القول فى أحکام الکفارات

القول فى أحکام الکفارات

القول فى أحکام الکفارات

مسألة 1 :

لا يجزي عتق الکافر فى الکفارة مطلقا ، فيشترط فيه الاسلام ، و يستوي فى الاجزاء الذکر و الانثى و الکبير و الصغير الذي هو بحکم المسلم بأن کان أحد أبويه مسلما ، لکن لا ينبغى ترک الاحتياط فى کفارة القتل بعتق البالغ ، و يشترط أيضا أن يکون سالما من العيوب التى توجب الانعتاق قهرا کالعمى و الجذام و الاقعاد و التنکيل ، و لا بأس بسائر العيوب ، فيجزي عتق الاصم و الاخرس و غيرهما ، و يجزي عتق الابق و إن لم يعلم مکانه ما لم يعلم موته .

مسألة 2 :

يعتبر فى الخصال الثلاث أي العتق و الصيام و الاطعام النية المشتملة على قصد العمل و قصد القربة و قصد کونه عن الکفارة ، و تعيين نوعها لو کانت عليه أنواع متعددة ، فلو کانت عليه کفارة ظهار و يمين و إفطار فاعتق عبدا و نوى التکفير لم يجز عن واحد منها ، و فى المتعدد من نوع واحد يکفى قصد النوع ، و لا يحتاج إلى تعيين آخر ، فلو أفطر أياما من شهر رمضان من سنة أو سنين فأعتق عبدا لکفارة الافطار کفى و إن لم يعين اليوم الذي أفطر فيه ، و کذلک بالنسبة إلى الصيام و الاطعام ، و لو کان عليه کفارة و لا يدري نوعها مع علمه باشتراکها فى الخصال مثلا کفى الاتيان بإحداها ناويا عما فى ذمته ، بل لو علم أن عليه إعتاق عبد مثلا و لا يدري أنه منذور أو عن کفارة کفى إعتاق عبد بقصد ما فى ذمته .

مسألة 3 :

يتحقق العجز عن العتق الموجب للانتقال إلى غيره فى المرتبة بعدم الرقبة أو عدم التمکن من شرائه أو غير ذلک مما هو مذکور فى الفقه ، و يتحقق العجز عن الصيام الموجب لتعين الاطعام بالمرض المانع منه أو خوف زيادته بل حدوثه إن کان لمنشأ عقلائى ، و بکونه شاقا عليه بما لا يتحمل ، و هل يکفى وجود المرض أو خوف حدوثه أو زيادته فى الحال ، و لو مع رجاء البرء و تبدل الاحوال أو يعتبر اليأس ؟ وجهان بل قولان ، لا يخلو أولهما من رجحان ، نعم لو رجا البرء بعد زمان قصير يشکل الانتقال إلى الاطعام ، و لو أخر الاطعام إلى أن برأ من المرض و تمکن من الصوم تعين و لم يجز الاطعام .

مسألة 4 :

ليس طرو الحيض و النفاس موجبا للعجز عن الصيام و الانتقال إلى الاطعام ، و کذا طرو الاضطرار على السفر الموجب للافطار لعدم انقطاع التتابع بطرو ذلک .

مسألة 5 :

المعتبر فى العجز و القدرة على حال الاداء لا حال الوجوب فلو کان حال حدوث موجب الکفارة قادرا على العتق عاجزا عن الصيام فلم يعتق حتى انعکس صار فرضه الصيام ، و سقط عنه وجوب العتق .

مسألة 6 :

لو عجز عن العتق فى المرتبة فشرع فى الصوم و لو ساعة من النهار ثم وجد ما يعتق لم يلزمه العتق ، فله إتمام الصيام و يجزي ، و فى جواز رفع اليد عن الصوم و اختيار العتق وجه ، بل الظاهر أنه أفضل ، و لو عرض ما يوجب استئنافه بأن عرض فى أثنائه ما أبطل التتابع تعين عليه العتق مع بقاء القدرة عليه ، و کذا الکلام فيما لو عجز عن الصيام فدخل فى الاطعام ثم زال العجز .

