القسم الثانى فى قصاص ما دون النفس
مسألة 1 :
الموجب له ها هنا کالموجب فى قتل النفس ، و هو الجناية العمدية مباشرة أو تسبيبا حسب ما عرفت ، فلو جنى بما يتلف العضو غالبا فهو عمد ، قصد الاتلاف به أو لا ، و لو جنى بما لا يتلف به غالبا فهو عمد مع قصد الاتلاف و لو رجاء .
مسألة 2 :
يشترط فى جواز الاقتصاص فيه ما يشترط فى الاقتصاص فى النفس من التساوي فى الاسلام و الحرية و انتفاء الابوة و کون الجانى عاقلا بالغا ، فلا يقتص فى الطرف لمن لا يقتص له فى النفس .
مسألة 3 :
لا يشترط التساوي فى الذکورة و الانوثة فيقتص فيه للرجل من الرجل و من المرأة من غير أخذ الفضل ، و يقتص للمرأة من المرأة و من الرجل لکن بعد رد التفاوت فيما بلغ الثلث کما مر .
مسألة 4 :
يشترط فى المقام زائدا على ما تقدم التساوي فى السلامة من الشلل و نحوه على ما يجىء أو کون المقتص منه أخفض ، و التساوي فى الاصالة و الزيادة ، و کذا فى المحل على ما يأتى الکلام فيه ، فلا تقطع اليد الصحيحة مثلا بالشلاء و لو بذلها الجانى ، و تقطع الشلاء بالصحيحة ، نعم لو حکم أهل الخبرة بالسراية بل خيف منها يعدل إلى الدية .
مسألة 5 :
المراد بالشلل هو يبس اليد بحيث تخرج عن الطاعة و لم تعمل عملها و لو بقى فيها حس و حرکة غير اختيارية ، و التشخيص موکول إلى العرف کسائر الموضوعات ، و لو قطع يدا بعض أصابعها شلاء ففى قصاص اليد الصحيحة تردد ، و لا أثر للتفاوت بالبطش و نحوه ، فيقطع اليد القوية بالضعيفة ، و اليد السالمة باليد البرصاء و المجروحة .
مسألة 6 :
يعتبر التساوي فى المحل مع وجوده ، فتقطع اليمين باليمين و اليسار باليسار ، و لو لم يکن له يمين و قطع اليمين قطعت يساره ، و لو لم يکن له يد أصلا قطعت رجله على رواية معمول بها ، و لا بأس به ، و هل تقدم الرجل اليمنى فى قطع اليد اليمنى و الرجل اليسرى فى اليد اليسرى أو هما سواء ؟ وجهان ، و لو قطع اليسرى و لم يکن له اليسرى فالظاهر قطع اليمنى على إشکال ، و مع عدمهما قطع الرجل ، و لو قطع الرجل من لا رجل له فهل يقطع يده بدل الرجل ؟ فيه وجه لا يخلو من إشکال ، و التعدي إلى مطلق الاعضاء کالعين و الاذن و الحاجب و غيرها مشکل ، و إن لا يخلو من وجه سيما اليسرى من کل باليمنى .
مسألة 7 :
لو قطع أيدي جماعة على التعاقب قطعت يداه و رجلاه بالاول فالاول ، و عليه للباقين الدية ، و لو قطع فاقد اليدين و الرجلين يد شخص أو رجله فعليه الدية .
مسألة 8 :
يعتبر فى الشجاج التساوي بالمساحة طولا و عرضا ، قالوا و لا يعتبر عمقا و نزولا ، بل يعتبر حصول اسم الشجة ، و فيه تأمل و إشکال و الوجه التساوي مع الامکان ، و لو زاد من غير عمد فعليه الارش ، و لو لم يمکن إلا بالنقص لا يبعد ثبوت الارش فى الزائد على تأمل ، هذا فى الحارصة و الدامية و المتلاحمة ، و أما فى السمحاق و الموضحة فالظاهر عدم اعتبار التساوي فى العمق ، فيقتص المهزول من السمين إلى تحقق السمحاق و الموضحة .
