القول فى النذر

القول فى النذر

القول فى النذر

مسألة 1 :

النذر هو الالتزام بعمل لله تعالى على نحو مخصوص ، و لا ينعقد بمجرد النية ، بل لابد من الصيغة ، و هى ما کان مفادها جعل فعل أو ترک على ذمته لله تعالى ، بأن يقول لله على أن أصوم أو أن أترک شرب الخمر مثلا ، و هل يعتبر فى الصيغة قول : " لله " بالخصوص أو يجزي غير هذه اللفظة من أسمائه المختصة کما تقدم فى اليمين ؟ الظاهر هو الثانى ، و لا يبعد انعقاده بما يرادف القول المزبور من کل لغة خصوصا لمن لا يحسن العربية ، و لو اقتصر على قوله : على کذا لم ينعقد و إن نوى فى ضميره معنى " لله " و لو قال : نذرت لله أن أصوم مثلا أو لله على نذر صوم يوم مثلا لم ينعقد على إشکال ، فلا يترک الاحتياط .

مسألة 2 :

يشترط فى الناذر البلوغ و العقل و الاختيار و القصد و انتفاء الحجر فى متعلق نذره ، فلا ينعقد نذر الصبى و إن کان مميزا و بلغ عشرا و لا المجنون و لو إدواريا حال دوره ، و لا المکره ، و لا السکران ، بل و لا الغضبان غضبا رافعا للقصد ، و لا السفيه المحجور عليها إن کان المنذور مالا و لو فى ذمته ، و لا المفلس المحجور عليه إن کان المنذور من المال الذي حجر عليه و تعلق به حق الغرماء .

مسألة 3 :

لا يصح نذر الزوجة مع منع الزوج و إن کان متعلقا بمالها و لم يکن العمل به مانعا عن حقه ، بل الظاهر اشتراط انعقاده بإذنه ، و لو أذن لها فنذرت انعقد ، و ليس له بعد ذلک حله و لا المنع عن الوفاء به ، و لا يشترط نذر الولد بإذن والده على الاظهر ، و ليس له حله و لا منعه عن الوفاء به .

مسألة 4 :

النذر أما نذر بر و يقال له نذر المجازاة ، و هو ما علق على أمر أما شکرا لنعمة دنيوية أو أخروية کأن يقول : إن رزقت ولدا فلله على کذا ، أو إن وفقت لزيارة بيت الله فلله على کذا ، و أما استدفاعا لبلية کأن يقول : إن شفى الله مريضى فلله على کذا ، و أما نذر زجر و هو ما علق على فعل حرام أو مکروه زجرا للنفس عن ارتکابهما مثل أن يقول : إن تعمدت الکذب أو بلت فى الماء فلله على کذا ، أو على ترک واجب أو مستحب زجرا لها عن ترکهما ، و أما نذر تبرع و هو ما کان مطلقا و لم يعلق على شى‌ء ، کأن يقول : لله على أن أصوم غدا لا إشکال و لا خلاف فى انعقاد الاولين ، و فى انعقاد الاخير قولان ، أقواهما الانعقاد .

مسألة 5 :

يشترط فى متعلق النذر مطلقا أن يکون مقدورا للناذر ، و أن يکون طاعة لله تعالى صلاة أو صوما أو حجا و نحوها مما يعتبر فى صحتها القربة ، أو أمرا ندب إليه الشرع و يصح التقرب به کزيارة المؤمنين و تشييع الجنازة و عيادة المرضى و غيرها ، فينعقد فى کل واجب أو مندوب و لو کفائيا إذا تعلق بفعله ، و فى کل حرام أو مندوب إذا تعلق بترکه ، و أما المباح کما إذا نذر أکل طعام أو ترکه فإن قصد به معنى راجحا کما لو قصد بأکله التقوي على العبادة أو بترکه منع النفس عن الشهوة فلا إشکال فى انعقاده ، کما لا إشکال فى عدم الانعقاد فيما إذا صار متعلقه فعلا أو ترکا بسبب اقترانه ببعض العوارض مرجوحا و لو دنيويا ، و أما إذا لم يقصد به معنى راجحا و لم يطرأ عليه ما يوجب رجحانه أو مرجوحيته فالظاهر عدم انعقاده ، لکن لا ينبغى ترک الاحتياط فيه .

