نحو ذلک ، و القبول الدال على الرضا بالنيابة فى الحفظ ، و لا يعتبر فيه العربية ، بل يقع بکل لغة ، و يجوز أن يکون الايجاب باللفظ ، و القبول بالفعل بأن تسلم بعد الايجاب لذلک ، بل يصح الوقوع بالمعاطاة بأن يسلمه للحفظ و تسلم لذلک .

مسألة 1 :

لو طرح ثوبا مثلا عند أحد و قال : هذا وديعة عندک فإن قبلها بالقول أو الفعل الدال عليه صار وديعة ، و فى تحققها بالسکوت الدال على الرضا إشکال ، و لو لم يقبلها لم يصر وديعة حتى فيما إذا طرحه عنده بهذا القصد و ذهب و ترکه عنده ، و ليس عليه ضمان حينئذ ، و إن کان الاحوط القيام بحفظه مع الامکان .

مسألة 2 :

إنما يجوز قبول الوديعة لمن کان قادرا على حفظها ، فمن کان عاجزا لم يجز له قبولها على الاحوط إلا إذا کان المودع أعجز منه فى الحفظ مع عدم مستودع آخر قادر عليه ، فإن الجواز فى هذه الصورة غير بعيد خصوصا مع التفات المودع .

مسألة 3 :

الوديعة جائزة من الطرفين ، فللمالک استرداد ماله متى شاء ، و للمستودع رده کذلک ، و ليس للمودع الامتناع من قبوله و لو فسخها المستودع عند نفسه انفسخت و زالت الامانة المالکية ، و صار عنده أمانة شرعية ، فيجب عليه رده إلى مالکه أو من يقوم مقامه أو إعلامه الفسخ فلو أهمل لا لعذر شرعى أو عقلى ضمن .

مسألة 4 :

يعتبر فى کل من المستودع و المودع البلوغ و العقل فلا يصح استيداع الصبى و لا المجنون و کذا إيداعهما من غير فرق بين کون المال لهما أو لغيرهما من الکاملين ، بل لا يجوز وضع اليد على ما أودعاه ، و لو أخذه منهما ضمنه و لا يبرأ برده إليهما ، و إنما يبرأ بإيصاله إلى وليهما ، نعم لا بأس بأخذه إذا خيف هلاکه و تلفه فى يدهما ، فيؤخذ بعنوان الحسبة فى الحفظ و لکن لا يصير بذلک وديعة و أمانة مالکية ، بل تکون أمانة شرعية يجب عليه حفظها و المبادرة على إيصالها إلى وليهما أو إعلامه بکونها عنده ، و ليس عليه ضمان لو تلفت فى يده .

مسألة 5 :

لو أرسل شخص کامل مالا بواسطة الصبى أو المجنون إلى شخص ليکون وديعة عنده و أخذه منهما بهذا العنوان فالظاهر صيرورته وديعة عنده ، لکونهما بمنزلة الالة للکامل .

مسألة 6 :

لو أودع عند الصبى و المجنون مالا لم يضمناه بالتلف ، بل بالاتلاف أيضا إذا لم يکونا مميزين ، و إن کانا مميزين صالحين للاستئمان لا يبعد ضمانهما مع التلف مع تفريطهما فى الحفظ ، فضلا عن الاتلاف .

مسألة 7 :

يجب على المستودع حفظ الوديعة بما جرت العادة بحفظها به و وضعها فى الحرز الذي يناسبها ، کالصندوق المقفل للثوب و الدراهم و الحلى و نحوها ، و الاصطبل المضبوط بالغلق للدابة ، و المراح کذلک للشاة ، و بالجملة حفظها فى محل لا يعد معه عند العرف مضيعا و مفرطا و خائنا حتى فيما إذا علم المودع بعدم وجود حرز لها عند المستودع ، فيجب عليه بعد القبول تحصيله مقدمة للحفظ الواجب عليه ، و کذا يجب عليه القيام بجميع ماله دخل فى صونها من التعيب أو التلف کالثوب ينشره فى الصيف إذا کان من الصوف أو الابريسم و الدابة يعلفها و يسقيها و يقيها من الحر و البرد فلو أهمل عن ذلک ضمنها .

