فصل فی المطهرات

فصل فی المطهرات

و هى أحد عشر : أولها الماء و يطهر به کل متنجس حتى الماء کما تقدم فى فصل المياه ، و قد مر کيفية تطهيره به ، و أما کيفية تطهير غيره به فيکفى فى المطر استيلاؤه على المتنجس بعد زوال العين و بعد التعفير فى الولوغ ، و کذا فى الکر و الجاري ، إلا أن الاحوط فيما يقبل العصر اعتباره أو اعتبار ما يقوم مقامه من الفرک و الغمز و نحوهما حتى مثل الحرکة العنيفة فى الماء حتى تخرج الماء الداخل ، و لا فرق بين أنواع النجاسات و أصناف المتنجسات سوى الاناء المتنجس بالولوغ أو بشرب الخنزير و موت الجرذ ، فإن الاحوط تطهيره بهما کتطهيره بالقليل ، بل الاحوط الاولى تطهير مطلق الاناء المتنجس کالتطهير بالقليل ، و إن کان الارجح کفاية المرة فيه ، و أما غيره فيطهر ما لا ينفذ فيه الماء و النجاسة بمجرد غمسه فى الکر أو الجاري بعد زوال عين النجاسة و إزالة المانع لو کان ، و الذي ينفذ فيه و لا يمکن عصره کالکوز و الخشب و الصابون و نحو ذلک يطهر ظاهره بمجرد غمسه فيهما ، و باطنه بنفوذ الماء المطلق فيه بحيث يصدق أنه غسل به ، و لا يکفى نفوذ الرطوبة ، و تحقق ذلک فى غاية الاشکال ، بل الظاهر عدم تحققه إلا نادرا ، و مع الشک فى تحققه بأن يشک فى النفوذ

أو فى حصول الغسل به يحکم ببقاء النجاسة ، نعم مع القطع بهما و الشک فى بقاء إطلاق الماء يحکم بالطهارة ، هذا بعض الکلام فى کيفية التطهير بالکر و الجاري ، و سنذکر بعض ما يتعلق به فى طى المسائل الاتية ، و أما التطهير بالقليل فالمتنجس بالبول غير الانية يعتبر فيه التعدد مرتين ، و الاحوط کونهما غير غسلة الازالة ، و المتنجس بغير البول إن لم يکن آنية يجزي فيه المرة بعد الازالة و لا يکتفى بما حصل به الازالة ، نعم يکفى استمرار إجراء الماء بعدها ، و يعتبر فى التطهير به انفصال الغسالة ، ففى مثل الثياب مما ينفذ فيه الماء و يقبل العصر لابد منه أو ما يقوم مقامه ، و فيما لا ينفذ فيه الماء و إن نفذت الرطوبة کالصابون و الحبوب و لا يقبل العصر يطهر ظاهره بإجراء الماء عليه ، و لا يضر به بقاء نجاسة الباطن ، و لا يطهر الباطن تبعا للظاهر .

و أما الانية فإن تنجست بولوغ الکلب فيما فيها من ماء أو غيره مما يتحقق معه اسم الولوغ غسلت ثلاثا ، أولاهن بالتراب أي التعفير به ، و الاحوط اعتبار الطهارة فيه ، و لا يقوم غيره مقامه و لو عند الاضطرار ، و الاحوط فى الغسل بالتراب مسحه بالتراب الخالص أولا ثم غسله بوضع ماء عليه بحيث لا يخرجه عن اسم التراب ، و لا يترک الاحتياط بإلحاق مطلق مباشرته بالفم کاللطع و نحوه و الشرب بلا ولوغ و مباشرة لعابه بلا ولوغ به ، و لا يلحق به مباشرته بسائر أعضائه على الاقوى ، و الاحتياط حسن .