مسألة 6 :

قد عرفت أن النذر أما معلق على أمر أو لا ، و الاول على قسمين : نذر شکر و نذر زجر ، فليعلم أن المعلق عليه فى نذر الشکر أما من فعل الناذر أو من فعل غيره أو من فعل الله تعالى ، و لا بد فى الجميع من أن يکون أمرا صالحا لان يشکر عليه حتى يقع المنذور مجازاة له ، فإن کان من فعل الناذر فلابد أن يکون طاعة لله تعالى من فعل واجب أو مندوب أو ترک حرام أو مکروه ، فيلتزم بالمنذور شکرا لله تعالى حيث وفقه عليها ، فلو علقه شکرا على ترک واجب أو مندوب أو فعل حرام أو مکروه لم ينعقد ، و إن کان من فعل غيره فلابد أن يکون منفعة دينية أو دنيوية للناذر صالحة للشکر عليها شرعا أو عرفا ، و لا ينعقد فى عکسه ، مثل أن يقول إن شاع بين الناس المنکرات فلله على کذا ، و إن کان من فعل الله تعالى لزم أن يکون أمرا يسوغ ، و يحسن طلبه منه تعالى کشفاء مريض أو هلاک عدو دينى أو أمن فى البلاد و نحوها ، فلا ينعقد فى عکسه ، کما إذا قال : إن أهلک الله هذا المؤمن الصالح أو قال : إن وقع القحط فى البلاد فکذا ، و أما نذر الزجر فلابد و أن يکون الشرط المعلق عليه فعلا أو ترکا اختياريا للناذر ، و کان صالحا لان يزجر عنه حتى يقع النذر زاجرا عنه‌

، کفعل حرام أو مکروه أو ترک واجب أو مکروه .

مسألة 7 :

إن کان الشرط فعلا اختياريا للناذر فالنذر المعلق عليه قابل لان يکون نذر شکر و أن يکون نذر زجر ، و المائز هو القصد ، مثلا لو قال : إن شربت الخمر فلله على کذا و کان فى مقام زجر النفس و صرفها عن الشرب و إنما أوجب على نفسه شيئا على تقدير شربه ليکون زاجرا عنه ، فهو نذر زجر فينعقد ، و إن کان فى مقام تنشيط النفس و ترغيبها و قد جعل المنذور جزاء لصدوره منه و تهيؤ أسبابه له کان نذر شکر ، فلا ينعقد .

مسألة 8 :

لو نذر الصلاة أو الصوم أو الصدقة فى زمان معين تعين فلو أتى بها فى غيره لم يجز ، و کذا لو نذرها فى مکان ليس فيه رجحان فلا يجزي فى غيره و إن کان أفضل ، و لو نذرها فى مکان ليس فيه رجحان ففى انعقاده و تعينه وجهان بل قولان أقواهما الانعقاد ، نعم لو نذر إيقاع بعض فرائضه أو بعض نوافله الراتبة کصلاة الليل أو صوم شهر رمضان مثلا فى مکان أو بلد لا رجحان فيه بحيث لم يتعلق بأصل الصلاة و الصيام بل بإيقاعهما فى المکان الخاص فالظاهر عدم انعقاده ، هذا إذا لم يطرأ عليه عنوان راجح مثل کونه أفرغ للعبادة أو أبعد عن الرياء و نحو ذلک ، و إلا فلا إشکال فى الانعقاد .

مسألة 9 :

لو نذر صوما و لم يعين العدد کفى صوم يوم ، و لو نذر صلاة و لم يعين الکيفية و الکمية فلا يبعد إجزاء رکعة الوتر إلا أن يکون قصده غير الرواتب ، فلا يجزي إلا الاتيان برکعتين ، و لو نذر صدقة و لم يعين جنسها و مقدارها کفى أقل ما يتناوله الاسم ، و لو نذر أن يأتى بفعل قربى يکفى کل ما هو کذلک و لو تسبيحة واحدة أو الصلاة على النبى و آله صلوات الله عليهم أو التصدق بشى‌ء إلى غير ذلک .

مسألة 10 :

لو نذر صوم عشرة أيام مثلا فإن قيد بالتتابع أو التفريق . تعين ، و إلا تخير بينهما ، و کذا لو نذر صيام سنة فإن الظاهر مع الاطلاق کفاية اثنى عشر شهرا و لو متفرقا ، بل و کذا لو نذر صيام شهر يکفى ظاهرا صيام ثلاثين يوما و لو متفرقا ، کما يکفى صوم ما بين الهلالين من شهر و لو ناقصا ، و له أن يأتى بالشهر ملفقا ، فيشرع فى أثناء شهر و يکمل من الثانى مقدار ما مضى من الشهر الاول ، نعم لو أتى به متفرقا لا يجوز الاکتفاء بمقدار الشهر الناقص .

مسألة 11 :

لو نذر صيام سنة معينة استثنى منها العيدان ، فيفطر فيهما و لا قضاء عليه ، و کذا يفطر فى الايام التى عرض فيها ما لا يجوز معه الصيام من مرض أو حيض أو نفاس أو سفر ، لکن يجب القضاء على الاقوى .

