فصل فى غسل الحيض
دم الحيض أحمر يضرب إلى السواد ، أو أحمر طري له دفع و حرقة و حرارة ، و دم الاستحاضة مقابله فى الاوصاف ، و هذه صفات غالبية لهما يرجع إليها فى مقام التميز و الاشتباه فى بعض المقامات ، و ربما کان کل منهما بصفات الاخر ، و کل دم تراه الصبية قبل إکمال تسع سنين ليس بحيض و إن کان بصفاته ، و فى کونه استحاضة مع عدم العلم بغيرها تردد و إن لا يبعد ، و کذا ما تراه المرأة بعد اليأس ليس بحيض ، و فى کونه استحاضة مع احتمالها تردد و إن لا يبعد ، و تيأس المرأة بإکمال ستين سنة إن کانت قرشية و خمسين إن کانت غيرها ، و فى إلحاق المشکوک کونها قرشية بغيرها إشکال ، و المشکوک بلوغها يحکم بعدمه ، و کذلک المشکوک يأسها .
مسألة 1 :
لو خرج ممن شک فى بلوغها دم بصفات الحيض فإن حصل الوثوق بحيضيته لا يبعد الحکم بها و بالبلوغ ، و إلا فمحل تأمل و إشکال .
مسألة 2 :
الحيض يجتمع مع الارضاع ، و فى اجتماعه مع الحمل قولان ، أقواهما ذلک و إن ندر وقوعه ، فيحکم بحيضية ما تراه الحامل مع اجتماع الشرائط و الصفات و لو بعد استبانة الحمل ، لکن لا ينبغى ترک الاحتياط لو رأت بعد العادة بعشرين يوما بالجمع بين تروک الحائض و أعمال المستحاضة .
مسألة 3 :
لا إشکال فى حدوث صفة الحيض و ترتب أحکامه عند خروج دمه إلى الخارج و لو بإصبع و نحوه ، و إن کان بمقدار رأس إبرة ، کما لا إشکال فى أنه يکفى فى بقائها و استدامتها تلوث الباطن به و لو قليلا بحيث يتلطخ به القطنة لو أدخلتها ، و أما إذا انصب من محله فى فضاء الفرج بحيث يمکن إخراجه بالاصبع و نحوه و لم يخرج بعد فهل يحدث به صفة الحيض و يترتب عليه أحکامه أم لا ؟ فيه تأمل و إشکال ، فلا يترک الاحتياط بالجمع بين تروک الحائض و أفعال الطاهرة ، و لا يبعد جواز إخراج الدم حينئذ و لو بالعلاج و إجراء أحکام الحائض .
مسألة 4 :
لو شک فى أصل الخروج حکم بعدمه ، کما أنه لو شک فى أن الخارج دم أو غيره من الفضلات حکم بالطهارة من الحدث و الخبث ، و لو علم أنه دم و تردد بين کونه خارجا من الموضع أو من غيره حکم بالطهارة من الحدث خاصة ، و لا يجب عليها الفحص فى الصور الثلاث ، و لو علمت خروج الدم و اشتبه حاله فله صور يعرف حکمها فى ضمن المسائل الاتية .
مسألة 5 :
لو اشتبه دم الحيض بدم البکارة کما إذا افتضت البکر فسال دم کثير لا ينقطع فشک فى أنه من الحيض أو البکارة أو منهما ؟ يختبر بإدخال قطنة و الصبر قليلا ثم إخراجها ، و الاحوط الاولى إدخالها و ترکها مليا ثم إخراجها رقيقا ، فإن کانت مطوقة بالدم فهو من البکارة و لو کان بصفات الحيض ، و إن کانت منغمسة به فهو من الحيض ، و الاختبار المذکور واجب ، و أما کونه شرطا لصحة عملها فغير معلوم ، فالاقوى صحته لو حصلت منها نية القربة مع تبين عدم کونه حيضا ، و لو تعذر عليها الاختبار ترجع إلى الحالة السابقة من طهر أو حيض فتبنى عليها و مع الجهل بها تحتاط بالجمع بين تروک الحائض و أفعال الطاهرة .
مسألة 6 :
الظاهر أن التطويق و الانغماس المذکورين علامتان للبکارة و الحيض مطلقا حتى عند الشک فى البکارة و الافتضاض ، و وجوب الاختبار حينئذ أيضا لا يخلو من وجه .
