فصل سوم : الخیارات

فصل سوم : الخیارات

فصل سوم : الخيارات

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه ربّ العالمين والصلاة على سيّد الأنبياء محمّدٍ وآله سادة الأوصياء

واللعن على أعدائهم أجمعين.

الکلام في الخيارات اللاحقة للبيع، وهي کثيرةٌ:

الأول : خيار المجلس

منها: «خيار المجلس»، ولا إشکال في ثبوته للعاقدين المالکين إلى أن يتحقّق الافتراق عن مجلس البيع.

ثبوت الخيار للوکيل وعدمه

وهل يثبت للوکيل في مجرّد إيقاع العقد؟ الأظهر عدمه، بل يثبت للموکّل مع الحضور في المجلس لأجل البيع الّذي يکون الوکيل کلسانه، ويکون اجتماع الموکلّين لأجل البيع، لا لمجرّد التوکيل فيه.

وأمّا المستقلّ في إيجاد البيع بنظره، فإن لم يکن مأذوناً في ما يعمّ الفسخ في تقدير الثبوت فکذلک لا خيار له على الأظهر، وهل للموکّل الخيار؟ يحتمل عدمه، لمکان أنّ الاجتماع في مجلس البيع لأجله، لا يتحقّق منه، الاّ أن يکون الاجتماع للبيع بمقدّماته الّتي منها التوکيل، فيکون الاجتماع للبيع التسبيبيّ الذي يکون نظر الوکيل کبيعه نظراً للموکّل وبيعاً له تنزيلاً؛ ومع هذا، فمداخلة بقاء الاجتماع إلى زمان البيع فيه مطلقاً ممنوعةٌ، فيشکل ثبوت الخيار للموکّلين مع استقلال الوکيلين مطلقاً، بل في خصوص صورة المداخلة النادرة.

وأمّا صورة الإذن فيما يعمّ الفسخ؛ فهل للوکيل فيها الخيار أولا؟ مبنيٌّ على اعتبار المالکيّة فيمن له الفسخ، والأظهر عدمه نظراً إلى الطريقة العرفيّة الملغية لهذه الخصوصية في فرض عرفيّة خيار المجلس، وفي فرض تعبّديّتها بفهمه من الدليل إلغاء الخصوصيّة؛ فإنّ العرف يلغى هذه الخصوصيّة في تقدير ثبوت خيار المجلس، فإنّ الإقالة ثابتةٌ في الفرض للإذن السابق، فکذا الخيار؛ والحقّ على المفسوخ عليه للاجتماع في مجلس البيع، وللمفسوخ له لإذنه السابق، تامٌّ من حيث المقتضي وعدم المانع؛ وحينئذٍ، فللموکّلين الخيار بالفحوى، ولا عبرة بحضورهما، ولا أثر لافتراقهما، بل الأثر لافتراق الوکيلين عن مجلسيهما. والأظهر نفوذ عمل المتقدّم منهما دون الفاسخ ولو تأخّر، کما في موارد التعدّد لحقّ الخيار.

وهل يجوز نقل الخيار الثابت للموکّل فقط إلى الوکيل؟ لا يخلو عن إشکال، لعدم إمکان کون حقّ المنقول إليه غير محدودٍ، ولا محدوداً بافتراق الموکّل، ولا بافتراق المنقول إليه، وکذا الأجنبي ولو بنى على قابليّة حقّ الخيار للنقل إلى الغير، وکذا الإشکال في الانتقال بالإرث إلى الحاضر في المجلس، فإنّه بالموت يحصل افتراق البيع بما هو بيعٌ، فليس متروکاً کالحقّ المحدود بزمانٍ وقع فيه الموت، بل الأظهر عدم الانتقال.

الخيار فى البيع الفضولي

ولا خيار للفضولييّن کالوکيلين في إجراء الصيغة، ولا للمالکين الحاضرين في مجلس العقد مع الإجازة الکاشفة، أو في مجلس الإجازة الناقلة على الاظهر، وليست إجازة المالک التزاماً مسقطاً للخيار، بل عدمه بعدم کون البائع أهلاً للإرفاق، وعدم کون المجيز بايعاً، بل راضياً ببيع ماله.

لو کان العاقد واحداً

لو کان العاقد واحداً وليّاً على المالکين، أو وکيلاً لهما، أو على طرفٍ واحدٍ فقط على وجهٍ يثبت الخيار مع التعدّد، فهل يثبت الخيار لذلک العاقد على الإثنين أولا؟ الظاهر ثبوته تحفّظاً على مصالح الطرفين الّتي لا ينبغي احتمال تفويتها من الشارع بمجرّد عاقديّة الوليّ دون المالک؛ والمتيقّن ثبوته أقل زمانٍ يقع فيه الفسخ بعد التروّي، وبعد ذلک، فهل يبقى الخيار بالاستصحاب إلى أن يوجد أحد المسقطات، أو يلزم العقد؟ مبنيٌّ على الرجوع إلى العموم أو الاستصحاب مع ظرفيّة الزمان في دليلي العامّ والمخصّص، ويتفصّى العاقد عن الإشکال بتوکيل الطرف الآخر ولايةً، أو مع الوکالة في التوکيل، أو لکونه الأصيل. والبحث هنا في حقّ الخيار بما يخصّه من الآثار، وإلاّ فالعاقد في الصور المتقدّمة، له الفسخ مطلقاً، لرجوعه إلى التفاسخ الحکميّ.

استثناء بعض أشخاص المبيع عن خيار المجلس

من ينعتق على أحد المتبايعين، فالظاهر عدم الخيار فيه في العين، والأظهر ثبوت الخيار في البدل؛ وکذا الحال في بيع الکافر للمسلم، فينتقل قيمة المسلم إلى مالکه السابق على الفسخ؛ وفي شراء العبد نفسه من المولى، فينتقل قيمته بالفسخ إلى مولاه السابق على الفسخ؛ وکذا الجمد المشتري في شدّة الحرّ، فينتقل القيمة إلى مالکه السابق.

عدم ثبوت خيار المجلس فيما عدا البيع

لا يثبت هذا الخيار فيما عدا البيع من المعاوضات؛ وکذا العقود الجائزة بناءً على معقوليّة ثبوت حقّ الخيار فيها لعدم الدليل؛ فالأصل عدم تأثير الفسخ فيها، وعدم ثبوت حقّ مغاير للحکم بجواز الرجوع تکليفاً ووضعاً؛ ولو شرط نتائجها في البيع، لم تبطل بفسخ البيع بناءً على صحّة شرط النتيجة.

مبدء خيار المجلس

مبدء خيار المجلس، من حين تماميّة العقد فيما کان مملّکاً بنفسه کغير الصرف والسلم؛ وأمّا فيهما، فالأظهر أنّه کذلک؛ فترتفع الملکيّة المعلّقة على التقابض أو القبض في المجلس برفع العقد وحلّه بالفسخ؛ ومع الالتزام لا ينفذ الفسخ الانفراديّ، ويبلغ درجة الصحّة بالقبض في المجلس في الصورة الثانية بلا خيارٍ؛ ومع عدم إعمال الخيار، فهو باقٍ إلى التفرّق المسبوق بالقبض؛ ولکلٍّ منهما منفرداً أو مجتمعاً في جميع الصور، إبطال العقد عن التأثير في الملک بالتفرّق اختياراً بلا قبضٍ من دون عصيانٍ.

ويتخيّر في صورة بقاء الخيار وعدم القبض في إبطال العقد، بين الفسخ والتفرّق بلا قبضٍ؛ فإنّه يمنع عن الصحّة الفعليّة والملکيّة الفعليّة؛ کما أنّ الفسخ حينئذٍ مانعٌ عن الصحّة التعليقيّة؛ ومع القبض وبقاء الخيار، فلا مبطل الاّ الفسخ من حينه، وبالتفرق بلا فسخ يلزم البيع.

سقوط خيار المجلس باشتراط سقوطه في ضمن العقد

يسقط خيار المجلس بشرط سقوطه في العقد، أي بشرط عدم ثبوت الخيار، وبشرط عدم الفسخ، وبشرط إسقاط الخيار بعد العقد فوراً ففوراً؛ فلو فسخ في الأخيرين، فالأظهر نفوذ الفسخ وإن عصى بمخالفة الشرط. وإن لم يفسخ ولم يسقط في الأخير، تسلّط المشروط له على الفسخ إن رأى مصلحته فيه لتخلّف الشرط بمجرّد الترک؛ فلو ترک في زمانٍ ففسخ المشروط له بعد الترک فقارن فسخ المشروط عليه ذلک الفسخ ـ أعني تقارن تمام الفسخين ـ فالأظهر عدم نفوذ فسخ المشروط له لحصول استدراک التخلّف، وإنّما ينفذ لو تمّ فسخه قبل تمام فسخ المشروط عليه.

