کتاب الاعتکاف

کتاب الاعتکاف

کتاب الاعتکاف

بيان الاعتکاف و شروطه

احکام الاعتکاف

الفصل الاول : بيان الاعتکاف و شروطه

المراد من الاعتکاف

و هو «اللبث فى المسجد بقصد العبادة فيه»، و يصح کلّ وقت يصحّ الصوم فيه. و حيث يشترط ـ کما يأتي ـ بالصوم، فلا يکفي فيه قصد التعبّد بنفس اللبث في المسجد، إلاّ أن يقال: لا يلزم ذلک في صدق الاعتکاف و لا في مطلوبيّته مطلقاً، بل في الجملة، و لذا يصحّ الابتداء بالاعتکاف من الليل والانتهاء فيه قبل النهار في الليل.

افضل اوقاته

و أفضل أوقاته، شهر رمضان و أفضله، العشر الأواخر منه.

الاعتکاف واجب او مندوب

و ينقسم إلى واجب و مندوب: والواجب منه، ما وجب بنذر، أو عهد، أو يمين، أو شرط في ضمن عقد، أو اجارة، أو ما کان اطاعة واجبة للوالدين. والمندوب ما عداها. هذا في الابتدا، والاّ فکلّ مندوب، يجب بمضيّ اليومين منه.

جواز النيابة فيه

و تجوز النيابة فيه عن الميت؛ و في النيابة عن الحي فيه تأمّل.

شروط الاعتکاف

و من شروطه، «الايمان»، کما يعتبر في سائر العبادات؛ و «عدم زوال العقل» بجنون في زمن الاعتکاف أو سکر أو إغماء؛ و «نيّة القربة» على الوجه المعتبر في کلّ عبادة؛ و «تعيين المتعدّد».

و تکفي نيّة شخص الأمر في المندوب و إن علم بانقلابه إلى الوجوب بعد اليومين، و إنّما يضرّ قصد الندب بقاءً بعد اليومين، لرجوعه إلى عدم قصد شخص الأمر الذي هو في الواقع غير باق على صفة الندب بعد اليومين؛ و لا يجب التجديد عند مضيّ اليومين و إن کان أحوط.

لزوم الصوم فيه

و من شروطه «الصوم»، فيجب له شرطاً إذا لم يجب لغيره أو نفساً، و يختلف وجوبه أو استحبابه باختلاف الاعتکاف المشروط في ذلک، و باختلاف وجوبه الآتي من قبل غير الاعتکاف کصوم شهر رمضان.

عدم جواز الشروع فيه فى زمان لايسع ثلاثه

و حيث إنّ أقل الاعتکاف، ثلاثة أيّام متواليات ـ (کما يدلّ على کون الأقل ثلاثة، بعد الإجماع المحکىّ نقله عن «التذکرة»، روايات «محمد بن مسلم» و «ابي بصير» و «عمر بن يزيد»، و على التوالي فيها ما روي عن «المشايخ الثلاثة» روايته في الصحيح والموثق عن «ابي عبيدة الحذّاء»، و فيها: «فإن أقام يومين بعد الثلاثة ـ فلا يخرج من المسجد حتى يتمّ ثلاثة أيام»).

و يعتبر فيه الصوم في تلک الثلاثة، کما يدلّ عليه روايات کثيرة موافقة لما عليه الإجماع کما في «الحدائق»، فلا يجوز الشروع فيه في زمان لا يتمکّن فيه من صوم

الثلاثة المتوالية لوقوع بعضها في أحد العيدين أو في السفر على قول سبق في محلّه أو مع الحيض أو النفاس، و سيأتي ما فيه.

محلّ النيّه

و ينوي الاعتکاف في أوّله إن زاد على الثلاثة أيّام؛ والاّ فأوّله، طلوع الفجر؛ کما أنّ آخره الغروب من الثالث، فتخرج الليلة الاُولى والرابعة إلاّ مع الزيادة الاختياريّة؛ أو الثلاثة التلفيقيّه ـ أعني ما کان بقدر ثلاثة أيّام بلياليها المتخلّلة ـ لکنّه لا يخلو جواز التلفيق عن تأمّل.

و لو زاد على الثلاثة مع نيّتها في أوّله أو من حين الزيادة ـ على تأمُّل فيه و في غير زيادة يومين ـ جاز، إلاّ أنّه إذا مضى يومان من حين الزيادة، أتمّهما بيوم کالابتداء؛ و هذا هو الأقوى في الخامس و هو الأحوط في التاسع و أمثاله. و ذلک للنص في زيادة الخامس والإشکال في إلغاء الخصوصيّة فيما عداه فيتمسّک بالإطلاق فيه، کما يتمسّک به في يوم أو بعض يوم فيما دون اليومين.

لو نذر الاعتکاف فى اکثر من ثلاثه

و لو نذر الاعتکاف في مدّة تزيد على الثلاثة و لم يشترط التوالي بدلالة عليه، فله التفريق، لکن لا يأتي في کلّ مرّة بأقلّ من ثلاثة و لو کان المنذور واحداً من تلک الثلاثة. و في فاصليّة العيد مثلاً بين ما تقدّم عليه و ما تأخّر مع العلم السابق أو مطلقاً، تأمّل؛ والأحوط الاستئناف إن وجب المتأخّر أو أراد به الاعتکاف المندوب، و مراعاة الاحتياط في احتمال عدم الفصل و لزوم البناء، قد يوجب إتيان الأزيد من ثلاثة بعد العيد، کما فيما لو کان الثالث، العيد، فيزيد رابعاً بعد العيد.

من شروط الاعتکاف: الايقاع فى المسجد

و من شروط الاعتکاف إيقاعه في المسجد، و يجوز ـ على الأظهر ـ في کلّ مسجد جامع؛ والأحوط الأفضل، اختيار المساجد الأربعة التّى منها «مسجد الکوفة» و

«البصرة» أو «مسجد المدائن» أو «براثا» على الترتيب مع الإمکان.

