القول فى إحیاء الموات

القول فى إحیاء الموات

القول فى إحياء الموات

الموات هى الارض العطلة التى لا ينتفع بها أما لانقطاع الماء عنها أو لاستيلاء المياه أو الرمال أو السبخ أو الاحجار عليها ، أو لاستئجامها و التفاف القصب و الاشجار بها أو لغير ذلک ، و هو على قسمين : الاول الموات بالاصل ، و هو ما لا يکون مسبوقا بالملک و الاحياء و إن کان إحراز ذلک غالبا بل مطلقا مشکل بل ممنوع ، و يلحق به ما لم يعلم مسبوقيته بهما الثانى الموات بالعارض ، و هو ما عرض عليه الخراب و الموتان بعد الحياة و العمران ، کالارض الدارسة التى بها آثار الانهار و نحوها و القرى الخربة التى بقيت منها رسوم العمارة .

مسألة 1 :

الموات بالاصل و إن کان للامام عليه السلام حيث أنه من الانفال کما مر فى کتاب الخمس لکن يجوز فى زمان الغيبة لکل أحد إحياؤه مع الشروط الاتية و القيام بعمارته ، و يملکه المحيى على الاقوى سواء کان فى دار الاسلام أو فى دار الکفر ، و سواء کان فى أرض الخراج کأرض العراق أو فى غيرها ، و سواء کان المحيى مسلما أو کافرا .

مسألة 2 :

الموات بالعارض الذي کان مسبوقا بالملک و الاحياء إذا لم يکن له مالک معروف على قسمين : الاول ما باد أهلها و صارت بسبب مرور الزمان و تقادم الايام بلا مالک ، و ذلک کالاراضى الدارسة و القرى و البلاد الخربة و القنوات الطامسة التى کانت للامم الماضين الذين لم يبق منهم اسم و لا رسم ، أو نسبت إلى أقوام أو أشخاص لم يعرف منهم إلا الاسم ، الثانى ما لم يکن کذلک و لم تکن بحيث عدت بلا مالک ، بل کانت لمالک موجود و لم يعرف شخصه ، و يقلل لها مجهولة المالک ، فأما القسم الاول فهو يحکم الموات بالاصل فى کونه من الانفال و أنه يجوز إحياؤه و يملکه المحيى فيجوز إحياء الاراضى الدارسة التى بقيت فيها آثار الانهار و السواقى و المروز ، و تنقية القنوات و الابار المطمومة و تعمير الخربة من القرى و البلاد القديمة التى بقيت بلا مالک ، و لا يعامل معها معاملة مجهولة المالک ، و لا يحتاج إلى الاذن من الحاکم الشرعى أو الشراء منه ، بل يملکها المحيى و المعمر بنفس الاحياء و التعمير ، و أما القسم الثانى فالاحوط الاستئذان فيه من الحاکم فى الاحياء و القيام بتعميره و التصرف فيه ، کما أن الاحوط معاملة مجهول المالک معه بأن يتفحص عن صاحبه و بعد اليأس‌

يشتري عينها من حاکم الشرع و يصرف ثمنها على الفقراء ، و أما أن يستأجرها منه بأجرة معينة أو يقدر ما هو أجرة مثلها لو انتفع بها و يتصدق بها على الفقراء ، و الاحوط الاستئذان منه ، نعم لو علم أن مالکها قد أعرض عنها أو انجلى عنها أهلها و ترکوها لقوم آخرين جاز إحياؤها و تملکها بلا إشکال .

مسألة 3 :

