کتاب الضمان
و هو التعهد بمال ثابت فى ذمة شخص لاخر ، و هو عقد يحتاج إلى إيجاب من الضامن بکل لفظ دال عرفا و لو بقرينة على التعهد المزبور ، مثل ضمنت أو تعهدت لک الدين الذي لک على فلان و نحو ذلک ، و قبول من المضمون له بما دل على الرضا بذلک ؟ و لا يعتبر فيه رضا المضمون عنه .
مسألة 1 :
يشترط فى کل من الضامن و المضمون له أن يکون بالغا عاقلا رشيدا مختارا ، و فى خصوص المضمون له أن يکون غير محجور عليه لفلس .
مسألة 2 :
يشترط فى صحة الضمان أمور :
منها التنجيز على الاحوط ، فلو علق على أمر کأن يقول : أنا ضامن إن أذن أبى أو أنا ضامن إن لم يف المديون إلى زمان کذا أو إن لم يف أصلا بطل .
و منها کون الدين الذي يضمنه ثابتا فى ذمة المضمون عنه ، سواء کان مستقرا کالقرض و الثمن و المثمن فى البيع الذي لا خيار فيه أو متزلزلا کأحد العوضين فى البيع الخياري و المهر قبل الدخول و نحو ذلک ، فلو قال أقرض فلانا أو بعه نسيئة و أنا ضامن لم يصح .
و منها تميز الدين و المضمون له و المضمون عنه بمعنى عدم الابهام و الترديد ، فلا يصح ضمان أحد الدينين و لو لشخص معين على شخص معين و لا ضمان دين أحد الشخصين و لو لواحد معين أو على واحد معين ، نعم لو کان الدين معينا فى الواقع و لم يعلم جنسه أو مقداره أو کان المضمون له أو المضمون عنه متعينا فى الواقع و لو يعلم شخصه صح على الاقوى خصوصا فى الاخيرين ، فلو قال : ضمنت ما لفلان على فلان و لم يعلم أنه درهم أو دينار أو أنه دينار أو ديناران صح على الاصح ، و کذا لو قال : ضمنت الدين الذي على فلان لمن يطلبه من هؤلاء العشرة و يعلم بأن واحدا منهم يطلبه و لم يعلمه شخصه ثم قبل المطالب أو قال : ضمنت ما کان لفلان على المديون من هؤلاء و لم يعلم شخصه صح الضمان على الاقوى .
مسألة 3 :
إذا تحقق الضمان الجامع للشرائط انتقل الحق من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن ، و برأت ذمته ، فإذا أبرأ المضمون له ذمة الضامن برأت الذمتان إحداهما بالضمان و الاخرى بالابراء ، و لو أبرأ ذمة المضمون عنه کان لغوا .
مسألة 4 :
الضمان لازم من طرف الضامن ، فليس له فسخه بعد وقوعه مطلقا ، و کذا من طرف المضمون له إلا إذا کان الضامن معسرا و هو جاهل بإعساره ، فله فسخه و الرجوع بحقه على المضمون عنه ، و المدار على إعساره حال الضمان ، فلو أعسر بعده فلا خيار ، کما إنه لو کان معسرا حاله ثم أيسر لم يزل الخيار .
مسألة 5 :
يجوز اشتراط الخيار لکل من الضامن و المضمون له على الاقوى .
مسألة 6 :
يجوز ضمان الدين الحال حالا و مؤجلا ، و کذا ضمان المؤجل مؤجلا و حالا ، و کذا يجوز ضمان المؤجل بأزيد أو انقص من أجله .
مسألة 7 :
لو ضمن من دون إذن المضمون عنه ليس له الرجوع عليه ، و إن کان بإذنه فله ذلک لکن بعد أداء الدين لا بمجرد الضمان ، و إنما يرجع إليه بمقدار ما أداه ، فلو صالح المضمون له مع الضامن الدين ببعضه أو أبرأه من بعضه لم يرجع بالمقدار الذي سقط عن ذمته بهما .
مسألة 8 :
لو کان الضمان بأن المضمون عنه فإنما يرجع عليه بالاداء فيما إذا حل أجل الدين الذي کان على المضمون عنه ، و إلا فليس له الرجوع عليه إلا بعد حلول أجله ، فلو ضمن الدين المؤجل حالا أو المؤجل بأقل من أجله فأداه ليس له الرجوع عليه إلا بعد حلول الاجل ، نعم لو أذن له صريحا بضمانه حالا أو بأقل من الاجل فالاقرب جواز الرجوع عليه مع أدائه و أما لو کان بالعکس بأن ضمن الحال مؤجلا أو المؤجل بأکثر من أجله برضا المضمون عنه قبل حلول أجله جاز له الرجوع عليه بمجرد الاداء فى الحال و بحلول الاجل فيما ضمن بالاکثر بشرط الاداء و کذا لو مات قبل انقضاء الاجل فحل الدين بموته و أداه الورثة من ترکته کان لهم الرجوع على المضمون عنه .