و لا يضر الصعود على السطح على الأظهر، و لا الدخول في السراديب «کبيت الطشت» في «جامع الکوفة» و کذا المحاريب، و إلى المتعدّدين احداثاً و إن فضلا بباب و جدار مع الوحدة الاتصاليّة أرضاً. و لا تأثير لقصد أحدهما في نيّة الاعتکاف مع هذه الوحدة على الأظهر، فإنّه کقصد الاعتکاف في بيت من بيوت مسجد واحد؛ کما لا عبرة بالزيادة على المسجد إذا لم تکن من المسجد و إن اتّصل به.

الاشتراط باذن السيد والزوج و...

و من شروط الاعتکاف ـ في غير الواجب بالأصل أو بالعارض کمضي يومين أو تضيق وقت الواجب الموسّع بالنذر الصحيح ـ اذن السيد والزوج، فيبطل مع مَنعِهما و ان کان المملوک مکاتباً لم يتحرّر منه شيء و لم يکن اعتکافه اکتساباً مشروعاً أو کان المملوک ممّن هاياه مولاه فاعتکف في نوبة مولاه، به خلاف ما إذا اعتکف في نوبته.

و فيما لا ينافي حق الزّوج، تأمّل، کما إذا أراد ايقاع الاستمتاع الجائز في المسجد في غيره بدون فرق آخر؛ و کذا المستأجر في اعتکاف الأجير الخاص المندوب فيما ينافي الحق المستحقّ له بالاستئجار؛ و کذا الوالدان في اعتکاف الولد مندوباً.

و يمکن أن يکون المبطل في الأخيرين، المنع و خصوص ما يکون إيذاءً من الاعتکاف للوالدين، لا مجرد عدم الأذن؛ و قد ذکرنا في تعلّق الصوم المندوب بإذن الوالدين ما ينفع في الاعتکاف الذي لا يصحّ إلاّ بالصوم من هذه الحيثيّة.

و اعتکاف الضيف ـ کغيره ـ کغير الاعتکاف من المندوبات من الصوم و غيره على الأظهر.

استدامة اللبث و حکم الخروج

و من شروط الاعتکاف، استدامة اللبث؛ فاذا خرج من المسجد من دون مسوِّغ، بطل

الاعتکاف من حين الخروج، فيبطل ما تقدّم عليه فيما تتوقّف صحّته على عدم الخروج في ظرف تحقّقه.

والمبطل، هو الخروج عمداً واختياراً، لا سهواً أو إکراهاً، إلاّ مع طول الزمان الماحي للصورة؛ و لا فرق بين العالم بالحکم أو الجاهل به.

و لا يبطل لو خرج لضرورة عقليّة أو عاديّة أو شرعيّة و لو کانت استحبابيّة متوقّفة على الخروج؛ و منها قضاء الحاجة من بول أو غايط أو اغتسال من الأحداث.

و يراعى الصدق العرفي في اللبث لمعظم البدن، فلا ينافيه خروج بعضه کالرأس أو الرجل أو اليد، کما لا يکفي فيه دخول بعضه ممّا ذکر.

وظيفة من أجنب فى المسجد

و لو أجنب في المسجد و لم يمکنه الاغتسال إلاّ في المسجد أو خارجه، تعيّن ما هو ممکن؛ و إن أمکنه کلاهما؛ فإن کان ذلک في أحد المسجدين و کان زمان الاغتسال مساوياً لزمان الخروج أو أقلّ، تعيّن الاغتسال فيه للاشتراک في زمان مقدار الخروج المغتفر فيه ترک اللبث و اختصاص الاغتسال فيه بدفع الخروج الغير المضطر إليه.

إلاّ أن يقال: إنّه مع مساواة الزمان، يدور أمره فيه بين المحظورين، فيتخيّر بينهما مع عدم المرجّح، به خلاف ما کان زمان الاغتسال فيه أقلّ منه في الخارج، فيتعيّن الاغتسال فيه؛ کما أنّه لو کان في الخارج أقلّ، تعيّن الخروج. و إن کان زمان الاغتسال فيه أکثر و لو بقليل، فالظاهر تعيّن الخروج لئلاّ يقع في اللبث في المسجد في القدر الزائد على الخروج، فإنّه أولى من الخروج للمستحب في الخارج.

و يمکن أن يقال: إنّه يأتي فيه الدور، لتوقّف حليّة الخروج على حرمة اللبث للاغتسال فيه المتوقّفة على حلّية الخروج.

و يمکن دفعه: بأنّ جواز الخروج ليس لحلّيته، بل لدوران الأمر بين حرامين في قدر من الزمان لا مخلص عنهما، والزائد على ذلک القدر حرام يمکن التخلّص عنه بأحد الحرامين دون الآخر؛ فتعيّن الخروج الذي کان مخيّراً بينه و بين الاغتسال فيه لو لا هذه الزيادة في الاغتسال من جهة لابديّة أحد الحرامين، بل الأظهر أنّه مع تساوي درجة الحکمين، لابدّ من ملاحظة المقدار الزائد على زمان الحرام في الاغتسال في المسجد و خارجه؛ فمع التساوي يتخيَّر، و مع التفاوت يختار أقلّ الحرامين زماناً.

و لو فرض أنّ مقدار الخروج غير متيقّن على أيّ تقدير، لوحظ المتيقّن و يراعي الزائد في طرف خصوص الغسل في أحد المکانين.

و لکن تساوي الحکمين قابل للمنع، لجواز الخروج للمستحبّات و عدم جواز بقاء الجنب اختياراً و لو مع التيمّم؛ فالقول بلزوم الخروج و لو کان زمانه أطول من زمان الاغتسال في المسجد، أقوى و أحوط و يتيمّم للخروج اللازم في المسجدين فيما لم يکن زمان الخروج أقصر من زمان التيمّم.