مسألة 1 :

لو کانت الانية المتنجسة بالولوغ مما يتعذر تعفيرها بالتراب بالنحو المتعارف لضيق رأسه أو غير ذلک فلا يسقط التعفير بما يمکن و لو بوضع خرقة على رأس عود و إدخالها فيها و تحريکها تحريکا عنيفا ليحصل الغسل بالتراب و التعفير ، و فى حصوله بإدخال التراب فيها و تحريکها تحريکا عنيفا تأمل ، و لو شک فى حصوله يحکم ببقاء النجاسة ، کما لو فرض التعذر أصلا بقيت على النجاسة ، و لا يسقط التعفير بالغسل بالماء الکثير و الجاري و المطر ، و لا يترک الاحتياط بالتعدد أيضا فى غير المطر ، و أما فيه فلا يحتاج إليه .

مسألة 2 :

يجب غسل الاناء سبعا لموت الجرذ و لشرب الخنزير ، و لا يجب التعفير ، نعم هو أحوط فى الثانى قبل السبع ، و ينبغى غسله سبعا أيضا لموت الفأرة و لشرب النبيذ بل مطلق المسکر فيه ، و مباشرة الکلب و إن لم يجب ذلک ، و إنما الواجب غسله بالقليل ثلاثا کسائر النجاسات .

مسألة 3 :

تطهير الاوانى الصغيرة و الکبيرة ضيقة الرأس و واسعته بالکثير و الجاري واضح بأن توضع فيه حتى يستولى عليها الماء ، و لا ينبغى ترک الاحتياط بالتثليث کذلک ، و أما بالقليل فبصب الماء فيها و إدارته حتى يستوعب جميع أجزائها بالاجراء الذي يتحقق به الغسل ثم يراق منها ، يفعل بها ثلاثا ، و الاحوط الفورية فى الادارة عقيب الصب فيها ، و الافراغ عقيب الادارة على جميع أجزائها ، هذا فى الاوانى الصغار و الکبار التى يمکن فيها الادارة و الافراغ عقيبها ، و أما الاوانى الکبار المثبتة و الحياض و نحوها فتطهيرها بإجراء الماء عليها حتى يستوعب جميع أجزائها ، ثم يخرج حينئذ ماء الغسالة المجتمع فى وسطها مثلا بنزح و غيره ، من غير اعتبار الفورية المزبورة ، و الاحوط اعتبار تطهير آلة النزح إذا أريد عودها إليه ، و لا بأس بما يتقاطر فيه حال النزح و إن کان الاحوط خلافه .

مسألة 4 :

لو تنجس التنور يطهر بصب الماء فى الموضع النجس من فوق إلى تحت ، و لا يحتاج إلى التثليث ، فيصب عليه مرتين فى التنجيس بالبول و يکفى مرة فى غيره .

مسألة 5 :

لو تنجس ظاهر الارز و الماش و نحوهما يجعلها فى شى‌ء و يغمس فى الکر أو الجاري فيطهر ، و کذا يطهر بإجراء الماء القليل عليها ، و إن نفذ فيها الرطوبة النجسة فتطهيرها بالقليل غير ميسور ، و کذا فى الکر و الجاري ، نعم لا يبعد إمکان تطهير الکوز الذي صنع من الطين النجس بوضعه فى الکثير أو الجاري إلى أن ينفذ الماء فى أعماقه ، و لا يحتاج إلى التجفيف ، و لو شک فى وصول الماء بنحو يصدق عليه الغسل فى أعماقه يحکم ببقاء نجاسته .

مسألة 6 :

اللحم المطبوخ بالماء النجس يمکن تطهيره فى الکثير و القليل لو صب عليه الماء و نفذ فيه إلى المقدار الذي نفذ فيه الماء النجس مع بقاء إطلاقه و إخراج الغسالة ، و لو شک فى نفوذ الماء النجس إلى باطنه يکفى تطهير ظاهره .

مسألة 7 :

لو غسل ثوبه المتنجس ثم رأى فيه شيئا من الاشنان و نحوه فإن علم بعدم منعه عن وصول الماء إلى الثوب فلا إشکال ، و فى الاکتفاء بالاحتمال إشکال ، بل فى الحکم بطهارة الاشنان لابد من العلم بانغساله ، و لا يکفى الاحتمال على الاحوط .