مسألة 9 :
لا يثبت القصاص فيما فيه تغرير بنفس أو طرف ، و کذا فيما لا يمکن الاستيفاء بلا زيادة و نقيصة کالجائفة و المأمومة ، و يثبت فى کل جرح لا تغرير فى أخذه بالنفس و بالطرف و کانت السلامة معه غالبة فيثبت فى الحارصة و المتلاحمة و السمحاق و الموضحة ، و لا يثبت فى الهاشمة و لا المنقلة و لا لکسر شىء من العظام ، و فى رواية صحيحة إثبات القود فى السن و الذراع إذا کسرا عمدا ، و العامل بها قليل .
مسألة 10 :
هل يجوز الاقتصاص قبل اندمال الجناية ؟ قيل : لا ، لعدم الامن من السراية الموجبة لدخول الطرف فى النفس ، و الاشبه الجواز و فى رواية لا يقضى فى شىء من الجراحات حتى تبرأ ، و فى دلالتها نظر ، و الاحوط الصبر سيما فيما لا يؤمن من السراية ، فلو قطع عدة من أعضائه خطأ هل يجوز أخذ دياتها و لو کانت أضعاف دية النفس أو يقتصر على مقدار دية النفس حتى يتضح الحال فإن اندملت أخذ الباقى و إلا فيکون له ما أخذ لدخول الطرف فى النفس ؟ الاقوى جواز الاخذ و وجوب الاعطاء نعم لو سرت الجراحات يجب إرجاع الزائد على النفس .
مسألة 11 :
إذا أريد الاقتصاص حلق الشعر عن المحل إن کان يمنع عن سهولة الاستيفاء أو الاستيفاء بحده ، و ربط الجانى على خشبة أو نحوها بحيث لا يتمکن من الاضطراب ، ثم يقاس بخيط و نحوه و يعلم طرفاه فى محل الاقتصاص ، ثم يشق من إحدى العلامتين إلى الاخرى ، و لو کان جرح الجانى ذا عرض يقاس العرض أيضا ، و إذا شق على الجانى الاستيفاء دفعة يجوز الاستيفاء بدفعات ، و هل يجوز ذلک حتى مع عدم رضا المجنى عليه ؟ فيه تأمل .
مسألة 12 :
لو اضطرب الجانى فزاد المقتص فى جراحه لذلک فلا شىء عليه ، و لو زاد بلا اضطراب أو بلا استناد إلى ذلک فإن کان عن عمد يقتص منه ، و إلا فعليه الدية أو الارش ، و لو ادعى الجانى العمد و أنکره المباشر فالقول قوله ، و لو ادعى المباشر الخطأ و أنکر الجانى قالوا القول قول المباشر ، و فيه تأمل .
مسألة 13 :
يؤخر القصاص فى الطرف عن شدة الحر و البرد وجوبا إذا خيف من السراية ، و إرفاقا بالجانى فى غير ذلک ، و لو لم يرض فى هذا الفرض المجنى عليه ففى جواز التأخير نظر .
مسألة 14 :
لا يقتص إلا بحديدة حادة غير مسمومة و لا کالة مناسبة لاقتصاص مثله ، و لا يجوز تعذيبه أکثر مما عذبه ، فلو قلع عينه بآلة کانت سهلة فى القلع لا يجوز قلعها بآلة کانت أکثر تعذيبا ، و جاز القلع باليد إذا قلع الجانى بيده أو کان القلع بها أسهل ، و الاولى للمجنى عليه مراعاة السهولة ، و جاز له المماثلة ، و لو تجاوز و اقتص بما هو موجب للتعذيب و کان أصعب مما فعل به فللوالى تعزيره ، و لا شىء عليه ، و لو جاوز بما يوجب القصاص اقتص منه ، أو بما يوجب الارش أو الدية أخذ منه .
