کتاب الخلع و المباراة
مسألة 1 :
الخلع هو الطلاق بفدية من الزوجة الکارهة لزوجها ، فهو قسم من الطلاق يعتبر فيه جميع شروطه المتقدمة ، و يزيد عليها بأنه يعتبر فيه کراهة الزوجة لزوجها خاصة ، فإن کانت الکراهة من الطرفين فهو مباراة ، و إن کانت من طرف الزوج خاصة لم يکن خلعا و لا مباراة .
مسألة 2 :
الظاهر وقوع الخلع بکل من لفظى الخلع و الطلاق مجردا کل منهما عن الاخر أو منضما ، فبعد ما أنشأت الزوجة بذل الفدية ليخلعها الزوج يجوز أن يقول خلعتک على کذا أو أنت مختلعة على کذا ، و يکتفى به أو يتبعه بقوله فأنت طالق على کذا ، أو يقول أنت طالق على کذا ، و يکتفى به أو يتبعه بقوله فأنت مختلعة على کذا ، لکن لا ينبغى ترک الاحتياط بالجمع بينهما بل لا يترک .
مسألة 3 :
الخلع من الايقاعات لکن يشبه العقود فى الاحتياج إلى طرفين و إنشاءين : بذل شىء من طرف الزوجة ليطلقها الزوج و إنشاء الطلاق من طرفه بما بذلت ، و يقع ذلک على نحوين : الاول أن يقدم البذل من طرفها على أن يطلقها فيطلقها على ما بذلت ، الثانى أن يبتدء الزوج بالطلاق مصرحا بذکر العوض فتقبل الزوجة بعده ، و لا ينبغى ترک الاحتياط بإيقاعه على النحو الاول .
مسألة 4 :
يعتبر فى صحة الخلع عدم الفصل بين إنشاء البذل و الطلاق بما يخل بالفورية العرفية ، فلو أخل بها بطل الخلع و لم يستحق الزوج العوض ، لکن إذا أوقعه بلفظ الطلاق أو اتبعه بذلک وقع الطلاق رجعيا مع فرض اجتماع شرائطه ، و إلا کان بائنا .
مسألة 5 :
يجوز أن يکون البذل و الطلاق بمباشرة الزوجين أو بتوکيلهما الغير أو بالاختلاف ، و يجوز أن يوکل شخصا واحدا ليبذل عنها و يطلق عنه ، بل الظاهر أنه يجوز لکل منهما أن يوکل الاخر فيما هو من طرفه ، فيکون أصيلا فيما يرجع إليه و وکيلا فيما يرجع إلى الطرف .
مسألة 6 :
يصح التوکيل من الزوج فى الخلع فى جميع ما يتعلق به من شرط العوض و تعيينه و قبضه و إيقاع الطلاق ، و من المرأة فى جميع ما يتعلق بها من استدعاء الطلاق و تقدير العوض و تسليمه .
مسألة 7 :
لو وقع الخلع بمباشرة الزوجين فأما أن يبتدئ الزوجة و تقول بذلت لک أو أعطيتک ما عليک من المهر أو الشىء الفلانى لتطلقنى فيقول فورا أنت طالق أو مختلعة بکسر اللام على ما بذلت أو على ما أعطيت و أما أن يبتدئ الزوج فيقول أنت طالق أو مختلعة بکذا أو على کذا فتقول فورا قبلت ، و إن وقع من وکيلين يقول وکيل الزوجة مخاطبا لوکيل الزوج عن قبل موکلتى فلانة بذلت لموکلک ما عليه من المهر أو المبلغ الفلانى ليخلعها و يطلقها فيقول وکيل الزوج فورا زوجة موکلى طالق على ما بذلت ، و قس على ما ذکر سائر الصور المتصورة ، لکن لا ينبغى ترک الاحتياط المتقدم أي الجمع بين الصيغتين ، بل لا يترک .
مسألة 8 :
لو استدعت الزوجة الطلاق بعوض معلوم فقالت له طلقنى أو اخلعنى بکذا فيقول أنت طالق أو مختلعة بکذا ففى وقوعه إشکال فالاحوط اتباعه بالقبول منها بأن تقول بعد ذلک قبلت .
مسألة 9 :
يشترط فى تحقق الخلع بذل الفداء عوضا عن الطلاق ، و يجوز الفداء بکل متمول من عين أو دين أو منفعة قل أو کثر و إن زاد على المهر المسمى ، فإن کان عينا حاضرة تکفى فيها المشاهدة ، و إن کان کليا فى الذمة أو غائبا ذکر جنسه و وصفه و قدره ، بل لا يبعد أن يکون الامر فيه أوسع من ذلک ، فيصح بما يؤول إلى العلم کما لو بذلت ما فى الصندوق مع العلم بکونه متمولا ، و يصح بما فى ذمة الزوج من المهر و لو لم يعلما به فعلا ، بل فى مثله و لو لم يعلما بعد أيضا صح على الاقوى ، و يصح جعل الفداء ارضاع ولده لکن مشروطا بتعيين المدة ، و لا تبعد صحته بمثل قدوم الحاج و بلوغ الثمرة ، و إن جعل کليا فى ذمتها يجوز جعله حالا و مؤجلا مع تعيين الاجل و لو بمثل ما ذکر .