و إن کان ذلک في غير «المسجدين» فالخروج و مقداره غير محرّم، فيلاحظ الأقلّ زماناً بعد ذلک المقدار من الاغتسال في المسجد أو خارجه و مع الخروج يحسب ما قبل الشروع في الاغتسال و ما بعده إلى الدخول، من الغسل هنا؛ کما أنّه يحسب ما زاد على مقدار الخروج من المشي في المسجد للاغتسال من الاغتسال فيه، إلاّ أن يکون مشي الجنب في جوانب المسجد غير محرّم، فيحسب ما بعد المشي، و لو کان غير خروجي، مقيساً مع الغسل في الخارج؛ هذا على تساوى الحکمين، و إلاّ، تعيّن الخروج، لئلاّ يبقى جنباً في المسجد اختياراً.

و لو قصر زمان المشي للاغتسال في المسجد، عن زمان الخروج، ففى ما يساوي مقدار الخروج من زمان الاغتسال غير محرّم ليلاحظ ما خرج عنه مع الغسل في الخارج، بل زمان المشي للاغتسال معدود من زمان الاغتسال إلاّ على تقدير عدم حرمة المشي في الجوانب، و زمان الخروج الواقع يحسب منه ما کان بعد الخروج من الباب، فيلاحظ الزمانان هکذا، و قد عرفت الحال في تعيّن الخروج لِلاغتسال.

هذا کلّه فيما توقّف الغسل في المسجد على اللبث؛ فان أمکن الغسل فيه بدون التلويث بلا لبث، بل ماشياً، بل مجتازاً بلا فرق في الزمان، تعيَّن و لم يجز الخروج؛ و إن زاد على زمان الخروج بلا اغتسال، احتسب الزيادة مع زمان الغسل في الخارج و عمل بما تقدّم.

و لا يخلو عن مناقشة، لأنّ الجائز، الخروج الواقع، لا زمانه مطلقاً، فاللازم إن وصلت النوبة إلى المقايسة، لحاظ الزمان بعد الخروج مع زمان الاغتسال قبله في أيّ حال کان. و ذلک في المسجدين؛ و أمّا في غيرهما، فيحتمل عدم حرمة الزائد على المضطرّ اليه للخروج من ازمنة المشي بطيئاً مغتسلاً، فيکون کالقسم الأول.

ثمّ إنّه يتردّد الأمر بين الأطول زماناً والأقصر، فيقدّم الأطول؛ کما إذا دار الامر بين الغسل في المسجد لابثاً في زمان قصير أو ماشياً في زمان طويل و قلنا بحليّة المشي في المسجد للجنب، فيقدم ما ليس فيه الحرام.

لکنّه اذا کان الغسل للصوم ايضاً و کان الوقت ضيقاً قبل الفجر، فقد يتوهّم جواز الغسل لابثاً، لأنّه و ان اشتمل على اللبث المحرَّم فقد اشتمل عِدله على ترک الواجب و هو الاغتسال لصوم الغد فلا رجحان للعِدل عليه.

لکن حلّيّة اللبث، متوقّفة على حرمة المشي، لما فيه من ترک الواجب و هي متوقّفه على حليّة اللبث دفعاً لترک الواجب، فلا يمکن إثبات شي منهما؛ فليس فيه إلاّ التزاحم بين وجوب الاغتسال للصوم و تحريم لبث الجنب في المسجد، والأول قابل للتنزّل إلى البدل فيتعيّن.

إلاّ أن يقال: إنّ التيمّم يکفي لأجل اللبث في المسجد لما عدا الجزء الاخير من الاغتسال فيه، فيجب الغسل لابثاً للتمکّن به من الجمع بين التکليفين المتزاحمين بعد التيمّم لأجل اللبث.

مضافاً الى ما مرّ من الوجه في عدم حرمة اللبث في الزمان المشترک بين الغسلين، فيختصّ المشتمل على الزيادة بکونه ترکاً للواجب و ليس له اختياره اختياراً لکونه فقط ترکاً للواجب، فيتعيّن الغسل لابثاً، لکنّه مرّ التأمل فيه أيضاً، فالسابق هو المعتمد.

حکم ما لو خرج لحاجة مسوَّغه

ثم أنّه لو خرج المعتکف من المسجد لقضاء حاجة مسوغة، ففي غير قضائها، لا يجلس تحت الظلال إلى العود، کما يدل عليه صحيح «داود» المعتضد بنقل الاتفاق عليه، بل لا يطيل خروجه بالجلوس لغير الضرورة أو الاضطرار؛ و في المنع من الجلوس مطلقاً اختياراً و لو لم يوجب أطوليّة زمان الخروج، تأمّل.

و حيث خرج خروجاً سائغاً، فمع الدوران بين زمانين، لا محذور في شيء منهما، يختار أقصرهما إلى أن يعود.

عدم جواز الصلاة فى خارج المسجد الاّ فى بعض الموارد

و لا تجوز الصلاة للمعتکف في خارج المسجد إلاّ مع ضيق الوقت أو لصلاة الجمعة أو في «مکّة»، فإنّه يصلّي المعتکف في مسجدها في أيّ بيوتها شاء، و يدلّ على الأخير صحيح «عبداللّه بن سنان» و صحيح «منصور بن حازم» و قد نقل الاتفاق على العمل بها.

مسائل

العدول من اعتکاف الى غيره فى النيّة

1 . لا يجوز العدول بالنيّة من اعتکاف إلى غيره و لا عن نيابة ميّت إلى غيره أو نحو ذلک؛ بل يکون العدول من حينه قطعاً للمعدول عنه و شروعاً في الآخر، فقد يجوز کما في المندوب قبل مضيّ يومين و قد لا يجوز، کما في غيره مع التعيين.

النيابة عن اکثر من واحد

2 . في النيابة في الاعتکاف عن اکثر من واحد تأمّل، فالأحوط ترکه و لا بأس باهداء الثواب إلى الأکثر.

صوم الاعتکاف

3 . لا يعتبر في صوم الاعتکاف أن يکون لاجله، لکن الأحوط أن يکون الصوم عمّن يکون الاعتکاف عنه.