مسألة 15 :
لو کان الجرح يستوعب عضو الجانى مع کونه أقل فى المجنى عليه لکبر رأسه مثلا کأن يکون رأس الجانى شبرا و رأس المجنى عليه شبرين و جنى عليه بشبر يقتص الشبر و إن استوعبه ، و إن زاد على العضو کأن جنى عليه فى الفرض بشبرين لا يتجاوز عن عضو بعضو آخر ، فلا يقتص من الرقبة أو الوجه ، بل يقتص بقدر شبر فى الفرض ، و يؤخذ للباقى بنسبة المساحة إن کان للعضو مقدر و إلا فالحکومة ، و کذا لا يجوز تتميم الناقص بموضع آخر من العضو ، و لو انعکس و کان عضو المجنى عليه صغيرا فجنى عليه بمقدار شبر و هو مستوعب لرأسه مثلا لا يستوعب فى القصاص رأس الجانى ، بل يقتص بمقدار شبر و إن کان الشبر نصف مساحة رأسه .
مسألة 16 :
لو أوضح جميع رأسه بأن سلخ الجلد و اللحم من جملة الرأس فللمجنى عليه ذلک مع مساواة رأسهما فى المساحة ، و له الخيار فى الابتداء بأي جهة ، و کذا لو کان رأس المجنى عليه أصغر ، لکن له الغرامة فى المقدار الزائد بالتقسيط على مساحة الموضحة ، و لو کان أکبر يقتص من الجانى بمقدار مساحة جنايته ، و لا يسلخ جميع رأسه ، و لو شجه فأوضح فى بعضها فله دية موضحة ، و لو أراد القصاص استوفى فى الموضحة و الباقى .
مسألة 17 :
فى الاقتصاص فى الاعضاء غير ما مر کل عضو ينقسم إلى يمين و شمال کالعينين و الاذنين و الانثيين و المنخرين و نحوها لا يقتص إحداهما بالاخرى ، فلو فقئ عينه اليمنى لا يقتص عينه اليسرى ، و کذا فى غيرهما ، و کل ما يکون فيه الاعلى و الاسفل يراعى فى القصاص المحل ، فلا يقتص الاسفل بالاعلى کالجفنين و الشفتين .
مسألة 18 :
فى الاذن قصاص يقتص اليمنى باليمنى و اليسرى باليسرى و تستوي إذن الصغير و الکبير ، و المثقوبة و الصحيحة إذا کان الثقب على المتعارف ، و الصغيرة و الکبيرة ، و الصماء و السامعة ، و السمينة و الهزيلة ، و هل تؤخذ الصحيحة بالمخرومة و کذا الصحيحة بالمثقوبة على غير المتعارف بحيث تعد عيبا أو يقتص إلى حد الخرم و الثقب و الحکومة فيما بقى أو يقتص مع رد دية الخرم ؟ وجوه لا يبعد الاخير ، و لو قطع بعضها جاز القصاص .
مسألة 19 :
لو قطع أذنه فألصقها المجنى عليه و التصقت فالظاهر عدم سقوط القصاص ، و لو اقتص من الجانى فألصق الجانى أذنه و التصقت ففى رواية قطعت ثانية لبقاء الشين ، و قيل يأمر الحاکم بالابانة لحمله الميتة و النجس ، و فى الرواية ضعف ، و لو صارت بالالصاق حية کسائر الاعضاء لم تکن ميتة ، و يصح الصلاة معها ، و ليس للحاکم و لا لغيره إبانته ، بل لو أبانه شخص فعليه القصاص لو کان عن عمد و علم ، و إلا فالدية ، و لو قطع بعض الاذن و لم يبنه فإن أمکنت المماثلة فى القصاص ثبت و إلا فلا ، و له القصاص و لو مع إلصاقه .
مسألة 20 :
لو قطع أذنه فأزال سمعه فهما جنايتان ، و لو قطع أذنا مستحشفة شلاء ففى القصاص إشکال ، بل لا يبعد ثبوت ثلث الدية .
مسألة 21 :
يثبت القصاص فى العين ، و تقتص مع مساواة المحل ، فلا تقلع اليمنى باليسرى و لا بالعکس ، و لو کان الجانى أعور اقتص منه و إن عمى فإن الحق أعماه ، و لا يرد شىء إليه و لو کان ديتها دية النفس إذا کان العور خلقة أو بآفة من الله تعالى ، و لا فرق بين کونه أعور خلقة أو بجناية أو آفة أو قصاص ، و لو قطع أعور العين الصحيحة من أعور يقتص منه .