مسألة 7 :
لو اشتبه دم الحيض بدم القرحة التى فى جوفها لا يبعد وجوب الاختبار ، فإن خرج الدم من الجانب الايسر فحيض ، و إلا فمن القرحة ، لکن لا ينبغى ترک الاحتياط و لو مع العلم بالحالة السابقة ، نعم مع تعذر الاختبار تعمل بالحالة السابقة ، و مع الجهل بها تجمع بين أعمال الطاهرة و تروک الحائض .
مسألة 8 :
أقل الحيض ثلاثة أيام ، و أکثره کأقل الطهر عشرة ، فکل دم تراه المرأة ناقصا عن الثلاثة أو زائدا على العشرة ليس بحيض ، و کذا ما تراه بعد انقطاع الدم الذي حکم بحيضيته من جهة العادة أو غيرها من دون فصل العشرة و لم يمکن حيضية الدمين مع النقاء المتخلل فى البين لکون المجموع زائدا على العشرة ليس بحيض ، بل هو استحاضة ، کما إذا رأت ذات العادة سبعة أيام مثلا فى العادة ثم انقطع سبعة أيام ثم رأت ثلاثة أيام فالثانى ليس بحيض بل هو استحاضة .
مسألة 9 :
الاقوى اعتبار التوالى فى الايام الثلاثة ، فلا يکفى کونها فى ضمن العشرة ، کأن رأت يوما أو يومين و انقطع ثم رأت قبل انقضاء العشرة ما به يتم الثلاثة ، لکن لا ينبغى ترک الاحتياط بالعمل على الوظيفتين و يکفى فى التوالى استمرار الدم فيها عرفا ، فلا يضر الفترات اليسيرة المتعارفة بين النساء ، کما أن الظاهر کفاية التلفيق فى الايام ، کما لو رأت الدم من الظهر إلى الظهر من اليوم الرابع .
مسألة 10 :
المراد باليوم النهار ، و هو ما بين طلوع الفجر إلى الغروب ، فالليالى خارجة ، فإذا رأت من الفجر إلى الغروب و انقطع ثم رأت يومين آخرين کذلک فى ضمن العشرة کفى عند من لم يعتبر التوالى ، نعم بناء على اعتباره کما هو الاقوى يدخل الليلتان المتوسطتان خاصة لو کان مبدأ الدم أول النهار ، و الليالى الثلاث لو کان مبدؤه أول الليل ، أو عند التلفيق کالمثال المتقدم .
مسألة 11 :
الحائض إما ذات العادة أو غيرها ، و الثانية إما مبتدأة و هى التى لم تر حيضا قط ، و إما مضطربة و هى التى تکرر منها الحيض و لم يستقر لها عادة ، و إما ناسية و هى التى نسيت عادتها ، و تصير المرأة ذات عادة بتکرر الحيض مرتين متواليتين متفقتين فى الزمان أو العدد أو فيهما ، فتصير بذلک ذات عادة وقتية أو عددية أو وقتية و عددية ، و لما کان تحقق العادة الوقتية فقط بل العددية فقط بالمرتين لا يخلو من شوب إشکال فلا ينبغى ترک الاحتياط .
مسألة 12 :
لا إشکال فى أنه لا تزول العادة برؤية الدم على خلافها مرة ، کما أنه لا إشکال فى زوالها بطرو عادة أخرى حاصلة من تکرر الدم مرتين متماثلتين على خلافها ، و فى زوالها بتکرره على خلافها لا على نسق واحد بل مختلفا قولان : أقواهما ذلک فيما لو وقع التخلف مرارا بحيث يصدق فى العرف أنها ليس لها أيام معلومة ، و أما لو رأت مرتين غير متماثلتين ففى بقاء العادة تأمل .
مسألة 13 :
ذات العادة الوقتية سواء کانت عددية أيضا أم لا تتحيض بمجرد رؤية الدم فى العادة ، فتترک العبادة سواء کان بصفة الحيض أم لا ، و کذا لو رأت قبل العادة أو بعدها بيوم أو يومين أو أزيد ما دام يصدق عليه تعجيل الوقت و العادة و تأخرهما ، فإن انکشف عليها بعد ذلک عدم کونه حيضا لکونه أقل من أقله تقضى ما ترکته من العبادة ، و أما غير ذات العادة المذکورة فتتحيض أيضا بمجرد الرؤية إن کان بصفات الحيض ، و مع عدمه تحتاط بالجمع بين تروک الحائض و أعمال المستحاضة فإن استمر إلى ثلاثة أيام تجعلها حيضا ، و لو زاد عليها إلى العشرة تجعل الزائد أيضا حيضا ، فتکتفى بوظيفة الحائض ، و لا تحتاج إلى مراعاة أعمال المستحاضة ، و إن کان ترک الاحتياط لا ينبغى .
