فصل فى الاستحاضة
و الکلام فى دمها و أحکامها : دم الاستحاضة فى الاغلب أصفر بارد رقيق يخرج بغير قوة و لدغ و حرقة ، و قد يکون بصفة الحيض کما مر ، و ليس لقليله و لا لکثيره حد ، و کل دم تراه المرأة قبل بلوغها أو بعد يأسها أو أقل من ثلاثة و لم يکن دم قرح و لا جرح و لا نفاس فهو استحاضة على إشکال فى الکلية ، و کذا لو لم يعلم کونه من القرح أو الجرح إن لم تکن المرأة مقروحة أو مجروحة على الاحوط ، و کذا لو تجاوز الدم عن عشرة أيام ، لکن حينئذ قد امتزج حيضها بالاستحاضة ، فلابد فى تعيينها من أن ترجع إلى التفصيل الذي سبق فى الحيض .
و أما أحکامها فهى ثلاثة أقسام قليلة و متوسطة و کثيرة ، فالاولى أن تتلوث القطنة بالدم من دون أن يثقبها و يظهر من الجانب الاخر ، و حکمها وجوب الوضوء لکل صلاة ، و غسل ظاهر فرجها لو تلوث به ، و الاحوط تبديل القطنة أو تطهيرها .
و الثانية أن يثقب الدم القطنة و يظهر من الجانب الاخر و لا يسيل منها إلى الخرقة التى فوقها ، و حکمها مضافا إلى ما ذکر أنه يجب عليها غسل واحد لصلاة الغداة ، بل لکل صلاة حدث قبلها أو فى أثنائها على الاقوى فإن حدث بعد صلاة الغداة يجب للظهرين ، و لو حدث بعدهما يجب للعشاءين .
و الثالثة أن يسيل من القطنة إلى الخرقة ، و حکمها مضافا إلى ما ذکر و إلى تبديل الخرقة أو تطهيرها غسل آخر للظهرين تجمع بينهما ، و غسل للعشاءين تجمع بينهما ، هذا إذا حدثت قبل صلاة الفجر ، و لو حدثت بعدها يجب فى ذلک اليوم غسلان غسل للظهرين و غسل للعشاءين ، و لو حدثت بعد الظهرين يجب غسل واحد للعشاءين ، و الظاهر أن الجمع بين الصلاتين بغسل واحد مشروط بالجمع بينهما ، و أنه رخصة لا عزيمة ، فلو لم تجمع بينهما يجب الغسل لکل منهما ، فظهر مما مر أن الاستحاضة الصغرى حدث أصغر کالبول ، فإن استمرت أو حدثت قبل کل صلاة من الصلوات الخمس تکون کالحدث المستمر مثل السلس ، و الکبرى و الوسطى حدث أصغر و أکبر .
مسألة 1 :
يجب على المستحاضة على الاحوط اختبار حالها فى وقت کل صلاة بإدخال قطنة و نحوها ، و الصبر قليلا لتعلم أنها من أي قسم من الاقسام لتعمل بمقتضى وظيفتها ، و لا يکفى الاختبار قبل الوقت إلا إذا علمت بعدم تغير حالها إلى ما بعد الوقت ، فلو لم تتمکن من الاختبار فإن کان لها حالة سابقة معلومة من القلة أو التوسط أو الکثرة تأخذ بها و تعمل بمقتضى وظيفتها ، و إلا فتأخذ بالقدر المتيقن ، فإن ترددت بين القليلة و غيرها تعمل عمل القليلة ، و إن ترددت بين المتوسطة و الکثيرة تعمل عمل المتوسطة ، و الاحوط مراعاة أسوأ الحالات .
مسألة 2 :
إنما يجب تجديد الوضوء لکل صلاة و الاعمال المذکورة لو استمر الدم ، فلو فرض انقطاعه قبل صلاة الظهر يجب لها فقط ، و لا يجب للعصر و لا للعشاءين ، و إن انقطع بعد الظهر وجب للعصر فقط ، و هکذا ، بل لو انقطع و توضأت للظهر و بقى وضوؤها إلى المغرب و العشاء صلتهما بذلک الوضوء ، و لم تحتج إلى تجديده .
مسألة 3 :
يجب بعد الوضوء و الغسل المبادرة إلى الصلاة لو لم ينقطع الدم بعدهما ، أو خافت عوده بعدهما قبل الصلاة أو فى أثنائها ، نعم لو توضأت و اغتسلت فى أول الوقت مثلا و انقطع الدم حين الشروع فى الوضوء و الغسل و لو انقطاع فترة و علمت بعدم عوده إلى آخر الوقت جاز لها تأخير الصلاة .
مسألة 4 :
يجب عليها بعد الوضوء و الغسل التحفظ من خروج الدم مع عدم خوف الضرر بحشو قطنة أو غيرها و شدها بخرقة ، فلو خرج الدم لتقصير منها فى التحفظ و الشد أعادت الصلاة ، بل الاحوط لو لم يکن الاقوى إعادة الغسل و الوضوء أيضا ، نعم لو کان خروجه لغلبته لا لتقصير منها فى التحفظ فلا بأس .