بعض موارد سقوط الخيار وعدمه

ويسقط هذا الخيار بالإسقاط بعد العقد بکلّ ما ينشأ به الإسقاط من قولٍ أو فعلٍ؛ وفي الرضا بالإسقاط المتقدّم من صاحبه للخيار من الطرفين أو خصوص الراضي، تأملٌ في جريان الفضوليّ في الإيقاع.لو قال أحدهما لصاحبه: «اِختر»، فإن کانت قرينة مع الکلام تُعيِّن شيئاً، فهوالمتّبع، وإلاّ فالأظهر إرادة التفويض والتوکيل دون الاستعلام أو النقل، فلا يسقط خيار الآمربعمل المأمور بالفسخ أو الإمضاء، للزوم العقد من الطرفين.

ولو أجاز أحد المتبايعين وفسخ الآخر، انفسخ العقد مع التقارن وعدمه. ولو اختلف الوکيلان في المجلس في الفسخ والإجازة لموکّلٍ واحدٍ، أثّر عمل السابق منهما؛ ومع التقارن، يقع التعارض، ويحتمل تقديم الفسخ. ولو اختلف الأصيل والوکيل، أثّر عمل السابق؛ ولو تقارنا، اتّجه انعزال الوکيل بعمل الأصيل المضادّ له فيما علم بعمل الوکيل.

افتراق المتبايعين من المسقطات

من مسقطات هذا الخيار، افتراق المتبايعين ببُعد أحدهما عن الآخر بالقياس إلى حدّ الفصل بينهما حين العقد، ويکون بحرکة أحدهما مع عدم مصاحبة الآخر له إمّا بسکونه أو بحرکته إلى جهة الخلاف؛ فافتراق الأوّل، بحرکته، والثاني، بعدم المصاحبة؛ والأظهر عدم اعتبار الخطوة فما زاد، بل ما يسمّى افتراقاً؛ ومع الاختلاف، فالأصل مع المنکر لتحقّقه.

وفي مسقطيّة الافتراق إذا اقترن بما يمنع عن کشفه عن الالتزام بالبيع، کما کان بلا اختيارٍ، أي اضطراريّاً بحدّ الإلجاء، أو لا، کالفرار عن المخوف، أو عن غفلةٍ، أو سهواً، أو نسياناً، أو جهلاً بالموضوع أو الحکم، أو مکرهاً عليه وإن لم يکره على ترک الفسخ، ونحو ذلک، تأمّلٌ، والمعروف السقوط في الکلّ، الاّ مع الإکراه على الافتراق وعلى ترک التخاير.

لو اکره أحدهما على التفرّق

ولو کان افتراق أحدهما عن إکراهٍ دون الآخر وقلنا بعدم سقوط خيار الأوّل، فالأظهر سقوط خيار غير المکره فيما لو لم يکن الأوّل مکرهاً لسقط خيارهما.

لو زال الاکراه

ولو زال الإکراه، سقط خيار المکره مع مضيّ زمان التروّى، والاختيار للفسخ والإمضاء، لأنّ افتراقه بعدئذٍ مع الرضا منه.

التصرّف، من المسقطات

ومن مسقطات هذا الخيار التصرّف على وجه مسقطيّته في خيار الحيوان.

الثاني : خيار الحيوان

يثبت خيار الحيوان ثلاثة أيّام لمشتريه، وفي ثبوته للبائع به وجه.ومحلّه ما يقصد حياته في الجملة، وفيما يراد حياته للتذکية فقط بعد العقد بلا فصلٍ، تأمّلٌ، والأظهر عدمه.

والمبيع المعيّن ولو بکونه کليّاً في المعيّن أو کلّياً خارجيّاً بالتعيين بعد البيع بلا فصلٍ برضىً منهما، يثبت فيه الخيار، وفي الذمّي الباقي على کليّته، تأمّلٌ لا يخلو الثبوت فيه عن وجهٍ، ولا فرق في أمد هذا الخيار بين الأمة وغيرها.

مبدء هذا الخيار

وهذا الخيار متّحدٌ مع خيار المجلس من حيث المبدء، وإن اختلف معه من حيث المنتهى؛ فمع سقوط أحدهما بالشرط أو الإسقاط أو المصالحة، لا يسقط الآخر.

دخول الليلتين المتوسّطتين

الظّاهر دخول الليلتين المتوسّطتين، کدخول الليلة الواقع فيها البيع، فبقي الخيار معه إلى آخر اليوم الثالث، ودخول الثلاث مع الانکسار والتلفيق.

سقوط خيار الحيوان بالاشتراط بسقوطه و بالتصرّف

يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد کلاً أو بعضاً، ولو کان ذلک البعض ما کان في الوسط على الأظهر، وبإسقاطه بعد العقد، ويتجّه التبعيض فيه أيضاً.وبالتصرّف المحرّم على غير المالک، الاّ أن يقترن بما يمنع عن کونه ارتضائاً بالبيع مضادّاً للفسخ، کما يقع للاختبار، فلا يقع بمثله الاختيار.

الثالث : خيار الشرط

يجوز شرط الخيار، ولا يتقدرّ بحدٍّ. ولا فرق بين اتّصاله وانفصاله. ولو تراضيا على مدّة مجهولة ـ کقدوم الحاجّ ـ بطل مع غرريّة البيع بذلک، بل مطلقاً على الأحوط.

ولو استفيد من الکلام الخالي عن التوقيت إطلاقٌ مفيدٌ للاستمرار مع التوافق عليه، صحّ على الأظهر، وله الخيار ما لم يسقط بمسقطٍ؛ ولو لم يفهم الإطلاق، فهل يبطل البيع مع الغرر، فيبطل الشرط أيضاً، أو الشرط خاصّةً، أو يصحّان ويثبت الخيار ثلاثة أيّامٍ؟ وجوهٌ، والقول بالصحّة لا يخلو عن وجهٍ لعدم الغرر في نفس البيع من جهة اللزوم والجواز الحاصلين بالالتزام الشرطي؛ فالجهل بمدّة الخيار لا يوجب الغرر في نفس البيع وأطرافه؛ والتحديد إلى الثلاث وفاقاً لجماعةٍ من أعاظم المتقدّمين، لا يخلو عن قربٍ.

مبدء هذا الخيار

مبدء خيار الشرط فيما لم يتعيّن بالشرط، من حين العقد؛ ولو تعيّن في المنفصل عنه بالشرط، فالمبدء ابتداء ذلک الزمان المعيّن.

جعل الخيار للأجنبيّ

يصحّ اشتراط الخيار للأجنبيّ، فيکون حاله حال العاقد إن کان له خيارٌ لو کان المشروط الاستقلال، ولا بدّ من تعيّنه، واحداً کان أو متعدّداً؛ فمع وحدته وعدم الخيار لغيره، ينفذ إجازته، لصيرورة العقد بها غير قابلٍ للانحلال، کما ينفذ فسخه؛ ومع التعدّد بالشرط، أو بالشرط والشرع واختلاف المتعدّد في الفسخ والإجازة يؤثّر الفسخ إذا تقدّم، وکذا مع التقارن، أو التأخّر إن کانت الإجازة إسقاطاً، أو ما يرجع إليه؛ وأمّا إن کانت إبراماً مطلقاً، نفذت مع السبق ومنعت عن التأثير مع التقارن. وفي تعيين المبنى تأمّل، والفتوى بتقدّم الفسخ ولو تأخّر، مبنيّةٌ على الأوّل.

اشتراط الاستيمار

يجوز للمتعاقدين اشتراط الاستيمار أو الائتمار بأمر ثالثٍ معيّنٍ، أو واحدٍ من الشخصين المعيّنين، وهو على حسب ما يشترطانه؛ والأظهر أنّ المراد من عنوان المسألة هو اشتراط ملک الفسخ لواحدٍ عند أمر المستأمَر (بالفتح) بنحو شرط النتيجة، واشتراط فعل الفسخ لطرفه بنحو شرط الفعل؛ فيکون کلٌّ منهما مشروطاً له من جهةٍ، وعليه من اُخرى؛ فلذى الخيار، الفسخ إن شاء، ولطرفه، الزامه به إن لم يشأ و أراده الطرف، والفسخ لتخلف الشرط إن لم يجد الالتزام.

بيع الخيار

يجوز للبائع اشتراط الخيار بردّ الثمن في مدّةٍ مضبوطةٍ، سواءٌ اُريد الفسخ بردّ الثمن، أو بالإنشاء بغيره مقارناً، أو سابقاً، أو لاحقاً، وکذا شرط الانفساخ عند الردّ على الأظهر؛ کما يجوز شرط الإقالة عند الردّ؛ فإن لم يُقِل، فالخيار للمشروط له. والظاهر أنّ الإطلاق في عنوان المسألة بأن يقال: «إن أتيتک بمالک رددت المبيع»، منزّلٌ على إحدى الصورتين الاُوليين.