مسألة 8 :

لو أکل طعاما نجسا فما يبقى منه بين أسنانه باق على نجاسته و يطهر بالمضمضة مع مراعاة شرائط التطهير ، و أما لو کان الطعام طاهرا و خرج الدم من بين أسنانه فإن لم يلاقه الدم و إن لاقاه الريق الملاقى له فهو طاهر ، و إن لاقاه فالاحوط الحکم بنجاسته .

ثانيها الارض فإنها تطهر ما يماسها من القدم بالمشى عليها أو بالمسح بها بنحو يزول معه عين النجاسة إن کانت ، و کذا ما يوقى به القدم کالنعل و لو فرض زوالها قبل ذلک کفى فى التطهير حينئذ المماسة على إشکال ، و الاحوط أقل مسمى المسح أو المشى حينئذ ، کما أن الاحوط قصر الحکم بالطهارة على ما إذا حصلت النجاسة من المشى على الارض النجسة ، و لا فرق فى الارض بين التراب و الرمل و الحجر أصليا کان أو مفروشة به ، و يلحق به المفروش بالاجر و الجص على الاقوى ، بخلاف المطلى بالقير و المفروش بالخشب ، و يعتبر جفاف الارض و طهارتها على الاقوى .

ثالثها الشمس فإنها تطهر الارض و کل ما لا ينقل من الابنية ، و ما اتصل بها من الاخشاب و الابواب و الاعتاب و الاوتاد المحتاج إليها فى البناء المستدخلة فيه ، لا مطلق ما فى الجدار على الاحوط ، و الاشجار و النبات و الثمار و الخضروات و إن حان قطفها ، و غير ذلک حتى الاوانى المثبتة ، و کذا السفينة ، و لکن لا تخلو الاشجار و ما بعدها من الاشکال و إن لا تخلو من قوة ، و لا يترک الاحتياط فى الطرادة ، و کذا الکاري و نحوه ، و الاقوى تطهيرها للحصر و البواري ، و يعتبر فى طهارة المذکورات و نحوها بالشمس بعد زوال عين النجاسة عنها أن تکون رطبة رطوبة تعلق باليد ثم تجففها الشمس تجفيفا يستند إلى إشراقها بدون واسطة ، بل لا يبعد اعتبار اليبس على النحو المزبور .

و يطهر باطن الشى‌ء الواحد إذا أشرقت على ظاهره و جف باطنه بسبب إشراقها على الظاهر و يکون باطنه المتنجس متصلا بظاهره المتنجس على الاحوط ، فلو کان الباطن فقط نجسا أو کان بين الظاهر و الباطن فصلا بالجزء الطاهر بقى الباطن على نجاسته على الاحوط ، بل لا يخلو من قوة ، و أما الاشياء المتعددة المتلاصقة فلا تطهر إذا أشرقت على بعضها و جفت البقية به ، و إنما يطهر ما أشرقت عليه بلا واسطة .

مسألة 9 :

لو کانت الارض أو نحوها جافة و أريد تطهيرها بالشمس يصب عليها الماء الطاهر أو النجس مما يورث الرطوبة فيها حتى تجففها و تطهر .

مسألة 10 :

الحصى و التراب و الطين و الاحجار ما دامت واقعة على الارض و تعد جزءا منها عرفا تکون بحکمها ، و إن أخذت منها أو خرجت عن الجزئية ألحقت بالمنقولات ، و کذا الالات الداخلة فى البناء کالاخشاب و الاوتاد يلحقها حکمها ، و إذا قلعت زال الحکم ، و لو أعيدت عاد ، و هکذا کل ما يشبه ذلک .

رابعها الاستحالة إلى جسم آخر ، فيطهر ما أحالته النار رمادا أو دخانا أو بخارا سواء کان نجسا أو متنجسا ، و کذا المستحيل بغيرها بخارا أو دخانا أو رمادا ، أما ما أحالته فحما أو خزفا أو آجرا أو جصا أو نورة فهو باق على النجاسة ، و يطهر کل حيوان تکون من نجس أو متنجس کدود الميتة و العذرة ، و يطهر الخمر بانقلابها خلا بنفسها أو بعلاج کطرح جسم فيه ، سواء استهلک الجسم أم لا ، نعم لو لاقت الخمر نجاسة خارجية ثم انقلبت خلا لم تطهر على الاحوط .

