القول فى الرضاع

القول فى الرضاع

القول فى الرضاع

انتشار الحرمة بالرضاع يتوقف على شروط : الاول أن يکون اللبن حاصلا من وطء جائز شرعا بسبب نکاح أو ملک يمين أو تحليل و ما بحکمه کسبق الماء إلى فرج حليلته من غير وطء ، و يلحق به وطء الشبهة على الاقوى ، فلو در اللبن من الامرأة من دون نکاح و ما يلحق به لم ينشر الحرمة ، و کذا لو کان من دون وطء و ما يلحق به و لو مع النکاح ، و کذا لو کان اللبن من الزنا ، بل الظاهر اعتبار کون الدر بعد الولادة ، فلو در من غير ولادة و لو مع الحمل لم تنشر به الحرمة على الاقوى .

مسألة 1 :

لا يعتبر فى النشر بقاء المرأة فى حبال الرجل ، فلو طلقها الزوج أو مات عنها و هى حامل منه أو مرضعة فأرضعت ولدا نشر الحرمة و إن تزوجت و دخل بها الزوج الثانى و لم تحمل منه أو حملت منه و کان اللبن بحاله لم ينقطع و لم تحدث فيه زيادة ، بل مع حدوثها إذا احتمل کونه للاول ، الثانى أن يکون شرب اللبن بالامتصاص من الثدي ، فلو وجر فى حلقة اللبن أو شرب المحلوب من المرأة لم ينشر الحرمة ، الثالث أن تکون المرضعة حية ، فلو ماتت فى أثناء الرضاع و أکمل الناصب حال موتها و لو رضعة لم ينشر الحرمة ، الرابع أن يکون المرتضع فى أثناء الحولين و قبل استکمالهما ، فلا عبرة برضاعه بعدهما ، و لا يعتبر الحولان فى ولد المرضعة على الاقوى ، فلو وقع الرضاع بعد کمال حوليه نشر الحرمة إذا کان قبل حولى المرتضع .

مسألة 2 :

المراد بالحولين أربع و عشرون شهرا هلاليا من حين الولادة ، و لو وقعت فى __أثناء الشهر يکمل من الشهر الخامس و العشرين ، ما مضى من الشهر الاول على الاظهر ، فلو تولد فى العاشر من شهر تکمل حولاه فى العاشر من الخامس و العشرين .

الشرط الخامس الکمية ، و هى بلوغه حدا معينا ، فلا يکفى مسمى الرضاع و لا رضعة کاملة ، و له تحديدات و تقديرات ثلاثة : الاثر و الزمان و العدد ، و أي منها حصل کفى فى نشر الحرمة ، و لا يبعد کون الاثر هو الاصل و الباقيان أمارتان عليه ، لکن لا يترک الاحتياط لو فرض حصول أحدهما دونه ، فأما الاثر فهو أن يرضع بمقدار نبت اللحم و شد العظم ، و أما الزمان فهو أن يرتضع من المرأة يوما و ليلة مع اتصالهما بأن يکون غذاؤه فى هذه المدة منحصرا بلبن المرأة ، و أما العدد فهو أن يرتضع منها خمس عشرة رضعة کاملة .

مسألة 3 :

المعتبر فى إنبات اللحم و شد العظم استقلال الرضاع فى حصولهما على وجه ينسبان إليه ، فلو فرض ضم السکر و نحوه إليه على نحو ينسبان إليهما أشکل ثبوت التحريم ، کما أن المدار على الانبات و الشد المعتد به منهما على نحو مبان يصدقان عرفا ، و لا يکفى حصولهما بالدقة العقلية ، و إذا شک فى حصولهما بهذه المرتبة أو استقلال الرضاع فى حصولهما يرجع إلى التقديرين الاخرين .