سقوط هذا الخيار بالاسقاط

ويسقط هذا الخيار بإسقاطه بعد الردّ وقبل الفسخ، أوالانفساخ الحاصل بالشرط على ما تقدّم؛ وکذا قبل الردّ لو کان الخيار محقّقاً والردّ شرطاً للاعمال على إشکالٍ في تماميّة هذا التقدير في المتعارف من بيع الشرط؛ وبانقضاء المدّة قبل الردّ الواقع شرطاً؛ وبالتصرّف في الثمن المعيّن المشروط ردّه بنفسه بعد ردّه المجامع للتصرّف فيه وقبل الفسخ على النحو المسقط في خيار الحيوان. وفي السقوط به قبل الردّ منعٌ إن کان التصرّف امضاءً کما هو الأظهر، و إشکالٌ تقدَّم لو کان إسقاطاً محضاً، کما ذکر في الإسقاط القولي.

تلف المبيع والثمن من البائع

تلف المبيع في بيع الخيار، من البائع، کان قبل الردّ أو بعده قبل الفسخ. والغرض من هذا البيع إن کان حفظ الماليّة الزائدة باستحقاق الفسخ، فلا يسقط خيار البائع؛ وإن کان متعلّقاً بخصوصيّة المبيع بقرينةٍ معتبرةٍ فيسقط؛ وإن لم تکن قرينيّته خاصّةً، فلقرينيّة الغلبة في تعيين الأوّل وجهٌ. واستفادة الخصوصيّة إثباتاً، تکون بشرطين تعلّق أحدهما بإبقاء المبيع، والآخر بالخيار على تقدير البقاء والردّ؛ فثبت بالأوّل حرمة الإتلاف، وخيار تخلّف الشرط على تقدير الإتلاف، وبالثاني الخيار على تقدير الإيفاء مع ردّ العين بشخصها.

وأمّا تلف الثمن فإن کان بآفةٍ سماويّةٍ، وکان بعد الردّ وقبل الفسخ، فالأظهر أنّه من البائع؛ کما أنّه کذلک لو کان قبل الردّ، قلنا بعدم الخيار أو عدم نفوذ إعماله حينئذٍ ما لم يردّ على الأظهر في الأخير، واللّه العالم، وقد اخترنا أظهريّة القول الأوّل.

الفسخ بردّ الثمن

ولا إشکال في الردّ إلى الوکيل والوليّ والوارث في صورة الدلالة على تعميم الشرط. وفي صورة الدلالة على تخصيصه، فيؤثّر في الأوّل في الخيار دون الثاني. وفي صورة عدم الدلالة الکلاميّة، فالمعلوم من الأغراض النوعيّة، هو حصول النتيجة من الردّ إلى المشتري بالردّ إلى من يکون له الولاية على ملکه بعد الفسخ، وإن لم يکن وليّاً حين إحداث الردّ؛ والأظهر حمل المشکوک على الغالب؛ وکذا الحال فيما کان الرادّ أو المردود إليه وارثاً للبائع، أو المشتري في تعيّن العمل بمقتضى الغرض المعلوم، أو المحمول عليه.وکذا لو اشترى الأب للطفل فردّ البائع إلى الجدّ، ومع عدم التمکّن من الأب والجدّ إلى الحاکم، أو اشترى الحاکم للصغير فردّ البائع إلى حاکم آخر.

اطلاق اشتراط الفسخ بردّ الثمن

إذا اُطلق اشتراط الفسخ بردّ الثمن، تعيّن خصوصيّة ردّ الجميع للفسخ في الجميع؛ فمع ردّ البعض لا ينفذ الفسخ ولو في البعض؛ ولو شرط البائع الفسخ في کلّ جزءٍ بردّ ما يقابله من الثمن، جاز الفسخ في البعض بردّ البعض المقابل. ولو شرط تعقّب ردّ البعض بردّ البقيّة، أي شرط ردّ الکلّ تدريجاً للفسخ تدريجاً فخرجت ولم يردّ البقيّة، اتّجه عدم نفوذ الفسخ في البعض أيضاً، لأنّه کصورة اشتراط ردّ الجميع للفسخ في الجميع بحسب الاستظهار المتقدّم من الإطلاق، وليس في الصورة التي ذکرنا فيها نفوذ الفسخ في البعض خيار التبعّض للمشتري، لأنّه بإقدامه على قبول الشرط الخاصّ.

اشتراط المشتري الفسخ بردّ المثمن

يجوز للمشتري اشتراط الفسخ بردّ المثمن بعينه، وببدلها مع تلفها، بل مع بقائها أيضاً وإن رجعت بعد الفسخ إلى البائع وردّ البدل إلى المشترى. ولو ضمّ إلى شرط الخيار بالفسخ شرطَ تملّک البائع للبدل بعوض المبدل المملوک بالفسخ، صحّ الشرط، بناءً على عدم إخلال مثل هذا التعليق والجهالة في مثل هذا الشرط الذي هو أخذ نتيجة البيع بالشرط أيضاً.

ومثله شرط سقوط خصوصيّة المثليّة في التالف المثلى، فيوفى بالقيمة؛ أو شرط ثبوتها وفاءً في القيميّ، فيوفى بالمثل، لا شرط عدم ضمان المثل في المثلىّ، أو القيمة في القيميّ.

جواز شرط الخيار في جميع العقود

يجوز شرط الخيار فيما لا مانع منه عقلاً أو شرعاً کالبيع، ونحوه من المعاوضات اللاّزمة ولو من طرفٍ واحدٍ فيما کان الخيار لمن تلزم عليه لولا الشرط، بل في العقود الجائزة مع عدم اللغويّة.

وامّا الإيقاع فلا يجري في العتق، والطلاق، والإبراء، ولا يجوز في النکاح الدائم، ولا في الوقف المؤبّد؛ وفي المنقطع منهما تأمّلٌ.ولا يترک الاحتياط في الصدقة الخاصّة المتقوّمة بالتقرّب؛ ويجري في الصلح ولو کان على المجهول إن صحّ، أو کان على غير ثابت دعوى کونه في الذمّة، أو أفاد الإبراء على الأظهر، فيرجع بالفسخ إلى الحالة السابقة على الصلح، ومثله الضمان، ويجري في الرهن مع تحقّق الاستيثاق، کشرط الخيار بعد مدّةٍ من تمام الرهن، لا من حينه على الأظهر؛ ويجري في الصرف والسلم، وکذا في الاصداق، والقسمة، والمعاطاة. والضابط الجريان فيما لا مانع عقليٌّ أو شرعيٌّ، واللّه العالم.

الرّابع : خيار الغبن

يثبت للمغبون خيار الغبن مع اختلاف العوضين في القيمة، وجهل المغبون، أعني المتضرّر بالمعاملة، لا مع علم المغبون بالاختلاف، أو الظنّ المعتبر ؛ وأمّا مع عدمهما، فإن بنى على المسامحة، فکذلک؛ وإن عامل بالرجاء فله الخيار، ويرجع إليه في نيّته مع عدم القرائن.

والجاهل له الخيار وإن کان قادراً على السوال؛ ولو أقدم على غبنٍ فبان أزيد، فله الخيار مطلقاً. ولا أثر للإقدام فيما تبيّن ما يتسامح بالمجموع؛ والأظهر عدم الاعتبار بالاختلاف حال العقد إذا تغيّر إلى المساواة حال الفسخ، ولو في غير ما يعتبر في صحّته القبض فضلاً عمّا يعتبر فيه فتغيّر إلى المساواة في زمان القبض، وإن قيل فيه بوجوب الإقباض على الأظهر. ولو عقد مع المساواة فتغيّر بعده، فلا عبرة بالتغيّر الاّ فيما يعتبر فيه القبض، فإنّ الصحّة واللزوم في زمان حدوثهما، ضرريّان.

والوکيل في مجرّد الصيغة، لا أثر لعلمه وجهله، بخلاف الوکيل في أمر المعاملة مطلقاً؛ فإنّه مع جهله يکون له الخيار؛ ومع علمه لا خيار له، کان الموکِّل عالماً أو جاهلاً. ومع خيار الوکيل لجهله، فالأظهر ثبوت الخيار للموکّل وإن کان عالماً بالاختلاف، حيث إنّ المباشر غير مقدِم، والعالم غير معاملٍ بالمباشرة وعالمٌ بشرط الوکيل الجاهل ضمناً لبّاً.

