القول فى شروط العوضين
و هى أمور : الاول يشترط فى المبيع أن يکون عينا على الاحوط ، متمولا سواء کان موجودا فى الخارج أو کليا فى ذمة البائع أو فى ذمة غيره ، فلا يجوز على الاحوط أن يکون منفعة کمنفعة الدار أو الدابة أو عملا کخياطة الثوب أو حقا ، و إن کان الجواز خصوصا فى الحقوق لا يخلو من قوة ، و أما الثمن فيجوز أن يکون منفعة أو عملا متمولا ، بل يجوز أن يکون حقا قابلا للنقل و الانتقال کحقى التحجير و الاختصاص ، و فى جواز کونه حقا قابلا للاسقاط غير قابل للنقل کحقى الخيار و الشفعة إشکال .
الثانى تعيين مقدار ما کان مقدرا بالکيل أو الوزن أو العد بأحدها فى العوضين ، فلا تکفى المشاهدة ، و لا تقديره بغير ما يکون به تقديره ، فلا يکفى تقدير الموزون بالکيل أو العد و المعدود بغير العد ، نعم لا بأس بأن يکال جملة مما يعد أو مما يوزن ثم يعد أو يوزن ما فى أحد المکائيل ثم يحسب الباقى بحسابه لو أمن من الاختلاف و الجهالة ، و هذا ليس من تقديرهما بالکيل .
مسألة 1 :
يجوز الاعتماد على إخبار البائع بمقدار المبيع ، فيشتريه مبنيا على ما أخبر به ، و لو تبين النقص فله الخيار ، فإن فسخ يرد تمام الثمن ، و إن أمضاه ينقص من الثمن بحسابه .
مسألة 2 :
تکفى المشاهدة فيما تعارف بيعه حملا کالتبن و العشب و الرطبة و کبعض أنواع الحطب ، نعم لو تعارف فى بعض البلدان بيعه مطلقا حملا تکفى فيه ، و مثل ذلک کثير من المائعات و الادوية المحرزة فى الظروف و القنانى مما تعارف بيعها کذلک ، فلا بأس ببيعها کذلک ما دام فيها ، و يکفى فى بيعها المشاهدة ، بل الظاهر أن المذبوح من الغنم قبل أن يسلخ تکفى فيه المشاهدة و بعده يحتاج إلى الوزن ، و بالجملة قد يختلف حال الشىء باختلاف الاحوال و المحال ، فيکون من الموزون فى محل دون محل و فى حال دون حال ، و کذلک الحال فى المعدود أيضا .
مسألة 3 :
الظاهر عدم کفاية المشاهدة فى بيع الاراضى التى تقدر ماليتها بحسب المتر و الذراع ، بل لابد من الاطلاع على مساحتها ، و کذلک کثير من الاثواب قبل أن يخاط أو يفصل ، نعم إذا تعارف عدد خاص فى أذرع الطاقات من بعض الاثواب جاز بيعها و شراؤها اعتمادا على ذلک التعارف و مبنيا عليه نظير الاعتماد على إخبار البائع .
مسألة 4 :
لو اختلف البلدان فى شىء بأن کان موزونا فى بلد مثلا و معدودا فى آخر فالظاهر أن المدار على بلد المعاملة .
الثالث : معرفة جنس العوضين و أوصافهما التى تتفاوت بها القيمة و تختلف لها الرغبات ، و ذلک إما بالمشاهدة أو بالتوصيف الرافع للجهالة ، و يجوز الاکتفاء بالرؤية السابقة فيما جرت العادة على عدم تغيره إذا لم يعلم تغيره ، و فى غير ذلک إشکال ، بل عدم الجواز قريب .
الرابع : کون العوضين ملکا طلقا ، فلا يجوز بيع الماء و العشب و الکلا قبل حيازتها ، و السموک و الوحوش قبل اصطيادها ، و الموات من الاراضى قبل إحيائها ، نعم إذا استنبط بئرا فى أرض مباحة أو حفر نهرا و أجرى فيه الماء المباح کالشط و نحوه ملک ماءهما ، فله حينئذ بيعه ، و کذا لا يجوز بيع الرهن إلا بإذن المرتهن أو إجازته ، و لو باع الراهن ثم افتک فالظاهر الصحة من غير حاجة إلى الاجازة ، و کذا لا يجوز بيع الوقف إلا فى بعض الموارد .
مسألة 5 :
يجوز بيع الوقف فى مواضع : منها إذا خرب الوقف بحيث لا يمکن الانتفاع بعينه مع بقائه ، کالجذع البالى و الحصير الخلق و الدار الخربة التى لا يمکن الانتفاع حتى بعرصتها ، و يلحق به ما إذا خرج عن الانتفاع أصلا من جهة أخرى غير الخراب ، و کذا ما إذا خرج عن الانتفاع المعتد به بسبب الخراب أو غيره بحيث يقال فى العرف لا منفعة له ، کما إذا انهدمت الدار و صارت عرصة يمکن إجارته بمبلغ جزئى و کانت بحيث لو بيعت و بدلت بمال آخر يکون نفعه مثل الاول أو قريبا منه ، هذا کله إذا لم يرج العود ، و إلا فالاقوى عدم الجواز ، کما أنه إذا قلت منفعته لکن لا إلى حد يلحق بالمعدوم ، فالظاهر عدم جواز بيعه و لو أمکن أن يشتري بثمنه ماله نفع کثير ، هذا کله إذا خرب أو خرج عن الانتفاع فعلا ، و أما إذا کان يؤدي بقاؤه إلى خرابه ففى الجواز إشکال سيما إذا کان أداؤه إليه مظنونا ، بل عدم الجواز فيه لا يخلو من قوة ، کما لا يجوز بلا إشکال لو فرض إمکان الانتفاع به بعد الخراب کالانتفاع السابق بوجه آخر .
و منها إذا شرط الواقف بيعه عند حدوث أمر من قلة المنفعة أو کثرة الخراج أو وقوع الخلاف بين الموقوف عليهم أو حصول ضرورة و حاجة شديدة لهم ، فإنه لا مانع حينئذ من بيعه و تبديله على إشکال .
مسألة 6 :
لا يجوز بيع الارض المفتوحة عنوة ، و هى المأخوذة من يد الکفار قهرا المعمورة وقت الفتح ، فإنها ملک للمسلمين کافة فتبقى على حالها بيد من يعمرها و يؤخذ خراجها و يصرف فى مصالح المسلمين ، و أما ما کانت مواتا حال الفتح ثم عرضت لها الاحياء فهى ملک لمحييها ، و بذلک يسهل الخطب فى الدور و العقار و بعض الاقطاع من تلک الاراضى التى يعامل معها معاملة الاملاک ، حيث أنه من المحتمل أن المتصرف فيها ملکها بوجه صحيح فيحکم بملکية ما فى يده ما لم يعلم خلافها .
الخامس : القدرة على التسليم ، فلا يجوز بيع الطير المملوک إذا طار فى الهواء ، و لا السمک المملوک إذا أرسل فى الماء ، و لا الدابة الشاردة ، و إذا لم يقدر البائع على التسليم و کان المشتري قادرا على تسلمه فالظاهر الصحة .