القول فى المشترکات

القول فى المشترکات

القول فى المشترکات

و هى الطرق و الشوارع و المساجد و المدارس و الرباطات و المياه و المعادن .

مسألة 1 :

الطريق نوعان نافذ و غير نافذ ، فالاول و هو المسمى بالشارع العام فهو محبوس على کافة الانام ، و الناس فيه شرع سواء ، و ليس لاحد إحياؤه و الاختصاص به ، و لا التصرف فى أرضه ببناء دکة أو حائط أو حفر بئر أو غرس شجر أو غير ذلک ، نعم لا يبعد جواز غرس الاشجار و إحداث النهر لمصلحة المارة لو کان الطريق واسعا جدا کالشوارع الوسيعة المستحدثة فى هذه الاعصار ، کما أن الظاهر أنه يجوز أن يحفر فيه بالوعة ليجتمع فيها ماء المطر و غيره لکونها من مصالحه و مرافقه ، لکن مع سدها فى غير أوقات الحاجة حفظا للمستطرقين و المارة ، بل الظاهر جواز حفر سرداب تحته إذا أحکم الاساس و السقف بحيث يؤمن معه من النقض و الخسف ، و أما التصرف فى فضائه بإخراج روشن أو جناح أو بناء ساباط أو فتح باب أو نصب ميزاب و نحو ذلک فلا إشکال فى جوازه إذا لم يضر بالمارة ، و ليس لاحد منعه حتى من يقابل داره داره ، کما مر فى کتاب الصلح ، و أما الثانى أعنى الطريق غير النافذ المسمى بالسکة المرفوعة و قد يطلق عليه الدريبة و هو الذي لا يسلک منه إلى طريق آخر أو مباح بل أحيط بثلاث جوانبه الدور و الحيطان و الجدران فهو ملک لارباب الدول التى أبوابها مفتوحة إل

ه دون من کان حائط داره إليه من غير أن يکون بابها إليه ، فيکون هو کسائر الاملاک المشترکة يجوز لاربابه سده و تقسيمه بينهم و إدخال کل منهم حصته فى داره ، و لا يجوز لاحد من غيرهم بل و لا منهم أن يتصرف فيه و لا فى فضائه إلا بإذن من يعتبر إذنه کما يأتى فى المسألة الاتية .

مسألة 2 :

لا يبعد فى الدريبة أن يشارک الداخل للادخل إلى قبالة بابه مما هو ممره مع ما يتعارف من المرافق المحتاج إليها نوعا ، و لا يبعد أن يشارک الداخل إلى منتهى جدار داره و ينفرد الادخل بما بعده ، و مع تعدد الشرکاء يشارک الادخل من الجميع معهم ، و ينفرد بما يکون طريقه الخاص ، فيشترک الجميع من أول الدريبة إلى الباب الاول أو منتهى الجدار ثم يشترک فيما عداه ما عدا صاحب الباب الاول ، و هکذا تقل الشرکاء إلى آخر الزقاق و لا يبعد اختصاص الاخر بالفضلة التى فى آخر الزقاق ، فيجوز لمن هو أدخل من الجميع أي تصرف شاء فيما ينفرد به ، بل و فى الفضلة المذکورة و لا يجوز لغيره التصرف کإخراج جناح أو روشن أو بناء ساباط أو حفر بالوعة أو سرداب أو نصب ميزاب و غير ذلک إلا بإذن شرکائه ، نعم لکل منهم حق الاستطراق إلى داره من أي موضع من جداره ، فلکل منهم فتح باب آخر أدخل من باب الاول أو أسبق مع سد الباب الاول و عدمه .

مسألة 3 :

ليس لمن کان حائط داره إلى الدريبة فتح باب إليها إلا بإذن أربابها ، نعم له فتح ثقبة و شباک إليها ، و ليس لهم منعه لکونه تصرفا فى جداره لا فى ملکهم ، و هل له فتح باب إليها لا للاستطراق بل لمجرد الاستضاءة و دخول الهواء ؟ الاقرب جوازه ، و لصاحب الدريبة تحکيم سند المالکية لدفع الشبهة .