عدم ثبوت الخيار فى صورة العلم و الإقدام على الضرر

ولا خيار للعالم بالقيمة المقدِم على الضرّر على جميع المبانى، حتّى الإجماع، للانصراف بمناسبة الحکم العلاجي والموضوع عن الفرض؛ ولو اختلفا في الإقدام، جرت أصالة عدم الإقدام على وجهٍ؛ ومع التنزّل؛ فالأصل عدم الخيار على مبنى کاشفيّة العلم، وإلاّ فالأصل عدم تأثير الفسخ في الانفساخ، فيثبت اللزوم.

لو ادعى الجهل من هو من اهل الخبرة

ولو کان المغبون المدّعي للجهل حال العقد، من أهل الخبرة، فمع العلم بکذبه ـ کما لعلّه الغالب ـ لا يقبل قوله، وإنّما يتوجّه اليمين في تقدير سماع الدعوى من الغابن المدّعى لعلمه بعلمه، فيحلف على علمه في محلّ البحث.ومع عدم العلم بکذبه، فهل يقبل قوله بيمينه لأنّه منکرٌ فيما لا يعرف الاّ من قبله، أو مدّعٍ ومع ذلک يقبل لتعذّر إقامة البيّنة عليه نوعاً، أو يقبل قول الغابن لدعواه العلم بعلمه، فيحلف على علمه، وليس المدّعي لخلاف الظاهر منکراً موضوعاً کما هو واضحٌ، ولا حکماً لعدم لزوم التعطيل مع إمکان حلف الغابن على علمه في الفرض؛ ولو کان مدّعياً لجهله بجهله، کفى حلفه على نفي العلم بالجهل احتمالاً، وردّ اليمين على المدّعى احتمالاً آخر، وللتأمّل فيه مجالٌ، ولا يترک الاحتياط في هذه الصورة بالمصالحة.

الاختلاف فى القيمة و فى زمان العقد و التغيير

لو اختلفا في القيمة وقت العقد، فإن علم القيمة السابقة عليه، فللعمل بالحالة السابقة في تنقيح أحد جزئي المرکّب وجهٌ؛ فيعمل على مقتضاه من الخيار أو عدمه؛ وإن علم بالقيمة حال النزاع، فالأصل عدم الخيار، أو عدم تأثير الفسخ على القولين في کون الخيار من حين العقد أو من حين العلم، والأصل في المسألتين لتشخيص المدّعي والمنکر؛ ولو اختلفا في القيمة الفعليّة مع عدم التغيير وعدم إمکان الاستعلام، فالأصل ما قدّمناه.ولو وقع الاختلاف في تقدّم العقد أو التغيير، تعارض الأصلان في الطرفين مع الجهل بتاريخهما، فيعمل بالأصل الذي قدّمناه.ولو علم زمان التغيّر واتّفقا عليه واختلفا في تاريخ العقد، سقط الأصل في العقل بالإثبات، لا بالتعارض، وجرى الأصل المقدّم المذکور.

ولو علم زمان العقد دون زمان التغيّر المعلوم، فلا يثبت بأصالة عدم التغيّر إلى زمان العقد وقوع العقد على ما لم يتغيّر على تأمّلٍ منشأه إمکان استصحاب بقاء صفة ما وقع العقد عليه حاله من التساوى أو عدمه؛ ولا يضرّ العلم الإجمالي بالانقلاب إمّا قبل العقد أو بعده؛ فإن کان التغيّر إلى التساوي، فالأصل يثبت الخيار، ويقدّم على الأصل المذکور المقدّم.

اشتراط کون التفاوت فاحشاً فى ثبوت الخيار

ولا خيار مع عدم کون التفاوت فاحشاً؛ کما إذا کان بحيث لو عرض المعاملة الخاصّة بين المتعاملين في العوضين الخاصّين على النوع لم يقدموا عليه مع العلم.

ولا حدّ له بحسب المقدار، فقد يکون المقدار الواحد مرغوباً عنه في معاملةٍ بين عوضين من شخصين، ومتسامحاً فيه في عوضين آخرين، وطرفين آخرين؛ والمدار، على الغرر المالي، فهو المنفى؛ ولا ينوط بالحالي الذي هو مرتبةٌ من المالي الاّ في بعض التکاليف.ولو شکّ في کون الضرر متسامحاً فيه، جرى أصالة عدم الإقدام على الضرر.

اعتبار الغبن الواقعى فى اثبات الخيار

موضوع الأحکام، الغبن الواقعي دون المعلوم؛ فلو فسخ بعد الغبن جهلاً بالموضوع، أو الحکم ثمّ تبيّن له الغبن، نفذ من وقته، ولا يصرف عن ذلک في أحکام الغبن الاّ بدليل.

بعض موارد سقوط خيار الغبن

يسقط خيار الغبن بإسقاطه بعد العقد، [ وبالعلم ] بالغبن مع العلم بمرتبة الغبن، ومع الجهل بها إذا أسقطه في جميع مراتب الغبن.

ولو أسقطه بزعم العشرة ثمّ تبيّن المأة، يسقط مع عدم تقييد المسبّب بمرتبة السبب، ولا يسقط مع التقييد؛ ومع الشکّ يعمل بالقرائن المفيدة للظاهر؛ ومع عدمها فللعمل بما يدّعيه في فعل نفسه مع يمينه في الاختلاف، وجهٌ.

وأمّا الإسقاط بعوضٍ بالصلح فيعمل فيه بتصريحه، وبالانصراف مع التحفّظ على الخصوصيّات؛ فمع تبيّن زيادة الغبن يبطل الصلح مع التقييد بالمرتبة بنحو التقويم، ويکون له خيار الغبن في الصلح في غير ذلک.

وأمّا الإسقاط قبل ظهور الغبن، فهو کطلاق مشکوک الزوجيّة على تقدير فعليّة الخيار؛ وأمّا على تقدير تأخّره عن العلم، ففي صحّته إشکالٌ. وفي الإسقاط بالعوض صلحاً قبل العلم، لاإشکال مع الضميمة؛ وفي الصحّة بمجرّد الاحتمال بلا ضميمةٍ، تأمّلٌ، ولا يترک فيه الاحتياط.

سقوط الخيار باشتراط سقوطه في العقد

ويسقط خيار الغبن بشرط سقوطه في ضمن العقد. ولا يلزم الغرر، لعدم کون الخيار، أو الشرط الموجب له دافعاً له، لعدم لزوم العلم بغير ما له دخلٌ في الماليّة النوعيّة؛ فحدّ الماليّة الشخصيّة أجنبيٌّ عن الغرر وضعاً ورفعاً کما يشهد به الطريقة العرفيّة في المعاوضات.

تصرّف المغبون

ويسقط أيضاً بتصرّف المغبون بعد العلم بالغبن بما يکشف عن الرضا بالعقد رضى من لا يفسخ، ولو کان للمقارنات دخلٌ في الانکشاف؛ وبالجملة التصرّف المسقط في خيار الحيوان، مسقطٌ هنا من العالم بالغبن.وأمّا التصرّف المخرج عن الملک قبل العلم بالغبن، فالأظهر أنّه لا يسقط الخيار، بل بعد الفسخ يردّ العين مع إمکانه، وبدله مع امتناعه عقلاً أوشرعاً.

تصرّف الغابن

وکذا الکلام في تصرّف الغابن في ملکه بما يخرجه عن ملکه، فلا يسقط به خيار المغبون؛ فإذا فسخ، استعاد البدل مع عدم إمکان أخذ العين عقلاً أو شرعاً، ولو نفذ فسخ الغابن ثمّ فسخ المغبون استردّ العين. ولو تملّکه الغابن بسبب جديدٍ بعد معاملته مع الثالث، ثمّ فسخ المغبون، فالأظهر أنّه يستردّ البدل، لا العين؛ ولو تصرّف الغابن بما ينقص عين الثمن ماليّةً، احتمل ثبوت الأرش عليه بفسخ المغبون، والأحوط المصالحة بذلک، أو بأداء البدل بعد الفسخ.

ومنه ما لو وجد العين مستأجرة إلى ما بعد الفسخ، فعلى الغابن الموجر تفاوت ما بين مسلوب المنفعة إلى آخر المدّة وغيره بفسخ المغبون. ولو تصرّف بما يزيد به قيمته، فالأظهر أنّه لا يضارّ بترک أداء التفاوت ما بين کونه بتلک الصفة وغيره، مع کون الزيادة حکميّةً کقصارة الثوب، وتعليم الصنعة.

وأمّا الزيادة العينيّة، کالغرس، فللمغبون مطالبة قلعه بعد الفسخ، ولا أرش عليه، لعدم استحقاق النصب، ولثبوت الطمّ له على الغابن احتمالٌ، والاحتياط في الصلح، وللغابن أيضاً القلع بالاستيذان، وعليه طمّ الحفر على الأحوط، ولهما التوافق بالإبقاء بالاُجرة وبدونها.وأمّا بيع الأرض المغروسة، فالظاهر استحقاق النصب فيها الاّ مع شرط العدم؛ فمع مطالبة المشتري للقلع وإجابة البائع، کان للبائع الأرش وطمّ الحفر؛ ومع إرادة البائع القلع بإذن المشتري فليس له الأرش، والأظهر أنّه ليس عليه الطمّ في الفرض؛ والزرع، کالشجر على الأظهر.