مسألة 12 :

لو نذر صوم کل خميس مثلا فصادف بعضها أحد العيدين أو أحد العوارض المبيحة للافطار من مرض أو حيض أو نفاس أو سفر أفطر ، و يجب عليه القضاء على الاقوى فى غير العيدين و السفر ، و على الاحوط فيهما و إن لا يخلو من قوة بالنسبة إلى العيدين .

مسألة 13 :

لو نذر صوم يوم معين فأفطره عمدا يجب قضاؤه مع الکفارة .

مسألة 14 :

لو نذر صوم يوم معين جاز له السفر و إن کان غير ضروري ، و يفطر ثم يقضيه و لا کفارة عليه .

مسألة 15 :

لو نذر زيارة أحد الائمة عليهم السلام أو بعض الصالحين لزم ، و يکفى الحضور و السلام على المزور ، و الظاهر عدم وجوب غسل الزيارة و صلاتها مع عدم ذکرهما فيه ، و إن عين إماما لم يجز غيره و إن کانت زيارته أفضل ، کما إنه لو عجز عن زيارة من عينه لم يجب زيارة غيره بدلا عنه ، و إن عين للزيارة زمانا تعين ، فلو ترکها فى وقتها عامدا حنث و تجب الکفارة ، و الاقوى عدم وجوب القضاء .

مسألة 16 :

لو نذر أن يحج أو يزور الحسين عليه السلام ماشيا انعقد مع القدرة و عدم الضرر ، فلو حج أو زار راکبا مع القدرة على المشى فإن کان النذر مطلقا و لم يعين الوقت أعاد ماشيا ، و إن عين وقتا و فات عمدا حنث و عليه الکفارة ، و الاقوى عدم وجوب القضاء ، و کذلک الحال لو رکب فى بعض الطريق و مشى فى بعضه .

مسألة 17 :

ليس لمن نذر الحج أو الزيارة ماشيا أو يرکب البحر أو يسلک طريقا يحتاج إلى رکوب السفينة و نحوها و لو لاجل العبور من الشط و نحوه ، و لو انحصر الطريق فى البحر فإن کان کذلک من أول الامر لم ينعقد إلا إذا کان مراده فيما يمکن المشى ، فيجب فى سائر الطريق ، و إن طرأ ذلک بعد النذر فإن کان مطلقا و توقع المکنة من طريق البر و المشى منه فيما بعد انتظر ، و إن کان معينا و طرأ ذلک فى الوقت أو مطلقا و لم يتمکن مطلقا سقط عنه و لا شى‌ء عليه .

مسألة 18 :

لو طرأ لناذر المشى العجز عنه فى بعض الطريق دون بعض فالاحوط لو لم يکن الاقوى أن يمشى مقدار ما يستطيع و يرکب فى البعض ، و الاحوط الاولى سياق بدنة فى نذر الحج ، و لو اضطر إلى رکوب السفينة فالاحوط أن يقوم فيها بقدر الامکان .

مسألة 19 :

لو نذر التصدق بعين شخصية تعينت ، و لا يجزي مثلها أو قيمتها مع وجودها ، و مع التلف فإن کان لا بإتلاف منه انحل النذر و لا شى‌ء عليه ، و إن کان بإتلاف منه ضمنها بالمثل أو القيمة على الاحوط فيتصدق بالبدل ، و يکفر أيضا على الاقوى إن کان الاتلاف اختياريا عمديا .

مسألة 20 :

لو نذر الصدقة على شخص معين لزم ، و لا يملک المنذور له الابراء منه ، فلا يسقط عن الناذر بإبرائه ، و لا يلزم على المنذور له القبول ، فإن امتنع عنه فلا يبعد عدم انحلال النذر إلا إذا امتنع فى تمام الوقت المضروب له فى الموقت و مطلقا فى غيره ، فلو رجع عن امتناعه فى الموقت قبل خروج وقته و فى غيره يجب التصدق عليه ، نعم لو کان نذره الصدقة بعين معينة فامتنع عن قبولها جاز له إتلافها ، و لا ضمان عليه لو رجع و لا کفارة ، و لو مات الناذر قبل أن يفى بالنذر يخرج من أصل ترکته ، و کذا کل نذر تعلق بالمال کسائر الواجبات المالية ، و لو مات المنذور له قبل أن يتصدق قام وارثه مقامه على احتمال مطابق للاحتياط سيما إذا کان متعلق النذر إعطاء شى‌ء معين فمات قبل قبضه .