مسألة 22 :
لو قلع ذو عينين عين أعور اقتص له بعين واحدة ، فهل له مع ذلک الرد بنصف الدية ؟ قيل لا ، و الاقوى ثبوته ، و الظاهر تخيير المجنى عليه بين أخذ الدية کاملة و بين الاقتصاص و أخذ نصفها ، کما أن الظاهر أن الحکم ثابت فيما تکون لعين الاعور دية کاملة ، کما کان خلقة أو بآفة من الله ، لا فى غيره مثل ما إذا قلع عينه قصاصا .
مسألة 23 :
لو قلع عينا عمياء قائمة فلا يقتص منه ، و عليه ثلث الدية .
مسألة 24 :
لو أذهب الضوء دون الحدقة اقتص منه بالمماثل بما أمکن إذهاب الضوء مع بقاء الحدقة ، فيرجع إلى حذاق الاطباء ليفعلوا به ما ذکر و قيل فى طريقة يطرح على أجفانه قطن مبلول ثم تحمى المرآة و تقابل بالشمس ثم يفتح عيناه و يکلف بالنظر إليها حتى يذهب النظر و تبقى الحدقة و لو لم يکن إذهاب الضوء إلا بإيقاع جناية أخرى کالتسميل و نحوه سقط القصاص و عليه الدية .
مسألة 25 :
يقتص العين الصحيحة بالعمشاء و الحولاء و الخفشاء و الجهراء و العشياء .
مسألة 26 :
فى ثبوت القصاص لشعر الحاجب و الرأس و اللحية و الاهداب و نحوها تأمل و إن لا يخلو من وجه ، نعم لو جنى على المحل بجرح و نحوه يقتص منه مع الامکان .
مسألة 27 :
يثبت القصاص فى الاجفان مع التساوي فى المحل ، و لو خلت أجفان المجنى عليه عن الاهداب ففى القصاص وجهان ، لا يبعد عدم ثبوته ، فعليه الدية .
مسألة 28 :
فى الانف قصاص ، و يقتص الانف الشام بعادمه ، و الصحيح بالمجذوم ما لم يتناثر منه شىء ، و إلا فيقتص بمقدار غير المتناثر ، و الصغير و الکبير و الافطس و الاشم و الاقنى سواء ، و الظاهر عدم اقتصاص الصحيح بالسمتحشف الذي هو کالشلل ، و يقتص بقطع المارن و بقطع بعضه و المارن هو مالان من الانف ، و لو قطع المارن مع بعض القصبة فهل يقتص المجموع أو يقتص المارن و فى القصبة حکومة ؟ وجهان ، و هنا وجه آخر ، و هو القصاص مالم يصل القصبة إلى العظم ، فيقتص الغضروف مع المارن ، و لا يقتص العظم .
مسألة 29 :
يقتص المنخر بالمنخر مع تساوي المحل فيقتص اليمنى باليمنى و اليسرى باليسرى ، و کذا يقتص الحاجز بالحاجز ، و لو قطع بعض الانف قيس المقطوع إلى أصله و اقتص من الجانى بحسابه ، فلو قطع بعض المارن قيس إلى تمامه فإن کان نصفا يقطع من الجانى النصف أو ثلثا فالثلث ، و لا ينظر إلى عظم المارن و صغره ، أو قيس إلى تمام الانف فيقطع بحسابه لئلا يستوعب أنف الجانى إن کان صغيرا .
مسألة 30 :
يقتص الشفة بالشفة مع تساوي المحل ، فالشفة العليا بالعليا و السفلى بالسفلى ، و تستوي الطويلة و القصيرة ، و الکبيرة و الصغيرة ، و الصحيحة و المريضة مالم يصل إلى الشلل ، و الغليظة و الرقيقة ، و لو قطع بعضها فبحساب المساحة کما مر ، و قد ذکرنا حد الشفة فى کتاب الديات .
مسألة 31 :
يثبت القصاص فى اللسان و بعضه ببعضه بشرط التساوي فى النطق ، فلا يقطع الناطق بالاخرس ، و يقطع الاخرس بالناطق و بالاخرس ، و الفصيح بغيره ، و الخفيف بالثقيل ، و لو قطع لسان طفل يقتص به إلا مع إثبات خرسه ، و لو ظهر فيه علامات الخرس ففيه الدية .