مسألة 7 :

يجب التتابع فى الصيام فى جميع الکفارات ، و الحکم فى بعضها مبنى على الاحتياط ، فلا يجوز تخلل الافطار و لا صوم آخر بين أيامها و إن کان لکفارة أخرى ، من غير فرق بين ما وجب فيه شهران مرتبا على غيره أو مخيرا أو جمعا ، و کذا بين ما وجب فيه شهران أو ثلاثة أيام ککفارة اليمين ، و متى أخل بالتتابع وجب الاستئناف ، و يتفرع على وجوبه أنه لا يجوز الشروع فى الصوم من زمان يعلم بتخلل صوم آخر واجب فى زمان معين بين أيامه ، فلو شرع فى صيام ثلاثة أيام قبل شهر رمضان أو قبل خميس معين مثلا نذر صومه بيوم أو يومين لم يجز و وجب استئنافه .

مسألة 8 :

إنما يضر بالتتابع ما إذا وقع الافطار فى البين باختيار ، فلو وقع لعذر کالاکراه أو الاضطرار أو المرض أو الحيض أو النفاس لم يضرر به ، و منه وقوع السفر فى الاثناء إن کان ضروريا دون غيره ، و کذا منه ما إذا نسى النية حتى فات وقتها بأن تذکر بعد الزوال ، و کذا الحال فيما إذا کان تخلل صوم آخر لا بالاختيار کما إذا نسى فنوى صوما آخر و لم يتذکر إلا بعد الزوال ، و منه ما إذا نذر صوم کل خميس مثلا ثم وجب عليه صوم شهرين متتابعين ، فلا يضر تخلل المنذور ، و لا يتعين عليه البدل فى المخيرة ، و لا ينتقل إلى الاطعام فى المرتبة ، نعم فى صوم ثلاثة أيام يخل تخلله فى المفروض ، فيلزم الشروع فيها من زمان لم يتخلل المنذور بينهما ، نعم لو کان المنذور على وجه لا يمکن معه تحصيل التتابع کما إذا نذر الصيام يوما و يوما لا فلا يضر التخلل به .

مسألة 9 :

يکفى فى تتابع الشهرين فى الکفارة مرتبة کانت أو مخيرة صيام شهر و يوم متتابعا ، و يجوز التفريق فى البقية و لو اختيارا لا لعذر ، فمن کان عليه صيام شهرين متتابعين کفارة يجوز له الشروع فيه قبل شعبان بيوم ، و لا يجوز له الاقتصار على شعبان ، و کذا يجوز الشروع قبل الاضحى بواحد و ثلاثين يوما ، و لا يجوز قبله بثلاثين .

مسألة 10 :

من وجب عليه صيام شهرين فإن شرع فيه من أول الشهر يجزي هلاليان و إن کانا ناقصين ، و إن شرع فى أثنائه ففيه وجوه بل أقوال ، أوجهها تکسير الشهرين و تتميم ما نقص ، فلو شرع فيه عاشر شوال يتم بصيام ذي الحجة من غير فرق بين نقص الشهرين أو تمامهما أو اختلافهما ، و الاحوط صيام ستين يوما ، و لو وقع التفريق بين الايام بخلل ما لا يضر بالتتابع شرعا يتعين ذلک و يجب الستين .

مسألة 11 :

يتخير فى الاطعام الواجب فى الکفارات بين إشباع المساکين و التسليم إليهم ، و يجوز إشباع بعض و التسليم إلى آخر ، و لا يتقدر الاشباع بمقدار ، بل المدار على أن يأکلوا بمقدار شبعهم قل أو کثر ، و أما فى التسليم فلابد من مد لا أقل ، و الافضل بل الاحوط مدان ، و لابد فى کل من النحوين کمال العدد من ستين أو عشرة ، فلا يجزي إشباع ثلاثين أو خمسة مرتين أو تسليم کل واحد منهم مدين ، و لا يجب الاجتماع لا فى التسليم و لا فى الاشباع ، فلو أطعم ستين مسکينا فى أوقات متفرقة من بلاد مختلفة و لو کان هذا فى سنة و ذاک فى سنة أخرى لاجزأ و کفى .

مسألة 12 :

الواجب فى الاشباع إشباع کل واحد من العدد مرة ، و إن کان الافضل إشباعه فى يومه و ليله غداة و عشاءا .