مسألة 4 :

يجوز لکل من أرباب الدريبة الجلوس فيها و الاستطراق و التردد منها إلى داره بنفسه و ما يتعلق به من عياله و دوابه و أضيافه و عائديه و زائريه ، و کذا وضع الحطب و نحوه فيها لادخاله فى الدار ، و وضع الاحمال و الاثقال عند إدخالها و إخراجها من دون إذن الشرکاء ، بل و إن کان فيهم القصر و المولى عليهم من دون رعاية المساواة مع الباقين .

مسألة 5 :

الشوارع و الطرق العامة و إن کانت معدة لاستطراق عامة الناس و منفعتها الاصلية التردد فيها بالذهاب و الاياب إلا أنه يجوز لکل أحد الانتفاع بها بغير ذلک من جلوس أو نوم أو صلاة و غيرها بشرط أن لا يتضرر بها أحد على الاحوط ، و لم يزاحم المستطرقين و لم يتضيق على المارة .

مسألة 6 :

لا فرق فى الجلوس غير المضر بين ما کان للاستراحة أو النزهة و بين ما کان للحرفة و المعاملة إذا جلس فى الرحاب و المواضع المتسعة لئلا يتضيق على المارة ، فلو جلس فيها بأي غرض من الاغراض لم يکن لاحد إزعاجه .

مسألة 7 :

لو جلس فى موضع من الطريق ثم قام عنه فإن کان جلوس استراحة و نحوها بطل حقه ، فجاز لغيره الجلوس فيه ، و کذا إن کان لحرفة و معاملة و قام بعد استيفاء غرضه و عدم نية العود ، فلو عاد إليه بعد أن جلس فى مجلسه غيره لم يکن له دفعه ، و لو قام قبل استيفاء غرضه ناويا للعود ففى ثبوت حق له فيه إشکال ، نعم لا يجوز التصرف فى بساطه فلو قام و لو بنية العود و رفع بساطه فالظاهر جواز جلوس غيره مکانه ، و الاحتياط أحسن .

مسألة 8 :

ثبوت الحق للجالس للمعاملات و نحوها مشکل ، بل الظاهر عدمه ، لکن لا يجوز إزعاجه مادام فيه و لا التصرف فى بساطه ، و لا مانع من إشغال ما حوله و لو احتاج إليه لوضع متاعه و وقوف المعاملين معه ، و کذا يجوز له القعود بحيث يمنع من رؤية متاعه أو وصول المعاملين إليه ، و ليس له منعه ، لکن الاحتياط حسن ، و مراعاة المؤمن مطلوب .

مسألة 9 :

يجوز للجالس للمعاملة أن يظلل على موضع جلوسه بما لا يضر بالمارة بثوب أو بارية و نحوهما ، و ليس له بناء دکة و نحوها فيه .

مسألة 10 :

إذا جلس فى موضع من الطريق للمعاملة فى يوم فسبقه فى يوم آخر شخص آخر و أخذ مکانه فليس للاول إزعاجه و مزاحمته .

مسألة 11 :

إنما يصير الموضع شارعا عاما بأمور ، أحدها بکثرة التردد و الاستطراق و مرور القوافل و نحوها فى الارض الموات کالجواد الحاصلة فى البراري و القفار التى يسلک فيها من بلاد إلى بلاد ، الثانى أن يجعل إنسان ملکه شارعا و سبله تسبيلا دائميا لسلوک عامة الناس و سلک فيه بعض الناس ، فإنه يصير بذلک طريقا عاما و لم يکن للمسبل الرجوع بعد ذلک ، الثالث أن يحيى جماعة أرضا مواتا قرية أو بلدة و يترکوا مسلکا نافذا بين الدور و المساکن و يفتحوا إليه الابواب ، و المراد بکونه نافذا أن يکون له مدخل و مخرج يدخل الناس فيه من جانب و يخرجون من جانب آخر إلى جادة عامة أو إلى أرض موات .