مسألة 32 :
فى ثدي المرأة و حلمته قصاص ، فلو قطعت امرأة ثدي أخرى أو حلمة ثديها يقتص منها ، و کذا فى حلمة الرجل القصاص ، فلو قطع حلمته يقتص منه مع تساوي المحل ، فاليمنى باليمنى و اليسرى باليسرى ، و لو قطع الرجل حلمة ثدي المرأة فلها القصاص من غير رد .
مسألة 33 :
فى السن قصاص بشرط تساوي المحل ، فلا يقلع ما فى الفک الاعلى بما فى الاسفل و لا العکس ، و لا ما فى اليمين باليسار و بالعکس ، و لا يقلع الثنية بالرباعية أو الطاحن أو الناب أو الضاحک و بالعکس ، و لا تقلع الاصلية بالزائدة ، و لا الزائدة بالاصلية ، و لا الزائدة بالزائدة مع اختلاف المحل .
مسألة 34 :
لو کانت المقلوعة سن مثغر أي أصلى نبت بعد سقوط أسنان الرضاع ففيه القصاص ، و هل فى کسره القصاص أو الدية و الارش ؟ وجهان ، الاقرب الاول ، لکن لابد فى الاقتصاص کسره بما يحصل به المماثلة کالالات الحديثة ، و لا يضرب بما يکسره لعدم حصولها نوعا .
مسألة 35 :
لو عادت المقلوعة قبل القصاص فهل يسقط القصاص أم لا ؟ الاشبه الثانى ، و المشهور الاول ، و لا محيص عن الاحتياط بعدم القصاص ، فحينئذ لو کان العائدة ناقصة متغيرة ففيها الحکومة ، و إن عادت کما کانت فلا شىء غير التعزير إلا مع حصول نقص ، ففيه الارش .
مسألة 36 :
لو عادت بعد القصاص فعليه غرامتها للجانى بناء على سقوط القصاص إلا مع عود سن الجانى أيضا ، و تستعاد الدية لو أخذها صلحا ، و لو اقتص و عادت سن الجانى ليس للمجنى عليه إزالتها ، و لو عادت سن المجنى عليه ليس للجانى إزالتها .
مسألة 37 :
لو قلع سن الصبى ينتظر به مدة جرت العادة بالانبات فيها ، فإن عادت ففيها الارش على قول معروف ، و لا يبعد أن يکون فى کل سن منه بعير ، و إن لم تعد ففيها القصاص .
مسألة 38 :
يثبت القصاص فى قطع الذکر ، و يتساوى فى ذلک الصغير و لو رضيعا و الکبير بلغ کبره ما بلغ ، و الفحل و الذي سلت خصيتاه إذا لم يؤد إلى شلل فيه ، و الاغلف و المختون ، و لا يقطع الصحيح بذکر العنين و من فى ذکره شلل ، و يقطع ذکر العنين بالصحيح و المشلول به ، و کذا يثبت فى قطع الحشفة ، فتقطع الحشفة بالحشفة ، و فى بعضها أو الزائد عليها استوفى بالقياس إلى الاصل ، إن نصفا فنصفا و إن ثلثا فثلثا و هکذا .
مسألة 39 :
فى الخصيتين قصاص ، و کذا فى إحداهما مع التساوي فى المحل ، فيقتص اليمنى باليمنى و اليسرى باليسرى ، و لو خشى ذهاب منفعة الاخرى تؤخذ الدية ، و لا يجوز القصاص إلا أن يکون فى عمل الجانى ذهاب المنفعة فيقتص ، فلو لم تذهب بالقصاص منفعة الاخرى مع ذهابها بفعل الجانى فإن أمکن إذهابها مع قيام العين يجوز القصاص ، و إلا فعليه الدية ، و لو قطع الذکر و الخصيتين اقتص منه ، سواء قطعهما على التعاقب أولا .