جواز الايجار للصوم لِناذر الاعتکاف

و مع حفظ هذا الاتحاد، فلو نذر الاعتکاف، فهل يجوز له أن يؤجر نفسه للصوم و يجتزي به عن الواجب بالاعتکاف؟ الاظهر ذلک و لو کان استئجار بعد النذر، مع اطلاق کل من النذر والاستئجار و تقيّدهما من حيث الزمان المعيّن أو اختلافهما؛ فانّ الواجب بنذر أو بالاعتکاف، الصوم عن المعتکف عنه و ان کان واجباً في زمان الصوم بسبب غير النذر متاخر عنه.

قطع الصوم و الاعتکاف

4 . لو کان الصوم مندوباً والاعتکاف منذوراً، جاز قطع الصوم في اليومين و به ينقطع الاعتکاف (و) إن کان واجباً مطلقاً؛ و لو کان معيَّناً، لم يجز قطع الصوم، لوجوبه بالنذر مع التعيّن؛ و في صورة انقطاع الاعتکاف، يستأنفه.

و حکم الاعتکاف المنذور مع الإطلاق في اليومين الأوّلين، حکم المندوب.

و يجري في خصوص رفع اليد عن الصوم بعد الزوال، ما مرّ في محلّه فى الواجبات الموسّعة من الصيام.

و حيثما جاز رفع اليد عن الصوم، فَرَفَعها، انقطع الاعتکاف.

و قد يجوز رفع اليد عن الاعتکاف دون الصوم، بل قد يجوز له التفکيک فيصوم ولکن يترک الاعتکاف، و قد تبيّن موارده.

و لو عيّن الصوم في نذر الاعتکاف بإتيانه في وقت لا يجب فيه من غير جهة النذر والاعتکاف، لم يجز ما يأتي به وفاء عن نذر آخر أو إجارة سابقة أو لاحقة.

لو نذر اعتکاف اقل من ثلاثة ايام

5 . لو نذر اعتکاف أقلّ من ثلاثة أيام و لم يقصد الاعتکاف اللّغوي، بل المعهود عند المتشرّعة، فإن قيّده بالأقلّيّة، بطل النذر؛ و إن لم يقيّده و لو قصداً، بل قصد الاعتکاف المشروع و إن کان يعتقد حينئذٍ أنّ الاعتکاف في الأقل مشروع، فانّه يصحّ النذر و يجب التکميل إلى ثلاثة.

6 . لو نذر اعتکاف ثلاثة معيّنة فاتّفق کون بعض الثلاثة عيداً، بطل نذره.

لو علَّق الاعتکاف على شى

7 . لو نذر الاعتکاف في يوم قدوم «زيد» فإن علم اليوم، صحّ و وجب من طلوع فجره؛ و ان لم يعلم إلاّ بعد الفجر فأمکن صومه، فإن علم تحقَّقه مقارناً للفجر أو بعده أو قبله، صام ذلک اليوم معتکفاً و ضمّ إليه ثلاثة إن لم يکن اعتکافه ثلاثة کاملة إلاّ مع البناء على جواز التلفيق في الثلاثة، فيتمّم الناقص من اليوم الثالث، لکنّه مرّ التأمّل فيه.

و ان لم يمکن الصوم في يوم القدوم واقعاً و لو لعدم العلم بالقدوم إلاّ بعد الافطار، بطل النذر؛ و يحتمل فيه وجوب القضاء لإمکان صوم اليوم واقعاً و لم يکن النذر مقيداً بالعلم، فمع عدم العلم الاّ بعد الافطار، کان عليه قضاء الواجب الواقعي.

والکلام في نذر ثانى اليوم، هو الکلام في نذر يوم القدوم، إلاّ أنّ اللازم في الصورة الواضحة، هو العلم قبل طلوع الفجر من اليوم الثاني بکونه ثاني يوم القدوم.

بطلان نذر الاعتکاف بدون الليلتين

8 . لو نذر اعتکاف ثلاثة بدون اللّيلتين المتوسطين، لم ينعقد.

9 . لو نذر اعتکاف ثلاثة، لم يجب إدخال الليلة الاُولى؛ و لو نذر اعتکاف شهر، دخلت الليلة الاُولى، لأنَّها من الشهر و إن لم تکن من اليوم و لا تابعة له.

النيابة عن المتعدّد من الأموات

10 . الظاهر عدم صحّة النيابة في الاعتکاف عن غير الواحد من الأموات و لا يقاس فيه على بعض موارد الثبوت کالحج المندوب.

لو نذر اعتکاف شهر

11 . لو نذر اعتکاف شهر، فالظاهر أنّ المحمول عليه عرفاً ما بين الهلالين أو مقداره في الغالب و يتخيّر في تعيين ذلک، و لا يلزم زيادة يوم في الآخر إذا کان الشهر ناقصاً و إن کانت أحوط، لما مرّ من المناقشة في دليلها في غير الثالث والسادس من الاعتکاف، إلاّ اذا عيّن أحد الأمرين في قصده؛ و مقداره الغالب ثلاثون يوماً.

حکم التتابع فيما اذا نذر اعتکاف شهر

12 . اذا نذر اعتکاف شهر، وجب التتابع إن عيّن ما بين الهلالين في قصده؛ والاّ تخيّر بينه و بين المقدار الذي يحصل بلا تتابع بأن يعتکف ثلاثة و ثلاثة و هکذا مع الفصل، بل له اختيار الأمر الذي باعتکاف يوم من المنذور يضمّ اليه يومان ندبيّان لو لا عروض الثالثة على أحدهما أحياناً؛ کما إذا قدّم يوم النذر، فيکون الفصل في هذه الصورة بين آحاد أيّام النذر؛ کما يجوز جعل يومين للنذر منضمّاً بيوم مندوب ذاتاً و يفصل بين کل إثنين من أيّام النذر.

أمّا لو نذر اعتکاف شهر معيَّن، فالظاهر تعيّن ما بين الهلالين و لزوم التتابع و لا شبهة في صحّته حتى في شهر رمضان الغير التام و مقتضاها عدم لزوم الثالث في الآخر إذا کان الشهر ناقصاً، لعدم جوازه في بعض ما يصحّ فيه النذر.