مسألة 8 :

لو عين المودع موضعا خاصا لحفظ الوديعة و فهم منه القيدية اقتصر عليه ، و لا يجوز نقلها إلى غيره بعد وضعها فيه و إن کان أحفظ ، فلو نقلها منها ضمنها ، نعم لو کانت فى ذلک المحل فى معرض التلف جاز نقلها إلى مکان آخر أحفظ ، و لا ضمان عليه حتى مع نهى المالک بأن قال : لا تنقلها و إن تلفت ، و إن کان الاحوط حينئذ مراجعة الحاکم مع الامکان .

مسألة 9 :

لو تلفت الوديعة فى يد المستودع من دون تعد منه و لا تفريط لم يضمنها ، و کذا لو أخذها منه ظالم قهرا ، سواء انتزعها من يده أو أمره بدفعها له بنفسه فدفعها کرها ، نعم يقوى الضمان لو کان هو السبب لذلک و لو من جهة إخباره بها أو إظهارها فى محل کان مظنة الوصول إلى الظالم ، فحينئذ لا يبعد انقلاب يده إلى يد الضمان سواء وصل إليها الظالم أم لا .

مسألة 10 :

لو تمکن من دفع الظالم بالوسائل الموجبة لسلامة الوديعة وجب ، حتى أنه لو توقف دفعه على إنکارها کاذبا بل الحلف عليه جاز بل وجب ، فإن لم يفعل ضمن ، و فى وجوب التورية عليه مع الامکان إشکال ، أحوطه ذلک ، و أقواه العدم .

مسألة 11 :

إن کانت مدافعته عن الظالم مؤدية إلى الضرر على بدنه من جرح و غيره أو هتک فى عرضه أو خسارة فى ماله لا يجب تحمله ، بل لا يجوز فى غير الاخير ، بل فيه أيضا ببعض مراتبه ، نعم لو کان ما يترتب عليها يسيرا جدا بحيث يتحمله غالب الناس کما إذا تکلم معه بکلام خشن لا يکون هاتکا له بالنظر إلى شرفه و رفعة قدره و إن تأذى منه بالطبع فالظاهر وجوب تحمله .

مسألة 12 :

لو توقف دفع الظالم عن الوديعة على بذل مال له أو لغيره فإن کان بدفع بعضها وجب ، فلو أهمل فأخذه الظالم کلها ضمن المقدار الزائد على ما يندفع به منها لاتمامها ، فلو يندفع بالنصف ضمن النصف أو بالثلث ضمن الثلثين و هکذا ، و کذا الحال فيما إذا کان عنده من شخص وديعتان و کان الظالم يندفع بدفع إحداهما فأهمل حتى أخذ کلتيهما ، فإن کان يندفع بإحداهما المعينة ضمن الاخرى ، و إن کان بإحداهما لا بعينها ضمن أکثرهما قيمة و لو توقف دفعه على المصانعة معه بدفع مال من المستودع لم يجب عليه الدفع تبرعا و مجانا ، و أما مع قصد الرجوع به على المالک فإن أمکن الاستئذان منه أو ممن يقوم مقامه کالحاکم عند عدم الوصول إليه لزم ، فإن دفع بلا استئذان لم يستحق الرجوع به عليه ، و إن لم يمکن الاستئذان وجب عليه على الاحوط أن يدفع ، و له أن يرجع على المالک بعد ما کان قصده ذلک .