وأمّا تصرّف الغابن بما يتلف الثمن عرفاً بالامتزاج، کامتزاج ماء الورد بالنفط، فعليه للمغبون البدل بعد الفسخ، وکذا على الأظهر في الخلط بما يزيل الاسم، ويحدث اسماً ثالثاً وصنفاً آخر کالخلّ الممزوج بالأنجبين المعدّ لحصول السکنجبين، فللمغبون بدل ما کان له بعد الفسخ، ولو کان بالجنس المساوي تثبت الشرکة مع عدم الضرر، امتنع التميّيز کما في المايعات أو تعسّر، کما في صنفي الحنطة؛ وإن کان بالأجود أو الأردء، فالأحوط المصالحة بالبدل، أو الاشتراک في الثمن بعد البيع بنسبة القيمة بعد فسخ المغبون.

تلف العوضين

وأمّا تلف العوضين، فلو تلف ما في يد المغبون بآفةٍ أو بإتلافه، کان عليه البدل بالفسخ؛ وکذا تلف ما في يد الغابن بآفةٍ أو بإتلافه.

ولو أتلف الأجنبيّ ما في يد المغبون فالأظهر رجوع الغابن إلى المغبون بالبدل؛ ولو کان قبل رجوع المغبون إلى المتلف من يوم الفسخ إلى يوم الدفع، ورجوع المغبون إلى المتلف بالبدل يوم الإتلاف؛ وکذا لو أتلف الأجنبيّ ما بيد الغابن، فيرجع المغبون إلى الغابن بالبدل ولو قبل رجوع الغابن إلى المتلف يوم الفسخ إلى الدفع، والغابن إلى المتلف بالبدل يوم الإتلاف أو التلف في يده.ولو أتلف الغابن ما بيد المغبون، فإن لم يفسخ، أخذ القيمة يوم التلف إلى الدفع؛ وإن فسخ، أخذ البدل من يوم الفسخ فما بعده إلى الدفع، وأعطى البدل من يوم الإتلاف فما بعده؛ ويقع التهاتر في المشترک دون الفاضل. وکذا لو أتلف المغبون ما بيد الغابن، فعليه البدل بالتلف وله البدل بالفسخ على ما مرّ.

والإبراء، بمنزلة القبض مطلقاً، لأنّه تفريغٌ للذمّة، فيرجع ببدل التالف بعد الفسخ إلى المبرء والاعتبار في الاشتغال للذمّة بسبب التلف، بقيمة يوم التّلف إلى الدفع، وبسبب الفسخ، بقيمة يوم الفسخ إلى الدفع على الأحوط.

جريان خيار الغبن في کلّ معاوضة

الظّاهر جريان خيار الغبن في المعاوضات مطلقاً، ومنها الصلح المعاوضيّ؛ وأمّا ما کان على مجهولٍ في الذمّة، أو إسقاطاً بعوضٍ، فلا يبعد الجريان فيه أيضاً فيما ظهر بلا مناسبةٍ بين طرفي الصلح، وفي جميع ما مرّ ينتفى مع التصريح بالخلاف، أو قيام القرينة على الخلاف، وأنّ البناء المعامليّ على عدم الاعتداد بالغبن، کما هو کذلک في البيع أيضاً.

کون خيار الغبن على الفور

الظاهر أنّ خيار الغبن على الفور، وإنّما يسوغ التأخير إلى زمان الوثوق بالنتيجة، وبالأعذار المسوّغة، وبرضا من عليه الحقّ.

معذوريّة الجاهل بالخيار

والجاهل بالخيار غير المردّد معذورٌ؛ ويحتمل العذر في الشاکّ أيضاً لکشف الترديد في الواضحات عن القصور، ولکونه عذراً عرفيّاً مطويّاً في الالتزام الضمنيّ، والشرع ينفّذ ما لدى العرف في المعاملات، الاّ ما بيّن خلافه فيه؛ والأظهر عدم العذر في الجاهل بالفوريّة، والنسيان کالجهل بنحو الغفلة والقطع بالخلاف.والدّعوى في الجهل بالخيار وأقسامه أو نسيانه، متّحدٌ في السماع وعدمه على الأظهر. وقد مرّ مبنى السماع وعدمه في الجهل بالموضوع؛ فيقدّم قول الموافق للأصل المثمر الغير المخالف للظاهر بيمينه، والمدّعي إذاتعسّر على نوعه البيّنة فهل يقدّم قوله بيمينه، أو يکتفى بيمين المنکر على نفي العلم؟ فيه تأمّلٌ، وفي الفوريّة فأصالة عدم العلم يشخّص المنکر.

الخامس : خيار التأخير وشرائطه

من باع شيئاً ولم يُقبض المبيع ولم يقبض الثمن إلى أن مضت ثلاثة ايّامٍ، فهو بالخيار بعد الثلاثة بالشرط الآتي ذکره.

ولو کان عدم قبض المثمن لعدوان البائع مع تمکين المشتري للثمن في الثلاثة، فالأظهر عدم الخيار للبائع بعدها.

ولو قبضه المشتري في الثلاثة بدون إذن البائع ولم يکن مايکشف عن رضاه بالقبض، فالأظهر ثبوت الخيار بعد الثلاثة للبائع، وإن کان الاحتياط في ترک الفسخ .

ولو مکّن المشتري من القبض فلم يَقبض ولم يُقبض، فالأظهر عدم الخيار الاّ فيما يکفى في قبضه التخلية والتمکين.

وإقباض بعض المبيع موجبٌ للخيار في غير المقبوض على الأظهر، وهو الأظهر أيضاً في قبض بعض الثمن؛ فله الفسخ في الزائد عمّا يساويه من المبيع بعد الثلاثة.

ولو قبض الثمن بدون إذن المشتري وعدم کونه بحقٍّ، کما لو مکّنه من قبض المبيع فلم يقبض، فإن کان ممتنعاً عن إقباض المبيع الملازم لإذن المشتري في قبض الثمن، فلا خيار له مع إقدامه على الضرر، والإّ فالاظهر تحقّق شرط الخيار مع تحقّق الضرر المقتضى للإرفاق، لکنّه يشکل فعليّة الخيار بإدامة القبض بعد الثلاثة للکشف عن الرضا بالبيع، ولا يعتبر في هذا الکشف الحليّة المطلقة ليمنع عنه وجوب الاستيذان بشرطه، أعني إقباض المبيع، لکن کون القبض مسقطاً مع عدم العلم بإنشاء الإجازة به، لا يخلو عن تأمّلٍ؛ فلا يترک الاحتياط المناسب للمقام. وکذا إقباض المبيع من المشتري وکاشفيّة أخذ البائع المبيع عن المشترى وردّ الثمن المقبوض إليه، وکالأوّل أخذ المشتري المبيع من البائع في زمان الخيار مع عدم قرائن تشهد بقصد الإجازة أو الفسخ فعلاً.ولو أجاز المشتري القبض في الثلاثة فلا خيار، وبعدها فلا اثر للإجازة الاّ على الکشف، مع کون القبض قبل مضيّ الثلاثة، وفيکاشفيّة إجازة القبض إشکالٌ.ومن الشروط عدم اشتراط تأخير أحد العوضين، ومعه لا خيار للبائع على الأصل في غير مورد النصّ، ولا ما يفهم منه.

وهل يشترط کون المبيع عيناً أو شبهه؟ الأقرب عدم الاشتراط، والأحوط ذلک، لشبهة الإجماع المنقول في «التذکرة».

وهل يشترط عدم الخيار الآخر لأحد المتبايعين في هذا الخيار؟ الأظهر العدم.

نعم لا بدّ من فرض کون خيار التأخير بعد الثلاثة دافعاً للضّرر غير المرضيّ به، أو رافعاً له.

ولا يعتبر تعدّد العاقد فيما يعتبر فيه الإقباض والقبض فلم يتحقّقا، وتحقّق الضرّر اللاّزم للإرفاق.

مسقطات خيار التأخير

يسقط هذا الخيار بالإسقاط بعد الثلاثة، لا فيها على الأظهر، وبشرط عدم ثبوتها بعد الثلاثة، فلا يثبت لو شرط السقوط بعدها بلا فصلٍ، ويسقط بعد ثبوته فيما شرط السقوط بعد الثبوت.