حکم الاخلال فيما اذا نذر الاعتکاف فى زمان

13 . إذا نذر اعتکاف زمان يلزم فيه التتابع ثم أخلّ بيوم منه عمداً أو لعذر، فقد امتنع وفاء النذر به و وجب الاستئناف مع رعاية التتابع. و أمّا صحّته فيما مضى، فتتوقّف على مضىّ الثلاثة قبل الإخلال و کون إتيانه بداعي الأمر الفعلي الذي کان يعتقده نذراً لا بنحو يتقيّد الداعي بالنذريّة.

و إن کان الزَّمان للنذر معيَّناً، فلا يلزم الاستيناف على الأظهر، لأنّ الأيّام متعيّنة للصوم و إنّما الفائت وصف يوجب فواته الکفارة والقضاء؛ و ليس کالکلىّ المقيّد غير منطبق على ما في الخارج.

و ما ذکرناه إنّما هو فيما إذا لم يؤدّ الإخلال بالتتابع إلى اعتکاف الأقلّ من ثلاثة متّصلة؛ والاّ فتعيّن الزمان للاعتکاف، لا ينافي اعتبار اتّصال الثلاثة؛ فمع الانفصال کذلک، يستأنف على الأظهر، أي يقضى بما يتابع فيه؛ و إن بقى شيء من المعيَّن، ابتدء القضاء منه على الأحوط و ينوى الوظيفة الفعليّة في ما أوقعه في المعيَّن والقضاء فيما خرج عنه.

و [ فى فرض النذر المعين إذا أخلّ فيه ] إنّما يقضى خصوص ما أخلّ به، والأحوط التتابع في القضاء مع التعدّد بل وصل القضاء بالمعيّن؛ و لا يفرض هنا بقاء شيء من المعيَّن حتّى يبتدء القضاء منه، إذ لا قضاء للمجموع، إلاّ أن يبنى على لزوم الاستيناف هنا ايضاً.

فإن کان الإخلال بغير عذر، کفّر للحنث؛ و ان کان بالإفطار في المعيّن، کفّر کفّارتين: إحداهما للصوم الواجب المعيّن والاُخرى للاعتکاف.

و إن کان الاخلال بالاعتکاف لعذر، لم يکفّر للاعتکاف، بل للصوم المعيّن إن أخلّ بسبب الإفطار. و فـي «العروة» هنـا في «مسألة 14» ما لا يخلو عن إشکال ظهر وجهه ممّا مرّ.

اذا نذر اعتکاف اربعة أو خمسة

14 . اذا نذر اعتکاف اربعة أيّام و لم يکن ما يدلّ على لزوم التتابع ثم أخلّ بالرابع، أتى الرابع بعد ضمّ يومين إليه، مخيّراً في جعل المنذور واحداً من الثلاثة، حيث لا معيّن زمانيّاً للمنذور و لا يکـون قضاءً، بـل إتياناً لنـفس المنذور؛ فالتعبير في «العروة» بالقضاء، منظور فيه.

و أمّا لو نذر خمسة فأخلّ بالسادس، يحتمل بطلان يومى النذر إذا تابع فيهما

بعدم الثالث المتّصل، فيأتى بثلاثة واجبة بنيّة ما استقرّ في ذمّته بالنذر و غيره على الأحوط.

15 . اذا نذر اعتکاف خمسة أيام، زاد السادس، فرّق بين الثّلاثتين أو تابع.

قضاء الاعتکاف

16 . لو نذر زماناً معيّناً صالحاً للاعتکاف بالصوم، شهراً أو غيره، و ترکه لعذر أو لغير عذر، وجب قضاءه، و لو نسى ذلک المعيَّن أو غمت الشهور أو جهلت الأيام، عمل بالظن؛ و مع الظن باحد المعيّنين مثلاً، عمل بالأقوى لو کان، والاّ تخيّر کما لو لم يظنّ بشيء.

حکم القضاء لو حدث مانع عن الاتمام

17 . لو اعتکف في مسجد ثمّ اتّفق مانع عن الإتمام فيه، بطل؛ فإن کان عروض المانع بعد اليومين، وجب القضاء في مسجد جامع آخر؛ کما أنّه لو کان واجباً بنذر و شبهه، وجب الاستئناف في المسجد الآخر، و ليس له البناء إلاّ مع کون ما أتى به صالحاً لأنّ يوفى به النذر جامعاً لشرائط الصحّة و لم يکن النذر متعلّقاً بوحدة المسجد فيما کان الاعتکاف منذوراً کليّاً أو معيّناً بحسب الزمان، و لا بالتتابع المختلّ بالخروج.

عدم جواز الاعتکاف فى المشکوک مسجديّته

18 . المشکوک مسجديّته أو جزئيّته للمسجد، لا يجوز الاعتکاف فيه و لا الخروج إليه بلا عذر فيما وجب اللبث في المسجد أو أراده مندوباً، بل لابدّ من إحراز المسجديّه بالعلم أو الشياع المفيد للعلم أو الاطمئنان أو البيّنة أو بحکم الحاکم الشرعي مع ترافع العدول حسبة، و في إخبار العدل الواحد تأمّل؛ و لا أثر لاعتقاد المسجديّه، فلوتبيّن عدمها في مکان اعتکف فيه، تبيّن البطلان.

اعتکاف المرأة

19 . المرأة کالرجل في محلّ الاعتکاف.

اذا شرط الرجوع فى الاعتکاف

20 . في شرط الرجوع في الاعتکاف متى شاء أو لعارض صور: من حيث وقوع الشرط في النذر والاعتکاف المنذور أو في أحدهما مع کون النذر معيّناً أو لا، مشروطاً بالتتابع أو لا.