مسألة 13 :

لو کانت الوديعة دابة يجب عليه سقيها و علفها و لو لم يأمره المالک ، بل و لو نهاه ، أو ردها إلى مالکها أو القائم مقامه ، و لا يجب أن يکون السقى و نحوه بمباشرته ، و لا أن يکون ذلک فى محلها ، فيجوز التسبيب لذلک ، و کذا يجوز إخراجها من منزله لذلک و إن أمکن حصوله فى محلها بعد جريان العادة بذلک ، نعم لو کان الطريق مثلا مخوفا لم يجز إخراجها ، کما أنه لا يجوز أن يولى غيره لذلک إذا کان غير مأمون إلا مع مصاحبته أو مصاحبة أمين معه ، و بالجملة لا بد من مراعاة حفظها على المعتاد بحيث لا يعد معها عرفا مفرطا و متعديا ، هذا بالنسبة إلى أصل سقيها و علفها ، و أما بالنسبة إلى نفقتها فإن وضع المالک عنده عينها أو قيمتها أو أذن له فى الانفاق عليها من ماله على ذمته فلا إشکال ، و إلا فالواجب أولا الاستئذان من المالک أو وکيله ، فإن تعذر رفع الامر إلى الحاکم ليأمره بما يراه صلاحا و لو ببيع بعضها للنفقة ، فإن تعذر الحاکم أنفق هو من ماله و أشهد عليه على الاولى الاحوط ، و يرجع على المالک مع نيته .

مسألة 14 :

تبطل الوديعة بموت کل واحد من المودع و المستودع أو جنونه ، فإن کان هو المودع تکون الوديعة فى يد الودعى أمانة شرعية فيجب عليه فورا ردها إلى وارث المودع أو وليه أو إعلامها بها ، فإن أهمل لا لعذر شرعى ضمن ، نعم لو کان ذلک لعدم العلم بکون من يدعى الارث وارثا أو انحصار الوارث فيمن علم کونه وارثا فأخر الرد و الاعلام للتروي و الفحص لم يکن عليه ضمان على الاقوى ، و إن کان الوارث متعددا سلمها إلى الکل أو إلى من يقوم مقامهم ، و لو سلمها إلى بعض من غير إذن ضمن حصص الباقين ، و إن کان هو المستودع تکون أمانة شرعية فى يد وارثه أو وليه على فرض کونها تحت يدهما ، و يجب عليهما الرد إلى المودع أو من يقوم مقامه أو إعلامه فورا .

مسألة 15 :

يجب رد الوديعة عند المطالبة فى أول وقت الامکان و إن کان المودع کافرا محترم المال ، بل و إن کان حربيا مباح المال على الاحوط ، و الذي هو الواجب عليه رفع يده عنها و التخلية بينها و بين المالک لا نقلها إليه ، فلو کانت فى صندوق مقفل أو بيت مغلق ففتحهما عليه فقال : خذ وديعتک فقد أدى ما هو تکليفه و خرج من عهدته ، کما أن الواجب عليه مع الامکان الفورية العرفية ، فلا يجب عليه الرکض و نحوه و الخروج من الحمام مثلا فورا و قطع الطعام و الصلاة و إن کانت نافلة و نحو ذلک ، و هل يجوز له التأخير ليشهد عليه ؟ قولان ، أقواهما ذلک إذا کان الاشهاد غير موجب للتأخير الکثير ، و إلا فلا يجوز خصوصا لو کان الايداع بلا إشهاد ، هذا إذا لم يرخص فى التأخير و عدم الاسراع و التعجيل ، و إلا فلا إشکال فى عدم وجوب المبادرة .

مسألة 16 :

لو أودع اللص ما سرقه عند شخص لا يجوز له رده عليه مع الامکان ، بل يکون أمانة شرعية فى يده ، فيجب عليه إيصاله إلى صاحبه إن عرفه ، و إلا عرف سنه ، فإن لم يجد صاحبه فلا يترک الاحتياط بالتصدق به عنه ، فإن جاء بعد ذلک خيره بين الاجر و الغرم ، فإن اختار أجر الصدقة کان له ، و إن اختار الغرامة غرم له ، و کان الاجر للغارم ، و أن لا يبعد جريان حکم اللقطة عليه .