مسألة 40 :
فى الشفرين القصاص ، و المراد بهما اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم ، و کذا فى إحداهما ، و تتساوى فيه البکر و الثيب ، و الصغيرة و الکبيرة ، و الصحيحة و الرتقاء و القرناء و العفلاء و المختونة و غيرها ، و المفضاة و السليمة ، نعم لا يقتص الصحيحة بالشلاء ، و القصاص فى الشفرين إنما هو فيما جنت عليها المرأة ، و لو کان الجانى عليها رجلا فلا قصاص عليه ، و عليه الدية ، و فى رواية غير معتمد عليها إن لم يؤد إليها الدية قطع لها فرجه ، و کذا لو قطعت المرأة ذکر الرجل أو خصيته لا قصاص عليها ، و عليها الدية .
مسألة 41 :
لو أزالت بکر بکارة أخرى فالظاهر القصاص ، و قيل بالدية ، و هو وجيه مع عدم إمکان المساواة ، و کذا تثبت الدية فى کل مورد تعذر المماثلة و المساواة .
و هنا فروع
الاول : لو قطع من کان يده ناقصة بإصبع أو أزيد يدا کاملة صحيحة فللمجنى عليه القصاص ، فهل له بعد القطع أخذ دية ما نقص عن يد الجانى ؟ قيل : لا ، و قيل : نعم فيما يکون قطع إصبعه بجناية و أخذ ديتها أو استحقها ، و أما إذا کانت مفقودة خلقة أو بآفة لم يستحق المقتص شيئا ، و الاشبه أن له الدية مطلقا ، و لو قطع الصحيح الناقص عکس ما تقدم فهل تقطع يد الجانى بعد أداء دية ما نقص من المجنى عليه أو لا يقتص و عليه الدية أو يقتص ما وجد و فى الباقى الحکومة ؟ وجوه ، و المسألة مشکلة مر نظيرها .
الثانى : لو قطع إصبع رجل فسرت إلى کفه بحيث قطعت ثم اندملت ثبت القصاص فيهما ، فتقطع کفه من المفصل ، و لو قطع يده من مفصل الکوع ثبت القصاص ، و لو قطع معها بعض الذراع اقتص من مفصل الکوع ، و فى الزائد يحتمل الحکومة و يحتمل الحساب بالمسافة ، و لو قطعها من المرفق فالقصاص و فى الزيادة ما مر ، و حکم الرجل حکم اليد ، ففى القطع من المفصل قصاص ، و فى الزيادة ما مر .
الثالث : يشترط فى القصاص التساوي فى الاصالة و الزيادة ، فلا يقطع أصلية بزائدة و لو مع اتحاد المحل ، و لا زائدة بأصلية مع اختلاف المحل ، و تقطع الاصلية بالاصلية مع اتحاد المحل ، و الزائدة بالزائدة کذلک ، و کذا الزائدة بالاصلية مع اتحاد المحل و فقدان الاصلية ، و لا تقطع اليد الزائدة اليمنى بالزائدة اليسرى و بالعکس ، و لا الزائدة اليمنى بالاصلية اليسرى ، و کذا العکس .
الرابع : لو قطع کفه فإن کان للجانى و المجنى عليه إصبعا زائدة فى محل واحد کالابهام الزائدة فى يمينهما و قطع اليمين من الکف اقتص منه ، و لو کانت الزائدة فى الجانى خاصة فإن کانت خارجة عن الکف يقتص منه و تبقى للزائدة ، و إن کانت فى سمت الاصابع منفصلة فهل يقطع الکف و يؤتى دية الزائدة أو يقتص الاصابع الخمس دون الزائدة و دون الکف و فى الکلف الحکومة ؟ وجهان ، أقربهما الثانى ، و لو کانت الزائدة فى المجنى عليه خاصة فله القصاص فى الکف ، و له دية الاصبع الزائدة ، و هى ثلث دية الاصلية ، و لو صالح بالدية مطلقا کان له دية الکف و دية الزائدة ، و لو کان للمجنى عليه أربع أصابع أصلية و خامسة غير أصلية لم تقطع يد الجانى السالمة ، و للمجنى عليه القصاص فى أربع و دية الخامسة و أرش الکف .