ويسقط ببذل المشتري للثمن في أوّل زمان الخيار. و لو لم يبذل الاّ بعد تحقّق الخيار ثمّ بذله، ففي بقاء خياره أو سقوطه، إشکال، منشأه الاستصحاب وضعف احتمال البقاء بغير ملاک الحدوث هنا، وهو استدفاع الضرر في المستقبل بالفسخ بالخيار.

ويسقط بأخذ الثمن لو لم يکن البذل مسقطاً إذا انضمّ إلى الأخذ قرائن توجب العلم بالرضى بالبيع، وبإنشاء الإجازة. وفي کفاية الظنّ الحاصل بالغلبة برضاه بالبيع رضى

من لا يفسخ، وجهٌ في خصوص الأخذ بعد الثلاثة، لا في مطلق أخذ الثمن في سائر الخيارات الساقطة بالتصرّف.

وهل يسقط مطالبة الثمن فيما علم بکونه جديّاً، لا للامتحان للفسخ ونحوه، أولا؟ الأظهر أنّها إن کانت متعقّبةً بالأداء، فالبيع لازمٌ، لما مرّ من أنّ البذل يسقط تأثير الفسخ، وإلاّ فليست إسقاطاً، ولا إمضاءً، لإباء حقيقتها عن تحمّل ضرر المستقبل.

فوريّة خيار التأخير

وهل خيار التأخير على الفور أو التَّراخي؟ وجهان أحوطهما الأوّل.

تلف المبيع بعد الثلاثة

ولو تلف المبيع بعد الثلاثة فهو من البائع، وکذا في الثلاثة على الظّاهر.

اشتراء ما يفسد من يومه

ما يفسد من يومه، فللبائع مع عدم إقباض المبيع والثمن، الخيار بدخول الليل، ومسقط هذا الخيار وزمانه کما مرّ في خيار التّأخير؛ فانّ ذلک کما ذکر من الشرط من المشترکات بينهما، وفي الثبوت فيما يفسد في الأقلّ من يوم أو الأکثر منه في زمان يدفع الفساد فيه بالخيار، وجهٌ.

السّادس : خيار الرؤية ومورده

إذا باع العين الغائبة بالتوصيف فبان بعد رؤية المشتري على خلافه، فله خيار الرؤية؛ وکذا إذا باع برؤية البعض وتوصيف البعض الآخر. وفي البيع مع اندفاع الجهالة لا بالتوصيف بل برؤية البعض والظنّ بمساواة البعض الآخر بسبب الرؤية، تأمّلٌ في الخيار؛ ويثبت الخيار لمن تخلّف عليه توصيف الطرف ولوکان الواصف هو المشتري.

والوصف الموجب تخلّفه الخيار، ما لا يکون مقوّماً للمبيع بحسب قصد المتعاملين؛ فمع التقويم للمفقود، يبطل البيع؛ ومع عدمه، يتعدّد التمليک قصداً ومرتبةً ورضاً، ويثبت فيه الخيار؛ والمتّبع القرينة الشخصيّة؛ ومع عدمها، فلا يبعد الوحدة المبطلة في المقوّمات ولو کانت في عرف أهل المعاملة الخاصّة، والتعدّد الموجب للخيار في العوارض العرفيّة.

فوريّة خيار الرّؤية

ويثبت خيار الرؤية فوراً، ومع ترک المبادرة للأعذار المسوّغة؛ وأمّا مع انتفائها، ففيه تأمّلٌ، ولا يترک الاحتياط المناسب للطرفين بترک الفسخ ممّن له، وبترتيب الأثر ممّن عليه احتياطاً.

مسقطات خيار الرّؤية

ويسقط بالإسقاط قولاً أو فعلاً بعد الرؤية في زمان حدوثه أو بقائه على الوجهين من الفور أو التراخي؛ وفي تأثير الإسقاط قبل الرؤية تأمّلٌ، فلا يترک الاحتياط المناسب للطرفين.

ولو شرط في العقد سقوط هذا الخيار بعد الرؤية، فالظاهر صحّة الاشتراط مع انتفاء الغرر بالاطمينان بالوصف حين العقد بسبب؛ فلا فرق بين کون الخيار المشروط سقوطه، أي انتفائها بسبب تخلّف الوصف الدخيل في الماليّة نوعاً أو صنفاً، وکونه متعلّقاً للغرض الشخصي.

بذل التفاوت أو إبدال العين

ولو شرط بذل التفاوت بنحو شرط التمليک، أو الملکيّة المعلّقين على التخلّف، ولم يأت بقرينةٍ على شرط السقوط، أو بدليّة البذل عن الفسخ، فالظاهر عدم سقوط الخيار، فلکلٍّ من الفسخ والبذل، أثره.

ولو شرط الإبدال للفاقد بالواجد، فکذا لا يسقط الخيار؛ کما أنّ المعاملة الثانية الطوليّة من الطرفين لا يسقطه، کان بنحو شرط السبب أو النتيجة.ولو شرط إبدال الواجد بالثمن بنحو شرط السبب أو النتيجة، فهو مستلزمٌ لشرط الفسخ في الأوّل والانفساخ في الثاني بعد الانعقاد؛ ففي الأوّل له فسخ العقد بشرطه بخيار الرؤية، وفي الثاني ليس له الخيار بعد الانفساخ الحاصل بشرط النتيجة.يثبت خيار الرّؤية بدليل الشرط، وقاعدة الضرر في کلّ عقدٍ معاوضيٍّ يشترط به الوصف في عينٍ تعلّق بها، أو بمنفعتها المعاوضة.

لو نسج بعض الثوب فاشتراه على أن ينسج الباقي کالمنسوج، فالظاهر صحّته، کان الغزل معيّناً أو في الذمّة مع التوصيف بالمماثلة للمنسوج، کان بعضاً من المجموع أو أحد الثوبين، ويجيء خيار تخلّف الشرط في الأوّل؛ ومع عدم إمکان الإعادة فخيار تعذّر الشرط، وفي الثاني استحقاق الإبدال في فرد الکلّي مع الإمکان ومع عدمه فخيار تعذّر التسليم، بل خيار التبعّض في المنسوج.

لو اختلفا في التخلّف، أي في اشتراطه بالتخلّف، ولم يکن ممّا يکفي في اشتراطه عدم التصريح بالخلاف، لأنّه شرطٌ لُبّيٌّ، ولم يکن قرينةٌ على أحد الأمرين، فالأصل عدم اشتراط ما تخلّف حين تحقّق المتيقّن، وهو الالتزام العقديّ، فلا خيار. وفي طوله أصالة عدم تأثير الفسخ في ردّ الملک الحاصل بالعقد. ولا فرق بين ما کان ممّا يلزم توصيفه، أو لا، بعد التسالم على توصيف ما يلزم العلم به، أو الوثوق ولو بالتوصيف،

السابع : خيار العيب

ظهور العيب يوجب تسلّط المشتري على کلٍّ من الإمضاء بکلّ الثمن، أو الفسخ بردّ المعيب، أو أخذ الأرش والعلم کاشفٌ عن الخيار لا مثبتٌ له على الأظهر، والثمن کالمبيع في ذلک.

ويسقط الردّ خاصّة بالتصريح بإسقاطه ومطالبة الأرش؛ وحيث إنّ الأرش إنّما يکون مع الإمضاء في الجملة، فالالتزام بالعقد بإطلاقه لا يدلّ على اسقاط الأرش. ولو أسقط الحقّ الفعليّ المتعلّق بخيار العيب في نظر المسقط، فالأظهر سقوط الأرش وإن لم يصرّح بالفعليّة المذکورة.

ويسقط بما يکشف عن الرضا بالبيع بأن يقع التزاماً فعليّاً، کما يسقط بالالتزام القولي کما مرّ.

وبالتغيير بل التغيّر أيضاً على الأظهر، والکشف عن الرضا لا يکون الاّ بعد العلم والتغيّر مسقطٌ مطلقاً، والتصرّف قبل العلم وبلا تغيّرٍ غير مسقطٍ على الأظهر.

ما يمنع عن ردّ الجارية

ووطى غير الحامل يمنع عن ردّه بعيب غير الحمل، ولا يمنع عن الردّ بالحمل الّذي هو عيبٌ.

وظاهر المشهور جواز ردّ البکر بعيب الحمل مع الوطى، ومستندهم الإطلاقات، ورواية التفصيل؛ ولا يخلو عن شوب إشکال، لإمکان کون وطى البکر تغييراً إلى النقص؛ ويردّ مع الحامل الثيّب نصف العشر، کما هو المشهور، وهو الأظهر؛ و مع جواز الردّ في البکر، فردّ العشر هو الأظهر.

فإن ردّ الحامل بعد الوطى، ردّ معها العشر إن کانت بکراً، ونصفه إن کان ثيّباً على الأظهر.