مسألة 17 :

کما يجب رد الوديعة عند مطالبة المالک يجب ردها إذا خاف عليها من تلف أو سرق أو حرق و نحو ذلک ، فإن أمکن إيصالها إلى المالک أو وکيله الخاص أو العام تعين ، و إلا فليوصلها إلى الحاکم لو کان قادرا على حفظها ، و لو فقد الحاکم أو کانت عنده أيضا فى معرض التلف أودعها عند ثقة أمين متمکن من حفظها ،

مسألة 18 :

إذا ظهرت للمستودع أمارة الموت بسبب المرض أو غيره يجب عليه ردها إلى مالکها أو وکيله مع الامکان ، و إلا فإلى الحاکم و مع فقده يوصى و يشهد بها ، فلو أهمل عن ذلک ضمن ، و ليکن الايصاء و الاشهاد بنحو يترتب عليهما حفظها لصاحبها ، فلا بد من ذکر الجنس و الوصف و تعيين المکان و المالک ، فلا يکفى قوله : عندي وديعة لشخص ، نعم يقوى عدم لزومهما رأسا فيما إذا کان الوارث مطلعا عليها و کان ثقة أمينا .

مسألة 19 :

يجوز للمستودع أن يسافر و يبقى الوديعة فى حرزها السابق عند أهله و عياله لو لم يکن السفر ضروريا إذا لم يتوقف حفظها على حضوره ، و إلا فعليه أما ترک السفر و أما ردها إلى مالکها أو وکيله ، و مع التعذر إلى الحاکم ، و مع فقده فالظاهر تعين الاقامة و ترک السفر ، و لا يجوز أن يسافر بها على الاحوط و لو مع أمن الطريق و مع مساواة السفر للحضر فى الحفظ ، و لو قيل باختلاف الودائع فيجوز فى بعضها السفر بها لکان حسنا ، لکن لا يترک الاحتياط مطلقا ، و الاقوى عدم جواز إيداعها عند الامين ، و أما لو کان السفر ضروريا له فإن تعذر ردها إلى المالک أو وکيله أو الحاکم تعين إيداعها عند الامين ، فإن تعذر سافر بها محافظا لها بقدر الامکان ، و ليس عليه ضمان ، نعم فى مثل الاسفار الطويلة الکثيرة الخطر اللازم أن يعامل فيه معاملة من ظهر له أمارة الموت على ما سبق تفصيله .

مسألة 20 :

المستودع أمين ليس عليه ضمان لو تلفت الوديعة أو تعيبت بيده إلا عند التفريط و التعدي کما هو الحال فى کل أمين ، أما التفريط فهو الاهمال فى محافظتها و ترک ما يوجب حفظها على مجرى العادة بحيث يعد معه عند العرف مضيعا و مسامحا ، کما إذا طرحها فى محل ليس بحرز و ذهب عنها غير مراقب لها ، أو ترک سقى الدابة و علفها أو نشر ثوب الصوف و الابريسم فى الصيف ، أو أودعها ، أو ترک تحفظها من النداوة فيما تفسدها النداوة کالکتب و بعض الاقمشة ، أو سافر بها ، نعم فى کون مطلق السفر و السفر بمطلقها من التفريط منع ، مثل أن يلبس الثوب ، أو يفرش الفراش ، أو يرکب الدابة إذا لم يتوقف حفظها على التصرف کما إذا توقف حفظ الثوب و الفراش من الدود على اللبس و الافتراش ، أو يصدر منه بالنسبة إليها ما ينافى الامانة ، و تکون يده عليها على وجه الخيانة ، کما إذا جحدها لا لمصلحة الوديعة و لا لعذر من نسيان و نحوه ، و قد يجتمع التفريط مع التعدي کما إذا طرح الثوب و القماش و الکتب و نحوها فى موضع يفسدها ، و لعل من ذلک ما إذا أودعه دراهم مثلا فى کيس مختوم أو مخيط أو مشدود فکسر ختمه أو حل خيطه و شده من دون ضرورة و مصلحة ، و من التعدي‌

خلطها بماله سواء کان بالجنس أو بغيره ، و سواء کان بالمساوي أو بالاجود أو بالاردى ، و لو مزجها بالجنس من مال المودع کما إذا أودع عنده دراهم فى کيسين غير مختومين و لا مشدودين فجعلهما کيسا واحدا فالظاهر کونه تعديا مع احتمال تعلق غرضه بانفصالهما فضلا عن إحرازه .