مسألة 12 :

لا حريم للشارع العام لو وقع بين الاملاک ، فلو کانت بين الاملاک قطعة أرض موات عرضها ثلاثة أو أربعة أذرع مثلا و استطرقها الناس حتى صارت جادة لم يجب على الملاک توسيعها و إن تضيقت على المارة و کذا لو سبل شخص فى وسط ملکه أو من طرف ملکه المجاور لملک غيره ثلاثة أو أربعة أذرع مثلا للشارع ، و أما لو کان الشارع محدودا بالموات بطرفيه أو أحد طرفيه فکان له الحريم ، و هو المقدار الذي يوجب إحياؤه نقص الشارع من سبعة أذرع على الاحوط ، فلو حدث بسبب الاستطراق شارع فى وسط الموات جاز إحياء طرفيه إلى حد يبقى له سبعة أذرع و لا يتجاوز عن هذا الحد ، و کذا لو کان لاحد فى وسط المباح ملک عرضه أربعة أذرع مثلا فسبله شارعا لا يجوز إحياء طرفيه بما لم يبق للطريق سبعة أذرع ، و لو کان فى أحد طرفى الشارع أرض مملوکة و فى الطرف الاخر أرض موات کان الحريم من طرف الموات ، بل لو کان طريق بين الموات و سبق شخص و أحيى أحد طرفيه إلى حد الطريق اختص الحريم بالطرف الاخر ، فلا يجوز للاخر الاحياء إلى حد لا يبقى للطريق سبعة أذرع فلو بنى بناء مجاوزا لذلک الحد ألزم هو بهدمه و تبعيده دون المحيى الاول .

مسألة 13 :

إذا استؤجم الطريق أو انقطعت عنه المارة زال حکمه بل ارتفع موضوعه و عنوانه ، فجاز لکل أحد إحياؤه کالموات ، من غير فرق فى صورة انقطاع المارة بين أن يکون ذلک لعدم وجودهم أو بمنع قاهر إياهم أو لهجرهم إياه و استطراقهم غيره أو بسبب آخر ، نعم فى المسبل لا يخلو جواز الاحياء من إشکال .

مسألة 14 :

لو زاد عرض الطريق المسلوک عن سبعة أذرع فأما المسبل فلا يجوز لاحد أخذ ما زاد عليها و إحياؤه و تملکه قطعا ، و أما غيره ففى جواز إحياء الزائد و عدمه وجهان ، أوجههما العدم إلا إذا کان الزائد معرضا عنه .

مسألة 15 :

و من المشترکات المسجد ، و هو من مرافق المسلمين يشترک فيه عامتهم ، و هم شرع سواء فى الانتفاع به إلا بما لا يناسبه و نهى الشارع عنه کمکث الجنب فيه و نحوه ، فمن سبق إلى مکان منه لصلاة أو عبادة أو قراءة قرآن أو دعاء بل و تدريس أو وعظ أو إفتاء و غيرها ليس لاحد إزعاجه ، سواء توافق السابق مع المسبوق فى الغرض أو تخالفا فيه ، فليس لاحد بأي غرض کان مزاحمة من سبق إلى مکان منه بأي غرض کان ، نعم لا يبعد تقدم الصلاة جماعة أو فرادى على غيرها من الاغراض ، فلو کان جلوس السابق لغرض القراءة أو الدعاء أو التدريس و أراد أحد أن يصلى فى ذلک المکان جماعة أو فرادى يجب عليه تخلية المکان له ، نعم ينبغى تقييد ذلک بما إذا لم يکن اختيار مريد الصلاة فى ذلک المکان لمجرد الاقتراح ، بل کان أما لانحصار محل الصلاة فيه أو لغرض راجح دينى کالالتحاق بصفوف الجماعة و نحوه ، هذا و لکن أصل المسألة لا تخلو من إشکال فيما إذا کان جلوس السابق لغرض العبادة کالدعاء و القراءة لا لمجرد النزهة و الاستراحة ، فلا ينبغى فيه ترک الاحتياط للمسبوق بعدم المزاحمة ، و للسابق بتخلية المکان له ، و الظاهر تسوية الصلاة فرادى مع الصلاة جماعة فلا أولوية للثاني

