کتاب الحوالة و الکفالة
أما الحوالة فحقيقتها تحويل المديون ما فى ذمته إلى ذمة غيره ، و هى متقومة بأشخاص ثلاثة : المحيل و هو المديون ، و المحتال و هو الدائن ، و المحال عليه ، و يعتبر فيهم البلوغ و العقل و الرشد و الاختيار ، و فى المحتال عدم الحجر للفلس ، و کذا فى المحيل إلا على البريء ، و هى عقد يحتاج إلى إيجاب من المحيل و قبول من المحتال ، و أما المحال عليه فليس طرفا للعقد و إن قلنا باعتبار قوله ، و يکفى فى الايجاب کل لفظ يدل على التحويل المزبور مثل أحلتک بما فى ذمتى من الدين على فلان و ما يفيد معناه ، و فى القبول ما يدل على الرضا بذلک ، و يعتبر فى عقدها ما يعتبر فى سائر العقود و منها التنجيز على الاحوط .
مسألة 1 :
يشترط فى صحة الحوالة مضافا إلى ما تقدم أمور :
منها أن يکون المال المحال به ثابتا فى ذمة المحيل ، فلا تصح فى غيره و إن وجد سببه کمال الجعالة قبل العمل فضلا عما لا يوجد کالحوالة بما سيستقرضه فيما بعد .
و منها تعيين المال المحال به بمعنى عدم الابهام و الترديد ، و أما معلومية مقداره أو جنسه عند المحيل أو المحتال فالظاهر عدم اعتبارها ، فلو کان مجهولا عندهما و معلوما معينا واقعا لا بأس به خصوصا مع فرض إمکان ارتفاع الجهالة .
و منها رضا المحال عليه و قبوله على الاحوط فيما إذا اشتغلت ذمته للمحيل بمثل ما أحال عليه ، و على الاقوى فى الحوالة على البريء أو بغير جنس ما على المحال عليه .
مسألة 2 :
لا يعتبر فى صحة الحوالة اشتغال ذمة المحال عليه الدين للمحيل ، فتصح الحوالة على البريء على الاقوى .
مسألة 3 :
لا فرق فى المحال به بين کونه عينا ثابتا فى ذمة المحيل و بين کونه منفعة أو عملا لا يعتبر فيه المباشرة ، فتصح إحالة مشغول الذمة بخياطة ثوب أو زيارة أو صلاة أو حج أو قراءة قرآن و نحو ذلک على بريء أو على من اشتغلت ذمته له بمثل ذلک ، و کذا لا فرق بين کونه مثليا کالحنطة و الشعير أو قيميا کالغنم و الثوب بعد ما کان موصوفا بما يرفع الجهالة فإذا اشتغلت ذمته بشاة موصوفة مثلا بسبب کالسلم جاز له إحالتها على من کان له عليه شاة بذلک الوصف أو کان بريئا .
مسألة 4 :
لا إشکال فى صحة الحوالة مع اتحاد الدين المحال به مع الدين الذي على المحال عليه جنسا و نوعا ، و أما مع الاختلاف بأن کان عليه لرجل مثلا دراهم و له على آخر دنانير فيحيل الاول على الثانى فهو على أنحاء : فتارة يحيل الاول بدراهمه على الثانى بالدنانير بأن يأخذ منه و يستحق عليه بدل الدراهم الدنانير ، و أخرى يحيله عليه بالدراهم بأن يأخذ منه الدراهم و يعطى المحال عليه بدل ما عليه من الدنانير الدراهم ، و ثالثة يحيله عليه بالدراهم بأن يأخذ منه دراهمه و تبقى الدنانير على حالها ، لا إشکال فى صحة النحو الاول ، و کذا الثالث ، و يکون هو کالحوالة على البريء ، و أما الثانى ففيه إشکال ، فالاحوط فيما إذا أراد ذلک أن يقلب الدنانير التى على المحال عليه بدراهم بناقل شرعى أولا ثم يحال عليه الدراهم ، و إن کان الاقوى صحته مع التراضى .
مسألة 5 :
إذا تحققت الحوالة جامعة للشروط برأت ذمة المحيل عن الدين و إن لم يبرأه المحتال و اشتغلت ذمة المحال عليه للمحتال بما أحيل عليه ، هذا حال المحيل مع المحتال و المحتال مع المحال عليه ، و أما حال المحال عليه مع المحيل فإن کانت الحوالة بمثل ما عليه برأت ذمته مما له عليه و کذا إن کانت بغير الجنس و وقعت على النحو الاول و الثانى مع التراضى ، و أما إن وقعت على النحو الاخير أو کانت الحوالة على البريء اشتغلت ذمة المحيل للمحال عليه بما أحال عليه ، و إن کان عليه دين يبقى على حاله .
مسألة 6 :
لا يجب على المحتال قبول الحوالة و إن کانت على غنى غير مماطل ، و لو قبلها لزم و إن کانت على فقير معدم مع علمه بحاله ، و لو کان جاهلا فبان إعساره و فقره وقت الحوالة فله الفسخ و العود على المحيل ، و لا فسخ مع الفقر الطاري ، کما لا يزول الخيار باليسار الطاري .
مسألة 7 :
الحوالة لازمة بالنسبة إلى کل من الثلاثة إلا على المحتال مع إعسار المحال عليه و جهله بالحال کما أشرنا إليه ، و المراد بالاعسار أن لا يکون عنده ما يوفى به الدين زائدا على مستثنياته ، و يجوز اشتراط خيار الفسخ لکل منهم .
مسألة 8 :
يجوز الترامى فى الحوالة بتعدد المحال عليه و اتحاد المحتال کما لو أحال المديون زيدا على عمرو ثم أحاله عمرو على بکر و هو على خالد و هکذا ، أو بتعدد المحتال مع اتحاد المحال عليه کما لو أحال المحتال من له عليه دين على المحال عليه ثم أحال هو من عليه دين على ذلک المحال عليه و هکذا .
مسألة 9 :
لو قضى المحيل الدين بعد الحوالة برأت ذمة المحال عليه فإن کان ذلک بمسألته رجع المحيل عليه ، و إن تبرع لم يرجع .
مسألة 10 :
لو أحال على بريء و قبل المحال عليه هل له الرجوع على المحيل بمجرده أو ليس له إلا بعد أداء الدين للمحتال ؟ الاقرب الثانى .
مسألة 11 :
لو أحال البائع من له عليه دين على المشتري أو أحال المشتري البائع بالثمن على شخص آخر ثم تبين بطلان البيع بطلت الحوالة بخلاف ما إذا انفسخ البيع بخيار أو بالاقالة فإنه تبقى الحوالة و لم تتبع البيع فيه .
مسألة 12 :
إذا کان له عند وکيله أو أمينه مال معين خارجى فأحال دائنه عليه ليدفع إليه و قبل المحتال وجب عليه دفعه إليه ، و لو لم يدفع فله الرجوع على المحيل لبقاء شغل ذمته .