وهل يجوز ردّ الحامل مع الوطى في الدبر؟ الظاهر الجواز بالأولويّة، ويحتمل عدم ثبوت العقر هنا.

وهل يردّ بمثل هذا الوطى بعيبٍ غير الحمل؟ الظاهر ابتناؤه على ثبوت المنفذ إلى الرحم، فيکون کالمتعارف، وعدمه فلا، والمرجع أهل الخبرة بهذا الفن.

ومقدّمات الوطى العاديّة أو الغالبيّة، لا تسقط ردّ الحامل في صورة الانفراد، وإلاّ لغى اسقاط الوطى في المتعارف، کما أنّها لا تسقط ردّ غير الحامل.

ولو انضمّ إلى الحمل عيبٌ آخر، فالوطى لا يمنع الردّ، لأقوائيّة الحمل من الوطى،

وإن کان هذا أقوى من غير الحمل، ولأنّه في الصّورة لا يکون تغييراً إلى النقص العرفيّ.

والأظهر مسقطيّة الوطى بعد العلم بالعيب، لکشفه نوعاً عن الرضا بالبيع إمضاءً، والمشکوک يحمل على الغالب بالتعليل الثابت في خيار الحيوان.

حدوث العيب عند المشتري

والعيب الحادث قبل القبض، في ضمان البائع، فلا يمنع الردّ بالقديم، بل يوجبه على الأظهر، ويحتمل ثبوت الأرش به أيضاً.

وکذا الحادث في زمان الخيار لا يمنع عن الردّ بخيار الحيوان، ولا بالعيب السابق، والأظهر إيجابه للردّ، وکلّما يثبت الردّ بعيبٍ له الأرش يثبت الأرش به على الأظهر. والعيب في المبيع الصحيح إذا أحدث في زمان الخيار، أو قبل القبض، فإنّه يوجب الخيار على الظاهر، وما يوجب الردّ هو العيب، وما يمکن مانعيّته، أو يتوهّم فيه هو المغيّر کما مرّ.

وأمّا العيب الحادث بعد القبض وبعد زمان الخيار، فالظاهر مانعيّته عن الردّ بالعيب السابق.

والمدار على بقاء المعيب بعينه مع الخصوصيّات الملحوظة في المعاملات نوعاً في صنف المبيع الخاصّ؛ فلا يتقيّد في المنع بإيجاب الأرش، ولا بالتغيير الحسّي.

ويعمّ مثل نسيان الطحن والکتابة فيما يشترى لطحنه أو لکتابته، ويلحظ فيه ذلک إيجاباً وقبولاً؛ ولا يعمّ ما هو کمالٌ، کتعلّم الصنعة.

ومع زواله حين الردّ لا يمنع عنه، الاّ أن يکون الزوال غير مستقرٍّ، کبعض الأمراض.

ولو رضى البائع بالردّ مجبوراً بالأرش، أو غير مجبورٍ، جاز الردّ.

والأرش فيه قيمة السلامة من العيب، لا النسبة من الثمن؛ فإنّه في صورة بقاء العقد، لامع زواله کما هنا.

تبعّض الصفقة عيبٌ مانعٌ عن الردّ وتوضيح الکلام في فروعه

ومن العيوب المانعة عن الردّ لزوم الشرکة الغير الحاصلة قبل البيع، أو تبعّض الصفقة على البائع؛ فلو اشترى معيباً، فله ردّ الکلّ، أو الأرش إن کان واحداً حقيقيّاً، أو مثل مصراعي الباب المتّحدين اعتباراً عرفاً؛ وإن کان لاعلى هذا الوجه، فإن کان يتضرّر البائع بالتفريق، فالاحوط ترک التبعيض في الفسخ، ويحتمل نفوذه، وخيار الباقي في الباقي، ولو اشتريا من واحدٍ واحداً معيباً غير واحدٍ حقيقي، أو اعتباريٍ على ما مرّ، لکنّه ممّا يتضرّر البائع بالتفريق فيه فاراد أحد المشتريين الردّ دون الآخر، فالأحوط ترک الفسخ الاّ مع موافقة الشريک، ويحتمل ضعيفاً ما احتمل في الصورة السابقة.

ولو لم يتضرّر ولا اشترط الاجتماع، فالأظهر جواز التبعيض؛ ومع الشرط، فالاقوى عدم جوازه مطلقاً، أي في جميع صور إمکان التبعيض. ولو باع الإثنان من واحدٍ واحداً فردّ لأحدهما معيّناً، أو مشاعاً جاز؛ ولو باع الإثنان من إثنين فرد أحدهما إليهما جاز، وإلى أحدهما کذلک مع عدم الضرر في التبعيض، ومعه فالأحوط الترک، ويحتمل نفوذه، وخيار البائع فيما بقى من ملکه قبل البيع في يد شريک البيع ضعيفاً، والشرکة لو کانت قبل البيع فحصولها بعد الردّ لا يکون عيباً، وإن اختلف أطرافها على الأظهر.

ظهور العيب فى المشترى ربويّاً

إذا اشترى ربويّاً بجنسه فظهر العيب في أحدهما، فالأظهر جواز أخذ الأرش، ولا يلزم الربا الممنوع عنه.

عدم الأرش فى غير العيب المجوّز للردّ

ولو لم ينقص قيمة المعيب بالعيب المجوّز للردّ، فلا أرش معقول فيه.

ما يسقط به الردّ والأرش

العلم بالعيب

يسقط الخيار بأطرافه مع العلم بالعيب على الظاهر، وأمّا مع علم البائع بعلم المشتري وعلم المشتري بعلم البائع بحال المشتري فلا ينبغي الإشکال في عدم الخيار.

تبرّى البائع

لو تبرّى البائع من العيب، أي من عهدته، اي من التعهّد بالسلامة، أو من حکمه، أو من خصوص الضمان الماليّ، سقط الخيار في الأوّلين، وخصوص الأرش في الأخير إذا رجع إلى شرط سقوط الخيار، أو عدمه ولو بالسبب المتجدّد، أو عدم الضمان؛ فإنّه کما أنّه ضدٌّ للالتزام فلا يثبت الالتزام ولا حکمه، التزامٌ بالعدم، فلا ثبوت لما التزم بعدمه؛ فلو تقوّم الثابت بالالتزام، فإنّه ينتفي بالتبرّي؛ ولو لم يتقوّم به ـ کما قد يحتمل في الأرش ـ انتفى بشرط عدمه.

لو لم يکن خيارٌ غير خيار العيب، فالتبرّى يسقط خيار العيب، والخيار بالاقتضاء لا أثر له کي يسقطه التبرّى. ولو کان هناک خيار الحيوان أو المجلس، فخيار العيب يسقطه التبرّى؛ ويحتمل کون التبرّي التزاماً شرطيّاً بعدم الانفساخ بالتلف فيزمان الخيار، أي بعدم الضمان المعاوضيّ التعبّديّ بالتلف في زمان الخيار، وإذا تعلّق القصد به وظهر من الکلام لنفوذ الشرط فيما لم يعلم عدم تغيّره بالشرط، کشرط عدم ضمان الغرامة مع سببه.

زوال العيب قبل العلم

إذا زال العيب حين الردّ، فالأظهر سقوط الخيار ردّاً وأرشاً، الاّ إذا فرض التضرّر قبل العلم بالعيب، فزال العيب موضوعاً لا حکماً، فلإجراء قاعدة الضرر بمجرّد حدوثه، بل العمل بإطلاق الأدلّة فيه وجهٌ.

التصرّف فى المعيب

التصرف المسقط على الوجه المتقدّم، يسقط الردّ على الأظهر، وإن کان فيما لا ينقص قيمته، وإن کان قبل العلم فضلاً عمّا بعده.

حدوث العيب فى المعيب

الأظهر سقوط الردّ بحدوث العيب فيما لا أرش فيه، لعدم نقص الماليّة.الظاهر أنّه لا مانع من أخذ الأرش في الربويّين مع العيب، والخيار، سقط الردّ بمسقطه أو لا، وقد تقدّم.

عدم الفوريّة في خيار العيب

الأظهر عدم الفوريّة في خيار العيب، وعدم التراخي إلى حدّ عدم العذر في التأخير، لإطلاق مرسلة جميلٍ، واشتهار التراخي فتوىً؛ وإطلاقها منزّلٌ على الطريقة العرفيّة المستقرّة على ما ذکرناه، وإن کان الأحوط المصالحة في موارد الاختلاف.

إخفاء العيب و مسألة الغشّ

إرائة البائع سلامة المعيب بالخفيّ غشّ محرّمٌ، دون الجليّ الذّي يسهل اختباره فلم يختبر المشتري بقول البائع، فليس غشّاً، الاّ إذا استند الانخداع إلى خصوص البائع. ثم إن لم يتحقّق المقصود بالبيع، فهو باطلٌ؛ وإن اشتمل عليه وعلى غيره، صحّ في المقصود، ويأتي فيه خيار التبعّض؛ وإن کان معيباً فقط، ففيه خيار العيب، ويحتمل فساد بيع المغشوش مطلقاً.