فإن کان النذر معيّناً، کشهر فلان: فإمّا أن يکون الشرط في النذر والاعتکاف، فالظاهر نفوذ الشرط و أنّ لَه الرجوع المشروط، فيفسخ اعتکافه بالرجوع الخاص المشروط و ليس عليه شيء من القضاء والاستئناف، کان ذلک مع تعيّن النذر زماناً خاصّاً من الشهر مثلاً و عدمه، کان ذلک قبل مضي اليومين أو بعده.

و إن کان الشرط في الاعتکاف، دون النذر: فإن کان معيّناً، فلا أثر للشرط، إلاّ أن يکون تعيَّناً فيالجملة، کالإيقاع في الشهر الخاص دون مثل تمام الشهر الخاص، فيجري في هذا التعيّن ما يجري في المطلق في الجملة؛ و إن کان مطلقاً، فالاعتکاف قابل الانفساخ بالرجوع و لا بدّ من الإتيان بالمندوب في غير ما شرع فيه، فيأتى بالبقيّة إن اعتکف ثلاثة أو أکثر و لم يکن النذر مشروطاً بالتتابع و إلاّ استأنف، و إن بقي أقل من ثلاثة، کمّلها ثلاثة في صورة الإطلاق بالنسبة إلى شرط التتابع.

و منه يعلم حکم صورة التعيّن الإجمالي في الاشتراط في النذر والاعتکاف مع شرط التتابع و عدمه و مع بقاء ثلاثة أو الأقل في لزوم الاستئناف مع اشتراط التتابع و لو لم يمکن، فلا قضاء کالمعيّن تفصيلاً.

و إن کان الشرط المذکور في الاعتکاف دون النذر، فمع عدم بقاء وقت النذر، لا أثر للشرط؛ و مع بقائه، يؤثّر، فيأتي بالمنذور بعد ذلک و يکون الرجوع فيما أتى به کالرجوع في المندوب، أعني غير المنذور.

و مع اشتراط النذر، فإن کان الاعتکاف المأتيّ به بقصد الوفاء، فالظاهر رجوعه إلى الاشتراط في الاعتکاف، لأنّ ما يشرع فيه الرجوع إنّما هو الاعتکاف المشروط

فقد تعلّق النذر به و اعتکف وفاءً بنذره؛ و ان کان مع الغفلة عن النذر، فالظاهر عدم جواز الرجوع في الاعتکاف الغير المشروط و إن کان مسبوقاً بالنذر المشروط؛ و لا فرق بين المعيّن و غيره إلاّ أنّ غير المعيّن انّما لا يرجع فيه بعد اليومين، به خلاف المعيّن، لکنّه حيث کان غافلاً عن النذر والتعيّن والاشتراط، فهو معتقد لجواز الرجوع قبل مضيّ اليومين، فعليه القضاء والکفّارة بعد الإخلال جهلاً بالوظيفة بناءً على ثبوت الکفارة بذلک.

و هذا في الرجوع في نيّة الاعتکاف و متى شاء، و أمّا الرجوع لعذرٍ بنحو لا يفسد الاعتکاف، فلا فرق فيه بين الصور.

و قد ظهر عدم الفرق بين کون الرجوع المشترط لعارض و لو لم يکن عذراً أولا.

تعليق الاعتکاف

و لا يجوز التعليق في الاعتکاف إلاّ إذا علّقه على معلوم الحصول. و مثله الاعتکاف الجزمي في موارد الاشتباه برجاء الصحة.

والظاهر أنّ متعلّق الشرط، حقّ، لا حکم؛ و هو حقّ فسخ الاعتکاف الذي عقده بنيّته، فله إسقاطه کسائر الحقوق القابلة للاسقاط؛ فإذا أسقطه بعد الاشتراط، فليس له العمل بالشرط بعد ذلک.

العدول من نيّة الاعتکاف

21 . لا يجوز العدول في نيّة الاعتکاف من عنوان إلى غيره و من المعتکف عنه إلى غيره، کان عن نفسه أو إلى نفسه، أولا؛ و انّما يجوز رفع اليد عن الاعتکاف ما لم يجب البقاء، والشروع في غيره بمغايرة عنوانيّة أو فيمن يصدر عنه من النيابة والأصالة.

نعم، لا يضرّ الاشتباه بعد قصد الأمر الفعلي المتعلّق بالعنوان الواقعي مع اتحاده واقعاً، و کذا الاشتباه في وصف الوجوب والندب.

اشتراط الرجوع فى اعتکاف آخر

22 . الظاهر أنّه ليس للمعتکف أن يشترط الرجوع في اعتکاف آخر، أو في اعتکاف غيره، أو ولده کالأجنبي و إنّما يسوغ الرجوع بشرطه في شخص الاعتکاف المشروط في ضمنه.

حکم فساد الاعتکاف

23 . اذا أفسد الاعتکاف بأحد المفسدات: فإن کان واجباً معيّناً، وجب قضاؤه، و يصحّ ما تقدّم على الفاسد و ما تأخّر إن کان قابلاً للصحّة، و إلاّ قضاه أو کمّله، کما يکمل القضاء إن کان أقل من الثلاثة؛ و إن کان غير معيّن، يستأنف مع لزوم التّتابع أو عدم صحّة ما مضى، إلاّ مع الشرط المسوّغ للرجوع و لو بالإفساد أو بعده؛ و کذا الحال في المندوب بعد اليومين؛ و أمّا قبلهما، فمرجع استحباب القضاء، الى استحباب الاعتکاف في کلّ وقت.

و سيأتي ما يرجع إلى بعض اقسام النذر المعيّن، أعني المعيّن في الجملة في قبال التّام.

غصب المکان للاعتکاف

24. إذا غصب مکاناً من المسجد سبق إليه غيره، بأن أزاله فکان فيه، فالأقوى بطلان اعتکافه مع انحصار المکان فيه؛ و کذا إذا کان على فراش مغصوب أو على آجر أو تراب مغصوبين، فإن أمکن إزالته بالخروج الغير المفسد، خرج لذلک؛ و لا يبطله لبس المغصوب؛ و أما مع عدم انحصار المکان في المغصوب، فيحتمل قويّاً صحّته بداعي الأمر بالطبيعة المقدورة فعلاً.

