القول فى أقسام القتل
مسألة 1 :
القتل إما عمد محض أو شبيه عمد أو خطأ محض .
مسألة 2 :
يتحقق العمد بلا إشکال بقصد القتل بفعل يقتل بمثله نوعا ، و کذا بقصد فعل يقتل به نوعا و إن لم يقصد القتل ، بل الظاهر تحققه بفعل لا يقتل به غالبا رجاء تحقق القتل کمن ضربه بالعصا برجاء القتل فاتفق ذلک .
مسألة 3 :
إذا قصد فعلا لا يحصل به الموت غالبا و لم يقصد به القتل کما لو ضربه بسوط خفيف أو حصاة و نحوهما فاتفق القتل فهل هو عمد أو لا ؟ فيه قولان ، أشبههما الثانى .
مسألة 4 :
لو ضربه بعصا و لم يقلع عنه حتى مات فهو عمد و إن لم يقصد به القتل ، و کذا لو منعه من الطعام أو الشراب فى مدة لا يحتمل فيها البقاء ، و لو رماه فقتله فهو عمد و إن لم يقصده .
مسألة 5 :
شبيه العمد ما يکون قاصدا للفعل الذي لا يقتل به غالبا غير قاصد للقتل ، کما ضربه تأديبا بسوط و نحوه فاتفق القتل ، و منه علاج الطبيب إذا اتفق منه القتل مع مباشرته العلاج ، و منه الختان إذا تجاوز الحد و منه الضرب عدوانا بما لا يقتل به غالبا من دون قصد القتل .
مسألة 6 :
يلحق بشبيه العمد لو قتل شخصا باعتقاد کونه مهدور الدم أو باعتقاد القصاص فبان الخلاف أو بظن أنه صيد فبان إنسانا .
مسألة 7 :
الخطأ المحض المعبر عنه بالخطأ الذي لا شبهة فيه هو أن لا يقصد الفعل و لا القتل کمن رمى صيدا أو ألقى حجرا فأصاب إنسانا فقتله و منه ما لو رمى إنسانا مهدور الدم فأصاب إنسانا آخر فقتله .
مسألة 8 :
يلحق بالخطأ محضا فعل الصبى ، و المجنون شرعا .
مسألة 9 :
تجري الاقسام الثلاثة فى الجناية على الاطراف أيضا ، فمنها عمد ، و منها شبه عمد ، و منها خطأ محض .
القول فى مقادير الديات
مسألة 1 :
فى قتل العمد حيث يتعين الدية أو يصالح عليها مطلقا مأة إبل أو مأتا بقرة أو ألف شاة أو مأتا حلة أو ألف دينار أو عشرة آلاف درهم .
مسألة 2 :
يعتبر فى الابل أن تکون مسنة ، و هى التى أکملت الخامسة و دخلت فى السادسة ، و أما البقرة فلا يعتبر فيها السن و لا الذکورة و الانوثة و کذا الشاة ، فيکفى فيهما ما يسمى البقرة أو الشاة ، و الاحوط اعتبار الفحولة فى الابل و إن کان عدم الاعتبار لا يخلو من قوة .
مسألة 3 :
الحلة ثوبان ، و الاحوط أن تکون من برود اليمن ، و الدينار و الدرهم هما المسکوکان ، و لا يکفى ألف مثقال ذهب أو عشرة آلاف مثقال فضة غير مسکوکين .
مسألة 4 :
الظاهر أن الستة على سبيل التخيير ، و الجانى غير بينها ، و ليس للولى الامتناع عن قبول بذله ، و لا التنويع بأن يجب على أهل الابل الابل و على أهل الغنم الغنم و هکذا ، فلاهل البوادي أداء أي فرد منها ، و هکذا غيرهم و إن کان الاحوط التنويع .
مسألة 5 :
الظاهر أن الستة أصول فى نفسها ، و ليس بعضها بدلا عن بعض و لا بعضها مشروطا بعدم بعض ، و لا يعتبر التساوي فى القيمة و لا التراضى ، فالجانى مخير فى بذل أيها شاء .
مسألة 6 :
يعتبر فى الانعام الثلاثة هنا و فى قتل شبيه العمد و الخطأ المحض السلامة من العيب و الصحة من المرض ، و لا يعتبر فيها السمن ، نعم الاحوط أن لا تکون مهزولة جدا و على خلاف المتعارف ، بل لا يخلو ذلک من قوة ، و فى الثلاثة الاخر السلامة من العيب ، فلا يجزي الحلة المعيوبة ، و لا الدينار و الدرهم المغشوشان أو المکسوران ، و يعتبر فى الحلة أن لا تقصر عن الثوب ، فلا يجزي الناقصة عنه بأن يکون کل من جزئيها بمقدار ستر العورة ، فإنه لا يکفى .