مسألة 14 :
ذات العادة الوقتية لو رأت فى العادة و قبلها أو رأت فيها و بعدها أو رأت فيها و فى الطرفين فإن لم يتجاوز المجموع عن العشرة جعلت المجموع حيضا ، و إن تجاوز عنها فالحيض خصوص أيام العادة ، و الزائد استحاضة .
مسألة 15 :
إذا رأت المرأة ثلاثة أيام متواليات و انقطع بأقل من عشرة ثم رأت ثلاثة أيام أو أزيد فإن کان مجموع الدمين و النقاء المتخلل فى البين لا يزيد على العشرة کان الطرفان حيضا ، و يلحق بهما النقاء المتخلل سواء کان الدمان أو أحدهما بصفة الحيض أم لا ، و سواء کانت ذات العادة و صادف الدمان أو أحدهما العادة أم لا ، و إن تجاوز المجموع عن العشرة و کان کل واحد من الدمين و النقاء أقل منها فإن کانت ذات عادة و کان أحد الدمين فى العادة جعلته خاصة حيضا دون الاخر ، و کذلک إذا وقع بعض أحدهما فى العادة دون الاخر تجعل ذلک حيضا دون الاخر ، و کذلک لو کانت ذات عادة عددية و کان أحد الدمين موافقا لها تجعله حيضا دون الاخر ، و يتقدم على التميز على الاقوى ، و إن لم تکن ذات عادة أو لم يقع أحدهما أو بعض أحدهما فى العادة تجعل ما کان بصفة الحيض حيضا دون الاخر ، و لو کانت ذات عادة وقتية و عددية و وقع بعض أحد الدمين فى الوقت غير موافق للعدد و کان الاخر بمقدار العدد فى غير الوقت تحتاط فى کليهما بالجمع بين تروک الحائض و أعمال المستحاضة ، و لو تساويا فى الصفة و لم يقع واحد منهما کلا أو بعضا فى العادة و لا موافقا لها فى العدد فالاحو
لو لم يکن الاقوى أن تجعل أولهما حيضا و تحتاط إلى تمام العشرة ، فلو رأت ثلاثة أيام دما و ثلاثة أيام طهرا و ستة أيام دما جعلت الثلاثة الاولى حيضا و تحتاط فى البقية إلى تمام العشرة بالجمع بين تروک الحائض و أفعال الطاهرة فى النقاء المتخلل ، و بالجمع بين تروک الحائض و أفعال المستحاضة فى أيام الدم إلى تمام العشرة .
مسألة 16 :
ذات العادة إذا رأت أزيد من العادة و لم يتجاوز العشرة فالمجموع حيض .
مسألة 17 :
إذا کانت عادتها فى کل شهر مرة فرأت فى شهر مرتين مع فصل أقل الطهر فى البين فإن کان أحدهما فى العادة تجعله حيضا و کذلک الاخر إن کان بصفة الحيض ، و أما إن کان بصفة الاستحاضة تحتاط بالجمع بين تروک الحائض و أعمال المستحاضة ، و إن کانا معا فى غير وقت العادة تجعلهما حيضا سواء کانا واجدين لصفة الحيض أو فاقدين لها أو مختلفين ، و إن کان الاحتياط فى الدم الثانى فى الصورة الثانية و فى الفاقد منهما فى الثالثة لا ينبغى ترکه .
مسألة 18 :
المبتدأة و المضطربة و من کانت عادتها عشرة إذا انقطع عنهن الدم فى الظاهر قبل العشرة مع احتمال بقائه فى الباطن يجب عليهن الاستبراء بإدخال قطنة و نحوها و الصبر هنيئة ثم إخراجها ، فإن خرجت نقية اغتسلن و صلين ، و إن خرجت متلطخة و لو بالصفرة صبرن حتى النقاء أو مضى عشرة أيام ، فإن لم يتجاوز عن العشرة کان الکل حيضا ، و إن تجاوز عنها فسيأتى حکمه .