على الاولى ، فمن سبق إلى مکان للصلاة منفردا فليس لمريد الصلاة جماعة إزعاجه لها و إن کان الاولى له تخلية المکان له إذا وجد مکان آخر له ، و لا يکون مناعا للخير عن أخيه .

مسألة 16 :

لو قام الجالس السابق و فارق المکان رافعا يده منه معرضا عنه بطل حقه على فرض ثبوت حق له و إن بقى رحله ، فلو عاد إليه و قد أخذه غيره ليس له إزعاجه ، نعم لا يجوز التصرف فى بساطه و رحله ، و إن کان ناويا للعود فإن کان رحله باقيا بقى حقه لو قلنا بثبوت حق له ، و لکن لا يجوز التصرف فى رحله على أي حال ، و إلا فالظاهر سقوط حقه على فرض ثبوته ، لکن ثبوت حق فى أمثال ذلک مطلقا لا يخلو من تأمل و إن يظهر منهم التسالم عليه فى خصوص المسجد ، و الاحوط عدم إشغاله خصوصا إذا کان خروجه لضرورة کتجديد طهارة أو إزالة نجاسة أو قضاء حاجة و نحوها .

مسألة 17 :

الظاهر أن وضع الرحل مقدمة للجلوس کالجلوس فى إفادة الاولوية لکن إن کان ذلک بمثل فرش سجادة و نحوها مما يشغل مقدار مکان الصلاة أو معظمه لا بمثل وضع تربة أو سبحة أو مسواک و شبهها .

مسألة 18 :

يعتبر أن لا يکون بين وضع الرحل و مجيئه طول زمان بحيث استلزم تعطيل المکان ، و إلا لم يفد حقا فجاز لغيره أخذ المکان قبل مجيئه و رفع رحله و الصلاة مکانه إذا شغل المحل بحيث لا يمکن الصلاة فيه إلا برفعه ، و الظاهر أنه يضمنه الرافع إلى أن يوصله إلى صاحبه ، و کذا الحال فيما لو فارق المکان معرضا عنه مع بقاء رحله فيه .

مسألة 19 :

المشاهد کالمساجد فى جميع ما ذکر من الاحکام ، فإن المسلمين فيها شرع سواء ، سواء العاکف فيها و الباد و المجاور لها و المتحمل إليها من بعد البلاد ، و من سبق إلى مکان منها لزيارة أو صلاة أو دعاء أو قراءة ليس لاحد إزعاجه ، و هل للزيارة أولوية على غيرها کالصلاة فى المسجد بالنسبة إلى غيرها لو قلنا بأولويتها ؟ لا يخلو من وجه ، لکنه غير وجيه کأولوية من جاء إليها من البلاد البعيدة بالنسبة إلى المجاورين و إن کان ينبغى لهم مراعاتهم ، و حکم مفارقة المکان و وضع الرحل و بقائه کما سبق فى المساجد .

مسألة 20 :

و من المشترکات المدارس بالنسبة إلى طالبى العلم أو الطائفة الخاصة منهم إذا خصها الواقف بصنف خاص ، کما إذا خصها بصنف العرب أو العجم أو طالب العلوم الشرعية أو خصوص الفقه مثلا فمن سبق إلى سکنى حجرة منها فهو أحق بها ما لم يفارقها معرضا عنها و إن طالت مدة السکنى ، إلا إذا اشترط الواقف له مدة معينة کثلاث سنين مثلا ، فيلزمه الخروج بعد انقضائها بلا مهلة و إن لم يؤمر به ، أو شرط اتصافه بصفة فزالت فطرأ عليه العجز لمرض أو هرم أو نحو ذلک .