أحکام الخيار

الخيار موروثٌ

حقّ الخيار موروثٌ على حسب السهام فيما لا يتقوّم بخصوصيّةٍ زائدةٍ على الحياة، زائلةٍ بزوالها علماً أو احتمالاً. ولا يتبع إرث المال المملوک.

وفي کيفيّة استحقاق الورثة للخيار وجوهٌ: أحوطها اعتبار رضى المجموع في الأعمال، ولو في البعض فيما يتبعّض خيار المورّث. وفي غيره، لا بدّ من رضا الطرف أيضاً.

اجتماع الورثة على الفسخ

إذا اجتمع الورثة على الفسخ في الکلّ فيما باعه مورِّثهم، فإن کان عين الثمن موجوداً في ملکهم، أو بنحو لايلزم من أدائها إلى المفسوخ عليه محذورٌ، أدّوها، وتملّکوا المبيع على الحصص؛ وإن لم تکن کذلک، فالأظهر أنّ الورثة لهم المبيع على الحصص، وعليهم الثمن من مالهم بعد أداء دين الميّت ولو من العين؛ والضرر إن کان، فبإقدامهم على الفسخ الّذي لو لم يکن، لما توجّه عليهم دين الميّت؛ ووارث المبيع بعد الفسخ هم المالکون للعوض قبله، لا عند الموت.

والفسخ يردّ ملک المبيع إلى مالکي العوض قبل الفسخ ملکاً تحقيقيّاً أو تقديريّاً، ولهم يقع الفسخ في الکلّ، لا إلى الميّت وعنه إلى ورثته، ولا إلى الفاسخ ولو کان أحد الورثة؛ والاحتياط هنا بالصلح ونحوه في محلّه.

ولو کان الخيار لأجنبيّ فمات، اتّبع القرائن في تشخيص کون الخصوصيّات الدخيلة في جعل الخيار له تقييديّةً فلا يورث، أو تعليليّة فيورث؛ فمع العلم أو الأمارة المعتبرة يعمل عليه، وإلاّ فلا يورث، ولا حکم کلّي في هذا المقام.

يسقط الخيار بالتصرّف فيما يکون منه إجازة في المنتقل إليه يکون فسخاً في المنتقل عنه إذا انتفى احتمال الضدّ بعلمٍ أو أمارة معتبرة.

فينقذ المعاوضات في المنتقل عنه، ويحلّ ما يتوقّف حلّه على الملک بأوّلها والأخذ فيها أو بمقدّماتها، لا بالصفة النفسانيّة، أو الإنشاء القلبيّ، بل کما ينشأ الإجازة والفسخ باللفظ، ينشئان بالفعل، ويکفى الاقتران بالملک في حلّ الأفعال، وسبق الملک المحقّق في الجزء الأوّل في تأثير الإنشاء بتمامه، وفي تحقّق البيع الحقيقيّ المتأخّر عن أوّل الإنشاء أيضاً على ما عرفت.

لو اشترى عبداً بجاريةٍ

لو اشترى عبداً بجارية مع الخيار له فقال: «اعتقهما»، فإن قصد کلاًّ من الإجازة والفسخ، فلتقديم الفسخ وجهٌ، کما لو کانا من طرفين، ومعه لا ينعتق العبد المملوک للبائع بالفسخ؛ وإن لم يقصد شيئاً منهما، نفذ عتق العبد المملوک للمشتري، ويبقى خياره؛ وإن قصد الفسخ قطعاً، نفذ عتق الجارية دون العبد؛ وإن قصد الإجازة فقط، نفذ عتق العبد فقط، کصورة عدم القصد.

ويحتمل في بعض الصور المتقدّمة صحّة العتق الفضولي بإجازة ذي الحقّ لعتق المالک کشفاً أو نقلاً، وجريان لوازمها على التقديرين؛ فما قدّمناه مبنيٌّ على خلاف هذا الاحتمال، وقد مضى في محلّه بيانه.

ولو کان الخيار للبائع وقلنا بجواز التصرّف فيما يتعلّق بعينه خيار الآخر، لم ينفذ عتق الجارية، لعدم الملک، ونفذ عتق العبد للملک. وإن کان الخيار لهما، فمع قصد الإجازة والفسخ تقدّم الفسخ، کما مرّ، وإن قلنا بصحّة التصرّف في متعلّق خيار الآخر. ومع عدم قصدهما، نفذ عتق العبد على البناء المذکور.ومع قصد الفسخ خاصّة، نفذ عتق الجارية خاصّةً؛ ومع قصد الإجازة خاصّةً وجواز التصرّف على ما مرّ، نفذ عتق العبد خاصّةً.

جواز تصرّف غير ذي الخيار

هل يجوز التصرّف المباشرى بالإتلاف ونحوه، أو المعامليّ في الملک في زمان خيار الآخر الفعليّ، أو لا؟ الأظهر هو الجواز، والرجوع بالفسخ إلى بدل المتلف حقيقةً أو حکماً، کالتالف بدون الاختيار؛ فهي متساويةٌ في نظر العرف المتّبع شرعاً لولا الردع الواضح المفقود.ولا فرق بين الأصليّ والمشترط. کما لا فرق بين جواز العقد الثاني ولزومه، وحيث يجوز التصرّف مع فعليّة الخيار، فيجوز مع شأنيّته.

إجارة العين في زمان الخيار

وتجوز الإجارة کالنقل، وهل يتدارک بالفسخ قيمة المنافع المستوفاة فيما بعد الفسخ بسبب الإجارة، کما إذا نقصت العين بما تنقص منفعته؟ الأحوط ذلک.

المبيع يملک بالبيع

الأظهر ما هو المشهور من تملّک المبيع بنفس العقد، لا بانقضاء الخيار، ويتبعه جواز التصرّف، وملک النماء، الاّ الضمان فيما کان في ضمان الطرف ولو بکون التلف موجباً للانفساخ وردّ المعاوضة، من دون فرقٍ فيما ذکرنا بين الخيار المتّصل الزمانيّ الخاصّ کخيار الحيوان، والشرط إن کان،وغيره کخيارالمجلس، والعيب،ومايلحق به.

ضمان المبيع ممّن لاخيار له

مالک المبيع بعد قبضه لا يضمن تلفه الاّ بالاختيار إذا کان في زمان خياره المختصّ به، بل الظاهر أنّ البيع ينفسخ من حين التلف، فيسترجع المشتري الثمن، أو بدله مع تلفه. والأظهر ثبوت الحکم في الثمن بعد قبضه مع خيار البائع المختصّ به؛ وکذا لا فرق بين تلف الکلّ والبعض؛ وأمّا وصف الصحّة، فتلفه يوجب الأرش، ولا يسقط به الخيار بالسبب الآخر.

وهل يثبت الحکم في غير خيار الحيوان، والشرط المتّصل؟ فيه تأمّلٌ.وقد ظهر أنّ الضمان هنا معاوضيّ، لا تغريم، الاّ في تلف وصف الصحّة، وإتلاف ذي الخيار يسقط خياره مع الکشف عن الرضا، وإتلاف صاحبه لايسقطه، وإتلاف الأجنبيّ يضمنه تغريماً للمالک حين الإتلاف، ويضمن الفاسخ للمفسوخ عليه معاوضيّاً.

عدم وجوب تسليم المبيع والثمن في زمان الخيار

الأظهر عدم وجوب التسليم على المتبايعين في زمان الخيار المتصّل المعلوم لديهما ثبوته بالشرع، أو بالشرط؛ وکذا مع الجهل بالخيار إذا قصدا معاملة العرف بلوازمها العرفيّة، بخلاف المنفصل من الخيار، فيتّجه وجوب التسليم مشروطاً بعدم الفسخ.

لا يبطل الخيار بتلف العين

الأظهر أنّه مع بقاء العقد وعدم انفساخه بالتّلف، فلا يسقط خيار ذيه به، بل الفسخ يسترجع المالک بدل التالف مثلاً أو قيمةً، الاّ فيما ثبت أو علم إناطة الردّ فيه ببقاء العين، کما في المعيب؛ ومع عدمه يؤخذ بإطلاق أدلّة الخيار لو لم يعلم بقاؤه من طريق العرف.لو فسخ ذو الخيار، فالعين مضمونةٌ في يد الفاسخ والمفسوخ عليه.

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

پر بازدیدترین ها

No image

مکاسب مکروهه

No image

احکام بیع فضولى

No image

فصل سوم : الخیارات

Powered by TayaCMS