مسألة 13 :

يجزي فى الاشباع کل ما يتعارف التغذي و التقوت به لغالب الناس من المطبوخ و ما يصنع من أنواع الاطعمة ، و من الخبز من أي جنس کان مما يتعارف تخبيزه من حنطة أو شعير أو ذرة أو دخن و غيرها و إن کان بلا إدام ، نعم الاحوط فى کفارة اليمين و ما کانت کفارته کفارتها عدم کون الاطعام بل و التسليم أدون مما يطعمون أهليهم ، و إن کان الاجزاء بما ذکر فيها أيضا لا يخلو من قوة ، و الافضل أن يکون مع الادام ، و هو کل ما جرت العادة على أکله مع الخبز جامدا أو مائعا و إن کان خلا أو ملحا أو بصلا ، و کل ما کان أفضل کان أفضل ، و فى التسليم بذل ما يسمى طعاما من نى و مطبوخ من الحنطة و الشعير و دقيقهما و خبزهما و الارز و غير ذلک ، و الاحوط الحنطة أو دقيقة ، و يجزي التمر و الزبيب تسليما و إشباعا .

مسألة 14 :

التسليم إلى المسکين تمليک له ، فيملک ما قبضه و يفعل به ما شاء ، و لا يتعين عليه صرفه فى الاکل .

مسألة 15 :

يتساوى الصغير و الکبير إن کان التکفير بالتسليم ، فيعطى الصغير مدا من الطعام کالکبير و إن کان اللازم فى الصغير التسليم إلى وليه ، و کذلک إن کان بنحو الاشباع إذا اختلط الصغار مع الکبار ، فإذا أشبع عائلة أو عائلات مشتملة على کبار و صغار أجزأ مع بلوغهم ستينا و إن کان الصغار منفردين فاللازم احتساب اثنين بواحد ، بل الاحوط احتسابهم کذلک مطلقا ، و الظاهر إنه لا يعتبر فى إشباعهم إذن الولى .

مسألة 16 :

لا إشکال فى جواز إعطاء کل مسکين أزيد من مد من کفارات متعددة و لو مع الاختيار من غير فرق بين الاشباع و التسليم ، فلو أفطر تمام شهر رمضان جاز له إشباع ستين شخصا معينين فى ثلاثين يوما ، أو تسليم ثلاثين مدا من طعام لکل واحد منهم و إن وجد غيرهم .

مسألة 17 :

لو تعذر العدد فى البلد وجب النقل إلى غيره ، و إن تعذر انتظر ، و لو وجد بعض العدد کرر على الموجود حتى يستوفى المقدار و يقتصر فى التکرار على جميع الموجودين ، فلو تمکن من عشرة کرر عليهم ست مرات ، و لا يجوز التکرار على خمسة اثنتا عشرة مرة ، و الاحوط عند تعذر العدد الاقتصار على الاشباع دون التسليم ، و أن يکون فى أيام متعددة .

مسألة 18 :

المراد بالمسکين الذي هو مصرف الکفارة هو الفقير الذي يستحق الزکاة ، و هو من لم يملک قوت سنته لا فعلا و لا قوة ، و يشترط فيه الاسلام بل الايمان على الاحوط ، و إن کان جواز إعطاء المستضعف من الناس غير الناصب لا يخلو من قوة ، و أن لا يکون ممن تجب نفقته على الدافع کالوالدين و الاولاد و الزوجة الدائمة دون المنقطعة و دون سائر الاقارب و الارحام حتى الاخوة و الاخوات ، و لا يشترط فيه العدالة و لا عدم الفسق ، نعم لا يعطى المتجاهر بالفسق الذي ألقى جلباب الحياء ، و فى جواز إعطاء غير الهاشمى إلى الهاشمى قولان ، لا يخلو الجواز من رجحان ، و إن کان الاحوط الاقتصار على مورد الاضطرار و الاحتياج التام الذي يحل معه أخذ الزکاة .

مسألة 19 :

يعتبر فى الکسوة فى الکفارة أن يکون ما يعد لباسا عرفا من غير فرق بين الجديد و غيره ما لم يکن منخرقا أو منسحقا و باليا بحيث ينخرق بالاستعمال ، فلا يکتفى بالعمامة و القلنسوة و الحذام و الخف و الجورب ، و الاحوط عدم الاکتفاء بثوب واحد خصوصا بمثل السراويل أو القميص القصير ، فلا يکون أقل من قميص مع سراويل و إن کان الاقوى جواز الاکتفاء به ، و الاحوط أن يکون مما يواري عورته ، و يعتبر فيها العدد کالاطعام ، فلو کرر على واحد بأن کساه عشر مرات لم تحسب إلا واحدة ، و لا فرق فى المکسو بين الصغير و الکبير و الذکر و الانثى ، نعم فى الاکتفاء بکسوة الصغير فى أوائل عمره کابن شهر أو شهرين إشکال فلا يترک الاحتياط ، و الظاهر اعتبار کونه مخيطا فيما کان المتعارف فيه المخيطية دون ما لا يحتاج إلى الخياطة ، فلو سلم إليه الثوب غير مخيط فى الفرض لم يجز ، نعم الظاهر إنه لا بأس بأن يدفع أجرة الخياطة معه ليخيطه و يلبسه ، و لا يجزي إعطاء لباس الرجال للنساء و بالعکس ، و لا إعطاء لباس الصغير للکبير ، و لا فرق فى جنسه بين کونه من صوف أو قطن أو کتان أو غيرها ، و فى الاجتزاء بالحرير المحض للرجال إشکال إلا إذا جاز لهم اللبس لضرورة أو