مسألة 7 :
تستأدى دية العمد فى سنة واحدة ، و لا يجوز له التأخير إلا مع التراضى ، و له الاداء فى خلال السنة أو آخرها ، و ليس للولى عدم القبول فى خلالها ، فدية العمد مغلظة بالنسبة إلى شبه العمد و الخطأ المحض فى السن فى الابل و الاستيفاء کما يأتى الکلام فيهما .
مسألة 8 :
للجانى أن يبذل من إبل البلد أو غيرها ، أو يبذل من إبله أو يشتري أدون أو أعلى مع وجدان الشرائط من الصحة و السلامة و السن فليس للولى مطالبة الاعلى أو مطالبة الابل المملوک له فعلا .
مسألة 9 :
لا يجب على الولى قبول القيمة السوقية عن الاصناف لو بذلها الجانى مع وجود الاصول ، و لا على الجانى أداؤها لو طالبها الولى مع وجودها ، نعم لو تعذر جميع الاصناف و طالب الولى القيمة تجب أداء قيمة واحدة منها ، و الجانى مخير فى ذلک ، و ليس للولى مطالبة قيمة أحدها المعين .
مسألة 10 :
الظاهر عدم إجزاء التلفيق بأن يؤدي مثلا نصف المقدر دينارا و نصفه درهما ، أو النصف من الابل و النصف من غيرها .
مسألة 11 :
الظاهر جواز النقل إلى القيمة مع تراضيهما ، کما أن الظاهر جواز التلفيق بأن يؤدي نصف المقدر أصلا و عن نصفه الاخر من المقدر الاخر قيمة عنه لا أصلا .
مسألة 12 :
هذه الدية على الجانى ، لا على العاقلة و لا على بيت المال سواء تصالحا على الدية و تراضيا بها أو وجبت ابتداء کما فى قتل الوالد ولده و نحوه مما تعينت الدية .
مسألة 13 :
دية شبيه العمد هى الاصناف المتقدمة ، و کذا دية الخطأ ، و يختص العمد بالتغليظ فى السن فى الابل و الاستيفاء کما تقدم .
مسألة 14 :
اختلف الاخبار و الاراء فى دية شبيه العمد ، ففى رواية أربعون خلفة أي الحامل ، و ثنية ، و هى الداخلة فى السنة السادسة ، و ثلاثون حقة و هى الداخلة فى السنة الرابعة ، و ثلاثون بنت لبون ، و هى الداخلة فى السنة الثالثة ، و فى أخرى ثلاث و ثلاثون حقة و ثلاث و ثلاثون جذعة ، و هى الداخلة فى السنة الخامسة و أربع و ثلاثون ثنية کلها طروقة ، أي البالغة ضراب الفحل أو ما طرقها الفحل فحملت ، و فى ثالثة بدل کلها طروقة کلها خلفة ، و فى رابعة جمع بينهما فقال کلها خلفة من طروقة الفحل إلى غير ذلک ، فالقول بالتخيير للجانى بينها غير بعيد ، لکن لا يخلو من إشکال فالاحوط التصالح ، و للجانى الاخذ بأحوطها .
مسألة 15 :
هذه الدية أيضا من مال الجانى لا العاقلة ، فلو لم يکن له مال استسعى أو أمهل إلى الميسرة کما فى سائر الديون ، و لو لم يقدر عليها ففى کونها على بيت المال احتمال .
مسألة 16 :
الاحوط للجانى أن لا يؤخر هذه الدية عن سنتين ، و الاحوط للولى أن يمهله إلى سنتين ، و إن لا يبعد أن يقال تستأدى فى سنتين .
مسألة 17 :
لو قلنا بلزوم إعطاء الحوامل لو اختلف الولى و من عليه الدية فى الحمل فالمرجع أهل الخبرة ، و لا يعتبر فيه العدالة ، و تکفى الوثاقة و اعتبار التعدد أحوط و أولى ، و لو تبين الخطأ لزم الاستدراک ، و لو سقط الحمل أو وضع الحامل أو عيب ما يجب أداؤه فإن کان قبل الاقباض يجب الابدال ، و إلا فلا .
مسألة 18 :
فى دية الخطأ روايتان : أولاهما ثلاثون حقة و ثلاثون بنت لبون و عشرون بنت مخاض و هى الداخلة فى السنة الثانية و عشرون ابن لبون ، و الاخرى خمس و عشرون بنت مخاض و خمس و عشرون بنت لبون و خمس و عشرون حقة و خمس و عشرون جذعة ، و لا يبعد ترجيح الاولى و يحتمل التخيير ، و الاحوط التصالح .
