القول فى الحبس و أخوانه
مسألة 1 :
يجوز للشخص أن يحبس ملکه على کل ما يصح الوقف عليه ، بأن تصرف منافعه فيما عينه على ما عينه ، فلو حبسه على سبيل من سبل الخير و محال العبادات مثل الکعبة المعظمة و المساجد و المشاهد المشرفة فإن کان مطلقا أو صرح بالدوام فلا رجوع بعد قبضه و لا يعود إلى ملک الوارث و لا يورث ، و إن کان فى مدة لا رجوع إلى انقضائها ، و بعده يرجع إلى المالک أو وارثه ، و لو حبسه على شخص فإن عين مدة أو مدة حياته لزم الحبس فى تلک المدة ، و لو مات الحابس قبل انقضائها يبقى على حاله إلى أن تنقضى ، و إن أطلق و لم يعين وقتا لزم ما دام حياة الحابس ، فإن مات کان ميراثا ، و هکذا الحال لو حبس على عنوان عام کالفقراء ، فإن حدده بوقت لزم إلى انقضائه ، و إن لم يوقت لزم ما دام حياة الحابس .
مسألة 2 :
لو جعل لاحد سکنى داره مثلا بأن سلطه على إسکانها مع بقائها على ملکه يقال له السکنى سواء أطلق و لم يعين مدة کأن يقول : أسکنتک داري أو لک سکناها أو قدره بعمر أحدهما کما إذا قال لک سکنى داري مدة حياتک أو مدة حياتى أو قدره بالزمان کسنة و سنتين مثلا ، نعم لکل من الاخيرين اسم يختص به ، و هو العمرى فى أولهما و الرقبى فى الثانى .
مسألة 3 :
يحتاج کل من الثلاثة إلى عقد مشتمل على إيجاب من المالک و قبول من الساکن ، فالايجاب کل ما أفاد التسليط المزبور عرفا کأن يقول فى السکنى : أسکنتک هذه الدار أو لک سکناها و ما أفاد معناهما بأي لغة کان ، و فى العمرى بإضافة مدة حياتى أو حياتک ، و فى الرقبى بإضافة سنة أو سنتين مثلا ، و للعمرى و الرقبى لفظان آخران ، فللاولى أعمرتک هذه الدار عمرک أو عمري أو ما بقيت أو بقيت أو ما عشت أو عشت و نحوها ، و للثانية أرقبتک مدة کذا ، و القبول کل ما دل على الرضا و بالايجاب .
مسألة 4 :
يشترط فى کل من الثلاثة قبض الساکن ، و هل هو شرط الصحة و اللزوم ؟ وجهان لا يبعد أولهما ، فلو لم يقبض حتى مات المالک بطلت کالوقف على الاظهر .
مسألة 5 :
هذه العقود الثلاثة لازمة يجب العمل بمقتضاها ، و ليس للمالک الرجوع و إخراج الساکن ، ففى السکنى المطلقة حيث أن الساکن استحق مسمى الاسکان و لو يوما لزم العقد فى هذا المقدار ، و ليس للمالک منعه عنه ، و له الرجوع فى الزائد متى شاء ، و فى العمرى و الرقبى لزم بمقدار التقدير ، و ليس له إخراجه قبل انقضائه .
مسألة 6 :
لو جعل داره سکنى أو عمرى أو رقبى لشخص لم تخرج عن ملکه ، و جاز بيعها ، و لم تبطل العقود الثلاثة ، بل يستحق الساکن السکنى على النحو الذي جعلت له ، و کذا ليس للمشتري إبطالها ، و لو کان جاهلا فله الخيار بين فسخ البيع و إمضائه بجميع الثمن ، نعم فى السکنى المطلقة بعد مقدار المسمى يبطل العقد و ينفسخ إذا أريد بالبيع فسخه و تسليط المشتري على المنافع ، فحينئذ ليس للمشتري الخيار .
مسألة 7 :
لو جعلت المدة فى العمرى طول حياة المالک و مات الساکن قبله کان لورثته السکنى إلى أن يموت المالک ، و لو جعلت طول حياة الساکن و مات المالک قبله ليس لورثته السکنى إلا إذا جعل له السکنى مدة حياته و لعقبه بعد وفاته فلهم ذلک ، فإذا انقرضوا رجعت إلى المالک أو ورثته .
مسألة 8 :
هل مقتضى العقود الثلاثة تمليک سکنى الدار ، فيرجع إلى تمليک المنفعة الخاصة ، فله استيفاؤها مع الاطلاق بأي نحو شاء من نفسه و غيره مطلقا و لو أجنبيا ، و له إجارتها و إعارتها ، و تورث لو کانت المدة عمر المالک و مات الساکن دون المالک ، أو مقتضاها الالتزام بسکونة الساکن على أن يکون له الانتفاع و السکنى من غير أن تنتقل إليه المنافع ، و لازمه عند الاطلاق جواز إسکان من جرت العادة بالسکنى معه کأهله و أولاده و خادمه و خادمته و مرضعة ولده و ضيوفه ، بل و کذا دوابه إن کان الموضع معدا لمثلها ، و لا يجوز أن يسکن غيرهم إلا أن يشترط ذلک أو رضى المالک و لا يجوز أن يؤجر المسکن و يعيره ، و يورث هذا الحق بموت الساکن ، أو مقتضاها نحو إباحة لازمة ، و لازمه کالاحتمال الثانى إلا فى التوريث ، فإن لازمه عدمه ؟ و لعل الاول أقرب خصوصا فى مثل لک سکنى الدار ، و کذا فى العمرى و الرقبى ، و مع ذلک لا تخلو المسألة من إشکال .
مسألة 9 :
کل ما صح وقفه حص إعماره من العقار و الحيوان و الاثاث و غيرهما ، و الظاهر إن الرقبى بحکم العمرى ، فتصح فيما يصح الوقف و أما السکنى فيختص بالمساکن .