إن کان ما طرأ عليه الخراب لمالک معلوم فإن أعرض عنه مالکه کان لکل أحد إحياؤه و تملکه ، و إن لم يعرض عنه فإن أبقاه مواتا للانتفاع بها فى تلک الحال من جهة تعليف دوابه أو بيع حشيشه أو قصبة و نحو ذلک فربما ينتفع منها مواتا أکثر مما ينتفع منها محياة فلا إشکال فى أنه لا يجوز لاحد إحياؤها و التصرف فيها بدون إذن مالکها ، و کذا فيما إذا کان مهتما بإحيائها عازما عليه و إنما أخر الاشتغال به لجمع الالات و تهيئة الاسباب المتوقعة الحصول أو لانتظار وقت صالح له ، و أما لو ترک تعمير الارض و إصلاحها و أبقاها إلى الخراب من جهة عدم الاعتناء بشأنها و عدم الاهتمام و الالتفات إلى مرمتها و عدم عزمه على إحيائها أما لعدم حاجته إليها ، أو لاشتغاله بتعمير غيرها فبقيت مهجورة مدة معتدا بها حتى آلت إلى الخراب فإن کان سبب ملک المالک غير الاحياء مثل أنه ملکها بالارث أو الشراء فليس لاحد وضع اليد عليها و إحيائها و التصرف فيها إلا بإذن مالکها ، و لو أحياها أحد و تصرف فيها و انتفع بها بزرع أو غيره فعليه أجرتها لمالکها ، و إن کان سبب ملکه الاحياء بإن کانت أرضا مواتا بالاصل فأحياها و ملکها ثم بعد ذلک عطلها و ترک تعميرها حتى آلت إل

الخراب فيجوز إحياؤها لغيره بعضهم ، و هو فى غاية الاشکال ، بل عدمه لا يخلو من قوة .

مسألة 4 :

کما يجوز إحياء القرى الدارسة و البلاد القديمة التى باد أهلها و صارت بلا مالک بجعلها مزرعا أو مسکنا أو غيرهما کذا يجوز حيازة أجزائها الباقية من أحجارها و أخشابها و آجرها و غيرها ، و يملکها الحائز إذا أخذها بقصد التملک .

مسألة 5 :

لو کانت الارض موقوفة و طرأها الموتان و الخراب فإن کانت من الموقوفات القديمة الدارسة التى لم يعلم کيفية وقفها و أنها خاص أو عام أو وقف على الجهات و لم يعلم من الاستفاضة و الشهرة غير کونها وقفا على أقوام ماضين لم يبق منهم اسم و لا رسم أو قبيلة لم يعرف منهم إلا الاسم الظاهر أنها من الانفال ، فيجوز إحياؤها ، کما إذا کان الموات مسبوقا بالملک على هذا الحال ، و إن علم أنها وقف على الجهات و لم تتعين بأن علم أنها وقف أما على مسجد أو مشهد أو مقبرة أو مدرسة أو غيرها و لم يعلمها بعينها أو علم أنها وقف على أشخاص لم يعرفهم بأشخاصهم و أعيانهم کما إذا علم أن مالکها قد وقفها على ذريته و لم يعلم من الواقف و من الذرية فالظاهر أن ذلک بحکم الموات المجهول المالک الذي نسب إلى المشهور القول بإنه من الانفال ، و قد مر ما فيه من الاشکال بل القول به هنا أشکل ، و الاحوط الاستئذان من الحاکم لمن أراد إحياؤها و تعميرها و الانتفاع بها بزرع أو غيره ، و أن يصرف أجرة مثلها فى الاول من وجوه البر ، و فى الثانى على الفقراء ، بل الاحوط خصوصا فى الاول مراجعة حاکم الشرع ، و أما لو طرأ الموتان على الوقف الذي علم مصرفه أو الموقوف

ليهم فلا ينبغى الاشکال فى أنه لو أحياه أحد و عمره وجب عليه صرف منفعته فى مصرفه المعلوم فى الاول ، و دفعها و إيصالها إلى الموقوف عليها المعلومين فى الثانى و إن کان المتولى أو الموقوف عليهم تارکين إصلاحه و تعميره و مرمته إلى أن آل الخراب ، لکن ليس لاحد الاحياء و التصرف فيه مع وجود المتولى المعلوم إلا بإذنه أو الاستئذان من الحاکم مع عدمه فى الاول ، و من المتولى أو الموقوف عليهم إن کان خاصا أو الحاکم إن کان عاما فى الثانى .