و ذات العادة التى عادتها أقل من عشرة إن انقطع عنها الدم ظاهرا استبرأت فإن نقيت اغتسلت و صلت ، و إلا صبرت إلى إکمال العادة ، فإن بقى الدم حتى کملت العادة و انقطع عليها بالمرة اغتسلت و صلت ، و کذلک لو انقطع الدم ظاهرا على العادة فاستبرأت فرأت نفسها نقية ، و لو لم ينقطع على العادة و تجاوز عنها استظهرت بترک العبادة إلى العشرة استحبابا على الاقوى و لو کان بصفة الحيض ، و الاحوط وجوبه فى يوم واحد ، و لا ينبغى ترک الاحتياط فى الزائد بالجمع بين تروک الحائض و أفعال المستحاضة ، فحينئذ إذا لم يتجاوز الدم عن العشرة کان الکل حيضا ، و سيأتى حکم المتجاوز .
مسألة 19 :
لو تجاوز الدم عن العشرة قليلا کان أو کثيرا فقد اختلط حيضها بطهرها ، فإن کان لها عادة معلومة من حيث الزمان و العدد تجعلها حيضا و إن لم يکن بصفاته ، و البقية استحاضة و إن کان بصفاته ، و لو لم تکن لها عادة معلومة لا عددا و لا وقتا بأن کانت مبتدأة أو مضطربة وقتا و عددا أو ناسية کذلک فإن اختلف لون الدم فبعضه أسود أو أحمر و بعضه أصفر ترجع إلى التميز ، فتجعل ما بصفة الحيض حيضا و غيره استحاضة ، بشرط أن لا يکون ما بصفة الحيض أقل من ثلاثة و لا أزيد من عشرة ، و أن لا يعارضه دم آخر واجد لصفة الحيض مفصول بينه و بينه بالفاقد الذي يکون أقل من عشرة ، کما إذا رأت خمسة أيام دما أسود ثم خمسة أيام أصفر ثم خمسة أسود ، و لو کان ما بصفة الحيض أقل من ثلاثة أو أکثر من عشرة فإلغاؤها مطلقا و صيرورتها فاقدة التميز محل إشکال ، و لا يبعد لزوم الاخذ بالصفات فى الدم الاول مثلا فى المثال ، و تتميمه أو تنقيصه بما هو وظيفتها من الاخذ بالروايات أو عادة نسائها .
و إن کان الدم على لون واحد تکون فاقدة التميز ، فإن لم تکن لها أقارب ذوات عادات متفقات فالاحوط لو لم يکن الاقوى أن تجعل سبعة من کل شهر حيضا و البقية استحاضة ، و إن کانت لها أقارب من أم و أخت و خالة و عمة و غيرهن مع اتفاقهن فى العادة و العلم بحالهن ترجع المبتدأة إليهن فتأخذ بها ، و أما من لم تستقر لها عادة و کانت لها أقارب کما ذکرت فلا تترک الاحتياط فيما إذا کانت عادتهن أقل من سبعة أو أکثر بأن تجمع فى مقدار التفاوت بين وظيفتى الحائض و المستحاضة .
مسألة 20 :
الاحوط لو لم يکن الاقوى أن تجعل فاقدة التميز التحيض فى أول رؤية الدم ، فمع فقد الاقارب بما ذکر فى المسألة السابقة تحيضت سبعة ، و مع وجودهن لا يبعد وجوب جعله بمقدارهن عددا ، و على أي حال لو استمر الدم إلى أزيد من شهر واحد يجب عليها الموافقة بين الشهور ، فإن کان ابتداء الدم فى الشهر الاول من أوله جعلتها فى الشهور التالية أيضا فى أولها ، و إن کان فى وسطه جعلتها فى وسطها و هکذا .
مسألة 21 :
ذات العادة الوقتية فقط لو تجاوز دمها العشرة ترجع فى الوقت إلى عادتها ، و أما فى العدد فإن کان لها تميز يمکن رعايته فى الوقت رجعت إليه ، و إلا رجعت إلى أقاربها مع الوجدان بالشرط المتقدم ، و إلا تحيضت سبعة أيام و جعلتها فى وقت العادة ، و ذات العادة العددية فقط ترجع فى العدد إلى عادتها ، و أما بحسب الوقت فإن کان لها تميز يوافق العدد رجعت إليه ، و کذا إن کان مخالفا له لکن تزيد مع نقصانه عن العدد بمقداره و تنقص مع زيادته عليه ، و مع عدم التميز أصلا تجعل العدد فى أول الدم کما تقدم .