مسألة 4 :

يعتبر فى التقدير بالزمان أن يکون غذاؤه فى اليوم و الليلة منحصرا باللبن ، و لا يقدح شرب الماء للعطش و لا ما يأکل أو يشرب دواء إن لم يخرج ذلک عن المتعارف ، و الظاهر کفاية التلفيق فى التقدير بالزمان لو ابتدأ بالرضاع فى أثناء الليل أو النهار .

مسألة 5 :

يعتبر فى التقدير بالعدد أمور ، منها کمال الرضعة بأن يروي الصبى و يصدر من قبل نفسه ، و لا تحسب الرضعة الناقصة و لا تضم الناقصات بعضها ببعض بأن تحسب رضعتان ناقصتان أو ثلاث رضعات ناقصات مثلا واحدة ، نعم لو التقم الصبى الثدي ثم رفضه لا بقصد الاعراض بأن کان للتنفس أو الالتفات إلى ملاعب أو الانتقال من ثدي إلى آخر أو غير ذلک کان الکل رضعة واحدة ، و منها توالى الرضعات بأن لا يفصل بينها رضاع امرأة أخرى رضاعا تاما کاملا على الاقوى و مطلقا على الاحوط ، نعم لا يقدح القليل جدا ، و لا يقدح فى التوالى تخلل غير الرضاع من المأکول و المشروب و إن تغذى به ، و منها أن يکون کمال العدد من امرأة واحدة ، فلو ارتضع بعض الرضعات من امرأة و أکملها من امرأة أخرى لم ينشر الحرمة و إن اتحد الفحل ، فلا تکون واحدة من المرضعتين أما للمرتضع و لا الفحل أبا له ، و منها اتحاد الفحل بأن يکون تمام العدد من لبن فحل واحد ، و لا يکفى اتحاد المرضعة ، فلو أرضعت امرأة من لبن فحل ثمان رضعات ثم طلقها الفحل و تزوجت بآخر و حملت منه ثم أرضعت ذلک الطفل من لبن الفحل الثانى تکملة العدد من دون تخلل رضاع امرأة أخرى فى البين بأن يتغذى الولد فى هذه ا

مدة المتخللة بالمأکول و المشروب لم ينشر الحرمة .

مسألة 6 :

ما ذکرنا من الشروط شروط لناشرية الرضاع للحرمة ، فلو انتفى بعضها لا أثر له و ليس بناشر لها أصلا حتى بين الفحل و المرتضعة و کذا بين المرتضع و المرضعة فضلا عن الاصول و الفروع و الحواشى ، و فى الرضاع شرط آخر زائد على ما مر مختص بنشر الحرمة بين المرتضعين و بين أحدهما و فروع الاخر ، و بعبارة أخرى شرط لتحقق الاخوة الرضاعية بين المرتضعين ، و هو اتحاد الفحل الذي ارتضع المرتضعان من لبنه ، فلو ارتضع صبى من امرأة من لبن شخص رضاعا کاملا و ارتضعت صبية من تلک المرأة من لبن شخص آخر کذلک بأن طلقها الاول و زوجها الثانى و صارت ذات لبن منه فأرضعتها رضاعا کاملا لم تحرم الصبية على ذلک الصبى و لا فروع أحدهما على الاخر ، بخلاف ما إذا کان الفحل و صاحب اللبن واحدا و تعددت المرضعة ، کما إذا کانت لشخص نسوة متعددة و أرضعت کل واحدة منهن من لبنه طفلا رضاعا کاملا فإنه يحرم بعضهم على بعض و على فروعه ، لحصول الاخوة الرضاعية بينهم .