مسألة 6 :

إذا کان الموات بالاصل حريما لعامر مملوک لا يجوز لغير مالکه إحياؤه ، و إن أحياه لم يملکه ، و توضيح ذلک أن من أحيى مواتا لاحداث شى‌ء من دار أو بستان أو مزرع أو غيرها تبع ذلک الشى‌ء الذي أحدثه مقدار من الارض الموات القريبة من ذلک الشى‌ء الحادث مما يحتاج إليه لتمام الانتفاع به و يتعلق بمصالحه عادة ، و يسمى ذلک المقدار التابع حريما لذلک المتبوع ، و يختلف مقدار الحريم زيادة و نقيصة باختلاف ذي الحريم ، و ذلک من جهة تفاوت الاشياء فى المصالح و المرافق المحتاج إليها فما يحتاج إليه الدار من المرافق بحسب العادة غير ما يحتاج إليه البئر و النهر مثلا و هکذا بقية الاشياء ، بل يختلف ذلک باختلاف البلاد و العادات أيضا فإذا أراد شخص إحياء حوالى ماله الحريم لا يجوز له إحياء مقدار الحريم بدون إذن المالک و رضاه ، و إن أحياه لم يملکه و کان غاصبا .

مسألة 7 :

حريم الدار مطرح ترابها و کناستها و رمادها و مصب مائها و مطرح ثلوجها و مسلک الدخول و الخروج منها فى الصوب الذي يفتح إليه الباب ، فلو بنى دارا فى أرض موات تبعه هذا المقدار من الموات من حواليها ، فليس لاحد أن يحيى هذا المقدار بدون رضا صاحب الدار ، و ليس المراد من استحقاق الممر فى قبالة الباب استحقاقه على الاستقامة و على امتداد الموات ، بل المراد أن يبقى مسلک له يدخل و يخرج إلى الخارج بنفسه و عياله و أضيافه و ما تعلق به من دوابه و أحماله و أثقاله بدون مشقة بأي نحو کان ، فيجوز لغيره إحياء ما فى قبالة الباب من الموات إذا بقى له الممر و لو بانعطاف و انحراف ، و حريم الحائط لو لم يکن جزء من الدار بأن کان مثلا جدار حصار أو بستان أو غير ذلک مقدار ما يحتاج إليه لطرح التراب و الالات و ل الطين لو انتقض و احتاج إلى البناء و الترميم ، و حريم النهر مقدار مطرح طينه و ترابه إذا احتاج إلى التنقية و المجاز على حافتيه للمواظبة عليه و إصلاحه على قدر ما يحتاج إليه ، و حريم البئر ما تحتاج إليه لاجل السقى منها و الانتفاع بها من الموضع الذي يقف فيه النازح إن کان الاستقاء منها باليد ، و موضع الدولاب و متردد ال

هيمة إن کان الاستقاء بهما و مصب الماء و الموضع الذي يجتمع فيه لسقى الماشية أو الزرع من حوض و نحوه ، و الموضع الذي يطرح فيه ما يخرج منها من الطين و غيره لو اتفق الاحتياج إليه ، و حريم العين ما تحتاج إليه لاجل الانتفاع بها أو لاصلاحها و حفظها على قياس غيرها .

مسألة 8 :

لکل من البئر و العين و القناة أعنى بئرها الاخيرة التى هى منبع الماء و يقال لها بئر العين و أم الابار و کذا غيرها إذا کان منشأ للماء حريم آخر بمعنى آخر ، و هو المقدار الذي ليس لاحد أن يحدث بئرا أو قناة أخرى فيما دون ذلک المقدار بدون إذن صاحبهما ، بل الاحوط لحاظ الحريم کذلک بين القناتين مطلقا و إن کان الجواز فى غير ما ذکر أشبه ، و هو فى البئر أربعون ذراعا إذا کان حفرها لاجل استقاء الماشية من الابل و نحوها منها ، و ستون ذراعا إذا کان لاجل الزرع و غيره ، فلو أحدث شخص بئرا فى موات من الارض لم يکن لشخص آخر إحداث بئر أخرى فى جنبها بدون إذنه ، بل ما لم يکن الفصل بينهما أربعين ذراعا أو ستين فما زاد على ما فصل ، و فى العين و القناة خمسمأة ذراع فى الارض الصلبة و ألف ذراع فى الارض الرخوة ، فإذا استنبط إنسان عينا أو قناة فى أرض موات صلبة و أراد غيره حفر أخرى تباعد عنه بخمسمأة ذراع ، و إن کانت رخوة تباعد بألف ذراع ، و لو فرض أن الثانية تضر بالاولى و تنقص ماءها مع البعد المزبور فالاحوط لو لم يکن الاقوى زيادة البعد بما يندفع به الضرر أو التراضى مع صاحب الاولى .