مسألة 21 :

لا يبطل حق الساکن بالخروج لحاجة معتادة کشراء مأکول أو مشروب أو کسوة و نحوها قطعا و إن لم يترک رحله ، و لا يلزم تخليف أحد مکانه ، بل و لا بالاسفار المتعارفة المعتادة ، کالرواح للزيارة أو لتحصيل المعاش أو للمعالجة مع نية العود و بقاء متاعه و رحله ما لم تطل المدة إلى حد لم يصدق معه السکنى و الاقامة عرفا ، و لم يوجب تعطيل المحل زائدا عن المتعارف ، و لم يشترط الواقف لذلک مدة معينة ، کما إذا شرط أن لا يکون خروجه أزيد من شهر أو شهرين مثلا ، فيبطل حقه لو تعدى زمن خروجه عن تلک المدة .

مسألة 22 :

من أقام فى حجرة منها ممن يستحق السکنى بها له أن يمنع من أن يشارکه غيره إذا کان المسکن معدا لواحد أما بحسب قابلية المحل أو بسبب شرط الواقف ، و لو أعد ما فوقه لم يکن له منع غيره إلا إذا بلغ العدد الذي أعد له ، فللسکنة منع الزائد .

مسألة 23 :

يلحق بالمدارس الرباطات ، و هى المواضع المبنية لسکنى الفقراء ، و الملحوظ فيها غالبا الفقراء ، فمن سبق منهم إلى إقامة بيت منها کان أحق به ، و ليس لاحد إزعاجه ، و الکلام فى مقدار حقه و ما به يبطل حقه و جواز منع الشريک و عدمه فيها کما سبق فى المدارس .

مسألة 24 :

و من المشترکات المياه ، و المراد بها مياه الشطوط و الانهار الکبار کدجلة و الفرات و النيل أو الصغار التى لم يجرها أحد ، بل جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج ، و کذلک العيون المتفجرة من الجبال أو فى أراضى الموات ، و المياه المجتمعة فى الوهاد من نزول الامطار ، فأن الناس فى جميع ذلک شرع سواء ، و من حاز منها شيئا بآنية أو مصنع أو حوض و نحوها ملکه ، و جرى عليه أحکام الملک من غير فرق بين المسلم و الکافر ، و أما مياه العيون و الابار و القنوات التى حفرها أحد فى ملکه أو فى الموات بقصد تملک مائها فهى ملک للحافر کسائر الاملاک ، لا يجوز لاحد أخذها و التصرف فيها إلا بإذن المالک عدا بعض التصرفات التى مر بيانها فى کتاب الطهارة ، و ينتقل إلى غيره بالنوافل الشرعية قهرية کانت کالارث أو اختيارية کالبيع و الصلح و الهبة و غيرها .

مسألة 25 :

إذا شق نهرا من ماء مباح کالشط و نحوه ملک ما يدخل فيه من الماء و يجري عليه أحکام الملک کالماء المحوز فى آنية و نحوها ، و تتبع ملکية الماء ملکية النهر ، فإن کان النهر لواحد ملک الماء بالتمام ، و إن کان لجماعة ملک کل منهم من الماء بمقدار حصته من ذلک النهر ، فإن کان لواحد نصفه و لاخر ثلثه و لثالث سدسه ملکوا الماء بتلک النسبة و هکذا ، و لا يتبع مقدار استحقاق الماء مقدار الاراضى التى تسقى منه ، فلو کان النهر مشترکا بين ثلاثة أشخاص بالتساوي کان لکل منهم ثلث الماء ، و إن کانت الاراضى التى تسقى منه لاحدهم ألف جريب و لاخر جريبا و لاخر نصف جريب فيصرفان ما زاد على احتياج أرضهما فيما شاءا ، بل لو کان لاحدهما رحى يدور به و لم يکن له أرض أصلا يساوي مع کل من شريکيه فى استحقاق الماء .