مسألة 21 :

المراد بکونها مضمونة بالتفريط و التعدي أن ضمانها عليه لو تلفت و لو لم يکن مستندا إلى تفريطه و تعديه ، و بعبارة أخرى تنقلب يده الامانية غير الضمانية إلى الخيانية الضمانية .

مسألة 22 :

لو نوى التصرف و لم يتصرف فيها لم يضمن ، نعم لو نوى الغصب بأن قصد الاستيلاء عليها لنفسه و التغلب على مالکها کسائر الغاصبين ضمنها ، و تصير يده يد عدوان ، و لو رجع عن قصده لم يزل الضمان ، و مثله ما إذا جحدها أو طلبت منه فامتنع من الرد مع التمکن عقلا و شرعا ، فإنه يضمنها بمجرد ذلک ، و لم يبرأ من الضمان لو عدل عن جحوده أو امتناعه .

مسألة 23 :

لو کانت الوديعة فى کيس مختوم مثلا ففتحها و أخذ بعضها ضمن الجميع ، بل المتجه الضمان بمجرد الفتح کما سبق ، و أما لو لم تکن مودعة فى حرز أو کانت فى حرز من المستودع فأخذ بعضها فإن کان من قصده أخذ التمام شيئا فشيئا فلا يبعد أن يکون ضامنا للجميع ، هذا إذا جعلها المستودع فى حرزه ، و أما لو کان المودع أخذ الحرز منه و جعلها فيه و ختمه أو خاطه فأودعها فالوجه ضمان الجميع بمجرد الفتح من دون مصلحة أو ضرورة .

مسألة 24 :

لو سلمها إلى زوجته أو ولده أو خادمه ليحرزوها ضمن إلا أن يکونوا کالالة لکون ذلک بمحضره و باطلاعه و بمشاهدته .

مسألة 25 :

لو فرط فى الوديعة ثم رجع عن تفريطه بأن جعلها فى الحرز المضبوط و قام بما يوجب حفظها أو تعدى ثم رجع کما إذا لبس الثوب ثم نزعه لم يبرأ من الضمان ، نعم لو جدد المالک معه عقد الوديعة بعد فسخ الاول ارتفع الضمان ، فهو مثل ما إذا کان مال بيد الغاصب فجعله أمانه عنده ، فإن الظاهر أنه بذلک يرتفع الضمان من جهة تبدل عنوان العدوان إلى الاستئمان ، و لو أبرأه من الضمان ففى سقوطه قولان ، أوجههما السقوط ، نعم لو تلفت فى يده و اشتغلت ذمته بعوضها لا إشکال فى صحة الابراء .

مسألة 26 :

لو أنکر الوديعة أو اعترف بها و ادعى التلف أو الرد و لا بينة فالقول قوله بيمينه ، و کذلک لو تسالما على التلف و لکن ادعى عليه المودع التفريط أو التعدي .

مسألة 27 :

لو دفعها إلى غير المالک و ادعى الاذن منه فأنکر و لا بينة فالقول قول المالک ، و أما لو صدقه على الاذن لکن أنکر التسليم إلى من أذن له فهو کدعواه الرد إلى المالک فى أن القول قوله .

مسألة 28 :

لو أنکر الوديعة فلما أقام المالک البينة عليها صدقها لکن ادعى کونها تالفة قبل أن ينکرها لا تسمع دعواه ، فلا يقبل منه اليمين و لا البينة على إشکال ، و أما لو ادعى تلفها بعد ذلک تسمع دعواه لکن يحتاج إلى البينة ، و مع ذلک عليه الضمان لو کان إنکاره بغير عذر .