مسألة 9 :

اعتبار بعد المزبور فى القناة إنما هو فى إحداث قناة أخرى کما أشرنا اليه آنفا ، و أما إحياء الموات الذي فى حواليها لزرع أو بناء أو غيرهما فلا مانع منه إذا بقى من جوانبها مقدار تحتاج للنزح أو الاستقاء أو الاصلاح و التنقية و غيرها مما ذکر فى مطلق البئر ، بل لا مانع من إحياء الموات الذي فوق الابار و ما بينها إذا أبقى من أطراف حلفها مقدار ما تحتاج إليه لمصالحها ، فليس لصاحب القناة المنع عن الاحياء للزرع و غيره فوقها إذا لم يضر بها .

مسألة 10 :

قد مر أن التباعد المزبور فى القناة إنما يلاحظ بالنسبة إلى البئر التى تکون منبع الماء أو منشأه ، و أما الابار الاخر التى هى مجرى الماء فلا يراعى الفصل المذکور بينها ، فلو أحدث الثانى قناة فى أرض صلبة و کان منبعها بعيدا عن منبع الاولى بخمسمأة ذراع ثم تقارب فى الابار الاخر التى هى مجرى الماء إلى الابار الاخر للاخرى إلى أن صار بينها و بينها عشرة أذرع مثلا لم يکن لصاحب الاولى منعه ، نعم لو فرض أن قرب تلک الابار أضر بتلک الابار من جهة جذبها للماء الجاري فيها أو من جهة أخرى تباعد بما يندفع به الضرر .

مسألة 11 :

القرية المبنية فى الموات لها حريم ليس لاحد إحياؤه ، و لو أحياه لم يملکه ، و هو ما يتعلق بمصالحها و مصالح أهليها من طرقها المسلوکة منها و إليها و مسيل مائها و مجمع ترابها و کناستها و مطرح سمادها و رمادها و مشرعها و مجمع أهاليها لمصالحهم على حسب مجرى عادتهم و مدفن موتاهم و مرعى ماشيتهم و محتطبهم و غير ذلک ، و المراد بالقرية البيوت و المساکن المجتمعة المسکونة ، فلم يثبت هذا الحريم للضيعة و المزرعة ذات المزارع و البساتين المتصلة الخالية من البيوت و المساکن و السکنة ، فلو أحدث شخص قناة فى فلاة و أحيى أرضا بسيطة بمقدار ما يکفيه ماء القناة و زرع فيها و غرس فيها النخيل و الاشجار لم يکن الموات المجاور لتلک المحياة حريما لها ، فضلا عن التلال و الجبال القريبة منها ، بل لو أحدث بعد ذلک فى تلک المحياة دورا و مساکن حتى صارت قرية کبيرة يشکل ثبوت الحريم لها نعم لو أحدثها فى جنب المزرعة و البساتين فى أراضى الموات فالظاهر ثبوته لها ، بل لا يبعد ثبوت بعض الحريم من قبيل مرعى الماشية لها مطلقا ، کما أن للمزرعة بنفسها أيضا حريم ، و هو ما تحتاج إليه فى مصالحها و يکون من مرافقها من مسالک الدخول و الخرو

و محل بيادرها و حظائرها و مجمع سمادها و ترابها و غيرها .

مسألة 12 :

حد المرعى الذي هو حريم للقرية و محتطبها مقدار حاجة أهاليها بحسب العادة بحيث لو منعهم مانع أو زاحمهم مزاحم لوقعوا فى الضيق و الحرج ، و يختلف ذلک بکثرة الاهالى و قلتهم و کثرة المواشى و الدواب و قلتها ، و بذلک يتفاوت المقدار سعة و ضيقا طولا و عرضا .

مسألة 13 :

إن کان موات بقرب العامر و لم يکن من حريمه و مرافقه جاز لکل أحد إحياؤه ، و لم يختص بمالک ذلک العامر و لا أولوية له ، فإذا طلع شاطئ من الشط بقرب أرض محياة أو بستان مثلا کان کسائر الموات ، فمن سبقه إلى إحيائه و حيازته کان له ، و ليس لصاحب الارض أو البستان منعه .