مسألة 7 :

إذا تحقق الرضاع الجامع للشرائط صار الفحل و المرضعة أبا و أما للمرتضع ، و أصولهما أجدادا و جدات و فروعهما أخوة و أولاد أخوة له ، و من فى حاشيتهما و فى حاشية أصولهما أعماما أو عمات و أخوالا أو خالات له ، و صار هو أعنى المرتضع ابنا أو بنتا لهما ، و فروعه أحفادا لهما ، و إذا تبين ذلک فکل عنوان نسبى محرم من العناوين السبعة المتقدمة إذا تحقق مثله فى الرضاع يکون محرما ، فالام الرضاعية کالام النسبية و البنت الرضاعية کالبنت النسبية و هکذا ، فلو أرضعت امرأة من لبن فحل طفلا حرمت المرضعة و أمها و أم الفحل على المرتضع للامومة ، و المرتضعة و بناتها و بنات المرتضع على الفحل و على أبيه و أبى المرضعة للبنتية ، و حرمت أخت الفحل و أخت المرضعة على المرتضع لکونهما عمة و خالة له ، و المرتضعة على أخى الفحل و أخى المرضعة لکونها بنت أخ أو بنت أخت لهما ، و حرمت بنات الفحل على المرتضع و المرتضعة على أبنائه نسبيين کانوا أم رضاعيين ، و کذا بنات المرضعة على المرتضع و المرتضعة على أبنائها إذا کانوا نسبيين للاخوة و أما أولاد المرضعة الرضاعيون ممن أرضعتهم بلبن فحل آخر غير الفحل الذي ارتضع المرتضع بلبنه لم يحرموا عل

المرتضع لما مر من اشتراط اتحاد الفحل فى نشر الحرمة بين المرتضعين .

مسألة 8 :

تکفى فى حصول العلاقة الرضاعية المحرمة دخالة الرضاع فيه فى الجملة ، فقد تحصل من دون دخالة غيره فيها کعلاقة الابوة و الامومة و الابنية و البنتية الحاصلة بين الفحل و المرضعة و بين المرتضع ، و کذا الحاصلة بينه و بين أصولهما الرضاعيين ، کما إذا کان لهما أب أو أم من الرضاعة حيث أنهما جد و جدة للمرتضع من جهة الرضاع محضا ، و قد تحصل به مع دخالة النسب فى حصولها کعلاقة الاخوة الحاصلة بين المرتضع و أولاد الفحل و المرضعة النسبيين ، فإنهم و إن کانوا منسوبين إليهما بالولادة إلا أن أخوتهم للمرتضع حصلت بسبب الرضاع ، فهم أخوة أو أخوات له من الرضاعة ، توضيح ذلک إن النسبة بين شخصين قد تحصل بعلاقة واحدة کالنسبة بين الولد و والده و والدته ، و قد تحصل بعلاقتين کالنسبة بين الاخوين ، فإنها تحصل بعلاقة کل منهما مع الاب أو الام أو کليهما ، و کالنسبة بين الشخص و جده الادنى ، فإنها تحصل بعلاقة بينه و بين أبيه مثلا و علاقة بين أبيه و بين جده ، و قد تحصل بعلاقات ثلاث کالنسبة بين الشخص و بين جده الثانى ، و کالنسبة بينه و بين عمه الادنى ، فإنه تحصل بعلاقة بينک و بين أبيک و بعلاقة کل من أبيک و أخيه مع أبيهما مثلا ، و هکذا تتصاعد و

تنازل النسب و تنشعب بقلة العلاقات و کثرتها حتى أنه قد تتوقف نسبة بين شخصين على عشر علائق أو أقل أو أکثر ، و إذا تبين ذلک فإن کانت تلک العلائق کلها حاصلة بالولادة کانت العلاقة نسبية ، و إن حصلت کلها أو بعضها و لو واحدة من العشر بالرضاع کانت العلاقة رضاعية .

مسألة 9 :

لما کانت المصاهرة التى هى أحد أسباب تحريم النکاح کما يأتى علاقة بين أحد الزوجين و بعض أقرباء الاخر فهى تتوقف على أمرين : مزاوجة و قرابة ، و الرضاع إنما يقوم مقام الثانى دون الاول ، فمرضعة ولدک لا تکون بمنزلة زوجتک حتى تحرم أمها عليک ، لکن الام و البنت الرضاعيتين لزوجتک تکونان کالام و البنت النسبيين لها ، فتحرمان عليک ، و کذلک حليلة الابن الرضاعى کحليلة الابن النسبى ، و حليلة الاب الرضاعى کحليلة الاب النسبى ، تحرم الاولى على أبيه الرضاعى ، و الثانية على ابنه الرضاعى .