مسألة 29 :

لو أقر بالوديعة ثم مات فإن عينها فى عين شخصية معينة موجودة حال موته أخرجت من الترکة ، و کذا لو عينها فى ضمن مصاديق من جنس واحد موجودة حال الموت ، کما إذا قال : " إحدى هذه الشياة وديعة عندي من فلان " فعلى الورثة إذا احتملوا صدقه و لم يميزوا أن يعاملوا معها معاملة ما إذا علموا إجمالا بأن إحداها لفلان ، و الاقوى التعيين بالقرعة ، و إن عين الوديعة و لم يعين المالک کان من مجهول المالک ، و قد مر حکمه فى کتاب الخمس ، و هل يعتبر قول المودع و يجب تصديقه لو عينها فى معين و احتمل صدقه ؟ وجهان : أوجههما عدمه ، و لو لم يعينها بأحد الوجهين بأن قال : " عندي فى هذه الترکة وديعة من فلان " فمات بلا فصل يحتمل معه ردها أو تلفها بلا تفريط فالظاهر اعتبار قوله ، فيجب التخلص بالصلح على الاحوط ، و يحتمل قويا العمل بالقرعة ، و مع أحد الاحتمالين المتقدمين ففى الوجوب تردد لو قال : " عندي فى هذه الترکة وديعة " نعم لو قال : " عندي وديعة " من غير تعيين مطلقا أو مع تعيين ما و لو يذکر أنها فى ترکتى فالظاهر عدم وجوب شى‌ء فى الترکة ما لم يعلم بالتلف تفريطا أو تعديا .

خاتمة

الامانة على قسمين : مالکية و شرعية ، أما الاول فهو ما کان باستئمان من المالک و إذنه سواء کان عنوان عمله ممحضا فى ذلک کالوديعة ، أو بتبع عنوان آخر مقصود بالذات کما فى الرهن و العارية و الاجارة و المضاربة ، فإن العين فيها بيد الطرف أمانة مالکية حيث أن المالک قد سلمها إليهم و ترکها بيدهم من دون مراقبة منه ، و جعل حفظها على عهدتهم .

و أما الثانى فهو ما لم يکن الاستيلاء عليها و وضع اليد باستئمان و إذن من المالک ، و قد صارت تحت يده لا على وجه العدوان ، بل أما قهرا کما إذا أطارتها الريح أو جاء بها السيل مثلا فى ملکه و وقعت تحت يده ، و إما بتسليم المالک لها بدون اطلاع منهما کما إذا اشترى صندوقا فوجد فيه شيئا من مال البائع بدون اطلاعه أو تسلم البائع أو المشتري زائدا على حقهما من جهة الغلط فى الحساب مثلا ، و أما برخصة من الشرع کاللقطة و الضالة و ما ينتزع من يد السارق أو الغاصب للايصال إلى صاحبه ، و کذا ما يؤخذ من الصبى أو المجنون من مالهما عند خوف التلف فى أيديهما حسبة للحفظ ، و ما يؤخذ مما کان فى معرض الهلاک و التلف من الاموال المحترمة کحيوان معلوم المالک فى مسبعة أو مسيل و نحو ذلک ، فإن العين فى جميع هذه الموارد تکون تحت يد المستولى عليها أمانة شرعية يجب عليه حفظها و إيصالها فى أول أزمنة الامکان إلى صاحبها و لو مع عدم المطالبة ، و ليس عليه ضمان لو تلفت فى يده إلا مع التفريط أو التعدي کالامانة المالکية ، و يحتمل عدم وجوب إيصالها و کفاية إعلام صاحبها بکونها عنده و التخلية بينها و بينه بحيث کلما أراد أن يأخذها أخذها ، بل لا يخلو هذا

ن قوة ، و لو کانت العين أمانة مالکية يتبع عنوان آخر و قد ارتفع ذلک العنوان کالعين المستأجرة بعد انقضاء مدة الاجارة و العين المرهونة بعد فک الرهن و المال الذي بيد العامل بعد فسخ المضاربة ففى کونها أمانة مالکية أو شرعية وجهان بل قولان لا يخلو أولهما من رجحان .

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

پر بازدیدترین ها

No image

القول فى واجبات الغسل

No image

القول فى السبب‌

No image

القول فى مسوغاته

No image

القول فى التعقیب‌

No image

القول فى الشروط

Powered by TayaCMS