مسألة 14 :

لا إشکال فى أن حريم القناة المقدر بخمسمأة ذراع أو ألف ذراع ليس ملکا لصاحب القناة و لا متعلقا لحقه المانع عن سائر تصرفات غيره بدون إذنه ، بل ليس له إلا حق المنع عن أحداث قناة أخرى کما مر ، و الظاهر أن حريم القرية أيضا ليس ملکا لسکانها و أهليها بل إنما لهم حق الاولوية ، و أما حريم النهر و الدار فهو ملک لصاحب ذي الحريم على تردد و إن لا يخلو من وجه ، فيجوز له بيعه منفردا کسائر الاملاک .

مسألة 15 :

ما مر من الحريم لبعض الاملاک إنما هو فيما إذا ابتکرت فى أرض موات ، و أما فى الاملاک المجاورة فلا حريم لها ، فلو أحدث المالکان المجاوران حائطا فى البين لم يکن له حريم من الجانبين ، و لو أحدث أحدهما فى آخر حدود ملکه حائطا أو نهرا لم يکن لهما حريم فى ملک الاخر و کذا لو حفر أحدهما قناة فى ملکه کان للاخر إحداث قناة أخرى فى ملکه و إن لم يکن بينهما الحد .

مسألة 16 :

ذکر جماعة أنه يجوز لکل من المالکين المتجاورين التصرف فى ملکه بما شاء و حيث شاء و إن استلزم ضررا على الجار ، لکنه مشکل على إطلاقه ، و الاحوط عدم جواز ما يکون سببا لعروض فساد فى ملک الجار ، بل لا يخلو من قرب إلا إذا کان فى ترکه حرج أو ضرر عليه ، فحينئذ يجوز له التصرف ، کما إذا دق دقا عنيفا انزعج منه حيطان داره بما أوجب خللا فيها ، أو حبس الماء فى ملکه بحيث انتشر منه النداوة فى حائطه ، أو أحدث بالوعة أو کنيفا بقرب بئر الجار أوجب فساد مائها بل و کذا لو حفر بئرا بقرب بئره إذا أوجب نقص مائها و کان ذلک من جهة جذب الثانية ماء الاولى ، و أما إذا کان من جهة أن الثانية لکونها أعمق و وقوعها فى سمت مجرى المياه ينحدر فيها الماء من عروق الارض قبل أن يصل إلى الاول فالظاهر أنه لا مانع منه ، و المائز بين الصورتين يدرکه أولوا الحدس الصائب من أهل الخبرة ، و کذا لا مانع من إطالة البناء و إن کان مانعا من الشمس و القمر و الهواء ، أو جعل داره مدبغة أو مخبزة مثلا و إن تأذى الجار من الريح و الدخان إذا لم يکن بقصد الايذاء ، و کذا إحداث ثقبة فى جداره إلى دار جاره موجبة للاشراف أو لانجذاب الهواء فإن المحرم هو التط

ع على دار الجار لا مجرد ثقب الجدار .

مسألة 17 :

لا يخفى أن أمر الجار شديد ، و حث الشرع المقدس على رعايته أکيد ، و الاخبار فى وجوب کف الاذى عن الجار و فى الحث على حسن الجوار کثيرة لا تحصى ، فعن النبى صلى الله عليه و اله أنه قال : " ما زال جبرئيل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " و فى حديث آخر " أنه صلى الله و آله أمر عليا عليه السلام و سلمان و أبو ذر قال الراوي و نسيت آخر و أظنه المقداد أن ينادوا فى المسجد بأعلى صوتهم بأنه لا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه ، فنادوا بها ثلاثا " و فى الکافى عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال : " قرأت فى کتاب على عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه و آله کتب بين المهاجرين و الانصار و من لحق بهم من أهل يثرب أن الجار کالنفس غير مضار و لا أثم ، و حرمة الجار کحرمة أمه " و روى الصدوق بإسناده عن الصادق عن على عليهما السلام عن رسول الله صلى الله عليه و آله قال : " من آذى جاره حرم الله عليه ريح الجنة و مأواه جهنم و بئس المصير ، و من ضيع جاره فليس منى " و عن الرضا عليه السلام " ليس منا من لم يأمن جاره بوائقه " و عن الصادق عليه السلام أنه قال و البيت غاص بأهله : " اعلموا أنه ليس منا من لم يحسن مجاورة من ج