و لو کان الکون في المغصوب ناسياً أو غافلاً أو مع الإکراه أو مع الاضطرار إلى الکون في المسجد لا إلى الکون معتکفاً، لم يبطل اعتکافه في الأوّلين و في الأخيرين على تأمّل و لم يأثم في شيء منها.

و لو وجب الخروج لأداء دين و نحوه و لم يخرج، لم يبطل اعتکافه؛ و کذا لو خرج إلاّ مع الطول المخلّ بالاعتکاف.

لو حرم اللبث فى المسجد لعارض

25. لو کانت حرمة اللبث في المسجد لعارض، کالخوف من السبع، فالظاهر بطلان الاعتکاف مع حرمة اللبث بلا بدل؛ و کذا لو کان جنباً، فلا يدخل المسجد إلاّ بعد الغسل و لا يتيمّم له على الأحوط، و لو وجب الاعتکاف و لم يتمکن من الغسل، يتيمّم له مع الضيق.

الاجناب فى المسجد

26. لو أجنب في أثناء الاعتکاف، لزم الخروج مبادراً إلى الغسل، ثم الرجوع على التفصيل المقدم فيما بين زماني الخروج والاغتسال لو أمکن في المسجد. و لو اُجنب في الآخر، خرج للغسل و لم يبطل اعتکافه إلاّ بالطول المخلّ، و يختتم اعتکافه بتمام الثلاث و لو في الخارج، فلو زاد يسيراً، رجع واعتکف فيه إلى التمام.

الطلاق فى الاعتکاف

27. اذا طلّقت المعتکفة في أثناء الاعتکاف بائناً، فليس لها الرجوع والخروج؛ و ان کان الطلاق رجعيّاً، خرجت للاعتداد في المنزل و بطل الاعتکاف إلاّ مع قصر الزمان في آخر الاعتکاف على ما مرّ في مثله؛ و بعد تمام العدة تستأنف الواجب من الاعتکاف مع الإطلاق أو تقضيه مع التعيّن؛ و لا فرق بين کون الطلاق قبل الثالث أو فيه، و لا بين کون الاعتکاف معيّناً بالنذر أو غيره أولا، فيجب الخروج و لو مع التعين على الظاهر، تقديماً لما فيه حق الناس على غيره، بل عملاً بالإجماع المحکىّ و بإطلاق الخاص.

الاعتکاف بغير الاذن ممّن يعتبر اذنِه

28. إذا اعتکف العبد بدون إذن المولى، بطل اعتکافه، إلاّ إذا کان واجباً معيّناً بنذر صحيح.

و لو اعتق في الأثناء بعد أن شرع فيه بالإذن، فإن کان بعد اليومين أو بعد الخامس، وجب الإتمام؛ و إلاّ لم يجب إلاّ في الواجب المعيّن.

و إذا أذن المولى في المندوب و ما بحکمه، جاز له الرجوع في الإذن قبل مضيّ اليومين لا بعده، به خلاف المعيّن الواجب بالنّذر الصحيح.

الفصل الثاني : احکام الاعتکاف

حرمة الجماع

يحرم على المعتکف في الواجب، مباشرة النساء بالجماع في أحد الفرجين و باللمس والتقبيل بشهوة على الأحوط في الأخيرين.

و أمّا الاعتکاف الغير الواجب، فالأحوط التحرز عمّا ذکر فيه أيضاً، الاّ مع رفع اليد عن الاعتکاف بفسخه و لو فعلاً في خصوص الجائز من ذلک. و کالأخيرين الاستمناء و لو بالحلال على الاحوط.

والحرمة في الجماع على المعتکف، تکليفيّة و وضعيّة، فيفسد الاعتکاف و لو کان ذلک في الليل، و يجب القضاء في الواجب المعيّن والاستئناف في الواجب الغير المعيّن، إلاّ مع عدم شرطيّة التتابع، فيأتي بما أخلّ فيه بخصوصه إن کان ذلک بعد الثلاثة على وجه يصحّ ما تقدّم و يمکن أن يصحّ ما تأخّر. و سيأتي بيان حکم الجماع في الاعتکاف.

بعض ما يحرم على المعتکف

و يحرم على المعتکف شمّ الطيب والتلذذ بالريحان (والظاهر من التقييد في النص بالتلذّذ اعتبار وجود الرائحة في الريحان)؛ والمماراةُ بالباطل والبيع والشراء ـ للنص والاتفاق المحکى فيهما، أعني المماراة والبيع والشراء ـ و يستثنى من الأخيرين ما يضطّر إليه لحاجته في زمان الاعتکاف. و لا يترک الاحتياط برعاية احتمال الصحّة

والبطلان بمحرّمات الاعتکاف غير الجماع فيتمّه بعد أحدها ثمّ يقضي أو يستأنف.

و لا فرق في التحريم، في الاعتکاف الواجب، بين الليل والنهار.

کفارة ابطال الصوم فيه

و يبطل الاعتکاف ما يبطل الصوم المعتبر فيه. و تجب الکفارة بالجماع في الاعتکاف الواجب المعيّن؛ والکفارة فيه کفارة الإفطار في رمضان، فهي مخيّرة.

والأحوط الاولى، الترتيب فيها ککفارة الظهار، بل المروي، ثبوت الکفارة في الجماع ليلاً و تعدّدها في الجماع نهاراً و أنّه لا تداخل هنا، والمورد في الرواية ل«عبد الأعلى» شهر رمضان، و موثّقة «سماعة» مطلقة، و کذا صحيح «زرارة»، لکن ثبوت کفارة الصيام في الاعتکاف في غير شهر رمضان و قضائه، منفيّ بالأصل؛ کما أنّ التعدد في شهر رمضان و قضائه ثابت هنا.