الخامس : لو قطع من واحد الانملة العليا و من آخر الوسطى فإن طالب صاحب العليا يقتص منه ، و للاخر اقتصاص الوسطى ، و إن طالب صاحب الوسطى بالقصاص سابقا على صاحب العليا أخر حقه إلى اتضاح حال الاخر ، فإن اقتص صاحب العليا اقتص لصاحب الوسطى ، و إن عفا أو أخذ الدية فهل لصاحب الوسطى القصاص بعد رد دية العليا أو ليس له القصاص بل لابد من الدية ؟ وجهان ، أوجههما الثانى ، و لو بادر صاحب الوسطى و قطع قبل استيفاء العليا فقد أساء ، و عليه دية الزائدة على حقه ، و على الجانى دية أنملة صاحب العليا .
السادس : لو قطع يمينا مثلا فبذل شمالا للقصاص فقطعها المجنى عليه من غير علم بأنها الشمال فهل يسقط القود أو يکون القصاص فى اليمنى باقيا الاقوى هو الثانى ، و لو خيف من السراية يؤخر القصاص حتى يندمل اليسار ، و لا دية لو بذل الجانى عالما بالحکم و الموضوع عامدا ، بل لا يبعد عدمها مع البذل جاهلا بالموضوع أو الحکم ، و لو قطعها المجنى عليه مع العلم بکونها اليسار ضمنها مع جهل الجانى ، بل عليه القود ، و أما مع علمه و بذله فلا شبهة فى الاثم ، لکن فى القود و الدية إشکال .
السابع : لو قطع إصبع رجل من يده اليمنى مثلا ثم اليد اليمنى من آخر اقتص للاول ، فيقطع إصبعه ثم يقطع يده للاخر ، و رجع الثانى بدية إصبع على الجانى ، و لو قطع اليد اليمنى من شخص ثم قطع إصبعا من اليد اليمنى لاخر اقتص للاول ، فيقطع يده ، و عليه دية إصبع الاخر .
الثامن : إذا قطع إصبع رجل فعفا عن القطع قبل الاندمال فإن اندملت فلا قصاص فى عمده ، و لا دية فى خطئه و شبه عمده ، و لو قال : عفوت عن الجناية فکذلک ، و لو قال فى مورد العمد عفوت عن الدية لا أثر له ، و لو قال : عفوت عن القصاص سقط القصاص و لم يثبت الدية و ليس له مطالبتها ، و لو قال : عفوت عن القطع أو عن الجناية ثم سرت إلى الکف خاصة سقط القصاص فى الاصبع ، و هل له القصاص فى الکف مع رد دية الاصبع المعفو عنها أو لابد من الرجوع إلى دية الکف ؟ الاشبه الثانى مع أنه أحوط ، و لو قال : عفوت عن القصاص ثم سرت إلى النفس فللولى القصاص فى النفس ، و هل عليه رد دية الاصبع المعفو عنها ؟ فيه إشکال بل منع و إن کان أحوط ، و لو قال : عفوت عن الجناية ثم سرت إلى النفس فکذلک ، و لو قال : عفوت عنها و عن سرايتها فلا شبهة فى صحته فيما کان ثابتا ، و أما فيما لم يثبت ففيه خلاف ، و الاوجه صحته .
التاسع : لو عفا الوارث الواحد أو المتعدد عن القصاص سقط بلا بدل فلا يستحق واحد منهم الدية رضى الجانى أو لا ، و لو قال : عفوت إلى شهر أو إلى سنة لم يسقط القصاص و کان له بعد ذلک القصاص و لو قال : عفوت عن نصفک أو عن رجلک فإن کنى عن العفو عن النفس صح و سقط القصاص ، و إلا ففى سقوطه إشکال بل منع ، و لو قال : عفوت عن جميع أعضائک إلا رجلک مثلا لا يجوز له قطع الرجل ، و لا يصح الاسقاط .
العاشر : لو قال عفوت بشرط الدية و رضى الجانى وجبت دية المقتول لا دية القاتل .
کتاب الديات
و هى جمع الدية بتخفيف الياء ، و هى المال الواجب بالجناية على الحر فى النفس أو ما دونها ، سواء کان مقدرا أولا ، و ربما يسمى غير المقدر بالارش و الحکومة ، و المقدر بالدية ، و النظر فيه فى أقسام القتل و مقادير الديات و موجبات الضمان و الجناية على الاطراف و اللواحق .