وره " و عنه عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله : " حسن الجوار يعمر الديار و ينسى فى الاعمار " فاللازم على کل من يؤمن بالله و رسوله ( ص ) و اليوم الاخر الاجتناب عن کل ما يؤذي الجار و إن لم يکن مما يوجب فسادا أو ضررا فى ملکه إلا أن يکون فى ترکه ضررا فاحشا على نفسه ، و لا ريب أن مثل ثقب الجدار الموجب للاشراف على دار الجار إيذاء عليه ، و أي إيذاء ، و کذا إحداث ما يتأذى من ريحه أو دخانه أو صوته أو ما يمنع عن وصول الهواء إليه أو عن إشراق الشمس عليه و غير ذلک .

مسألة 18 :

يشترط فى التملک بالاحياء أن لا يسبق إليه سابق بالتحجير فإن التحجير يفيد أولوية للمحجر ، فهو أولى بالاحياء و التملک من غيره ، فله منعه ، و لو أحياه قهرا على المحجر لم يملکه ، و المراد بالتحجير أن يحدث ما يدل على إرادة الاحياء کوضع أحجار أو جمع تراب أو حفر أساس أو غرز خشب أو قصب أو نحو ذلک فى أطرافه و جوانبه ، أو يشرع فى إحياء ما يريد إحياءه ، کما إذا حفر بئرا من آبار القناة الدارسة التى يريد إحياءها ، فإنه تحجير بالنسبة إلى سائر آبار القناة ، بل و بالنسبة إلى أراضى الموات التى لم تسقى بمائها بعد جريانه ، فليس لاحد إحياء تلک القناة و لا إحياء تلک الاراضى ، و کذا إذا أراد إحياء أجمة فيها الماء و القصب فعمد على قطع مائها فقط فهو تحجير لها ، فليس لاحد إحياؤها بقطع قصبها .

مسألة 19 :

لا بد من أن يکون التحجير مضافا إلى دلالته على أصل الاحياء دالا على مقدار ما يريد إحياءه ، فلو کان ذلک بوضع الاحجار أو جمع التراب أو غرز الخشب أو القصب مثلا لابد أن يکون ذلک فى جميع الجوانب حتى يدل على أن جميع ما أحاطت به العلامة يريد إحياءه ، نعم فى مثل إحياء القناة البائرة يکفى الشروع فى حفر إحدى آبارها کما أشرنا إليه آنفا ، فإنه دليل بحسب العرف فى کونه بصدد إحياء جميع القناة ، بل الاراضى المتعلقة بها أيضا ، بل إذا حفر بئرا فى أرض موات بالاصل لاجل إحداث قناة يمکن أن يقال أنه يکون تحجيرا بالنسبة إلى أصل القناة و إلى الاراضى الموات التى تسقى بمائها بعد تمامها و جريان مائها ، فليس لاحد إحياء تلک الجوانب حتى يتم القناة و يعين ما تحتاج اليه من الاراضى نعم الارض الموات التى ليس من حريم القناة و مما علم أنه لا يصل إليه ماؤها بعد جريانه لا بأس بإحيائها .

مسألة 20 :

التحجير کما أشرنا إليه يفيد حق الاولوية و لا يفيد الملکية ، فلا يصح بيعه على الاحوط و إن لا يبعد الجواز ، نعم يصح الصلح عنه و يورث و يقع ثمنا فى البيع ، لانه حق قابل للنقل و الانتقال .

مسألة 21 :

يشترط فى مانعية التحجير أن يکون المحجر متمکنا من القيام بتعميره و لو بعد زمان طويل بشرط أن لا يوجب تعطيل الموات ، فلو حجر من لم يقدر على إحياء ما حجره أما لفقره أو لعجزه عن تهيئة أسبابه فلا أثر لتحجيره ، و جاز لغيره إحياؤه ، و کذا لو حجر زائدا على مقدار تمکنه من الاحياء لا أثر لتحجيره إلا فى مقدار ما تمکن من تعميره و أما فى الزائد فليس له منع الغير عن إحيائه ، فعلى هذا فليس لمن عجز عن إحياء الموات تحجيره ثم نقل ما حجره إلى غيره بصلح أو غيره مجانا أو بالعوض ، لانه لم يحصل له حق حتى ينقله إلى غيره .