مسألة 10 :

قد تبين مما سبق إن العلاقة الرضاعية المحضة قد تحصل برضاع واحد کالحاصلة بين المرتضع و بين المرضعة و صاحب اللبن ، و قد تحصل برضاعين کالحاصلة بين المرتضع و بين أبوي الفحل و المرضعة الرضاعيين ، و قد تحصل برضاعات متعددة ، فإذا کان لصاحب اللبن مثلا أب من جهة الرضاع و کان لذلک الاب الرضاعى أيضا أب من الرضاع و کان للاخير أيضا أب من الرضاع و هکذا إلى عشرة آباء مثلا کان الجميع أجدادا رضاعيين للمرتضع الاخير ، و جميع المرضعات جدات له ، فإن کانت أنثى حرمت على جميع الاجداد ، و إن کان ذکرا حرمت عليه جميع الجدات ، بل لو کانت للجد الرضاعى الاعلى أخت رضاعية حرمت على المرتضع الاخير ، لکونها عمته العليا من الرضاع ، و لو کانت للمرضعة الابعد التى هى الجدة العليا للمرتضع أخت حرمت عليه لکونها خالته العليا من الرضاع .

مسألة 11 :

قد عرفت فيما سبق أنه يشترط فى حصول الاخوة الرضاعية بين المرتضعين اتحاد الفحل ، و يتفرع على ذلک مراعاة هذا الشرط فى العمومة و الخؤولة الحاصلتين بالرضاع أيضا ، لان العم و العمة أخ و أخت للاب ، و الخال و الخالة أخ و أخت للام ، فلو تراضع أبوک أو أمک مع صبية من امرأة فإن اتحد الفحل کانت الصبية عمتک أو خالتک من الرضاعة بخلاف ما إذا لم يتحد ، فحيث لم تحصل الاخوة الرضاعية بين أبيک أو أمک مع الصبية لم تکن هى عمتک أو خالتک ، فلم تحرم عليک .

مسألة 12 :

لا يجوز أن ينکح أبو المرتضع فى أولاد صاحب اللبن ولادة بل و رضاعا على الاحوط ، و کذا فى أولاد المرضعة نسبا لا رضاعا ، و أما أولاده الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن فيجوز نکاحهم فى أولاد صاحب اللبن و فى أولاد المرضعة التى أرضعت أخاهم و إن کان الاحتياط لا ينبغى ترکه .

مسألة 13 :

إذا أرضعت امرأة ابن شخص بلبن فحلها ثم أرضعت بنت شخص آخر من لبن ذلک الفحل فتلک البنت و إن حرمت على ذلک الابن لکن تحل أخوات کل منهما لاخوة الاخر .

مسألة 14 :

الرضاع المحرم کما يمنع من النکاح لو کان سابقا يبطله لو حصل لاحقا ، فلو کانت له زوجة صغيرة فأرضعته بنته أو أمه أو أخته أو بنت أخيه أو بنت أخته أو زوجة أخيه بلبنه رضاعا کاملا بطل نکاحها و حرمت عليه ، لصيرورتها بالرضاع بنتا أو أختا أو بنت أخ أو بنت أخت له ، فحرمت عليه لاحقا کما کانت تحرم عليه سابقا ، و کذا لو کانت له زوجتان صغيرة و کبيرة فأرضعت الکبيرة الصغيرة حرمت عليه الکبيرة ، لانها صارت أم زوجته ، و کذلک الصغيرة إن کانت رضاعها من لبنه أو دخل بالکبيرة ، لکونها بنتا له فى الاول و بنت زوجته المدخول بها فى الثانى ، نعم ينفسخ عقدها و إن لم يکن الرضاع من لبنه و لم يدخل بالکبيرة و إن لم تحرم عليه .

Powered by TayaCMS