مسألة 26 :

إنما يملک النهر المتصل بالمباح بحفره فى الموات بقصد إحيائه نهرا مع نية تملکه إلى أن أوصله بالمباح کما مر فى إحياء الموات ، فإن کان الحافر واحدا ملکه بالتمام ، و إن کان جماعة کان بينهم على قدر ما عملوا ، فمع التساوي بالتساوي ، و مع التفاوت بالتفاوت .

مسألة 27 :

لما کان الماء الذي يفيضه النهر المشترک بين جماعة مشترکا بينهم کان حکمه حکم سائر الاموال المشترکة ، فلا يجوز لکل واحد منهم التصرف فيه ، و أخذه و السقاية به إلا بإذن باقى الشرکاء ، فإن لم يکن بينهم تعاسر و يبيح کل منهم سائر شرکائه أن يقضى منه حاجته فى کل وقت و زمان فلا بحث ، و إن وقع بينهم تعاسر فإن تراضوا بالتناوب و المهاياة بحسب الساعات أو الايام أو الاسابيع مثلا فهو ، و إلا فلا محيص من تقسيمه بينهم بالاجزاء بأن توضع على فم النهر خشبة أو صخرة أو حديدة ذات ثقب متساوية السعة حتى يتساوى الماء الجاري فيها ، و يجعل لکل منهم من الثقب بمقدار حصته ، و يجري کل منهم ما يجري فى الثقبة المختصة به فى ساقية تختص به ، فإذا کان بين ثلاثة و سهامهم متساوية فإن کانت الثقب ثلاث متساوية جعلت لکل منهم ثقبة ، و إن کانت ستا جعلت لکل منهم ثقبتان ، و إن کانت سهامهم متفاوتة تجعل الثقب على أقلهم سهما ، فإذا کان لاحدهم نصفه و لاخر ثلثه و لثالث سدسه جعلت الثقب ستا ، ثلاث منها لذي النصف ، و اثنتان لذي الثلث ، و واحدة لذي السدس و هکذا ، و بعدما أفرزت حصة کل منهم من الماء يصنع بمائه ما شاء .

مسألة 28 :

الظاهر أن القسمة بحسب الاجزاء قسمة إجبار ، فإذا طلبها أحد الشرکاء يجبر الممتنع منهم عليها ، و هى لازمة ليس لاحدهم الرجوع عنها بعد وقوعها ، و أما المهاياة فهى موقوفة على التراضى و ليست بلازمة ، فلبعضهم الرجوع عنها حتى فيما إذا استوفى تمام نوبته و لم يستوف الاخر نوبته و إن ضمن حينئذ مقدار ما استوفاه بالمثل مع إمکانه ، و إلا فبالقيمة .

مسألة 29 :

إذا اجتمعت أملاک على ماء مباح من عين أو واد أو نهر و نحوها بأن أحياها

أشخاص عليه ليسقوها منه بواسطة السواقى أو الدوالى أو النواعير أو المکائن المتداولة فى هذه الاعصار کان للجميع حق السقى منه ، فليس لاحد أن يشق نهرا فوقها يقبض الماء کله أو ينقصه عن مقدار احتياج تلک الاملاک ، و حينئذ فإن وفى الماء لسقى الجميع من دون مزاحمة فى البين فهو ، و إن لم يف و وقع بين أربابها فى التقدم و التأخر التشاح و التعاسر يقدم الاسبق فالاسبق فى الاحياء إن علم السابق ، و إلا يقدم الاعلى فالاعلى و الاقرب فالاقرب إلى فوهة الماء و أصله ، فيقضى الاعلى حاجته ثم يرسله إلى ما يليه و هکذا لکن لا يزيد للنخل عن الکعب أي قبة القدم على الاحوط و إن کان الجواز إلى أول الساق لا يخلو من قوة ، و للشجر عن القدم ، و للزرع عن الشراک .