مسألة 5 :
لو انتقلت الاستحاضة من الادنى إلى الاعلى ، کما إذا صارت القليلة متوسطة أو کثيرة ، أو المتوسطة کثيرة ، فبالنسبة إلى الصلاة التى صلتها مع وظيفة الادنى لا أثر لهذا الانتقال ، فلا يجب إعادتها ، و أما بالنسبة إلى الصلوات المتأخرة تعمل عمل الاعلى ، و کذا بالنسبة إلى الصلاة التى انتقلت من الادنى إلى الاعلى فى أثنائها ، فعليها الاستئناف و العمل على الاعلى ، فلو تبدلت القليلة بالمتوسطة أو بالکثيرة بعد صلاة الصبح مضت صلاتها ، و تکون بالنسبة إلى الظهرين و العشاءين کما إذا حدثتا بعد الصلاة من دون سبق القلة ، فتغتسل غسلا واحدا للظهرين فى الصورة الاولى ، و غسلين لهما و للعشاءين فى الثانية ، بخلاف ما لو تبدلت إليهما قبل صلاة الصبح أو فى أثنائها ، فإنه تغتسل لها ، بل لو توضأت قبل التبدل تستأنف الوضوء ، حتى لو تبدلت المتوسطة بالکثيرة بعد الاغتسال لصلاة الصبح استأنفت الغسل ، و تعمل فى ذلک اليوم عمل الکثيرة ، کما إذا لم تکن مسبوقة بالتوسط ، و إن انتقلت من الاعلى إلى الادنى تعمل لصلاة واحدة عمل الاعلى ، ثم تعمل عمل الادنى ، فلو تبدلت الکثيرة إلى القليلة قبل الاغتسال لصلاة الصبح و استمرت عليها اغتسلت للصبح ، و اکتفت بالوضوء
للبواقى ، و لو تبدلت الکثيرة إلى المتوسطة بعد صلاة الصبح اغتسلت للظهر و اکتفت بالوضوء للعصر و العشائين .
مسألة 6 :
يصح الصوم من المستحاضة القليلة ، و لا يشترط فى صحته الوضوء ، و أما غيرها فيشترط فى صحة صومها الاغسال النهارية على الاقوى و لا يترک الاحتياط فى الکثيرة بالنسبة إلى الليلة لليلة الماضية .
مسألة 7 :
لو انقطع دمها فإن کان قبل فعل الطهارة أتت بها و صلت ، و إن کان بعد فعلها و قبل فعل الصلاة أعادتها و صلت إن کان الانقطاع لبرء ، و کذا لو کان لفترة واسعة للطهارة و الصلاة فى الوقت ، و أما لو لم تکن واسعة لهما اکتفت بتلک الطهارة و صلت ، و کذلک لو کانت شاکة فى سعتها ، و الاحوط لمن علمت بالسعة و لکن شکت فى أنه للبرء أو الفترة إعادة الطهارة ، و لو انقطع فى أثناء الصلاة أعادت الطهارة و الصلاة إن کان لبرء أو لفترة واسعة ، و إن لم تکن واسعة أتمت صلاتها و لو انقطع بعد فعل الصلاة فلا إعادة عليها على الاقوى و إن کان لبرء .
مسألة 8 :
قد تبين مما مر حکم المستحاضة و مالها من الاقسام و وظائفها بالنسبة إلى الصلاة و الصيام ، و أما بالنسبة إلى سائر الاحکام فلا إشکال فى أنه يجب عليها الوضوء فقط للطواف الواجب لو کانت ذات الصغرى ، و هو مع الغسل لو کانت ذات الوسطى أو الکبرى ، و الاحوط عدم کفاية الوضوء الصلاتى فى الاولى مع استدامتها ، و لا هو مع الغسل فى غيرها ، خصوصا لو أوقعت ذات الوسطى الطواف فى غير وقت الغداة ، أو ذات الکبرى فى غير الاوقات الثلاثة ، فيتوقف صحة طوافها على الوضوء و الغسل له مستقلا على الاحوط ، و أما الطواف المستحب فحيث أنه لا يشترط فيه الطهارة من الحدث لا يحتاج إلى الوضوء و لا إلى الغسل من حيث هو ، و إن احتاج إلى الغسل فى غير ذات الصغرى من جهة دخول المسجد لو قلنا به ، و أما مس کتابة القرآن فلا إشکال فى أنه لا يحل لها إلا بالوضوء فقط فى ذات الصغرى ، و به مع الغسل فى غيرها ، و الاحوط عدم الاکتفاء بمجرد الاتيان بوظائف الصلاة ، فتأتى بالوضوء أو الغسل له مستقلا ، نعم الظاهر جوازه حال إيقاع الصلاة التى أتت بوظيفتها ، و هل تکون ذات الکبرى و الوسطى بحکم الحائض مطلقا فيحرم عليهما ما يحرم عليها بدون الغسل أم لا ؟ الاحوط أن لا يغشاها
زوجها ما لم تغتسل ، و لا يجب ضم الوضوء و إن کان أحوط ، و يکفى الغسل الصلاتى لو واقع فى وقتها بعد الصلاة ، و أما لو واقع فى وقت آخر يحتاج إلى غسل له مستقلا على الاحوط کما قلنا فى الطواف ، و أما مکثها فى المساجد و دخولها فى المسجدين فالاقوى جوازه لها بدون الاغتسال و إن کان الاحوط الاجتناب بدونه للصلاة أو له مستقلا کالوطء ، و أما صحة طلاقها فلا إشکال فى عدم کونها مشروطة بالاغتسال .