مسألة 19 :
دية الخطأ المحض مخففة عن العمد و شبيهه فى سن الابل و صفتها لو اعتبرنا الحمل فى شبهه ، و فى الاستيفاء فإنها تستأدى فى ثلاث سنين فى کل سنة ثلثها ، و فى غير الابل من الاصناف الاخر المتقدمة لا فرق بينها و بين غيرها .
مسألة 20 :
تستأدى الدية فى سنة أو سنتين أو ثلاث سنين على اختلاف أقسام القتل ، سواء کانت الدية تامة کدية الحر المسلم ، أو ناقصة کدية المرأة و الذمى و الجنين أو دية الاطراف .
مسألة 21 :
قيل إن کان دية الطرف قدر الثلث أخذ فى سنة واحدة فى الخطأ ، و إن کان أکثر حل الثلث بانسلاخ الحول ، و حل الزائد عند انسلاخ الثانى إن کان ثلثا آخر فما دون ، و إن کان أکثر حل الثلث عند انسلاخ الثانى و الزائد عند انسلاخ الثالث ، و فيه تأمل و إشکال ، بل الاقرب التوزيع إلى ثلاث سنين .
مسألة 22 :
دية قتل الخطأ على العاقلة بتفصيل يأتى إنشاء الله تعالى و لا يضمن الجانى منها شيئا ، و لا ترجع العاقلة على القاتل .
مسألة 23 :
لو ارتکب القتل فى أشهر الحرم : رجب و ذي القعدة و ذي الحجة و المحرم فعليه الدية و ثلث من أي الاجناس کان تغليظا ، و کذا لو ارتکبه فى حرم مکة المعظمة ، و لا يلحق بها حرم المدينة المنورة و لا سائر المشاهدة المشرفة ، و لا تغليظ فى الاطراف و لا فى قتل الاقارب .
مسألة 24 :
لو رمى و هو فى الحل بسهم و نحوه إلى من هو فى الحرم فقتله فيه لزمه التغليظ ، و لو رمى و هو فى الحرم إلى من کان فى الحل فقتله فيه فالظاهر أنه لم يلزمه ، و کذا لو رماه فى الحل فذهب إلى الحرم و مات فيه أو العکس لم يلزمه ، کان الرامى فى الحل أو الحرم .
مسألة 25 :
لو قتل خارج الحرم و التجأ إليه لا يقتص منه فيه ، لکن ضيق عليه فى المأکل و المشرب إلى أن يخرج منه ، فيقاد منه ، و لو جنى فى الحرم اقتص منه فيه ، و يلحق به المشاهد المشرفة على رأي .
مسألة 26 :
ما ذکر من التقادير دية الرجل الحر المسلم ، و أما دية المرأة الحرة المسلمة فعلى النصف من جميع التقادير المتقدمة ، فمن الابل خمسون و من الدنانير خمسمأة ، و هکذا .
مسألة 27 :
تتساوى المرأة و الرجل فى الجراح قصاصا و دية حتى تبلغ ثلث دية الحر ، فينتصف بعد ذلک ديتها ، فما لم تبلغ الثلث يقتص کل من الاخر بلا رد ، فإذا بلغته يقتص للرجل منها لا رد ، و لها من الرجل مع الرد ، و لا يلحق به الخنثى المشکل .
مسألة 28 :
جميع فرق المسلمين المحقة و المبطلة متساوية فى الدية إلا المحکوم منهم بالکفر کالنواصب و الخوارج و الغلاة مع بلوغ غلوهم الکفر .
مسألة 29 :
دية ولد الزنا إذا أظهر الاسلام بعد بلوغه بل بعد بلوغه حد التميز دية سائر المسلمين ، و فى ديته قبل ذلک تردد .
مسألة 30 :
دية الذمى الحر ثمانمأة درهم يهوديا کان أو نصرانيا أو مجوسيا ، و دية المرأة الحرة منهم نصف دية الرجل ، بل الظاهر أن دية أعضائهما و جراحاتهما من ديتهما کدية أعضاء المسلم و جراحاته من ديته ، کما أن الظاهر أن دية الرجل و المرأة منهم تتساوى حتى تبلغ الثلث مثل المسلم بل لا يبعد الحکم بالتغليظ عليهم بما يغلظ به على المسلم .
مسألة 31 :
لا دية لغير أهل الذمة من الکفار ، سواء کانوا ذوي عهد أم لا ، و سواء بلغتهم الدعوة أم لا ، بل الظاهر أن لا دية للذمى لو خرج عن الذمة ، و کذا لا دية له لو ارتد عن دينه إلى غير أهل الذمة ، و لو خرج ذمى من دينه إلى دين ذمى آخر ففى ثبوتها إشکال و إن لا يبعد ذلک .