مسألة 30 :

الانهار المملوکة المنشقة من الشطوط و نحوها إذا وقع التعاسر بين أربابها بأن کان الشط لا يفى فى زمان واحد بإملاء جميع تلک الانهار کان حالها کحال اجتماع الاملاک على الماء المباح المتقدم فى المسألة السابقة ، فالاحق ما کان شقه أسبق ثم الاسبق ، و إن لم يعلم الاسبق فالمدار على الاعلى فالاعلى ، فيقبض الاعلى ما يسعه ثم ما يليه و هکذا .

مسألة 31 :

لو احتاج النهر المملوک المشترک بين جماعة إلى تنقية أو حفر أو إصلاح أو سد خرق و نحو ذلک فإن أقدم الجميع على ذلک کانت المؤونة على الجميع بنسبة ملکهم للنهر ، سواء کان إقدامهم بالاختيار أو بالاجبار من حاکم قاهر جائر أو بإلزام من الشرع ، کما إذا کان مشترکا بين المولى عليهم و رأي الولى المصلحة الملزمة فى تعميره مثلا ، و إن لم يقدم إلا البعض لم يجبر الممتنع ، و ليس للمتقدمين مطالبته بحصته من المؤونة ما لم يکن إقدامهم بالتماس منه و تعهده ببذل حصته ، نعم لو کان النهر مشترکا بين القاصر و غيره و کان إقدام غير القاصر متوقفا على مشارکة القاصر أما لعدم اقتداره بدونه أو لغير ذلک وجب على ولى القاصر مراعاة لمصلحته تشريکه فى التعمير و بذل المؤونة من ماله بمقدار حصته .

مسألة 32 :

و من المشترکات المعادن ، و هى أما ظاهرة ، و هى ما لا يحتاج فى استخراجها و الوصول إليها إلى عمل و مؤونة کالملح و القير و الکبريت و الموميا و الکحل و النفط إذا لم يحتج کل منها إلى الحفر و العمل المعتد به ، و أما باطنه ، و هى ما لا تظهر إلا بالعمل و العلاج کالذهب و الفضة و النحاس و الرصاص و کذا النفط إذا احتاج فى استخراجه إلى حفر آبار کما هو المعمول غالبا فى هذه الاعصار ، فأما الظاهرة فهى تملک بالحيازة لا بالاحياء ، فمن أخذ منها شيئا ملک ما أخذه قليلا کان أو کثيرا و إن کان زائدا على ما يعتاد لمثله و على مقدار حاجته ، و يبقى الباقى مما لم يأخذه على الاشتراک و لا يختص بالسابق فى الاخذ ، و ليس له على الاحوط أن يحوز مقدارا يوجب الضيق و المضارة على الناس ، و أما الباطنة فهى تملک بالاحياء بإن ينهى العمل و النقب و الحفر إلى أن يبلغ نيلها ، فيکون حالها حال الابار المحفورة فى الموات لاجل استنباط الماء ، و قد مر أنها تملک بحفرها حتى يبلغ الماء و يملک بتبعها الماء ، و لو عمل فيها عملا لم يبلغ به نيلها کان تحجيرا أفاد الاحقية و الاولوية دون الملکية .

مسألة 33 :

إذا شرع فى إحياء معدن ثم أهمله و عطله أجبر على تمام العلم أو رفع يده عنه ، و لو أبدا عذرا أنظر بمقدار زوال عذره ثم ألزم على أحد الامرين کما سبق ذلک کله فى إحياء الموات .

مسألة 34 :

لو أحيى أرض مزرعا أو مسکنا مثلا فظهر فيها معدن ملکه تبعا لها ، سواء کان عالما بها حين إحيائها أم لا .

مسألة 35 :

لو قال رب المعدن لاخر اعمل فيه و لک نصف الخارج مثلا بطل إن کان بعنوان الاجارة ، و صح لو کان بعنوان الجعالة .

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

پر بازدیدترین ها

No image

تکملة

No image

القول فى المشترکات

No image

القول فى إحیاء الموات

Powered by TayaCMS