و هل تجب الکفارة بسائر مفسدات الصوم التي لا کفارة من جهة الصوم فيها؟ نسب إلى «الشيخ» و اکثر المتأخرين، العدم الموافق للأصل؛ و کذا التردد في وجوب الکفارة بما يفسد الاعتکاف الواجب المعيّن ليلاً غير الجماع المنصوص وجوبها به، فيجري الأصل في غير الثابت.

کما تجب الکفارة بالنذر المعيّن أو المعين بغير النذر کمضيّ يومين بما ذکر من الجماع، و تتعدّد بتعدّد الأسباب کالوقوع في نهار رمضان أو قضاءه المعين بالزوال أو ضيق الوقت على حسب ما بيّن في الصوم فقد تجتمع کفّارة الافطار في صوم رمضان أو قضائه بعد الزوال مع کفّارة إبطال الاعتکاف، و کفّارة خلف النذر مع کفّارة إکراه إمرأته المعتکفة حيث يتحمل عنها کفّارة الصيام في رمضان و کفّارة الاعتکاف والنذر لو قيل بالتحمّل في الأخيرين و نحوهما.

قال في «الشرائع»: «فمتى أفطر في اليوم الأوّل أو الثاني، لم تجب به کفّارة إلاّ أن يکون واجباً معيّناً، و إن أفطر في الثالث، وجبت الکفارة. و منهم من خصّ الکفّارة بالجماع حسب واقتصر في غيره من المفطرات، على القضاء و هو الأشبه، و تجب

کفّارة واحدة إن جامع ليلاً و کذا إن جامع نهاراً في غير رمضان، و لو کان فيه أو في قضائه لزمه کفّارتان» انتهى. و فيما اختاره موافقة لما ذکرناه.

لو مات فى اثناء الاعتکاف و حکم القضاء عنه

مسألة: لو مات المعتکف في أثناء الاعتکاف الواجب، فهل يقضي عنه وليّه أو يستأجر من يقضيه عنه؟ الظاهر وجوب قضاء الصوم لو وجب لنفسه بغير الاعتکاف بشروط وجوب قضاء الصوم على الولي، و کذا الظاهر وجوب قضاء الاعتکاف لو نذر الصوم معتکفاً فمات و تمکَّن من القضاء فلم يفعل حتّى مات، فإنّه يجب قضاء الصوم والاعتکاف مقدّمة له.

و أمّا لو وجب الاعتکاف بعکس وجوب الاعتکاف للصوم فيما ذکرنا، ففي وجوب القضاء للاعتکاف على وليّه، اشکال. و حيث يقضى الصوم أو الاعتکاف أيضاً وجوباً، فالظاهر عدم الفوريّة.

مسألة: المحرّم والمُفسد في الاعتکاف کالصوم لا فرق فيه بين الرجل والمرأة.

المحرّم والمفسد يضرّان فى صورة العمد

مسألة: ما يحرم على المعتکف و ما يفسد اعتکافه، انّما يحرم أو يفسد مع العمد، لا مع السهو والغفلة؛ و في الإکراه والاضطرار تامّل، و يحتمل جريان ما ذکر في الصّوم هنا.

الارتداد فى اثنائه

مسألة: الارتداد في اثناء الاعتکاف، يبطله و يوجب الخروج من المسجد، واللبث معتبر في الاعتکاف مع الاسلام.

البيع فى زمان الاعتکاف

مسألة: البيع في الاعتکاف کالبيع في وقت النداء في الحرمة والصحّة، و يزيد عليه الإبطال الذي يراعى احتماله على ما مرّ.

کفارة الجماع فيه

مسألة: مرّ أنّ الجماع مع المعتکفة الناذرة في شهر رمضان فيما وجب النذر مع الإکراه في المعيّن يوجب ثلاث کفارات عن نفسه للنذر والاعتکاف والصوم، و کفارة لصوم رمضان يتحمّلها عن المکرهة. و في تحمّله کفارة النذر و کفارة الاعتکاف عن المکرهة، اشکال. و على المطاوعة، ما يجب على الرجل.

فائدة

فى استحباب الاعتکاف و تبدلّه واجباً

يمکن أن يقال: إنّ مرجع استحباب الاعتکاف قبل مضى اليومين و وجوبه بعده، إلى أنّ الأمر الشخصي الواحد يتشخّص بالاستحباب قبل الشروع و بعده إلى مضيّ اليومين و يتبدّل إلى الوجوب بعده، يعني أنّ ملاک الاستحباب والوجوب، يؤثِّر مجموعهما في وجوب متأکّد بعد المضيّ؛ فاللازم هو قصد هذا الأمر الشخصي حين الشروع، الذي من شأنه البقاء في المتأکِّد بعد اليومين، و لا يلزم التجديد بعد اليومين، لأنّ محلّ النيّة، حين العمل، فلا نيّة لکلّ جزء إلاّ عدم العدول؛ و إن کان قصد خلاف الوجوب بعد اليومين مضرّاً، لرجوعه إلى عدم قصد الأمر الشخصي بقاءً، فهو في حکم العدول؛ و لا يلزم قصد الوجوب والندب مطلقاً و إن أضرّ قصد الخلاف إذا أضرّ بقصد الشخص؛ فيکون حکم ما نحن فيه، حکم النافلة الواجبة بالشروع، على القول به حيث لا يلزم التجديد فيه على هذا القول؛ و على القول بعدم الوجوب بالشروع يخصّص ذلک في الاعتکاف المندوب في خصوص ما بعد اليومين، بالدليل.

فائدة

اللبث عبادة

ظاهر تعريف الاعتکاف باللبث للعبادة دون اللبث عبادة، لزوم قصد عبادة اُخرى بسبب اللبث، لا بمجرّد نفس اللبث، و هو أيضاً مقتضى المستفاد من عمل النّبي ـ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ فإنّه کان يتعبّد بما يتوقّف على اللبث، فهذه هى السنّة المتلقّاة من عمله، فلا محل للأخذ بالإطلاق لو کان، مع ضعفه جدّاً، نعم، لا يلزم الاستيعاب الممکن کما هو ظاهر.

Powered by TayaCMS