مسألة 22 :

لا يعتبر فى التحجير أن يکون بالمباشرة بل يجوز أن يکون بتوکيل الغير أو استئجاره ، فيکون الحق الحاصل بسببه ثابتا للموکل و المستأجر لا للوکيل و الاجير ، و أما کفاية وقوعه عن شخص نيابة عن غيره ثم أجاز ذلک الغير فى ثبوته للمنوب عنه فبعيد .

مسألة 23 :

لو انمحت آثار التحجير بنفسها قبل أن يقوم المحجر بالتعمير بطل حقه و عاد الموات إلى ما کان قبل التحجير ، و أما لو کان بفعل شخص غير المحجر فلا يبعد بقاؤه مع قرب زمان المحو ، و مع طول المدة فالظاهر بطلانه مطلقا ، بل لا يبعد بقاء الحق مع المحو بنفسها إذا لم يکن ذلک لطول مدة التعطيل ، کما لو حصل بالسيل أو الريح مثلا .

مسألة 24 :

ليس للمحجر تعطيل الموات المحجر عليه و الاهمال فى التعمير ، بل اللازم أن يشتغل بالعمارة عقيب التحجير ، فإن أهمل و طالت المدة و أراد شخص آخر إحياؤه فالاحوط أن يرفع الامر إلى الحاکم مع وجوده و بسط يده ، فيلزم المحجر بأحد أمرين أما العمارة أو رفع يده عنه ليعمره غيره ، إلا أن يبدئ عذرا موجها مثل انتظار وقت صالح له أو إصلاح آلاته أو حضور العملة ، فيمهل بمقدار ما يزول معه العذر ، و ليس من العذر عدم التمکن من تهيئة الاسباب لفقره منتظرا للغنى و التمکن إلا إذا کان متوقعا حصوله بحصول أسبابه ، فإذا مضت المدة فى الفرض المتقدم و لم يشتغل بالعمارة بطل حقه و جاز لغيره القيام بالعمارة ، و إذا لم يکن حاکم يقوم بهذه الشؤون فالظاهر أنه يسقط حقه أيضا لو أهمل فى التعمير و طال الاهمال مدة طويلة يعد مثله فى العرف تعطيلا ، فجاز لغيره إحياؤه و ليس له منعه ، و الاحوط مراعاة حقه ما لم تمض مدة تعطيله و إهماله ثلاث سنين .

مسألة 25 :

الظاهر أنه يشترط فى التملک بالاحياء قصد التملک کالتملک بالحيازة مثل الاصطياد و الاحتطاب و الاحتشاش و نحوها ، فلو حفر بئرا فى مفازة بقصد أن يقضى منها حاجته مادام باقيا لم يملکه ، بل لم يکن له إلا حق الاولوية ما دام مقيما ، فإذا ارتحل زالت تلک الاولوية و صارت مباحا للجميع .

مسألة 26 :

الاحياء المفيد للملک عبارة عن جعل الارض حية بعد الموتان و إخراجها عن صفة الخراب إلى العمران ، و من المعلوم أن عمارة الارض أما بکونها مزرعا أو بستانا ، و أما بکونها مسکنا و دارا ، و أما حظيرة للاغنام و المواشى ، أو لحوائج أخر کتجفيف الثمار أو جمع الحطب أو غير ذلک ، فلا بد فى صدق إحياء الموات من العمل فيه و إنهائه إلى حد صدق عليه أحد العناوين العامرة بأن صدق عليه المزرع أو الدار مثلا أو غيرهما عند العرف ، و يکفى تحقق أول مراتب وجودها ، و لا يعتبر إنهاؤها إلى حد کمالها ، و قبل أن يبلغ إلى ذلک الحد و أن صنع فيه ما صنع لم يکن إحياء بل يکون تحجيرا ، و قد مر أنه لا يفيد الملک بل لا يفيد إلا الاولوية .

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

پر بازدیدترین ها

No image

تکملة

No image

القول فى إحیاء الموات

No image

القول فى المشترکات

Powered by TayaCMS