غيرها و لو تعذر تمام العدد کسا الموجود و انتظر الباقى ، و الاحوط التکرار على الموجود فإذا وجد الباقى کساه .

مسألة 20 :

لا تجزي القيمة فى الکفارة لا فى الطعام و لا فى الکسوة بل لابد فى الاطعام من بذل الطعام إشباعا أو تمليکا ، و کذا فى الکسوة لابد من إعطائها ، نعم لا بأس بأن يدفع القيمة إلى المستحق إذا کان ثقة ، و يوکله فى أن يشتري بها طعاما فيأکله أو يتملکه أو کسوة ليلبسها .

مسألة 21 :

إذا وجبت عليه کفارة مخيرة لم يجز أن يکفر بجنسين بأن يصوم شهرا و يطعم ثلاثين فى کفارة شهر رمضان مثلا ، أو يطعم خمسة و يکسو خمسة مثلا فى کفارة اليمين ، نعم لا بأس باختلاف أفراد الصنف الواحد منها کما لو أطعم بعض العدد طعاما خاصا و بعضه غيره ، أو کسا بعضهم ثوبا من جنس و بعضهم من آخر ، بل يجوز فى الاطعام أن يشبع بعضا و يسلم إلى بعض کما مر .

مسألة 22 :

لا بدل للعتق فى الکفارة مخيرة کانت أو مرتبة أو کفارة الجمع ، فيسقط بالتعذر ، و أما صيام شهرين متتابعين و الاطعام لو تعذرا ففى کفارة شهر رمضان مع تعذر جميع الخصال يتصدق بما يطيق ، و مع عدم التمکن يستغفر الله ، و يکفى مرة ، و الاحوط فى هذه الصورة التکفير إن تمکن بعد ذلک ، و فى غيرها مع تعذرها صام ثمانية عشر يوما على الاقوى فى الظهار ، و على الاحوط فى غيره ، و الاحوط التتابع فيها ، و إن عجز عن ذلک أيضا صام ما استطاع أو تصدق بما وجد على الاحوط فى شقى التخيير ، و مع العجز عنهما بالمرة استغفر الله تعالى و لو مرة .

مسألة 23 :

الظاهر أن وجوب الکفارات موسع ، فلا تجب المبادرة إليها ، و يجوز التأخير ما لم يؤد إلى حد التهاون .

مسألة 24 :

يجوز التوکيل فى إخراج الکفارات المالية و أدائها ، و يتولى الوکيل النية إن کان وکيلا فى إخراجها ، و إن کان وکيلا فى الايصال إلى الفقير ينوي الموکل حين دفع الوکيل إلى الفقير ، و يکفى أن يکون من نيته إن ما يدفع وکيله إلى الفقير کفارة ، و لا يلزم العلم بوقت الاداء تفصيلا ، و أما الکفارات البدنية فلا يجزي فيها التوکيل ، و لا تجوز فيها النيابة على الاقوى إلا عن الميت .

مسألة 25 :

الکفارات المالية بحکم الديون ، فلو مات من وجبت عليه تخرج من أصل المال ، و أما البدنية فلا يجب على الورثة أداؤها و لا إخراجها من الترکة ما لم يوص بها الميت ، فتخرج من ثلثه ، نعم فى وجوبها على الولى و هو الولد الاکبر احتمال قوي فيما إذا تعين على الميت الصيام ، و أما لو تعين عليه غيره بأن کانت مرتبة و تعين عليه الاطعام فلم يجب على الولى ، و لو کانت مخيرة و کان متمکنا من الصيام و الاطعام فلو أمکن الاخراج من الترکة تخرج منها ، و إلا فالاحوط على الولى الصيام لو تلفت الترکة أو أبى الورثة عن الاطعام .

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

پر بازدیدترین ها

No image

القول فى أقسامها

Powered by TayaCMS