مسألة 10 :
يصح بذل الفداء منها و من وکيلها بأن يبذل وکالة عنها من مالها أو بمال فى ذمتها ، و هل يصح ممن يضمنه فى ذمته بإذنها فيرجع إليها بعد البذل بأن تقول لشخص اطلب من زوجى أن يطلقنى بألف درهم مثلا عليک و بعدما دفعتها إليه ارجع إلى ففعل ذلک و طلقها الزوج على ذلک ؟ وجهان بل قولان ، لا يخلو ثانيهما من رجحان ، کما أنه لا يصح من المتبرع الذي لا يرجع إليها ، فلو قالت الزوجة لزوجها طلقنى على دار زيد أو ألف فى ذمته فطلقها على ذلک و قد أذن زيد أو أجاز بعده لم يصح الخلع و لا الطلاق الرجعى و لا غيره إلا إذا أوقع بلفظ الطلاق أو أتبعه بصيغته .
مسألة 11 :
لو قال أبوها طلقها و أنت بريء من صداقها و کانت بالغة رشيدة فطلقها صح الطلاق و کان رجعيا بشرائطه و الشرط المتقدم فى المسألة السابقة ، و لم تبرأ ذمته بذلک ما لم تبرأ ، و لم يلزم عليها الابراء و لا يضمنه الاب .
مسألة 12 :
لو جعلت الفداء مال الغير أو ما لا يملکه المسلم کالخمر مع العلم بذلک بطل البذل فبطل الخلع و صار الطلاق رجعيا بالشرط المتقدم و لو جعلته مال الغير مع الجهل بالحال فالمشهور صحة الخلع و ضمانها للمثل أو القيمة ، و فيه تأمل .
مسألة 13 :
يشترط فى الخلع على الاحوط أن تکون کراهة الزوجة شديدة بحيث يخاف من قولها أو فعلها أو غيرهما الخروج عن الطاعة و الدخول فى المعصية .
مسألة 14 :
الظاهر أنه لا فرق بين أن تکون الکراهة المشترطة فى الخلع ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج کقبح منظره و سوء خلقه و فقره و غير ذلک و بين أن تکون ناشئة من بعض العوارض مثل وجود الضرة و عدم إيفاء الزوج بعض الحقوق الواجبة أو المستحبة ، نعم إن کانت الکراهة و طلب المفارقة من جهة إيذاء الزوج لها بالسب و الشتم و الضرب و نحوها فتريد تخليص نفسها منها فبذلت شيئا ليطلقها فطلقها لم يتحقق الخلع ، و حرم عليه ما أخذه منها ، و لکن الطلاق صح رجعيا بالشرط المتقدم .
مسألة 15 :
لو طلقها بعوض مع عدم الکراهة و کون الاخلاق ملتئمة لم يصح الخلع و لم يملک العوض و لکن صح الطلاق بالشرط المتقدم ، فإن کان مورده الرجعى کان رجعيا و إلا بائنا .
مسألة 16 :
طلاق الخلع بائن لا يقع فيه الرجوع ما لم ترجع المرأة فيما بذلت ، و لها الرجوع فيه ما دامت فى العدة ، فإذا رجعت کان له الرجوع إليها .
مسألة 17 :
الظاهر اشتراط جواز رجوعها فى المبذول بإمکان رجوعه بعد رجوعها ، فلو لم يمکن کالمطلقة ثلاثا و کما إذا کانت ممن ليست لها عدة کاليائسة و غير المدخول بها لم يکن لها الرجوع فى البذل ، بل لا يبعد عدم صحة رجوعها فيه مع فرض عدم علمه بذلک إلى انقضاء محل رجوعه فلو رجعت عند نفسها و لم يطلع عليه الزوج حتى انقضت العدة فلا أثر لرجوعها .
مسألة 18 :
المباراة قسم من الطلاق ، فيعتبر فيه جميع شروطه المتقدمة و يعتبر فيه ما يشترط فى الخلع من الفدية و الکراهة ، فهى کالخلع طلاق بعوض ما تبذله المرأة ، و تقع بلفظ الطلاق بأن يقول الزوج بعد ما بذلت له شيئا ليطلقها : أنت طالق على ما بذلت ، و لو قرنه بلفظ بارأتک کان الفراق بلفظ الطلاق من غير دخل للفظ بارأتک ، و لا يقع بقوله بارأتک مجردا .
مسألة 19 :
تفارق المباراة الخلع بأمور : أحدها أنها تترتب على کراهة کل من الزوجين لصاحبه ، بخلاف الخلع فإنه يترتب على کراهة الزوجة خاصة ، ثانيها أنه يشترط فيها أن لا تکون الفداء بأکثر من مهرها بل الاحوط أن يکون أقل منه بخلاف الخلع ، فإنه فيه على ما تراضيا ، ثالثها أنها لا تقع بلفظ بارأتک ، و لو جمع بينه و بين لفظ الطلاق يکون الفراق بالطلاق وحده ، بخلاف الخلع فإن الاحوط وقوعه بلفظ الخلع و الطلاق جمعا کما مر .
مسألة 20 :
طلاق المباراة بائن ليس للزوج الرجوع فيه إلا أن ترجع الزوجة فى الفدية قبل انقضاء العدة ، فله الرجوع إليها حينئذ .