مسألة 21 :

لو نذر شيئا لمشهد من المشاهد المشرفة صرفه فى مصالحه کتعميره و ضيائه و طيبه و فرشه ، و الاحوط عدم التجاوز عن نحو تلک المصالح ، و لو نذر شيئا للامام عليه السلام أو بعض أولاده فالظاهر جواز صرفه فى سبل الخير بقصد رجوع ثوابه إلى المنذور له ، من غير فرق بين الصدقة على المساکين و إعانة الزائرين و غيرهما من وجوه الخير کبناء المسجد و القنطرة و نحو ذلک ، و إن کان الاحوط الاقتصار على معونة زوارهم و صلة من يلوذ بهم من المجاورين المحتاجين و الصلحاء من الخدام المواظبين بشؤون مشاهدهم و إقامة مجالس تعزيتهم ، هذا إذا لم يکن فى قصد الناذر جهة خاصة أو انصراف إلى جهة خاصة ، و إلا اقتصر عليها .

مسألة 22 :

لو عين شاة للصدقة أو لاحد الائمة عليهم السلام أو لمشهد من المشاهد و نحو ذلک يتبعها نماؤها المتصل کالسمن ، و أما المنفصل فلا يترک الاحتياط فى الحمل و اللبن ، بل لا يخلو من وجه ، و أما النتاج الموجود قبل النذر و اللبن المحلوب کذلک فلمالکه .

مسألة 23 :

لو نذر التصدق بجميع ما يملکه لزم ، فإن شق عليه قوم الجميع بقيمة عادلة على ذمته و تصرف فى أمواله بما شاء و کيف شاء ثم يتصدق عما فى ذمته شيئا فشيئا و يحسب إلى أن يوفى التمام ، فإن بقى منه شى‌ء أوصى بأن يؤدي مما ترکه بعد موته .

مسألة 24 :

لو عجز الناذر عن المنذور فى وقته إن کان موقتا و مطلقا إن کان مطلقا انحل‌

نذره و سقط عنه و لا شى‌ء عليه ، نعم لو نذر صوما فعجز عنه تصدق ، نعم لو نذر صوما فعجز عنه تصدق عن کل يوم بمد من طعام على الاقوى ، و الاحوط مدان .

مسألة 25 :

النذر کاليمين فى إنه إذا تعلق بإيجاد عمل من صوم أو صلاة أو صدقة أو غيرها فإن عين له وقتا تعين ، و يتحقق الحنث ، و تجب الکفارة بترکه فيه ، فإن کان صوما يجب قضاؤه على الاقوى ، و إن کان صلاة يقضيها على الاحوط ، و أما غيرهما فالظاهر عدم وجوبه ، و إن کان مطلقا کان وقته العمر ، و جاز له التأخير إلى أن يظن بالوفاة فيتضيق ، و يتحقق الحنث بترکه مدة الحياة ، هذا إذا کان المنذور فعل شى‌ء ، و إن کان ترک شى‌ء ففى الموقت حنثه بإيجاده فيه و لو مرة ، و فى المطلق بإيجاده مدة حياته و لو مرة ، و لو أتى به تحقق الحنث و انحل النذر کما مر فى اليمين .

مسألة _ 26 :

إنما يتحقق الحنث الموجب للکفارة بمخالفة النذر اختيارا فلو أتى بشى‌ء تعلق النذر بترکه نسيانا أو جهلا أو اضطرارا أو إکراها لم يترتب عليه شى‌ء ، بل الظاهر عدم انحلال النذر به ، فيجب الترک بعد ارتفاع العذر لو کان النذر مطلقا أو موقتا و قد بقى الوقت .

مسألة 27 :

لو نذر أن برأ مريضه أو قدم مسافره صام يوما مثلا فبان أن المريض برأ و المسافر قدم قبل النذر لم يلزم .

مسألة 28 :

کفارة حنث النذر ککفارة من أفطر يوما من شهر رمضان على الاقوى .

القول فى العهد

لا ينعقد العهد بمجرد النية ، بل يحتاج إلى الصيغة على الاقوى ، و صورتها عاهدت الله أو على عهد الله ، و يقع مطلقا و معلقا على شرط کالنذر ، و الظاهر أنه يعتبر فى المعلق عليه إن کان مشروطا ما اعتبر فيه فى النذر المشروط ، و أما ما عاهد عليه فهو بالنسبة إليه کاليمين يعتبر فيه أن لا يکون مرجوحا دينا أو دنيا ، و لا يعتبر فيه الرجحان فضلا عن کونه طاعة ، فلو عاهد على فعل مباح لزم ، و لو عاهد على فعل کان ترکه أرجح أو على ترک أمر کان فعله أولى و لو من جهة الدنيا لم ينعقد ، و لو لم يکن کذلک حين العهد ثم طرأ عليه ذلک انحل .

مسألة مخالفة العهد بعد انعقاده توجب الکفارة ، و الاظهر أن کفارتها کفارة من أفطر يوما من شهر رمضان .

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

پر بازدیدترین ها

No image

القول فى النذر

No image

القول فى الیمین

Powered by TayaCMS