مسألة 9 :
لو ضمن بالاذن الدين المؤجل مؤجلا فمات قبل انقضاء الاجلين و حل ما عليه فأخذ من ترکته ليس لورثته الرجوع على المضمون عنه إلا بعد حلول أجل الدين الذي کان عليه ، و لا يحل الدين بالنسبة إلى المضمون عنه بموت الضامن ، و إنما يحل بالنسبة إليه .
مسألة 10 :
لو دفع المضمون عنه الدين إلى المضمون له من دون إذن الضامن برأت ذمته ، و ليس له الرجوع عليه .
مسألة 11 :
يجوز الترامى فى الضمان بأن يضمن مثلا زيد عن عمرو ثم يضمن بکر عن زيد ثم يضمن خالد عن بکر و هکذا ، فتبرأ ذمة الجميع و يستقر الدين على الضامن الاخير ، فإن کان جميع الضمانات بغير إذن من المضمون عنه لم يرجع واحد منهم على سابقه و هو على سابقه إلى أن ينتهى إلى المديون الاصلى ، و إن کان بعضها بالاذن دون بعض فإن کان الاخير بدونه کان کالاول لم يرجع واحد منهم على سابقه ، و هو على سابقه لو ضمن بالاذن ، و إلا لم يرجع و انقطع الرجوع عليه ، و بالجملة کل ضامن کان ضمانه بإذن من ضمنه عنه يرجع عليه بما أداه .
مسألة 12 :
لا إشکال فى جواز ضمان اثنين عن واحد بالاشتراک بأن يکون على کل منهما بعض الدين فتشتغل ذمة کل بمقدار ما عيناه و لو بالتفاوت ، و لو أطلق يقسط عليهما بالتساوي ، فبالنصف لو کانا اثنين و بالثلث لو کانوا ثلاثة و هکذا ، و لکل منهما أداء ما عليه ، و تبرأ ذمته ، و لا يتوقف على أداء الاخر ما عليه ، و للمضمون له مطالبة کل منهما بحصته أو أحدهما أو إبراؤه دون الاخر ، و لو کان ضمان أحدهما عن نصفه ثم ضمن الاخر عن نصفه الاخر أو بعقد واحد کما إذا ضمن عنهما وکيلهما فى ذلک فقبل المضمون له ، هذا کله فى ضمان اثنين عن واحد بالاشتراک ، و أما ضمانهما عنه بالاستقلال فلا إشکال فى عدم وقوعه لکل منهما کذلک ما يقتضى مذهبنا فى الضمان ، فهل يقع باطلا أو يقسط عليهما بالاشتراک ؟ وجهان أقربهما الاول .
مسألة 13 :
لو تم عقد الضمان على تمام الدين فلا يمکن أن يتعقبه آخر و لو ببعضه ، و لو تم على بعضه لا يمکن أن يتعقبه على التمام أو على ذلک المضمون .
مسألة 14 :
يجوز الضمان بغير الجنس الدين ، لکن إذا کان الضمان بإذن المضمون عنه ليس له الرجوع عليه إلا بجنسه .
مسألة 15 :
کما يجوز الضمان عن الاعيان الثابتة فى الذمم يجوز عن المنافع و الاعمال المستقرة عليها ، فکما يجوز أن يضمن عن المستأجر ما عليه من الاجرة کذلک يجوز أن يضمن عن الاجير ما عليه من العمل ، نعم لو کان ما عليه اعتبر فيه مباشرة لم يصح ضمانه .
مسألة 16 :
لو ادعى شخص على أخر دينا فقال ثالث للمدعى : على ما عليه فرضى صح الضمان ، بمعنى ثبوت الدين فى ذمته على تقدير ثبوته ، فتسقط الدعوى عن المضمون عنه و يصير الضامن طرفها ، فلو أقام المدعى البينة على ثبوته يجب على الضامن أداؤه ، و کذا لو ثبت إقرار المضمون عنه قبل الضمان بالدين ، و أما إقراره بعد الضمان فلا يثبت به شىء لا على المقر و لا على الضامن .
مسألة 17 :
الاقوى عدم جواز ضمان الاعيان المضمونة کالغصب و المقبوض بالعقد الفاسد لمالکها عمن کانت هى بيده .
مسألة 18 :
لا إشکال فى جواز ضمان عهدة الثمن للمشتري عن البائع لو ظهر المبيع مستحقا للغير أو ظهر بطلان البيع لفقد شرط من شروط صحته إذا کان بعد قبض البائع الثمن و تلفه عنده ، و أما مع بقائه فى يده فمحل تردد ، و الاقوى عدم صحة ضمان درک ما يحدثه المشتري من بناء أو غرس فى الارض المشتراة إن ظهرت مستحقة للغير و قلعه المالک للمشتري عن البائع .
مسألة 19 :
لو کان على الدين الذي على المضمون عنه رهن ينفک بالضمان شرط الضامن انفکاکه أم لا .
مسألة 20 :
لو کان على أحد دين فالتمس من غيره أداؤه فأداه بلا ضمان عنه للدائن جاز له الرجوع على الملتمس مع عدم قصد التبرع .