خامسها ذهاب الثلثين فى العصير بالنار أو بالشمس إذا غلى بأحدهما فإنه مطهر للثلث الباقى بناء على النجاسة ، و قد مر أن الاقوى طهارته ، فلا يؤثر التثليث إلا فى حليته ، و أما إذا غلى بنفسه فإن أحرز أنه يصير مسکرا بذلک فهو نجس و لا يطهر بالتثليث ، بل لابد من انقلابه خلا ، و مع الشک محکوم بالطهارة .

سادسها الانتقال ، فإنه موجب لطهارة المنتقل إذا أضيف إلى المنتقل إليه و عد جزء منه ، کانتقال دم ذي النفس إلى غير ذي النفس ، و کذا لو کان المنتقل غير الدم و المنتقل إليه غير الحيوان من النبات و غيره ، و لو علم عدم الاضافة أو شک فيها من حيث عدم الاستقرار فى بطن الحيوان مثلا على وجه يستند إليه کالدم الذي يمصه العلق بقى على النجاسة .

سابعها الاسلام ، فإنه مطهر للکافر بجميع أقسامه حتى الرجل المرتد عن فطرة إذا تاب فضلا عن المرأة ، و يتبع الکافر فضلاته المتصلة به من شعره و ظفره و بصاقه و نخامته و قيحه و نحو ذلک .

ثامنها التبعية ، فإن الکافر إذا أسلم يتبعه ولده فى الطهارة أبا کان أو جدا أو أما ، و أما تبعية الطفل للسابى المسلم إن لم يکن معه أحد آبائه فمحل إشکال ، بل عدمها لا يخلو من قوة ، و يتبع الميت بعد طهارته آلات تغسيله من الخرقة الموضوعة عليه ، و ثيابه التى غسل فيها ، و يد الغاسل ، و الخرقة الملفوفة بها حين غسله ، و فى باقى بدنه و ثيابه إشکال ، أحوطه العدم ، بل الاولى الاحتياط فيما عدا يد الغاسل .

تاسعها زوال عين النجاسة بالنسبة إلى الصامت من الحيوان و بواطن الانسان ، فيطهر منقار الدجاجة الملوثة بالعذرة بمجرد زوال عينها و جفاف رطوبتها ، و کذا بدن الدابة المجروح و فم الهرة الملوث بالدم و نحوه ، و ولد الحيوان المتلطخ به عند الولادة بمجرد زواله عنها ، و کذا يطهر فم الانسان إذا أکل أو شرب نجسا أو متنجسا بمجرد بلعه .

عاشرها الغيبة ، فإنها مطهرة للانسان و ثيابه و فرشه و أوانيه و غيرها من توابعه فيعامل معه معاملة الطهارة ، إلا مع العلم ببقاء النجاسة ، و لا يبعد عدم اعتبار شى‌ء فيه ، فيجري الحکم سواء کان عالما بالنجاسة أم لا ، معتقدا لنجاسة ما أصابه أم لا ، کان متسامحا فى دينه أم لا ، و الاحتياط حسن .

حادي عشرها استبراء الجلال من الحيوان بما يخرجه عن اسم الجلل فإنه مطهر لبوله و خرئه ، و لا يترک الاحتياط مع زوال اسمه فى استبراء الابل أربعين يوما ، و البقر عشرين ، و الغنم عشرة أيام ، و البطة خمسة أيام ، و الدجاجة ثلاثة أيام ، بل لا يخلو کل ذلک من قوة ، و فى غيرها يکفى زوال الاسم .

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

پر بازدیدترین ها

No image

القول فى الاوانى‌

No image

فصل فی المطهرات

Powered by TayaCMS